قررت هناء التنازل عن مسكنات الألم الخاصة بها ولكن هيهات أن تتركها آلامها المزمنة، ولكن ما شغل تفكيرها حقًا لم يكن الألم الذي عاد إليها (فهي تتوقع ذلك منذ أول قرص تخلت عنه)، بل كانت اضطرابات النوم التي هاجمتها بشدة.
تُرى هل هناك عَلاقة بين آلامها ومشكلات النوم التي هاجمتها؟
سنتعرف في هذا المقال على أعراض اضطرابات النوم وأسبابها وكيفية علاجها.
ما هو النوم؟
النوم عملية بيولوجية معقدة، تكون خلالها فاقدًا للوعي ولكن يبقى كلٌ من المخ والجسم نشيطين؛ لأنهم يؤديان العديد من الوظائف المهمة التي تساعدك على البقاء بصحة جيدة.
عندما لا تحصل على قسط كافٍ من النوم الجيد، فإن ذلك لا يؤدي فقط إلى الشعور بالتعب، ولكن يمكن أن يؤثر على صحتك الجسدية والعقلية والتفكير والأداء اليومي.
ما هي مراحل النوم؟
هناك نوعان رئيسيان من النوم:
- حركة العين غير السريعة (NREM)، والمعروفة أيضًا بالنوم الهادئ.
- حركة العين السريعة (REM)، والمعروفة أيضًا بالنوم النشط أو النوم المتناقض.
المرحلة الأولى لحركة العين غير السريعة (NERM)
تحدث هذه المرحلة عندما تبدأ في النوم وتستمر بضع دقائق فقط، ويمكن اعتبارها فترة انتقالية بين اليقظة والنوم، وتدوم لفترة وجيزة فقط (حوالي 5 إلى 10 دقائق).
في هذه المرحلة، ينتج الدماغ موجات ثيتا عالية السَّعَة، وهي موجات دماغية بطيئة جدًا.
خلال هذه المرحلة:
- تتباطأ ضربات القلب والتنفس.
- تبدأ العضلات في الاسترخاء.
إذا أيقظت شخصًا خلال هذه المرحلة، فربما يدَّعي أنه لم يكن نائمًا حقًا.
المرحلة الثانية لحركة العين غير السريعة (NERM)
هي فترة من النوم الخفيف قبل أن تدخل في النوم العميق وتستمر لمدة 20 دقيقة تقريبًا.
خلال هذه المرحلة:
- تتباطأ ضربات القلب والتنفس بشكل أكبر.
- تغيب حركات العين.
- تنخفض درجة حرارة الجسم.
- ترتفع موجات الدماغ لأعلى ولأسفل، مما ينتج عنه “مغازل النوم”.
وفقًا لمؤسسة النوم الأمريكية، يقضي الناس ما يقرب من 50٪ من إجمالي مدة نومهم في هذه المرحلة.
المرحلة الثالثة والرابعة لحركة العين غير السريعة (NERM)
تُعد أعمق مراحل النوم، وتُعرف المرحلتان بالنوم البطيء أو دلتا.
خلال هذه المراحل:
- يكون الاستيقاظ من النوم صعبًا.
- تقل معدلات ضربات القلب والتنفس أبطأ.
- تغيب حركات العين.
- يسترخي الجسم بالكامل.
- تظهر موجات الدماغ دلتا.
- يحدث إصلاح الأنسجة ونموها وتجديد الخلايا.
- يقوى جهاز المناعة.
أشارت الدراسات الأقدم إلى أن التبول في الفراش على الأرجح يحدث خلال هذه المرحلة العميقة من النوم، ولكن بعض الأدلة الحديثة تشير إلى أن التبول في الفراش يمكن أن يحدث أيضًا في مراحل أخرى.
يحدث المشي في أثناء النوم في أغلب الأحيان في هذه المرحلة من النوم العميق.
المرحلة الخامسة لحركة العين السريعة (REM)
تحدث بعد حوالي 90 دقيقة من النوم، وهي مرحلة “الحلم” الأساسية في النوم.
يستمر النوم لمدة 10 دقائق تقريبًا في المرة الأولى، ويزداد مع كل دورة لحركة العين السريعة، وعادةً ما تستمر الدورة النهائية للنوم لمدة 60 دقيقة تقريبًا.
خلال هذه المرحلة:
- تصبح حركات العين سريعة.
- تزيد معدلات ضربات القلب والتنفس.
- تصبح عضلات الأطراف مشلولة مؤقتًا، ولكن قد تحدث تشنجات.
- يزيد نشاط المخ بشكل ملحوظ.
- عندما تغفو في الليل، فإنك تتنقل خلال كل مراحل النوم هذه عدة مرات ربما كل 90 دقيقة أو قرابة ذلك.
ما هي اضطرابات النوم؟
هي حالات تعيق حصولك على قسط كافٍ من النوم المريح؛ ونتيجة لذلك تشعر بالنعاس في أثناء النهار وبعض الأعراض الأخرى.
يواجه الكثير منا أحيانًا صعوبات في النوم، عادة ما يكون ذلك بسبب الإجهاد أو السفر أو المرض أو تغيير روتينك المعتاد.
ربما يكون لديك اضطرابات النوم إذا كنت:
- تواجه صعوبة في النوم بانتظام.
- غالبًا ما تشعر بالتعب في أثناء النهار، مع نومك لمدة سبع ساعات على الأقل في الليلة السابقة.
- لديك قدرة منخفضة أو ضعيفة على أداء الأنشطة النهارية المنتظمة.
ما هي أنواع اضطرابات النوم المختلفة؟
هناك ما يقرب من 80 نوعًا مختلفًا من اضطرابات النوم أهمها:
- الأرق.
- انقطاع النفس النومي.
- متلازمة تململ الساقين.
- النوم القهري.
الأرق
يشير الأرق إلى عدم القدرة على النوم جيدًا في الليل، ويمكن أن يكون ناتجًا عن اضطرابات الرِّحْلات الجوية الطويلة أو الإجهاد والقلق أو الهرمونات أو مشكلات الجهاز الهضمي أو حتى كَمّيَّة القهوة التي تتناولها، وربما يكون أحد أعراض حالة أخرى.
يمكن أن يكون الأرق مشكلة بالنسبة لصحتك العامة ونوعية حياتك، وربما يتسبب في:
- الكآبة.
- صعوبة في التركيز.
- زيادة الوزن.
- ضعف الأداء في العمل أو المدرسة.
ينتشر الأرق بين كبار السن والنساء بنسبة كبيرة.
يصنف الأرق عادةً إلى ثلاثة أنواع:
- مزمن: عندما يحدث الأرق بشكل منتظم لمدة شهر واحد على الأقل.
- متقطع: عندما يحدث بشكل دوري على فترات.
- عابر: عندما يستمر بضع ليالٍ فقط في كل مرة.
مهما كان سبب الأرق، فإن تحسين عادات نومك ومراجعة عاداتك النهارية وتعلُّم الاسترخاء؛ سيساعد على علاج معظم حالات الأرق دون الاعتماد على أخصائيي النوم، أو اللجوء إلى الأدوية المنومة أو الأدوية المتاحة دون وصفة طبية.
انقطاع النفس النومي
هو اضطراب نوم شائع يتوقف فيه التنفس مؤقتًا في أثناء النوم، وهي حالة طبية تجعل الجسم يأخذ كَمّيَّة أقل من الأكسجين؛ مما يوقظك في أثناء الليل.
هناك نوعان:
- انقطاع النفس الانسدادي النومي: يتوقف تدفُق الهواء؛ بسبب انسداد مجرى التنفس أو ضيقه.
- انقطاع النفس النومي المركزي: توجد مشكلة في الاتصال بين المخ والعضلات المتحكمة في التنفس.
يعد انقطاع النفس النومي اضطرابًا مهددًا للحياة؛ لذلك عليك بزيارة الطبيب فورًا.
متلازمة تململ الساقين (RLS)
هي اضطراب في النوم يسبب رغبة لا تقاوم في تحريك الساقين (أو الذراعين) في الليل، ويمكن أن تحدث نهارًا ولكنها أكثر شيوعًا في الليل.
تحدث الرغبة في الحركة عندما تكون مستلقيًا وعادةً ما يكون بسبب الإحساس بعدم الراحة أو الوخز أو الألم.
هناك الكثير من الطرق للسيطرة على الأعراض وتخفيفها، بما في ذلك علاجات المساعدة الذاتية التي يمكنك استخدامها في المنزل.
النوم القهري
هو اضطراب في النوم يسببه نعاس شديد لا يمكن السيطرة عليه في أثناء النهار، نتيجة خلل في آلية الدماغ التي تتحكم في النوم والاستيقاظ.
إذا كنت مصابًا بداء النوم القهري فربما تصاب بنوبات النوم في أثناء التحدث أو العمل أو القيادة.
يمكن أن يتسبب هذا الاضطراب أيضًا في شلل النوم، مما قد يجعلك غير قادر جسديًا على الحركة مباشرة بعد الاستيقاظ.
مع أنّ النوم القهري ربما يحدث من تلقاء نفسه، إلا أنه يرتبط أيضًا ببعض الاضطرابات العصبية، مثل التصلب المتعدد.
اضطرابات إيقاع الساعة البيولوجية
هي مشكلات في دورة النوم والاستيقاظ تجعلك غير قادر على النوم والاستيقاظ في الأوقات المناسبة، فالساعة البيولوجية هي التي تنظم دورة النوم والاستيقاظ على مدار 24 ساعة.
الضوء هو المؤشر الأساسي الذي يؤثر في إيقاعها، وعندما يكون الضوء أقل في الليل؛ يفرز المخ هرمون الميلاتونين الذي يسبب الشعور بالنعاس، وعندما تشرق الشمس في الصباح، يخبر المخ الجسم بأن وقت الاستيقاظ حان.
ما الذي يسبب اضطرابات النوم (مشاكل الاستيقاظ وسط النوم)؟
هناك عديد من الحالات والأمراض التي تسبب اضطرابات النوم، وفي كثير من الأحيان تكون نتيجة لمشكلة صحية كامنة، مثل:
- الحساسية ومشكلات الجهاز التنفسي
ينتج عن الحساسية ونزلات البرد والتهابات الجهاز التنفسي العلوي مواجهة صعوبة في التنفس ليلًا.
عدم القدرة على التنفس من أنفك يمكن أن يسبب أيضًا صعوبات في النوم.
- كثرة التبول
التبول الليلي، أو كثرة التبول؛ يعطل نومك لتسببه في استيقاظك في أثناء الليل.
ربما تساهم الاختلالات الهرمونية وأمراض المسالك البولية في تطور هذه الحالة.
عليك الاتصال بالطبيب على الفور إذا كان التبول المتكرر مصحوبًا بنزيف أو ألم.
- الألم المزمن
يمكن للألم المستمر أن يجعل النوم أمرًا صعبًا، وتتضمن الأسباب الشائعة للألم المزمن ما يلي:
- التهاب المفاصل.
- الفيبروميجاليا.
- الصداع المستمر.
- الآلام المستمرة أسفل الظهر.
- التوتر والقلق
غالبًا ما يكون للتوتر والقلق تأثير سلبي على جودة النوم؛ مما يُصعِّب عليك النوم، وربما تؤدي الكوابيس أو الكلام في أثناء النوم أيضًا إلى تعطيل النوم.
أسباب أخرى مثل
- أمراض القلب واضطرابات الأعصاب والأمراض العقلية بما في ذلك الاكتئاب والقلق.
- تناول بعض الأدوية.
- أسباب وراثية.
- الكافيين والكحول.
- جدول عمل غير منتظم، مثل: النوبات الليلية.
- الشيخوخة.
- أحيانًا يكون السبب غير معروف.
ما هي أعراض اضطرابات النوم؟
غالبًا ما يكون لديك اضطراب النوم إذا كنت تعاني واحدًا أو أكثر من الأعراض التالية:
- تحتاج أكثر من 30 دقيقة كل ليلة لتغفو.
- تستيقظ بانتظام عدة مرات كل ليلة ثم تجد صعوبة في العودة إلى النوم، أو تستيقظ مبكرًا جدًا في الصباح.
- تشعر بالنعاس في أثناء النهار أو تأخذ قيلولة متكررة، أو تنام في الأوقات الخاطئة خلال اليوم.
- تُشخِر بصوتٍ عالٍ أو تلهث أو تصدر أصوات الاختناق، أو تتوقف عن التنفس لفترات قصيرة.
- الشعور بالزحف، أو الوخز في ساقيك أو ذراعيك، التي يمكن تخفيفها بتحريكهما أو تدليكهما، خاصة في المساء وعند محاولة النوم.
- نوبات من ضعف العضلات المفاجئ عندما تكون غاضبًا أو خائفًا أو تضحك.
- تشعر كأنك غير قادر على الحركة عند الاستيقاظ أول مرة.
كيفية تشخيص اضطرابات النوم
سيجري طبيبك فحصًا جسديًا ويجمع المعلومات حول الأعراض والتاريخ الطبي، ويمكنه أيضًا طلب اختبارات مختلفة بما في ذلك:
- تخطيط النوم (PSG)
تُقيِّم دراسة معملية للنوم مستويات الأكسجين وحركات الجسم وموجات الدماغ؛ لتحديد كيفية تعطيلها للنوم.
مقابل دراسة النوم في المنزل (HST) التي تجريها بنفسك وتُستخدم لتشخيص انقطاع النفس في أثناء النوم.
- مخطط كهربية الدماغ (EEG)
يُقيّم هذا الاختبار النشاط الكهربائي في الدماغ ويكشف عن أية مشكلات محتملة مرتبطة بهذا النشاط، وهو جزء من تخطيط النوم.
- اختبار كُمُون النوم المتعدد (MSLT)
فيه تُستخدم دراسة القيلولة النهارية جنبًا إلى جنب مع تخطيط النوم (PSG) في الليل للمساعدة في تشخيص مرض النوم القهري.
تساعد هذه الاختبارات في تحديد المسار الصحيح لعلاج اضطرابات النوم.
ما هو علاج اضطرابات النوم؟
هناك مجموعة متنوعة من العلاجات التي يوصي بها مقدمو الصحة، منها:
- الحبوب المنومة.
- مكملات الميلاتونين.
- أدوية الحساسية والبرد.
- علاج المشكلة الصحية الأساسية إن وجدت.
- أجهزة التنفس (CPAP) أو الجراحة (عادةً لتوقف التنفس في أثناء النوم).
- العلاج السلوكي المعرفي أو تقنيات الاسترخاء؛ لتقليل القلق بشأن الحصول على قسط كافٍ من النوم.
- العلاج بالضوء الساطع في الصباح.
تغيير نمط الحياة
يحسن تغيير نمط الحياة إلى جودة النوم خاصةً عند إجرائها جنبًا إلى جنب مع العلاجات الطبية، ومن أمثلتها ما يلي:
- دمج المزيد من الخضار والأسماك في نظامك الغذائي والحد من تناول السكر.
- تقليل التوتر والقلق بممارسة الرياضة.
- إنشاء جدول نوم منتظم والالتزام به.
- شرب كميات أقل من الماء قبل النوم.
- الحد من تناول الكافيين، خاصة في وقت متأخر بعد الظهر أو في المساء.
- تناوُل وجبات صغيرة منخفضة الكربوهيدرات قبل النوم.
- الحفاظ على وزن صحي بناءً على توصيات الطبيب.
في النهاية، سواء كنت تعاني مشكلات عرضية في النوم أو كنت تعاني اضطراب النوم، يمكنك الحصول على نوم جيد وتعلم كيفية إدارة حالتك بشكل أفضل.
اقرأ أيضًا
اليقظة الذهنية | فوائدها وأمثلة على تمارينها
