يعاني 4.4 مولود من بين 10000 مرض الثلاسيميا، أو ما يعرف بأنيميا البحر المتوسط، ويُعد هذا المرض خطرًا يهدد الحياة.
فما هو هذا المرض، وما أسبابه وأعراضه؟ وهل يوجد علاقة بين الثلاسيميا والزواج؟
سنتعرف إلى الإجابات في السطور التالية.
ما الثلاسيميا؟
تُعد من أمراض الدم الوراثية التي تسبب خلل في إنتاج الهيموجلوبين، وهو البروتين المسؤول عن حمل الأكسجين بكرات الدم الحمراء.
يتسبب هذا المرض في تدمير خلايا الدم الحمراء؛ مما يؤدي إلى فقر الدم، إلى جانب بعض المضاعفات الخطرة.
أسباب الثلاسيميا
يتكون الهيموجلوبين من سلاسل ألفا (Alpha) وبيتا (Beta)، التي يمكن تأثرها بالطفرة الجينية؛ مما يتسبب في ضعف إنتاجها.
يؤدي ذلك إلى المرض وفقًا للسلاسل المتأثرة؛ فتكون ثلاسيميا ألفا أو ثلاسيميا بيتا، وتنتقل من الوالدين إلى الأبناء.
توجد أيضًا بعض العوامل التي تزيد معها فرصة الإصابة بالمرض، مثل:
- تاريخ عائلي للإصابة بالمرض.
- يصيب هذا المرض غالبًا شعوب البحر المتوسط، والأمريكيين الأفارقة، وشعوب جنوب شرق آسيا.
أنواع الثلاسيميا
ينتقل المرض من الوالدين للأبناء، وتختلف حدة الأعراض تبعًا للجينات المضطربة الموروثة.
ثلاسيميا ألفا
يتضمن إنتاج سلسلة هيموجلوبين ألفا أربعة جينات، ويرث المولود اثنين من الأب واثنين من الأم، وتتراوح شدة الأعراض وفقًا لعدد الجينات المضطربة الموروثة كالآتي:
- في حالة وراثة جين واحد مضطرب، لا يعاني الشخص أعراضًا، لكنه يصبح حاملًا للمرض، ويمكن توريثه لأطفاله.
- إذا ورث الطفل جينين، تكون الأعراض طفيفة.
- أما في حالة وراثة ثلاثة جينات، تكون الأعراض متوسطة أو شديدة.
- عند وراثة أربعة جينات -وهو أمر نادر الحدوث- يولد الطفل ميتًا، أو يموت بعد الولادة بمدة قصيرة، وإذا عاش يحتاج إلى نقل الدم مدى الحياة، ويمكن علاجه بالخلايا الجذعية.
ثلاسيميا بيتا
يتضمن إنتاج سلسلة هيموجلوبين بيتا جينين، ويرث المولود واحدًا من الأب وآخر من الأم.
تتضمن ثلاسيميا بيتا ثلاثة أنواع تبعًا لشدة الأعراض:
- الصغرى: تكون الأعراض طفيفة، ويمكن ألا يدري المريض بإصابته بالمرض.
- المتوسطة: يعاني المريض فقر الدم الشديد، وقد يحتاج إلى نقل الدم والعلاج الدوائي.
- الكبرى: يكون المريض مصابا بفقر الدم المهدد للحياة ويعاني أعراضًا شديدة.
الثلاسيميا المنجلية بيتا
يعاني بعض الأشخاص أمراض الخلية المنجلية، وهي أمراض وراثية تتسبب في إنتاج خلايا دم حمراء منجلية الشكل، وتكون خلايا الدم الحمراء إلى جانب ذلك متصلبة ولزجة؛ مما يجعلها تعلق في الأوعية الدموية الصغيرة، وتموت هذه الخلايا سريعًا.
يؤدي موت هذه الخلايا المنجلية سريعًا إلى نقص خلايا الدم الحمراء.
كما يمكن أن يرث شخص جين الخلايا المنجلية من أحد الوالدين، وجين ثلاسيميا بيتا من الآخر؛ ليعاني الثلاسيميا المنجلية.
أعراض الثلاسيميا
تختلف أعراض المرض تبعًا لنوعه، وغالبًا لا تظهر قبل سن الستة أشهر؛ عندما يُستبدل الهيموجلوبين الجنيني بهيموجلوبين الكبار.
تتضمن الأعراض الآتي:
- اصفرار الجلد.
- برودة الأطراف.
- الشعور بالإرهاق والخمول.
- الدوار والإغماء.
- ألم الصدر وضيق التنفس.
- سرعة ضربات القلب.
- سوء التغذية وتأخر النمو.
- الصداع.
- تشنجات الساق.
- قابلية الإصابة بالعدوى.
- البول الغامق.
- انتفاخ البطن.
- تشوهات العظام، خاصةً الوجه.
يمكن ألّا تظهر الأعراض عند الأشخاص الذين لديهم اضطراب في جين واحد من المسؤولين عن تشفير الهيموجلوبين.
مضاعفات الثلاسيميا
يجب الحذر من بعض المضاعفات التي قد تصاحب المرض، مثل:
- زيادة نسبة الحديد؛ مما قد يؤثر على القلب والكبد والغدد الصماء.
- تشوهات العظام؛ نتيجة تمدد نخاع العظام.
- تأخر النمو والبلوغ.
- تضخم الطحال؛ نتيجة زيادة الحمل عليه للتخلص من كرات الدم الحمراء التالفة.
- أمراض القلب، مثل: اضطراب نظم القلب، وفشل القلب الاحتقاني.
- الإصابة بالعدوى نتيجة تأثر الطحال.
- متلازمة اليد والقدم، التي تتمثل في احمرار وتورم باطن اليدين والقدمين، وتظهر عند المصابين بثلاسيميا بيتا المنجلية.
تشخيص الثلاسيميا
يمكن تشخيص الأطفال المصابين بالمرض عند بلوغ عامين من العمر، وقد لا يُشخّص الأشخاص الذين لا تظهر لديهم أعراض.
تُجرى الفحوصات الآتية للتشخيص:
1- فحص تعداد الدم الكامل (CBC)
يتبين من هذا الفحص مستوى الهيموجلوبين بالدم، إلى جانب تعداد كرات الدم الحمراء وشكلها.
2- تعداد الخلايا الشبكية (Reticulocyte Count)
ينتج نخاع العظم الخلايا الشبكية، ثم تُطلق في مجرى الدم، وتنضج لتصبح خلايا الدم الحمراء خلال يوم أو يومين.
تشغل الخلايا الشبكية حوالي 1-2 % من دم الشخص الطبيعي، وترتفع هذه النسبة عند المصابين بالمرض.
3- فحص مستوى الحديد في الدم
لتحديد سبب الأنيميا؛ إذ لا يكون نقص الحديد سبب الأنيميا عند المصابين بالثلاسيميا.
4- اختبار الجينات الوراثية
يستخدم للتحقق من اضطراب الجينات.
5- اختبار ما قبل الولادة (Prenatal Testing)
يبين إصابة الجنين بالمرض، ويُجرى بواسطة الآتي:
- عينة من خلايا المشيمة (Chorionic villus sampling): يُجرى في الأسبوع الحادي عشر من الحمل.
- بزل السلى (Amniocentesis): تُسحب عينة من السائل المحيط بالجنين في الأسبوع السادس عشر من الحمل.
6- الفصل الكهربائي للهيموجلوبين (Hemoglobin Electrophoresis)
يُستخدم هذا الاختبار لقياس مستوى أنواع الهيموجلوبين المختلفة في الدم، إلى جانب الكشف عن الهيموجلوبين المضطرب.
علاج الثلاسيميا
يمكن ألا تحتاج الحالات البسيطة إلى العلاج، لكن قد تحتاج بعض الحالات الخطرة إلى التدخل؛ نتيجة عدم تلقي أعضاء الجسم للأكسجين الكافي.
يتضمن العلاج الآتي:
1- عمليات نقل الدم
تحتاج الحالات الشديدة إلى نقل الدم المتكرر، لكن قد يؤدي ذلك بمرور الوقت إلى تراكم الحديد الذي لا يستطيع الجسم التخلص منه.
2- العلاج بالاستخلاب (Chelation Therapy)
يهدف هذا العلاج إلى التخلص من الحديد الزائد من الجسم؛ تجنبًا لمخاطره على القلب والكبد وأعضاء الجسم الأخرى.
تستخدم الأدوية الآتية للتخلص من الحديد الزائد:
- ديفيراسيروكس (Deferasirox).
- ديفيريبرون (Deferiprone).
- ديفيروكسامين (deferoxamine)
3- العلاج بالخلايا الجذعية
يمكن اللجوء إلى هذا العلاج في حالة الأطفال المصابين المرض الشديد؛ تجنبًا لنقل الدم المتكرر وتناول أدوية الاستخلاب.
كما يتطلب الأمر حقن الخلايا الجذعية المستخلصة من متبرع مطابق للمريض.
4- المكملات الغذائية
يمكن أن يصف الطبيب للمريض بعض المكملات الغذائية مثل حمض الفوليك.
5- علاج جراحي
يتطلب الأمر استئصال الطحال عند بعض المصابين.
6- علاج المشكلات المصاحبة للثلاسيميا
من الضروري معالجة بعض المشكلات المصاحبة للمرض كالآتي:
- العلاج الهرموني لتأخر البلوغ.
- تلقي التطعيمات اللازمة تجنبًا للعدوى ببعض الأمراض.
- العلاج الهرموني في حالة قصور الغدة الدرقية.
- استخدام البيسفوسفونيت (Bisphosphonate) لتقوية العظام.
7- علاجات منزلية
إذا كنت مصابًا بالثلاسيميا، يمكنك اتباع بعض العادات لتجنب المضاعفات، مثل:
- تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم وفيتامين د، ويمكن استشارة الطبيب حول تناول المكملات التي تحتوي عليهما، إلى جانب حمض الفوليك.
- لا تتناول المكملات الغذائية التي تحتوي على الحديد.
- تجنب مخالطة المرضى.
- احرص على غسل يديك باستمرار.
الوقاية من الثلاسيميا
يصعب الوقاية من هذا مرض؛ إذ تنتقل بواسطة الجينات كما تعرفنا، لكن يمكن للأزواج الخضوع للاستشارة الوراثية.
وتهدف الاستشارة الوراثية إلى معرفة فرصة إصابة المولود بالمرض، ويمكن تنسيقها قبل الزواج، أو قبل التخطيط للحمل.
إذا كان أحد الزوجين أو كلاهما حاملًا للجين المضطرب، يمكن إجراء الحقن المجهري لتقليل فرصة إصابة المولود بالمرض.
بعد تمام تلقيح البويضة، يمكن انتقاء الأجنة الطبيعية أو التي تحمل صورة طفيفة للمرض لزرعها في رحم الأم.
ختامًا، تناولنا في هذا المقال مرض الثلاسيميا، وتعرفنا إلى أسبابه وأعراضه وكيفية علاجه.
كما تعرفنا إلى مدى خطورة هذا المرض، لذا فوعيك الجيد به ضروريا تجنبا للمضاعفات، ولتقليل فرصة إصابة مولود جديد به.
اقرأ أيضًا
الأمراض الوراثية | الجينات المرضية