ينفطر قلبك إذا أصيب طفلك بدور برد بسيط، فكيف إذا أصيب بمرض نادر ليس له علاج حتى الآن؟
عزيزي القارئ، في هذا المقال سأعرض لك أسباب وأعراض وجميع تفاصيل مرض الشيخوخة المبكرة، هيا بنا.
ما مرض الشيخوخة المبكرة؟
مرض الشيخوخة المبكرة أو متلازمة هاتشينسون-جيلفورد أو كما يعرف بالبروجيريا هو خلل وراثي نادر.
يحدث بسبب اضطراب جيني يجعل الطفل يصبح عجوزًا، بدايةً من أول عامين في حياته.
متوسط عمر هؤلاء الأطفال غالبًا ما يكون 13 عامًا، بعضهم قد يموت أصغر من ذلك، وبعضهم قد يصل عمره أكثر من 20 عامًا.
أسباب الشيخوخة المبكرة
حدوث طفرة في الجين (LMNA) هو سبب المرض، جدير بالذكر أن هذا الجين مسؤول عن إنتاج بروتين لامين أ (lamin A) المسؤول عن دعم هيكل الخلية.
عندما تحدث الطفرة، يُخلق الجسم بروتين شاذ يسمى بروجرين progerin؛ المسؤول عن حدوث الشيخوخة المبكرة.
عوامل الخطر
لم تثبت الدراسات وجود أي عوامل خطر يمكن أن تعرض الطفل للإصابة بالمرض مثل البيئة المحيطة أو نمط الحياة.
في حالة الأبوين الذين لديهم طفل مصاب بالشيخوخة المبكرة، نسبة إصابة طفلهم الثاني بالمرض تقريبًا 2-3%.
لا يمكن القول أن الشيخوخة المبكرة مرضًا وراثيًا، لأن الأطفال المصابين غالبًا لا يعيشون حتى سن الإنجاب.
أعراض الشيخوخة المبكرة
غالبًا لا تظهر أي أعراض على الطفل عند الولادة، تبدأ الأعراض في الظهور خلال العام الأول، وتكون كالآتي:
- زيادة الوزن والطول ببطء.
- رأس كبير.
- عيون كبيرة.
- الفك السفلي صغير.
- أنف صغير بطرف مدبب.
- أذنان بارزتان للخارج.
- الأوردة ظاهرة ويمكن رؤيتها.
- نمو الأسنان بطيء وغير طبيعي.
- نبرة الصوت عالية.
- فقدان دهون وعضلات الجسم.
- تساقط الشعر، بما في ذلك شعر الرموش والحاجبين.
- الجلد رقيق ومجعد وتظهر عليه بعض البقع.
مضاعفات المرض
يعاني أطفال الشيخوخة المبكرة مضاعفات كثيرة أخطرها تصلب الشرايين (atherosclerosis).
الشرايين هي المسؤولة عن نقل العناصر الغذائية والأكسجين من القلب إلى باقي أعضاء الجسم، ضيق الشرايين سيؤدي إلى نقص تدفق الدم.
معظم أطفال الشيخوخة المبكرة يموتون بسبب مضاعفات تصلب الشرايين، والتي تتضمن:
- اضطرابات في الأوعية الدموية القلبية؛ ينتج عنها نوبات قلبية أو فشل قلبي احتقاني.
- اضطرابات في الأوعية الدموية الدماغية؛ ينتج عنها سكتة دماغية.
الأمراض المصاحبة للشيخوخة المبكرة
مع تقدم هؤلاء الأطفال في العمر، تبدأ بعض الأمراض التي غالبًا ما تصيب الأشخاص من عمر 50 عامًا أو أكثر في الظهور عليهم، مثل:
- تصلب الشرايين.
- أمراض القلب.
- تيبس المفاصل.
- فقدان بسيط للسمع.
- هشاشة العظام وتشوهات في الهيكل العظمي.
- خلع مفصل الورك.
- مقاومة الأنسولين.
كيفية التشخيص
تكون أعراض المرض واضحة جدًا، غالبًا سيلاحظها طبيب الأطفال في أثناء الفحص الروتيني للطفل.
إذا ظهرت على الطفل أعراض تشبه أعراض الشيخوخة المبكرة، استشر طبيب الأطفال فورًا.
سوف يجري الطبيب فحص جسدي للطفل، واختبار للسمع والرؤية، ويقيس النبض وضغط الدم، ويقارن وزن وطول الطفل بالأطفال من الفئة العمرية نفسها.
إذا شك طبيب الأطفال في الشيخوخة المبكرة، سوف يحيل الطفل إلى أخصائي الوراثيات الطبية، والذي سيأكد التشخيص أو ينفيه باختبارات الدم.
قديمًا قبل توافر الفحوصات الجينية، كان تشخيص الشيخوخة المبكرة يتم عن طريق الأشعة السينية وملاحظات الطبيب.
علاج الشيخوخة المبكرة
لا يتوافر علاج للمرض، لكن تُجرى الأبحاث حاليًا لاكتشافه. هناك بعض الإجراءات التي من الممكن أن تؤخر أو تخفف أعراض المرض، تتمثل في الآتي:
- الأدوية وتغيير النظام الغذائي
سوف يعطي الطبيب الطفل بعض الأدوية، ويغير نظامه الغذائي؛ لخفض مستوى الكوليسترول في دمه ومنع تكون جلطات في الدم.
يمكن أن تساعد جرعة منخفضة من الأسبرين يوميًا على منع النوبات القلبية والسكتات الدماغية، كما يساعد هرمون النمو على تحسين وزنه وطوله.
صرحت هيئة الدواء والغذاء الأمريكية (FDA) باستخدام عقار (lonafarnib) والمتوفر بالاسم التجاري زوكيفي (Zokinvy) لمنع تكون البروتين بروجرين الشاذ الذي يؤثر في القلب.
- العلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي
يمكن أن يساعدا الطفل على المشي إذا تعرض إلى تيبس المفاصل أو مشكلات في مفصل الورك.
- الجراحة
بعض الأطفال يحتاجون إلى الخضوع لجراحة المجازة التاجية أو رأب الأوعية التاجية للحد من تفاقم مرض القلب.
- بعض الإجراءات في المنزل
غالبًا ما يتعرض طفل الشيخوخة المبكرة للجفاف؛ لذلك يجب أن يشرب كمية كافية من المياه، خاصةً إذا كان مريضًا أو كان الجو حارًا.
إعطاء الطفل وجبات صغيرة عدة مرات يوميًا سيساعده على أكل كمية كافية.
الأحذية المبطنة ستساعد الطفل على المشي، ليتمكن من اللعب براحة.
- واقي الشمس
استخدم واقي شمس للطفل لا يقل معامل حمايته عن 15، وجدده كل ساعتين إذا كان الطفل يعرق أو يمارس السباحة.
كيف يتعامل الوالدان مع الطفل المصاب بالبروجيريا؟
يجب أن يحاول الوالدان توفير حياة طبيعية للطفل قدر المستطاع.
وأن يجعلوا الطفل ينضم للعديد من النشاطات، وأن يمنعوا أي طفل في العائلة من التنمر عليه أو مضايقته.
ومن المهم أن يتحلى الوالدان بقدر من الصراحة عند إخبار الطفل بطبيعة مرضه، وأنه سيعيش فقط حتى سن معين، ولكن بطريقة تناسب عمره.
ستكون جلسات تقديم المشورة مع الأخصائي النفسي مفيدة جدًا.
هل يستطيع طفل البروجيريا الانضمام للمدرسة؟
عديد من الأطفال المصابين بالبروجيريا يذهبون إلى المدرسة، ولكن تكون لديهم بعض الاحتياجات الخاصة؛ ليتمكنوا من التكيف والشعور بالراحة والأمان.
يجب على الوالدين مقابلة المدرسين والمشرفين والمعالجين في المدرسة باستمرار، ليتمكنوا من العمل معًا من أجل توفير احتياجات الطفل.
وكذلك يشاركون معهم خطة التعامل مع الحالات الطارئة التي قد يتعرض لها الطفل مثل: ضضيق التنفس أو الشعور بألم في الصدر.
متلازمات مماثلة
- متلازمة ويدمان – روتنستراوش: وتعرف أيضًا باسم بروجيرويد لدى حديثي الولادة، تشبه الشيخوخة المبكرة ولكن تبدأ أعراضها في الرحم ويُولد الطفل بأعراض الشيخوخة.
- متلازمة فيرنر: وتعرف أيضًا باسم بروجيرويد لدى الكبار، تشبه الشيخوخة المبكرة ولكن تبدأ أعراضها في سن البلوغ أو المراهقة.
حالات من الواقع
من أشهر حالات الإصابة بالبروجيريا زين هيثم الطفل المصري صاحب الروح المبهجة، واكتشفت والدته إصابته في عمر عام.
ذكر والدا زين أنهم يتضايقون من التنمر عليه، ويخشون أن ترفضه الحضانة بسبب مرضه.
ويتمنون أن يكون أفراد المجتمع لديهم وعي كافي بالمرض، وبطريقة التعامل مع أطفال البروجيريا.
وختامًا مهما كانت تفاصيل المرض قاسية، فاعلم أن لك في البلاء أجر. وإذا أصيب طفلك بالشيخوخة المبكرة، اعلم أنه اختبار من ﷲ فاصبر ولا تجزع، ستؤجر أنت وطفلك حتمًا. حاول قدر الإمكان المحافظة على نفسيته وحمايته من تنمر المجتمع.