بعد انتشار جائحة كورونا في العالم أجمع، اتجه معظمنا للبحث عن معلومات حول الفيروسات وكثرت الأسئلة، ما هي الفيروسات وكيف ينتشر؟ وما سبل الوقاية؟ وما هو العلاج؟
في هذا المقال سنتحدث عن كل ما يدور في ذهنك من تساؤلات حول الفيروسات.
ما هي الفيروسات؟
هي كائنات متناهية الصغر لا تُرى بالعين المجردة، ويتكون الفيروس من الحمض النووي أو الشفرة النووية (DNA أو RNA)، ومُحاط بغلاف من البروتين، أو من الدهون.
لا يحتوي الفيروس على ريبوسومات، لذلك لا يستطيع التكاثر خارج الجسم الحي، ويحتاج إلى عائل كي يعيش ويتكاثر، هذا العائل إما أن يكون حيوان أو نبات أو إنسان.
ماذا يحدث بعد دخول الفيروسات إلى خلية العائل؟
عند اختراق الفيروس خلية العائل يحقن حمضه النووي داخلها، ويغير آلية عملها فيعيد توجيهها لإنتاج الحمض النووي الخاص به، بدلًا من إنتاج المواد الخلوية الاعتيادية. وهذا يؤدي إلى تدمير الخلايا المصابة، وتكاثرها بشكل عشوائي مما قد يؤدي للإصابة بمرض السرطان.
عند اكتشاف الجهاز المناعي لوجود الفيروس، يبدأ في مواجهته بإنتاج أجسام مضادة تلتحم مع الفيروس لمقاومة العدوى.
فترة حضانة الفيروس (Incubation Period)
هي المدة بين الإصابة بالعدوى وبداية ظهور الأعراض، وتتراوح هذه المدّة من يوم أو يومين إلى سنوات، يتكاثر الفيروس خلال هذه المدة، وتبدأ مناعة العائل مقاومة العدوى.
وينتج الجسم بعض المواد تسمى الإنترفيرون تتسبب في ظهور الأعراض الأولية مثل:
- ارتفاع درجة الحرارة.
- آلام بالجسم.
- الغثيان.
- الشعور بالضيق.
بعد ذلك، تظهر الأعراض المميزة لكل فيروس مثل:
- الشلل الناتج عن فيروس شلل الأطفال.
- الحمى النزفية الناجمة عن فيروس الإيبولا.
- الطفح الجلدي نتيجة فيروس الحصبة.
وتتباين الفيروسات في:
- طول فترة الحضانة: فمنها ما يستغرق يومًا إلى عدة أيام ومنها ما قد يصل إلى عدة سنوات.
- تأثير الفيروس على العائل: بعضها مميت والبعض الأخر يُسبب أعراضًا بسيطة.
- طريقة انتقال العدوى: منها ما ينتقل في الهواء أو باللمس أو تناول الطعام والشراب الملوث أو قرص الحشرات الحاملة للفيروس.
- العائل والعائل الناقل: منها ما يصيب الإنسان أو الحيوان أو النبات.
وهناك فيروسات تصيب بعض الكائنات دون الآخر، مثل الحمى القلاعية (FMD)، يصيب الأبقار والأغنام والخنازير ولا يصيب الخيول ونادرًا ما يصيب الإنسان.
وكذلك هناك ما ينتقل من الحيوانات إلى الإنسان، مثل الفيروس المسبب لداء الكلب (Rabies).
كما تختلف الفيروسات في الشكل، فقد قسمها العلماء إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
- الفيروسات الحلزونية: مثل فيروس تبرقش التبغ.
- فيروسات ايكوساهيدرا: وهي فيروسات شبه كروية، ومنها معظم الفيروسات التي تصيب الحيوانات.
- الفيروس المغلف: وهي فيروسات أحاطت نفسها بغلاف دهني واقي، مثل فيروس الإنفلونزا، وفيروس نقص المناعة البشرية.
مع هذا التباين الكبير بين كل فيروس وآخر، علينا ذكر أهم اختلاف بين الفيروسات، ألا وهو الأعراض التي تسببها.
أعراض العدوى الفيروسية
هناك اختلاف شاسع في أعراض الأمراض الفيروسية، فهناك ما يغزو الجهاز التنفسي، فتنتج بعض الأعراض مثل:
- الرشح.
- الكحة.
- التهاب الحلق.
- التهاب الرئتين.
وعند إصابة الجهاز الهضمي تظهر أعراض أخرى مثل:
- آلام في المعدة.
- الإسهال.
- القيء.
وهناك فيروسات تؤثر على الجهاز العصبي وينتج عنها أعراض عصبية. وأخرى تؤثر على الجلد فتظهر أمراض جلدية. وهكذا تختلف أعراض الأمراض الفيروسية على حسب الجهاز المصاب في جسم العائل.
وهنا يحضرنا سؤال مهم، هل هذه الأعراض كافية لتشخيص الفيروس؟
تشخيص الفيروسات
لا يعتمد تشخيص العدوى الفيروسية على الأعراض الظاهرة على المصاب فقط. فبعض الأمراض الفيروسية تحتاج إلى تشخيص دقيق لنوع الفيروس المُشتبه، لذا تستخدم عدة اختبارات لتأكيد التشخيص منها:
المجهر الإلكتروني
لا يُرى الفيروس بالمجهر الاعتيادي؛ لذلك يتجه العلماء للمجهر الإلكتروني لاكتشاف الفيروسات.
ويتميز هذا الاختبار بالسرعة؛ إذ تظهر النتيجة خلال 30 دقيقة فقط، ويعد المجهر الإلكتروني الآلة الوحيدة التي توضح شكل الفيروس. ويستخدم فقط في البحث العلمي، وذلك لأن تكلفة الجهاز باهظة، ويحتاج إلى تدريب وخبرة كبيرة.
تفاعل البوليمر المتسلسل (PCR)
يُستخدم (PCR) للكشف عن الحمض النووي للفيروس، وهو من أهم الطرق في تشخيص الأمراض الفيروسية في الوقت الحالي، فمن مميزاته القدرة على التشخيص مع وجود أقل كمية من الفيروس في العينة، لذلك يساعد على التشخيص المبكر، ويستخدم تحليل (PCR) على نطاق واسع هذه الأيام، في تشخيص فيروس كورونا.
فحص الامتصاص المناعي المرتبط بالإنزيمات (ELISA)
اختبار إليسا (ELISA) هو اختبار مناعي يكشف عن وجود الأجسام المضادة للفيروس في الدم. وهو من الطرق الحديثة في التشخيص.
من مميزات هذا الاختبار، السرعة وسهولة التنفيذ والدقة العالية، ويستخدم في التشخيص والأبحاث العلمية، وأيضا متابعة الحالة المرضية في حالة أمراض الفيروسات المزمنة.
وهنا عزيزي القارئ نستطيع التحدث عن أهم ما يمر في ذهنك، ما هو علاج الفيروسات؟
علاج الفيروسات
يلجأ معظم الأطباء لعلاج الأمراض البكتيرية باستخدام المضادات الحيوية، ولكن هذه المضادات لا تجدي نفعا في حالة العدوى الفيروسية، بل من الممكن أن تتسبب في ما يسمى بمقاومة المضادات الحيوية.
يلجأ الأطباء في بعض حالات العدوى الفيروسية، لاستخدام الأدوية لعلاج الأعراض وبعض الحالات الأخرى قد تحتاج لأدوية مضادة للفيروسات.
الأدوية المضادة للفيروسات (AntiVirus)
هذه الأدوية لا تدمر الفيروس، ولكنها تصل إلى خلية العائل المصابة، وتمنع تطور المرض بطرق عدة منها:
- التداخل مع الحمض النووي للفيروس.
- بعض امنع الفيروس من الاتحاد مع خلايا العائل.
- تحفيز الجهاز المناعي لمجابهة غزو الفيروس.
- إيقاف تكاثر الفيروس.
بعض الفيروسات التي تستجيب لمضادات الفيروسات:
- الإنفلونزا.
- الهربس.
- الالتهاب الكبدي B والالتهاب الكبدي C.
الوقاية من العدوى الفيروسية
تُستخدم العديد من التطعيمات للوقاية من العدوى الفيروسية، وتنقسم إلى قسمين:
- لقاحات حية: لقاحات تتكون من الفيروس نفسه حي ولكنه ضعيف أو واهن، وتعطى بالفم.
- لقاحات غير حية: تتكون من فيروسات ميتة أو أجزاء منها، وتعطى بالحقن العضلي.
وكذلك من طرق الوقاية من العدوى، اتباع عادات صحية جيدة مثل:
- غسل الأيدي باستمرار.
- عدم الاقتراب من الأشخاص المصابين بأمراض معدية.
- غسل الأطعمة جيدًا والاهتمام بالغذاء الصحي لتقوية جهاز المناعة.
- فتح النوافذ لتهوية الغرف وعدم البقاء في الأماكن المغلقة أوتعقيم الهواء بها.
ويمكن تعقيم الهواء من الفيروسات والمواد الضارة الأخرى باستخدام أجهزة خاصة بذلك، وتعمل هذه الأجهزة بعدة آليات منها:
- تدمير الميكروبات: وتعمل بالغاز الحراري أو بالكهرباء أو بالإشعاع.
- إزالة الميكروبات: وتعمل بالغسل والترسيب الكهروستاتيكي، والغربلة والترشيح.
في النهاية عزيزي القارئ، فإن “الوقاية خير من العلاج”، لذا لا تتكاسل عن اتباع الإجراءات الوقائية، والاهتمام بالطعام الصحي لتقوية المناعة، وإعطاء أطفالك كافة التطعيمات؛ لتجنُب الإصابة بالفيروسات.