في أحد الأعياد، اجتمعت الأسرة حول المائدة الدسمة. وفي وسط الأصوات الضاحكة، سقطت جدتي على الأرض. أمسكت بكتفها الأيسر، وظلت تصرخ من الألم، حتى ساعدها أبي على تناول النيتروجليسرين سريعًا.
بعد أن استقرت حالة جدتي، أخبرني أبي أنها مصابة بالذبحة الصدرية.
في هذا المقال، نستعرض معًا أهم المعلومات عن الذبحة الصدرية، فتابع معنا.
ما هي الذبحة الصدرية؟
الذبحة هي إحدى أعراض أمراض القلب.
وهي ألم يحدث في الصدر نتيجة انخفاض تدفق الدم إلى الشرايين، التي تنقل الدم الغني بالأكسجين إلى القلب.
عادة تكون الذبحة الصدرية تحت السيطرة، ولكنها قد تكون إشارة إلى وجود مشكلة في القلب تهدد الحياة.
في الحالات البسيطة بعض الأدوية وتعديل نمط الحياة، قد يكون حلًا كافيًا للتغلب على الذبحة الصدرية.
لكن في الحالات المعقدة، قد يحتاج المريض إلى الجراحة العاجلة.
أنواع الذبحة الصدرية
تختلف أنواع الذبحة على حسب طبيعة الألم وخطورة الوضع.
تنقسم هذه الأنواع إلى أربع فئات رئيسية:
1. الذبحة الصدرية المستقرة
هي أكثر الأنواع شيوعًا، تحدث نتيجة النشاط البدني والإجهاد الشديد.
فعند صعود الدرج أو ممارسة الرياضة يحتاج القلب للمزيد من الدم، لكن الشرايين الضيقة تبطئ تدفق الدم.
هناك بعض العوامل التي تتسبب في ضيق الشرايين، وتؤدي إلى الذبحة المستقرة مثل:
- التوتر النفسي الشديد.
- التدخين.
- درجات الحرارة الباردة.
- الوجبات الدسمة.
غالبًا يستغرق الألم بضع دقائق ويختفي عند الراحة.
لا تُعد الذبحة المستقرة نوبة قلبية في حد ذاتها، لكن قد تشير إلى احتمالية حدوث ذلك مستقبلًا.
2. الذبحة الصدرية غير المستقرة
الذبحة غير المستقرة هي ألم يحدث في الصدر في أثناء الراحة و النوم أو النشاط على حدٍ سواء.
يكمن السبب الرئيسي لهذا النوع من الذبحة في أمراض القلب التاجية.
يشير هذا النوع من الذبحة إلى أن انسداد الشرايين التي تمد القلب بالأكسجين قد وصل إلى مرحلة حرجة.
غالبًا يستمر الألم أكثر من الذبحة المستقرة ولا يزول بالراحة.
في حالة تجاهل العلاج، قد تؤدي الذبحة الغير مستقرة إلى بعض المضاعفات الخطرة.
وتشمل هذه المضاعفات النوبات القلبية وقصور القلب، وكذلك عدم انتظام ضربات القلب.
هناك بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية؛ التي تؤدي إلى الذبحة الصدرية غير المستقرة.
تشمل هذه العوامل ما يلي:
- مرض السكري.
- السمنة المفرطة.
- ضغط الدم المرتفع.
- وجود أمراض القلب في تاريخ العائلة.
- التدخين.
- الكوليسترول المرتفع.
- الذكور بعد 45 عامًا.
- النساء بعد 55 عامًا.
3. الذبحة الصدرية الدقيقة
الذبحة الصدرية الدقيقة هي ألم شديد في الصدر، ولكن ليس بسبب انسداد في الشرايين التاجية الكبيرة.
تحدث هذه الذبحة نتيجة بعض المشكلات في الأوعية الدموية الدقيقة في عضلة القلب.
تُعرف أيضًا هذه الحالة باسم متلازمة القلب إكس (X) أو مرض الشريان التاجي الانسدادي.
أسباب الذبحة الدقيقة غير واضحة حتى الآن، ولكن هناك بعض الأسباب المحتملة مثل:
- التشنجات في الأوعية الدموية الدقيقة.
- زيادة حساسية القلب للألم.
- مشكلة في الخلايا المبطنة للأوعية الدموية الدقيقة.
على الرغم من أن الذبحة الدقيقة تحدث للرجال والنساء، إلا أن النساء مُعرضات للإصابة بها تسع مرات أكثر من الرجال.
مُعظم النساء المصابات بذبحة الأوعية الدموية الدقيقة، في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث.
أظهرت البحوث أن النساء المُصابات بهذه الذبحة، لديهن انخفاض في مستوى هرمون الإستروجين.
بينما المُصابات من النساء الأصغر سنًا، كن لديهن تاريخ مرضي باستئصال الرحم.
4. الذبحة الصدرية المتغيرة
تحدث الذبحة الصدرية المتغيرة دائمًا في وقت الراحة، وعادةً ما يكون ذلك بين منتصف الليل وحتى الصباح الباكر.
يشتهر هذا النوع من الذبحة باسم ذبحة برنزميتال، أو ذبحة برنزميتال المتغيرة.
ذبحة برنزميتال نادرة الحدوث، إذ تمثل 2% فقط من حالات الذبحة.
وعادةً ما تحدث هذه الذبحة للأشخاص الأصغر سنًا، والذين يعانون أنواع أخرى من الذبحة.
يحدث الألم الناتج عن هذه الذبحة بسبب تشنجات الشرايين التاجية، التي تمد عضلة القلب بالدم.
الأعراض الشائعة للذبحة الصدرية
تتشابه أعراض الذبحة الصدرية مع أمراض القلب الأخرى، مثل النوبة القلبية واحتشاء عضلة القلب.
وقد تحدث الذبحة بأعراض طفيفة أو حتى بدون أعراض تمامًا، وتسمى حينئذ الذبحة الصدرية الصامتة.
يتمحور العرض الرئيسي للذبحة حول الإحساس بعدم الراحة والألم الشديد في الصدر.
وتختلف الأعراض من شخص إلى آخر حسب عوامل كثيرة، وتشمل هذه الأعراض:
- ألم في الصدر يشبه السحق أو الضغط.
- ألم يمتد إلى الظهر والأطراف العلوية غالبًا الجانب الأيسر.
- غثيان ودوخة.
- ضيق في التنفس.
- قلق وتعرق.
- حرقة المعدة.
- اضطراب المعدة والقيء.
- إعياء شديد غير مبرر.
قد يلتبس عليك الأمر، عند الشعور بحرقة المعدة.
فحُرقة المعدة قد تكون نتيجة لأمراض المعدة، وأيضًا قد تكون مؤشرًا للذبحة الصدرية.
تشخيص الذبحة الصدرية
هناك العديد من الاختبارات التي قد يطلبها الطبيب؛ للتأكد من إصابتك بالذبحة الصدرية، مثل:
- مخطط كهربية القلب (ECG) أو (EKG).
- اختبار الإجهاد.
- مخطط صدى القلب.
- اختبار الإجهاد النووي.
- الأشعة السينية على الصدر.
- الكشف عن الأوعية التاجية بالأشعة السينية.
- تصوير القلب بالرنين المغناطيسي.
- تصوير الأوعية التاجية بالصبغة.
- تحليل نسبة إنزيمات القلب في الدم.
علاج الذبحة الصدرية
هناك العديد من الخيارات لعلاج الذبحة الصدرية، يشمل ذلك تغيير نظام الحياة، والأدوية، وكذلك الجراحات التاجية.
يهدف العلاج إلى تقليل حدة الأعراض، ومن ثم خطر الإصابة بالنوبات القلبية والوفاة.
تختلف الأدوية المُستخدمة في علاج الذبحة من مريض إلى آخر، وتشمل هذه الأدوية:
1. النترات
النترات هي أشهر أدوية الذبحة الصدرية.
تعمل النترات على إرخاء الأوعية وتوسيعها، مما يسمح بتدفق المزيد من الدم إلى عضلة القلب.
الشكل الأكثر شيوعًا للنترات هو أقراص النيتروجليسرين التي توضع تحت اللسان.
2. الأسبرين
يقلل الأسبرين من تجلط الدم، مما يزيد من تدفق الدم عبر شرايين القلب الضيقة.
كذلك يقلل منع تجلط الدم من خطر الإصابة بالنوبة القلبية.
3. أدوية منع التجلط
يمكن أن تساعد بعض الأدوية مثل كلوبيدوجريل (بلافيكس) على منع تكون جلطات الدم. يحدث ذلك بتقليل احتمالية التصاق الصفائح الدموية ببعضها.
4. حاصرات بيتا (Beta blockers)
تعمل حاصرات بيتا على منع تأثير هرمون الإبينفرين (الأدرينالين). نتيجة لذلك، ينبض القلب بسرعة أبطأ وبقوة أقل مما يقلل من ضغط الدم.
تساعد حاصرات بيتا على استرخاء الأوعية الدموية، لتعزيز تدفق الدم.
5. حاصرات قنوات الكالسيوم (Calcium channel blockers)
تعمل حاصرات قنوات الكالسيوم على إرخاء وتوسيع الأوعية الدموية، إذ تؤثر على خلايا العضلات في جدران الشرايين.
6. أدوية لخفض ضغط الدم
هناك فئتان رئيسيتان من أدوية ضغط الدم: مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE)، وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين ٢ (ARBs).
قد يصف الطبيب لك دواءً لخفض ضغط الدم إذا كنت تعاني:
- ارتفاع ضغط الدم.
- داء السكري.
- علامات قصور القلب.
- مرض الكُلى المزمن.
7. رانولازين (Ranolazine)
ويعرف باسم رانيكسا (Ranixa) ويستخدم بمفرده أو مع أدوية الذبحة الصدرية الأخرى.
8. الستاتينات (Statins)
الستاتينات هي أدوية تستخدم لخفض نسبة الكوليسترول في الدم.
تساعد على إعادة امتصاص الكوليسترول المتراكم في جدران الأوعية الدموية، مما يساعد على منع انسداد الأوعية الدموية.
قد يلجأ الطبيب إلى التدخل الجراحي؛ إذ لم تكن الأدوية وتغييرات نمط الحياة حلًا كافيًا.
يشمل هذا التدخل:
- الرأب الوعائي (القسطرة) والدعامات.
- جراحة المجازة التاجية.
- النبض الخارجي الانعكاسي (ECP).
هناك بعض الإجراءات التي يمكنك القيام بها، للوقاية من الذبحة الصدرية خاصةً وأمراض القلب التاجية عامةً، مثل:
1. إذا كنت مُدخنًا، أوقف التدخين فورًا
يُعد التدخين السبب الرئيسي لأمراض القلب التاجية، فالتدخين بأنواعه سيجعل حالتك أسوأ.
التوقف عن التدخين هو أول خطوة فردية يمكنك اتخاذها، لعيش حياة أطول وأكثر صحة.
2. اجعل ضغط الدم تحت السيطرة
يؤدي حدوث الذبحة الصدرية وارتفاع ضغط الدم فى الوقت نفسه إلى تفاقم الأعراض، وزيادة خطر الإصابة بالنوبة القلبية.
ارتفاع ضغط الدم يجعل القلب يعمل بجهدٍ أكبر؛ مما يُضعف بطانة الشرايين.
3. تناول الطعام الصحي والمتوازن
يُساعد النظام الغذائي الصحي والمتوازن على تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية.
إليك عزيزي القارئ بعض الخطوات نحو هذا النظام المتوازن:
- تناول خمس حصص يومية من الفاكهة والخضروات المتنوعة.
- اختر الدهون الصحية، مما يُحسن مستويات الكوليسترول لديك.
- تناول حصتين من السمك أسبوعيًا، واحرص على تناول الأسماك الزيتية، مثل السردين والتونة.
- تناول الأطعمة الغنية بالألياف مثل الشوفان، والفول، والعدس.
- قلل من كمية الملح والسكر في الطعام.
4. ممارسة الرياضة بانتظام
تُساعدك الرياضة على الحفاظ على صحة قلبك،
ومنع حالتك من التدهور، وذلك لأنها:
- تساعد على التحكم في مستويات الجلوكوز في الدم.
- تُحسن مستويات الكوليسترول في الدم.
- تساعد على الوصول إلى الوزن الصحي، وكذلك الحفاظ عليه.
- تقلل من مستويات التوتر.
اكتشاف الإصابة بالذبحة الصدرية مبكرًا، يحميك من المضاعفات الخطرة لاسيما النوبة القلبية.
إذا شعرت -عزيزي القارئ- بألم في صدرك؛ استشر طبيبك فورًا لإجراء الفحوصات اللازمة.
اقرأ أيضًا
ضغط الدَّم المرتفع | المرض الصامت
الأمراض المزمنة | الصديق الإجباري