سمعنا كثيرًا عن عدوى الجرب أو ما تسمى حكة السبع سنوات.
نرى حولنا كثيرًا من الأشخاص يستخدمون تلك الكلمة في وصم الشخص غير النظيف.
مع الأسف، عندما نرى شخصًا يعاني حكة شديدة بجسده نصفه بمصاب الجرب، لكن هل تساءل أحدنا يومًا ما ربما يكون مصاب بالحساسية؟
والآن، عزيزي القارئ، دعنا نستكشف معًا في هذا المقال أهم الحقائق حول الجرب، ومسبباته، ووسائل علاجه، وكيف يختلف عن الحساسية؟
حقائق مهمة عن الجرب
يعد مرض جلدي يسبب حكة شديدة بالجلد.
يوجد ما يقرب من 130 مليون حالة من الحالات الموثقة في العالم.
يستوطن المرض العديد من المناطق المدارية فقيرة الموارد، بمتوسط انتشار يقَدَر بـ 5-10٪ بين الأطفال.
تاريخ عدوى الجرب
اكتُشف منذ قديم الأزل، وذلك بناءً على الأدلة الأثرية من مصر والشرق الأوسط، وتشير التقديرات إلى أن العدوى تعود إلى أكثر من 2500 عام.
يعتقد أن أول إصابة مُسجلة للمرض مأخوذة من الكتاب المقدس “لاويين” -الكتاب الثالث لموسى- 1200 قبل الميلاد.
تحدث الفيلسوف الروماني أرسطو عن “القمل الذي يهرب من البثور الصغيرة إذا تم وخزها” في القرن الرابع قبل الميلاد، ويعتقد العلماء أن ذلك إشارة إلى تلك العدوى.
أسباب الجرب
ربما يخيل إليك عزيزي القارئ أن المرض عدوى تستوطن داخل الجسد، لكنه في الواقع غزو حشرة الجرب لجلد الإنسان.
حشرة الجرب
تسمى سوس الجرب أو القارمة الجربية البشرية (Sarcoptes scabiei)، وتنتمي إلى فصيلة السوس (Mites).
يتميز كلًا من الذكور والإناث بأجساد بيضاوية الشكل، المسطحة بطنيًا والمحدبة الظهرية، تشبه السلحفاة بلا عيون، مع أربعة أزواج من الأرجل.
يبلغ طول الإناث من 0.30 إلى 0.45 مللي متر (ملم) وعرضها من 0.25 إلى 0.35 ملم، ويزيد حجم الذكور قليلاً عن نصف هذا الحجم.
دورة الحياة
تَمُر بأربع مراحل: البيض، واليرقة، والحورية، والأطوار البالغة:
- تعيش الأطوار البالغة في الطبقة السطحية للجلد، وتحفر أنفاقًا داخل الجلد؛ لتضع بها بويضات بمعدل 2-3 بويضات يوميًا.
- يتميز البيض بشكل بيضاوي، ويتراوح طوله من 0.10 إلى 0.15 مللي متر (ملم).
- يفقس البيض في غضون من 3 إلى 4 أيام، وتهاجر اليرقات إلى سطح الجلد وتحفر في الطبقة القرنية السليمة لبناء جحور قصيرة غير مرئية تقريبًا تسمى أكياس طرح الريش.
- تستمر اليرقات (Larva) حوالي 3 إلى 4 أيام، ثم تتكون الحورية.
- توجد اليرقات والحوريات (Nymph) في أكياس تساقط الشعر أو في بصيلات الشعر وتبدو مشابهة للبالغين، لكنها أصغر فقط.
- تبلغ الحوريات وتصل للطور البالغ ويحدث التزاوج مرة واحدة فقط.
- يترك الذكر الأنثى خصبة لبقية حياتها بعد التزاوج.
- عندما تجد الأنثى المُخَصبة موقعًا مناسبًا، فإنها تبدأ في تكوين جحرها المميز، لتضع البيض داخله في مدة قد تصل إلى شهرين.
- لا يمكن أن تعيش الحشرة أكثر من ثلاث أيام دون المضيف البشري.
كيف تحدث الإصابة؟
يعد من أكثر الأمراض انتشارًا بين البشر، وتحدث الإصابة بإحدى الطرق الآتية:
- التلامس المباشر من الجلد إلى الجلد مع شخص مصاب، أو باستخدام الملابس أو البطانيات أو الملاءات أو المناشف التي تلامس جلد الشخص المصاب.
- تنتشر العدوى بسهولة في أثناء الاتصال الجسدي القريب للنشاط الجنسي.
- يمكن أيضًا أن ينتقل من شخص لآخر بين الأشخاص الموجودين في مناطق مزدحمة، مثل: المستشفيات، ودور رعاية المسنين، والسجون، ومراكز الرعاية النهارية، والمنازل.
عزيزي القارئ، فلتعلم أن العدوى ليست علامة على أن الشخص متسخ أو فاسد جنسيًا.
الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة
تشمل المجموعات الأكثر عُرضة بشكل خاص للإصابة ما يلي:
- أي شخص يعيش في بيئة مزدحمة.
- المرضى والعاملون في مجال الرعاية الصحية في المستشفيات ودور رعاية المسنين.
- الطلاب والمعلمون ومقدمو الرعاية في مراكز الرعاية النهارية.
- الأشخاص الذين يعيشون أو يعملون في مؤسسات أو سجون.
- الأشخاص الذين لديهم شركاء جنسيين متعددين.
أعراض وعلامات الجرب
تظهر الإصابة في أشكال متعددة، ومن أشهر الأعراض ما يلي:
- الحكة الشديدة التي عادةً ما تسوء ليلًا.
- طفح جلدي يتكون من نتوءات وبثور حمراء صغيرة، ويؤثر على مناطق معينة من الجسم.
ومن أشهر أماكن الطفح:
- بين الأصابع وعلى راحة اليد من المعصمين (أشهر الأماكن).
- على الأسطح الخارجية للمرفقين والإبطين.
- حول الخصر والسرة.
- الأرداف.
- حول الحلمات وخط حمالة الصدر وجوانب الثدي (عند النساء).
- على الأعضاء التناسلية (عند الرجال).
ربما يتأخر ظهور الحكة لأسابيع في حالة الإصابة الأولى، أما في حالة العدوى المُتكررة فربما تظهر في غضون أيام.
الجرب عند الأطفال
يستغرق الطفل ما بين 4 إلى 6 أسابيع حتى تظهر عليه الأعراض بعد ملامسته لشخص مصاب.
يميل الطفح الجلدي الناتج عن السوس إلى الظهور على الرأس والرقبة وباطن القدمين في الأطفال أقل من سنتين.
ربما تحدث حكة وتهيج جلدي في فروة الرأس والرقبة والوجه وعلى راحتي اليدين وباطن القدمين عند الأطفال الأكبر سنًا.
مضاعفات الجرب
ربما تؤدي الحكة الشديدة نتيجة العدوى إلى عدوى بكتيرية ثانوية قد يترتب عليها المضاعفات الآتية:
- ربما تصاب تقرحات الجلد أحيانًا بالبكتيريا الموجودة على الجلد، مثل المكورات العنقودية الذهبية (Staphylococcus aureus) أو البكتريا العقدية (Streptococci).
- تقرحات متقشرة تسمى الجرب المتقشِر (Crusted scabies) أو الجرب النرويجي (نوع نادر).
الفرق بين الجرب والحساسية
عزيزي القارئ، ربما يخيل لك التشابه بين الحساسية وتلك العدوى، لكن في الواقع يوجد فرق كبير بين المصطلحين.
تنتج العدوى نتيجة استوطان الحشرة للطبقة السطحية في جلد المصاب، بينما تعد الحساسية طفح جلدي نتيجة تهيج الجهاز المناعي ضد مثير معين.
يتسبب كلًا منهما في طفح جلدي وحكة، نتوءات صغيرة من الجلد الداكن، وتقرحات.
يمكن أن يحدث الطفح الجلدي نتيجة الحساسية في أي مكان من الجسم، ولكن الطفح الجلدي نتيجة العدوى يميل إلى أن يكون أكثر انتشارًا على الذراعين واليدين.
يكون الطفح الجلدي نتيجة العدوى معديًا، بينما الخاص بالحساسية غير معدٍ على الإطلاق.
نجد بفحص الطفح الجلدي وجود حشرة السوس أو البيض في حالة العدوى، وعدم وجودها في حالة الحساسية.
تستجيب الحساسية إلى مضادات الحساسية بينما لا يعالج الجرب دون بروتوكول خاص.
تشخيص الإصابة بالعدوى
تشخص العدوى من التاريخ المرضي للمصاب، والأعراض السابق ذكرها مع وجود الطفح الجلدي المميز للعدوى، وأماكن انتشارها بالجسم.
يمكن أيضًا التشخيص بإزالة السوس بعناية من نهاية جُحره باستخدام طرف إبرة أو عن طريق كشط الجلد، وفحصه تحت المجهر بحثًا عن السوس أو بيضه أو برازه.
علاج الجرب
يتضمن العلاج استخدام المراهم الطبية والكريمات والمستحضرات التي يمكن وضعها مباشرةً على الجلد بالإضافة إلى الأدوية الفموية.
تتضمن الأدوية الموضعية البيرمثرين (permethrin)، الندان (lindane)، كروتاميتون (Crotamiton).
ربما يستخدم الكبريت في الرُضع والأشخاص الحساسين الآخرين.
عادًة ما توضع الأدوية على الجلد في الرقبة إلى أخمص القدم، بعد الاستحمام، لمدة 8 إلى 14 ساعة، ثم تغسل.
تكرر الأدوية في بعض الحالات، اعتمادًا على نوع الدواء المستخدم والأعراض التي تشعر بها.
يعد الإيفرمكتين (Ivermectin) دواءً فعالًا، يؤخذ جرعة فموية واحدة، تكرر بعد أسبوعين -في الحالات الشديدة.
تستخدم مضادات الهيستامين للمساعدة على السيطرة على الحكة، بالإضافة إلى المضادات الحيوية لقتل أي التهابات تتطور نتيجة حك جلدك باستمرار، وكريمات الستيرويد لتخفيف التورم والحكة.
يجب علاج جميع الشركاء الجنسيين وأفراد الأسرة والمخالطين المقربين، حتى لو لم تظهر عليهم أعراض.
علاج الجرب بالأعشاب
تتوافر العديد من الأعشاب الطبية الطبيعية للمساعدة على تخفيف الأعراض، بما في ذلك:
- زيت شجرة الشاي (Tea tree oil)
يمكن أن يشفي زيت شجرة الشاي الطفح الجلدي ويساعد على وقف الحكة، لكن لا توجد دراسات مؤكدة على فعاليته ضد البيض في أعماق بشرتك.
تضاف كمية صغيرة من الزيت شجرة الشاي إلى زجاجة وترَش على أغطية السرير والشراشف.
- النيم (Neem)
يخفف النيم الالتهاب والألم، كذلك يتميز بخصائص مضادة للجراثيم.
- الصبار (Aloe vera)
أثبتت دراسة صغيرة أن فعالية هلام الصبار مثل الأدوية القوية الموصوفة في مكافحة العدوى.
- الفليفلة الحمراء الحريفة (Cayenne pepper)
توجد القليل من الأدلة على أن فاعلية الفلفل الأحمر في القضاء على العدوى
يزيل الكابسيسين (Capsaicin) الموجود في الفلفل الحار حساسية الخلايا العصبية في الجلد بالاستخدام الموضعي.
لابد من إجراء اختبار رقعة الجلد قبل استخدام تلك المنتجات.
- زيت القرنفل (Clove oil)
يحتوي على خصائص مضادة للميكروبات ومخدرة ومضادة للأكسدة تساهم في قدرته على الشفاء، بالإضافة لكونه مبيد حشري فعال.
تشير بعض الدراسات إلى فعالية بعض الزيوت العطرية في العلاج مثل: الخزامى، الزعتر، النعناع، بذور اليانسون، عشب الليمون، البرتقالي، جوزة الطيب.
الوقاية خير من العلاج
عزيزي القارئ، والآن بعد أن أبحرنا معًا في هذا المقال دعني أُسرد عليك بعض النصائح للوقاية من العدوى.
- اغسل جميع الملابس، والمناشف، والبياضات بالماء الساخن والصابون.
- استخدم الماء الساخن والصابون عند غسل متعلقاتك الشخصية والتجفيف على درجة حرارة عالية.
- ضع الأشياء التي لا يمكن غسلها في كيس بلاستيكي مغلق مدة تصل إلى عدة أسابيع لتجويع الحشرة.
- نظِف المنزل بالكامل في بداية العلاج، بما في ذلك السجاد والبسط والمفروشات.
- تخلص من الكيس أو نظف علبة المكنسة الكهربائية تمامًا.
وختامًا:
عزيزي القارئ، يُعد الجرب مرضًا شديد العدوى، سريع الانتشار بين البشر، لذا عليك العمل على حماية جلدك من الإصابة بالعدوى والمحافظة على سلامته.
اقرأ أيضًا
فيروس الورم الحليمي البشري | هل أصابك بالفعل؟