لم أكن على دراية بوجود ما يُسمى بمرض الخد المصفوع، إلا منذ بضعة أيام.
كانت البداية عندما لاحظت أن ابني ليس على ما يرام؛ فحرارته مرتفعة وبدأ يشكو من ألم بالحلق وصداع.
فبدت هذه الأعراض مجرد نزلة إنفلونزا عابرة، وستزول بعد مدّة مع تناول الأدوية المعتادة.
لكن تفاجأت بعد عدة أيام بظهور طفح جلدي على وجهه بصورة مثيرة للريبة، فانتابني القلق وقررت استشارة الطبيب على الفور، الذي بعد فحصه أخبرني بهذا التشخيص.
ما المراد بمرض الخد المصفوع؟
هو أحد الأمراض الفيروسية التي تصيب الأطفال غالبًا، وبالأخص في فصلي الشتاء والربيع، ولحسن الحظ أنه لا يُمثل خطرًا على صحتهم، ولا يتسبب لهم بآثار جانبية خطرة.
يُطلَق عليه اسم الداء الخامس، وترجع تسميته بذلك إلى كونه خامس الأمراض بعد الحصبة، والحصبة الألمانية، والحمى القرمزية، وأخيرًا الجديري المائي، التي اُكتشِف أنها تسبب ظهور طفح جلدي في الأطفال، الذي يُعد أهم ما يميز هذا المرض.
أسباب مرض الخد المصفوع
لا يوجد سوى سبب واحد للإصابة بهذا المرض، ألا وهو الفيروس الصغير ب١٩، الذي ينتقل عبر الهواء عن طريق اللعاب، وإفرازات الجهاز التنفسي الناتجة خلال العطس أو السعال.
مراحل الخد المصفوع
تبدأ المرحلة الأولى بظهور الأعراض التالية، وذلك بعد دخول الفيروس الجسم بمدة تتراوح من ٤ إلى ١٤ يومًا:
- الصداع.
- الغثيان.
- الرشح.
- الإرهاق.
- التهاب الحلق.
- ألم بالمفاصل يشيع حدوثه في البالغين.
- ارتفاع بسيط في درجة حرارة الجسم.
بُناءً على الأعراض السابقة، قد يظن البعض أنها أعراض إنفلونزا عادية، لكن بعد مرور أسبوع إلى عشرة أيام تبدأ المرحلة الثانية بظهور الطفح الجلدي التي ربما تستمر لأسابيع.
يَتَبِع ظهور هذا الطفح في الجسم تسلسلًا معينًا؛ فيُلاحَظ أولًا بصورة ملفِتة في كلا الخدين، ثم يظهر بوضوح في أماكن أخرى من الجسم مثل: الذراعين، والساقين، وجذع الجسم، ويختفي منها ليظهر في مكان آخر.
تعد المرحلة الأولى هي ذروة العدوى، لذا لا داعِ للقلق من استمرار أعراض المرحلة الثانية لفترة أطول؛ لكون المرض غير معدي بعد الآن.
نادرًا ما يصيب هذا المرض البالغين؛ وذلك لوجود أجسام مضادة له نتيجة إصابتهم به في أثناء طفولتهم.
أما إذا كانت العدوى أول مرة، فللأسف تكون الأعراض شديدةً وأبرزها ألم المفاصل في الرسغين، والكاحلين، والركبتين.
الخد المصفوع في الأطفال
تعتمد عواقب مرض الخد المصفوع على مناعة الطفل؛ فالأطفال الأصحاء تظهر لديهم الأعراض التي سبق ذكرها ابتداءً من الارتفاع الطفيف لدرجة الحرارة، حتى الطفح الجلدي، ومع العلاج المناسب تزول هذه الأعراض تدريجيًا.
بينما الأطفال التي تعاني ضعف الجهاز المناعي، نتيجة إصابتهم بأحد هذه الأمراض:
- السرطان مثل: سرطان الدم (Leukemia).
- فقر الدم الانحلالي.
- فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز).
فتكون فرصة تعرضهم للمضاعفات أكبر؛ نتيجة تأثير الفيروس على إنتاج خلايا الدم الحمراء، مما يؤدي إلى حدوث الأنيميا.
هناك بعض الحالات التي تستدعي الاستشارة الفورية للطبيب، وذلك عند تفشي الطفح الجلدي في سائر أجزاء الجسم، أو إذا صاحبه الأعراض الأخرى الخاصة بالمرحلة الأولى.
الخد المصفوع في الحمل
تتصف مرحلة الحمل بكونها أحد المراحل الحرجة؛ لما يتشكل من خطورة قد تهدد حياة الأم أو الجنين أو كليهما عند التعرض لأي مرض أو عدوى خلال هذه الشهور، وعلى سبيل المثال مرض الخد المصفوع.
عند إصابة المرأة الحامل بالفيروس الصغير ب ١٩، فإنها تشكو بصورة أساسية من ألم المفاصل الذي يدوم بعض الوقت، والتورم، بالإضافة إلى الأعراض السابقة الأخرى بدرجة أقل.
يعتمد التشخيص في حالة عدم ظهور الطفح الجلدي المميَز على اختبار الدم، للتأكد من وجود الفيروس في الجسم.
فإذا كانت النتيجة إيجابيةً ففي هذه الحالة يُوصي الطبيب بضرورة المتابعة الإضافية، بعمل أشعة موجات فوق الصوتية لتجنب أي مضاعفات مُحتمَلة.
تتجاوز معظم الحوامل هذا المرض دون حدوث أي آثار جانبية، لكن إذا أظهرت الأشعة نتائج غير مُطَمْئنة، فيطلب الطبيب إجراء فحص ماء السلي للكشف عن مدى سوء الحالة.
أحد المضاعفات التي يحتمَل أن تحدث بنسبة ضئيلة، إصابة الجنين بالأنيميا التي يمكن السيطرة عليها في معظم الأطفال بعد الولادة.
أما إذا كانت الأنيميا شديدة فهذا يجعل الجنين أكثر عرضةً للإصابة بمرض أشد خطورةً هو الاستسقاء.
يفضل الأطباء حماية الجنين من تطور الاستسقاء إذا كان وارد حدوثه، وذلك بإجراء عملية نقل للدم قبل ولادته.
قد يضطر الأطباء إلى إخضاع الأم للولادة المبكرة إذا حدث الاستسقاء في الثلاثة أشهر الأخيرة من الحمل.
ترجع خطورة الإصابة بالاستسقاء لما يترتب عليه من عواقب وخيمة مثل:
- قصور القلب الاحتقاني.
- الوفاة.
- الإجهاض.
الأمراض المتشابهة مع مرض الخد المصفوع
توجد بعض الأمراض التي تشترك مع الخد المصفوع في ظهور الطفح الجلدي كأحد الأعراض المميِزة، ومن ضمنها ما يلي:
الداء السادس (الحُمى الوردية)
هو مرض فيروسي أخر ينتج بسبب فيروس هيربس البشري ٦، الذي يشيع حدوثه في الأطفال من عمر ستة أشهر إلى سنتين.
يعد الطفح الجلدي عَرَضًا مشترَكًا بين الداء الخامس والسادس، لكن هناك أعراض أخرى خاصة بالحمى الوردية مثل:
- تورم الجفون.
- الانفعال أو تغير الحالة المزاجية.
- الارتفاع الملحوظ في درجة الحرارة لما يقرب خمسة أيام.
الحُمى القرمزية
هي أحد الأمراض البكتيرية التي تحدث غالبًا للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ٥ إلى ١٥ عامًا، وينتقل عن طريق العطس أو السعال، ويتسبب في ظهور الأعراض الآتية:
- الارتفاع المفاجئ في درجة الحرارة.
- التهاب الحلق.
- القيء.
- الطفح الجلدي.
- اللسان الأبيض الشبيه بمظهر الفراولة.
يعتمد العلاج على استخدام المضادات الحيوية، تجنبًا لحدوث أي مضاعفات مثل: الحمى الروماتيزمية.
الوقاية من مرض الخد المصفوع
نظرًا لعدم توفر مصل حتى الآن للوقاية من الفيروس الصغير ب ١٩، فإن اتباع الإرشادات التالية هي الحل الأمثل:
- غسل اليدين باستمرار.
- تجنب التعامل مع الأشخاص التي تعاني العطس أو السعال.
- عزل الطفل المصاب حتى زوال الأعراض، وذلك لحماية الآخرين.
علاج الخد المصفوع
يفضل منح الجسم والجهاز المناعي فرصة مواجهة الفيروس والتغلب عليه دون التدخل بإعطاء الأدوية، الذي يستغرق من أسبوع إلى ثلاثة أسابيع للتعافي الكامل.
إضافةً إلى أن معظم الحالات تكون بسيطة ولا تحتاج سوى الراحة، وشرب المزيد من السوائل.
في حالة الأشخاص المصابة بضعف الجهاز المناعي، فيوصى بإعطائهم الأجسام المضادة عن طريق حَقن الجلوبيولين المناعي، وذلك للمساعدة على التغلب على العدوى الشديدة التي قد تسبب الوفاة.
يمكن وصف الأسيتامينوفين لتخفيف بعض الأعراض مثل: الصداع، وألم المفاصل، ودرجة الحرارة الأعلى من ٣٩ درجة سيليزية.
بالرغم أن هناك عدد من الدراسات صرحت بتناول الأطفال أكبر من ثلاث سنوات الأسبرين، لكنه يُمنَع استخدامه للأطفال المصابة بأعراض تشبه أعراض الإنفلونزا أو المتعافية من أمراض فيروسية؛ وذلك لاحتمالية تطور حالة نادرة وخطِرة تسمى متلازمة راي.
وأخيرًا وبعد ذكر كل النقاط المحورية فيما يخص مرض الخد المصفوع أو ما يعرف باسم الداء الخامس، والتعرف إلى أكثر الفئات المُستهدفة بهذا المرض، والأمراض المشابهة له، ووصولًا إلى طرق العلاج.
يتأكد بذلك صِدق مقولة أن الوقاية خير من العلاج، لذا فإن الحرص على تقوية الجهاز المناعي الخط الدفاعي الأول للجسم، هو أقوى علاج للتصدي لهذا المرض، بالإضافة إلى الاهتمام بغسل اليدين باستمرار.