كيف تتجنب الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية؟

د.رشا عيد

فبراير 7, 2021

تحرص كل أم على أن يكون طفلها في أحسن حال، وخاصةً عندما يعاني آلام الرشح والبرد، وعندها تعتقد أن الحل هو “المضاد الحيوي”، لكن الحقيقة أنه ليس دائمًا الحل. المضادات الحيوية علاج فعال، لكن ليس لكل الأمراض؛ إذ يؤدي الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية إلى مقاومة البكتيريا لها، وعدم فاعليتها.

هيا بنا عزيزي القارئ نتعرف في هذا المقال إلى المضادات الحيوية، والأضرار الناتجة عن الاستخدام الخاطئ لها.

ما هي المضادات الحيوية؟

هي الأدوية التي تساعد على علاج الالتهابات التي تسببها البكتيريا، بقتل البكتيريا أو على الأقل منعها من التكاثر.

كلمة “مضاد حيوي” معناها “ضد الحياة”، أي كل دواء يقتل الجراثيم في الجسم، فهو من الناحية التقنية مضاد حيوي؛ لكن معظم الناس يُطلقون مصطلح “المضاد الحيوي” على الأدوية التي تقتل البكتيريا فقط.

قبل اكتشاف المضادات الحيوية في عشرينيات القرن الماضي مات العديد من الناس؛ بسبب عدوى بكتيرية بسيطة، مثل: التهاب الحلق، وعليه كانت الجراحة أكثر خطورة، لكن بعد أن أصبحت متاحة في الأربعينيات من القرن الماضي، زاد متوسط طول العمر المتوقع، وأصبحت العمليات الجراحية أكثر أمانًا.

ما هو عمل المضادات الحيوية؟

معظم البكتيريا التي تعيش في جسم الإنسان غير ضارة، بل وبعضها قد يكون مفيدًا، لكن عندما تسبب البكتيريا ضرر لأي عضو، تساعد المضادات الحيوية في علاج هذا الضرر أو الالتهاب؛ إذ يتغلغل الدواء في جدار الخلية البكتيرية، أو داخل مركبات الخلية نفسها لمنع البكتيريا من التكاثر.

تعالج الالتهابات الناتجة عن البكتيريا فقط وليس الفيروسات؛ ومعظم نزلات البرد والإنفلونزا والسعال والتهابات الحلق تسببها الفيروسات، لذلك لن تساعد على علاجها.

على سبيل المثال: يُعد المضاد الحيوي علاجًا مناسبًا لالتهاب الحلق العقدي الذي تسببه بعض البكتيريا، ولكنه ليس العلاج المناسب لمعظم التهابات الحلق التي تسببها الفيروسات.

بعض أنواع العدوى التي يمكن علاجها بالمضادات الحيوية

بعض التهابات الأذن والجيوب الأنفية.
التهاب الأسنان.
الالتهاب السحائي (تورم في المخ والحبل الشوكي).
التهاب الحلق.
التهابات المثانة والكُلى.
السعال الديكي.
الالتهاب الرئوي الجرثومي.

أنواع العدوى الفيروسية الشائعة التي لا تستفيد من العلاج بالمضادات الحيوية

البرد والإنفلونزا.
الالتهاب الشعبي.
بعض التهابات الأذن.
معظم حالات السعال.
بعض التهابات الجيوب الأنفية.

ماذا يحدث عند تناول مضاد حيوي لعلاج الالتهابات الفيروسية؟

لن تُعالج العدوى.
لن تمنع الآخرين من الإصابة بالمرض.
قد يتسبب في آثار جانبية ضارة.

أمثلة على الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية

هناك بعض الأمثلة على بعض التصرفات الخاطئة في أثناء تناول المضاد الحيوي:

الإفراط في استخدامها.
وصفها لعلاج أمراض الجهاز التنفسي الفيروسية.
تناول المريض المضاد الحيوي بدون وصفة طبية.
وصف الطبيب لها بدون داعي.

ما هي الآثار الجانبية للمضاد الحيوي؟

تمتلئ الأمعاء بالبكتيريا الضارة والنافعة؛ لذا يتأثر الجهاز الهضمي في أثناء العلاج ببعض الآثار الجانبية، وهي:

القيء والغثيان.
الإسهال.
آلام في المعدة.
فقدان الشهية.
الشعور بالانتفاخ أو عسر الهضم.

وقد يكون لديك آثارًا جانبيةً أكثر حدة، مثل:

طفح جلدي مثير للحكة.
سُعال.
صعوبة في التنفس.

ما هي أعراض حساسية المضادات الحيوية؟

يُعاني شخص واحد من كل 15 شخص تقريبًا رد فعل تحسسي تجاه المضاد الحيوي، خاصةً البنسلين والسيفالوسبورين، وفي معظم الحالات يكون رد الفعل التحسسي خفيف إلى معتدل.
وتتمثل أعراض رد الفعل التحسسي في:

أزيز
سُعال.
طفح جلدي مثير للحكة.
ضيق في الحلق يسبب صعوبة في التنفس.

عادةً يمكن علاج هذه الحساسية بنجاح عن طريق تناول مضادات الهيستامين، ولكن عند زيادة هذه الأعراض يجب الاتصال بطبيبك على الفور.

ما هي عواقب الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية؟

يُعد الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية من العوامل الرئيسية التي تساهم في مقاومة المضاد الحيوي؛ إذ تتغير البكتيريا بطريقة ما فتقاوم الدواء، وهذا التغير إما أن يحمي البكتيريا من تأثير الدواء، أو يجعله محايدًا فلا يُعالج المرض.

تتكاثر أي بكتيريا لتنجو من تأثير المضاد الحيوي، أو تنقل خصائصها المقاومة للأدوية إلى بكتيريا أخرى، كما لو كانت تمرر ورقة الغش لمساعدة بعضها البعض للبقاء على قيد الحياة.

أكد مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، أن ما يقرب ثلث إلى نصف استخدام الناس للمضادات الحيوية هو غير ضروري أو غير مناسب.

ما هي مقاومة المضادات الحيوية؟

يساهم الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية في تطور مقاومة البكتيريا لها؛ لذا فهي من أكثر التهديدات إلحاحًا على الصحة العامة، وتحدث عندما تطور البكتيريا من قدرتها على هزيمة الأدوية المصممة لقتلها، مما يعني أن البكتيريا لا تموت وتستمر في النمو.

يساعد المتخصصين في الرعاية الصحية على تحسين طريقة وصف المضاد الحيوي، وتحسين طريقة تناولها؛ مما يساهم في الحفاظ على الصحة ومكافحة مقاومة البكتيريا لها.

ما هي نتيجة الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية؟

يحذر مدير مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها “توم فريدن” من الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية، ويؤكد على أن البكتيريا تطور دفاعات ضد المضاد الحيوي، ومن ثمّ وجود سلالات تسبب التهابات قاتلة.

وهناك 4 أضرار تترتب على الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية وهي

1. تزيد من حالات الإسهال عند الأطفال

نظرًا لأن غالبية نزلات البرد التهابات فيروسية، فإن استخدام المضاد الحيوي لعلاجها لا يُوقف العدوى، إذ أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين يتناولون المضادات الحيوية لعلاج التهابات الجهاز التنفسي هم أكثر عرضة لخطر المشكلات الصحية، بما في ذلك الالتهابات البكتيرية التي تسبب إسهالًا حادًا للأطفال.

2. تزعج “فلورا الأمعاء الحساسة”

تحتوي الأمعاء على 100 تريليون نوع من سلالات مختلفة من البكتيريا، وقد يكون بعضها مميتًا إلا أن هناك توازن طبيعي في الأمعاء، لكن قد يختل هذا التوازن بسبب بعض المضاد الحيوي.

ومن أنواع البكتيريا المفيدة “فلورا الأمعاء”، التي تعزز المناعة والهضم السليم، وقد يؤدي الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية إلى بعض الآثار الجانبية غير المرغوب فيها، بما في ذلك التغيرات في “فلورا الأمعاء”.

3. ارتفاع تكاليف الأدوية والمستشفيات

كلما ازداد الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية والإفراط فيها، زادت مقاومتها، وهذا يعني أن فترة العلاج في المستشفيات ستكون أطول وأكثر تكلفة.

4. تُساهم في زيادة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية

المضاد الحيوي مثل البنسيلين وغيره له دور كبير في علاج الالتهابات البكتيرية، ومنع انتشار المرض، وتقليل المضاعفات الخطرة له.

لكن بعض الأدوية التي كانت علاجات مناسبة للعدوى البكتيرية، أصبحت الآن أقل فاعلية أو لا تعمل على الإطلاق؛ لذا عندما لا يكون للمضاد الحيوي تأثير على سلالة معينة من البكتيريا، نقول أن هذه البكتيريا مقاومة لها.

بعض النصائح لتجنب الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيويَّة

تواجه كل عائلة نزلات البرد والتهاب الحلق باستمرار؛ لذلك عندما تذهب بطفلك إلى الطبيب بسبب هذه الأمراض، من المهم ألا تتوقع وصفة طبية تحتوي على مضاد حيوي، وإليك بعض النصائح:

اسأل طبيبك إذا كان مرض طفلك جرثومي أو فيروسي، وإذا كان فيروسيًا فاسأل الطبيب عن طرق علاج المرض، ولا تضغط عليه ليصف لك المضاد الحيوي.
يجب تناول المضاد الحيوي طوال المدة التي يحددها الطبيب، وخلاف ذلك قد تعود العدوى.
لا تدع طفلك يتناولها لفترة أطول من التي وصفها لك الطبيب.
تجنب استخدام بقايا المضاد الحيوي في المرة القادمة.
لا تعطي طفلك المضادات الحيوية الموصوفة لفرد آخر من أفراد العائلة أو البالغين.

فوائد الاستخدام المناسب للمضادات الحيوية

الحفاظ على فاعلية المضادات الحيوية.
إطالة العمر الافتراضي للمضادات الحيوية.
حماية الناس من العدوى.
تجنب الآثار الجانبية الناتجة عن استخدام المضادات الحيوية.

ختامًا، المضادات الحيوية هي حجر الزاوية في الطب الحديث، لكن الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية له آثارًا جانبيةً غير مرغوب فيها؛ لذا من الضروري اتباع تعليمات الطبيب عند استخدامها للاستفادة منها وتجنب أضرارها.