يعد التخدير من أفضل اكتشافات القرن التاسع عشر، فقد كانت الجراحات في هذا الوقت خيارََا أخيرََا ويائسََا؛ إذ أنها تُجرى والمريض واع دون أي مسكنات؛ لذا كانت محاطة برعب يفوق الخيال وعذاب لا يوصف.
كان هناك طبيب أسنان يدعى ويليام موتورن، يبحث بإصرار عن طريقة لتخفيف الألم،
وسرعان ما اكتشف أنه عندما يستنشق غاز الإيثر هو والحيوانات قد يفقدون الوعي لفترة.
وبعد مرور بضعة شهور تمكن ويليام من تخدير مريض شاب، واستأصل كبير الجراحين بالمستشفى ورمََا من جانب الفك الأيسر لديه، دون أن يتحرك أو يشعر بألم مما أدهش الجراحين.
وهنا بدأت قصة التخدير العام الذي يعد أحد أعظم الاكتشافات.
آلية عمل أدوية التخدير:
إن آلية عمل هذه الأدوية غير معروفة بدقة، وقد اتفق معظم الباحثين على أن هذه الأدوية تستهدف البروتينات الموجودة في الأغشية المحيطة بالخلايا العصبية.
أنواع التخدير:
1- التخدير الموضعي:
هو تخدير جزء صغير من الجسم باستخدام مخدر، يؤثر على المنطقة المحقونة فقط دون فقدان كامل الإحساس أو الوعي؛ لذا فإن مخاطر استخدامه قليلة، ولا يؤثر على المخ أو عملية التنفس، وتكمُن آلية عمله في منع الأعصاب بالمنطقة المراد تخديرها، من نقل أحاسيس الألم إلى المخ.
2- التخدير النصفي أو النخاعي:
يعد من أهم الأنواع المستخدمة في الآونة الأخيرة، ويستخدم هذا النوع في جراحات أسفل البطن والساقين، وذلك عن طريق حقن المخدر بداخل السائل المحيط بالنخاع الشوكي في الظهر، فيُفقد الإحساس في أجزاء كاملة من النصف السفلي من الجسم، ولا يفقد المريض وعيه خلال التخدير النصفي.
وهو شائع جدََا في عمليات الولادة والبواسير، ويتميز بأنه يقلل من مضاعفات التخدير الكلي مثل: فشل وضع أنبوبة التنفس، وانخفاض ضغط الدم لذا فهو مناسب لكبار السن ومرضى الجهاز التنفسي.
- من الأعراض الجانبية الشائعة له: ألم أسفل الظهر، الصداع.
- ومن المضاعفات نادرة الحدوث: نزيف حول الحبل الشوكي، التهاب السحايا، مشاكل في الأعصاب.
3- التخدير الكلي(العام):
هو مزيج من الأدوية عن طريق الحقن الوريدي، أو الغازات المستنشقة التي تجعلك في حالة شبيهة بالنوم، ويستخدم بغرض الجراحة أو أي إجراء طبي آخر، تحت تأثيره لا تشعر بالألم لأنك فاقد للوعي تماما، إذ يفقد المخ الاستجابة لإشارات الألم بشكل مؤقت أيضاً.
ويستخدم التخدير الكلي للعمليات الكبرى والعمليات التي تحتاج فقدانََا كاملََا للوعي مثل: عمليات القلب المفتوح، وعمليات تغيير المفاصل، واستئصال الأورام وغيرها.
ما تود معرفته عن التخدير الكلي:
لماذا يلجأ الأطباء إلى التخدير الكلي؟
يلجأ الأطباء إليه إذا كان الإجراء الطبي الذي سيخضع له المريض يستغرق وقتََا طويلََا، أو سوف يتسبب في نزف كميات كبيرة من الدم.
ويعد الخيار الأمثل إذا كان الإجراء في الجزء العلوي من البطن، مثل جراحات الصدر وغيرها.
ما هو دور طبيب التخدير؟
بالرغم أن عملية التخدير تبدو بسيطة إلا أن أخطائها مميتة، لذا تحتاج إلى دقة ملاحظة وخبرة وسرعة وحسن تصرف؛ لذا يكمن دور الطبيب في:
1- اختيار النوع المناسب لكل مريض والتأكد من تاريخ حالته الصحية.
2- مراقبة الوظائف الحيوية للمريض خلال العملية مثل: وظائف القلب، والوظائف التنفسية، وضغط الدم، ونسبة الأوكسجين بالدم ودرجة الحرارة.
3- يتابع الطبيب المريض في حالة الإفاقة بعد العملية، ويعطيه المسكنات والأدوية اللازمة.
كيفية تحضير المريض:
- الصيام لمدة لا تقل عن 6 ساعات قبل إجراء العملية، فيمتنع المريض عن الطعام والشراب.
- الامتناع عن الأدوية المسببة في زيادة سيولة الدم مثل: الأسبرين لمدة أسبوع على الأقل، قبل إجراء العملية لمنع حدوث مضاعفات خطيرة.
- إذا كنت مريضاً بداء السكري ستناقش مع الطبيب التعديلات في الأدوية، أثناء فترة الصيام، سيوصي الطبيب بخفض جرعة الإنسولين قبل إجراء العملية، ووقف أدوية السكري التي تتناولها عن طريق الفم صباح يوم الجراحة.
وإذا كنت تتناول إحدى هذه الفيتامينات أو الأعشاب مثل: الجنسنج، أو الثوم، أو الجينكو بيلوبا، أو الكافا، فعليك مناقشة الطبيب قبل العملية، لأنها قد تتسبب في مضاعفات أثناء العملية.
إذا كنت من المرضى الذين يعانون الاختناق أثناء النوم،
فعليك بإخبار طبيبك قبل الجراحة لأن هذا يحتاج لمراقبة أكثر.
الآثار الجانبية للتخدير الكلي:
- القيء والغثيان.
- جفاف الفم.
- الم بالحلق.
- الشعور بالحكة.
- الشعور بالبرد والقشعريرة.
- ألم بالعضلات.
- صداع.
- ضيق في النفس.
- الهلوسة.
ما هي مضاعفات التخدير الكلي؟
يعد من أكثر الأنواع أمانََا إذ يخضع له معظم الأشخاص،
ولكن كبار السن وأولئك الذين يعانون من مشاكل صحية خطيرة، هم أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات خاصة، فعندما يخضعون لإجراء طبي كبير، قد يصابون بالتهاب رئوي أو سكتات دماغية، أونوبات قلبية بعد إجراء العمليات.
وتوجد بعض الحالات التي تزيد من احتمالية حدوث مضاعفات خلال العملية وأهمها:
- التدخين.
- السمنة.
- التشنجات.
- ارتفاع ضغط الدم.
- مرض السكري.
- السكتات الدماغية.
- الأمراض المتعلقة بالقلب والرئة والكلى.
- استخدام أدوية السيولة مثل الأسبرين.
- وجود تاريخ سابق للحساسية ضد أدوية التخدير.
- تعاطي الكحوليات.
ما هو الوقت المستغرق لانتهاء أثر المخدر من الجسم؟
يستيقظ معظم المرضى في غرفة الإفاقة مباشرة بعد الجراحة،
لكنهم قد يظلون مشوشين الذهن لبضع ساعات، سيستغرق جسمك ما يصل إلى أسبوع للتخلص تماماً من أثره.
ومن الممكن أن يستغرق بعض الأشخاص وقتََا أطول في غرفة الإفاقة، خاصة من يعانون مشكلات صحية خطيرة، أو خضعوا لعمليات جراحية طويلة ومعقدة.
وفي النهاية -عزيزي القارئ- يُعد التخدير من أعظم الاكتشافات العلمية التي مكنت الجراحين من تيسير إجراء الجراحات، وخاصة التي تحتاج إلى فترات طويلة، وقد حدث تطور عظيم في هذا المجال في الآونة الأخيرة، سواء على مستوى الأدوية المستخدمة أو في استحداث وسائل لمراقبة الجسم أثناء العملية.