القرنية المخروطية هي أحد أمراض العيون الشائعة، تظهر غالبًا في مرحلة المراهقة حتى منتصف العشرينيات، وتتفاقم مع مرور الوقت حتى تثبت في الأربعينيات.
يعتمد علاجها على مدى تطور الحالة، ومدى قدرة المريض على الرؤية.
فما هي أسبابها، وكيفية تشخيصها؟ وللإجابة عن هذه الأسئلة، نتعرف معًا في هذا المقال إلى مزيد من المعلومات عن هذا المرض.
ما المقصود بالقرنية المخروطية (keratoconus) ؟
القرنية هي العدسة الخارجية الشفافة أو السطح الأمامي الصافي للعين على شكل قبة (مثل الكرة)، وتُمثل ثلثي قوة انكسار الضوء بالعين.
القرنية المخروطية (KC) مرض يصيب العين، إذ تضعف القرنية وتبدأ في التحول تدريجيًا إلى شكل مخروطي.
يعمل هذا الشكل المخروطي على انحراف الضوء عندما يدخل إلى شبكية العين الحساسة للضوء، مما يتسبب في تشوه الرؤية.
كيف تحدث القرنية المخروطية؟
يعمل الكولاجين (الألياف الدقيقة من البروتين في العين) على تثبيت القرنية في مكانها، وعندما تضعف هذه الألياف لا تستطع القرنية الحفاظ على شكلها وتصبح مخروطية.
قد يرجع الشكل المخروطي للقرنية إلى اختلال الأنزيمات داخل القرنية، وهذا الخلل يجعلها أكثر عرضةً للتلف التأكسدي من مركبات تسمى الجذور الحرة، مما يؤدي إلى إضعافها وبروزها إلى الأمام.
أسباب القرنية المخروطية
لا يعرف الأطباء بالتحديد سبب الإصابة، وقد يرجع ذلك إلى أسباب غير معروفة أو عوامل وراثية.
فمن الملاحظ وجود تاريخ مرضي للإصابة عند أقارب المريض و بنسبة ١٠٪ في أحد الوالدين.
قد تظهر عند الأطفال في سن العاشرة تقريبًا، وربما تُلاحظ في وقت مبكر في مرحلة الطفولة أو يتأخر ظهورها حتى الوصول إلى الثلاثين من العمر.
عوامل الخطورة
وترجع إلى أسباب غير مباشرة تُزيد من احتمالية ظهور القرنية المخروطية:
1. بعض الأمراض الوراثية مثل:
- متلازمة داون.
- متلازمة إهلرز دانلوس.
2. بعض الالتهابات مثل:
- الحساسية أو الربو.
- مرض العين التأتبي (Atopic keratoconjunctivitis) يؤدي إلى تحطيم أنسجة القرنية.
- التهاب الشبكية الصباغي.
3. كثرة فرك العين.
4. التعرض المفرط للأشعة فوق البنفسجية من الشمس.
5. تاريخ من العدسات اللاصقة سيئة التركيب مما يُسبب تهيج العين.
أعراض القرنية المخروطية
تتغير الأعراض مع تقدم المرض وتشمل:
- الرؤية الضبابية.
- حساسية للضوء والوهج مما يُسبب مشكلات في القيادة ليلاً.
- قصر النظر التدريجي.
- الاستجماتيزم غير المنتظم.
- تغييرات متكررة في وصفة النظارات الطبية.
- ازدواج الرؤية عند النظر بعين واحدة فقط.
- خطوط ضوئية.
في الحالات المتقدمة قد تضعف البطانة الداخلية للقرنية، مما يسمح للسائل بدخول القرنية (الموه)، وعادةً ما ينحسر التورم من تلقاء نفسه، ولكن قد تتكون ندبة تؤثر في الرؤية.
كيف تُشخص القرنية المخروطية؟
يفحص الطبيب عين المريض ويجري عدة اختبارات مختلفة للحصول على تشخيص سليم ومنها:
1.اختبار انكسار العين (Eye refraction)
2. فحص المصباح الشِّقي (Slit Lamp)
3. قياس انعكاس القرنية
4. رسم خرائط القرنية المحوسب
علاج القرنية المخروطية
تعتمد طريقة العلاج على إيقاف تطور الحالة وتحسين الرؤية، مع مراعاة تقدم الحالة والمرحلة التي وصلت إليها:
- المبكرة من القرنية المخروطية: تستخدم النظارات أو العدسات اللاصقة اللينة، لتحسين الرؤية المشوشة، وقد يكون علاجًا طويل الأمد، خاصةً إذا أصبحت القرنية مستقرة بمرور الوقت.
- المتوسطة: تضطر إلى تركيب عدسات لاصقة صُلبيّة ومنفذة للغاز أو العدسات اللاصقة على الظهر.
- المتقدمة: تصبح القرنية مشوهة ويكون ارتداء العدسات اللاصقة أمرًا صعبًا، وعندها يكون زرع القرنية أمرًا ضروريًا.
هناك بعض العمليات قد يلجأ إليها الطبيب مثل الربط المتبادل أو زراعة الحلقات، ويحددها الطبيب تبعًا لحالة المريض وعمره وعوامل أخرى.
1. العدسات اللاصقة
إذ يكون النظر جيداً بالنظارة الطبية فيعمل الطبيب على تثبيت القرنية المخروطية، لضمان استقرار الحالة وتجنب مزيد من تطورها عن طريق:
- النظارات أو العدسات اللاصقة اللينة
تساعد على تصحيح الرؤية المشوهة ولكن كثيرًا ما يحتاج المريض إلى تغييرات متكررة في قياسات النظارات أو العدسات اللاصقة مع تقدم الحالة.
- العدسات اللاصقة الصلبة المنفذة للغاز (Rigid gas permeable contact lenses)
وتسمى GP lenses وهي الخطوة التالية الأكثر تقدمًا، عندما لا توفر النظارات والعدسات اللاصقة اللينة حدة بصرية كافية.
- العدسات المدمجة (piggyback lens)
يستخدم هذا النوع عندما لا يؤثر النوع السابق جيدًا في القرنية أو يسبب تهيجًا. لذا ينصح أطباء العيون بدمج نوعين مختلفين من العدسات اللاصقة على نفس العين.
يتكون هذا النوع من عدسة جامدة منفذة للغاز موضوعة فوق عدسة لاصقة ناعمة. يوفر هذا المزيج رؤية واضحة لعدسة GP دون الشعور بعدم الراحة؛ إذ تعمل العدسات اللينة كدرع ووسادة تحت عدسة GP الصلبة.
- العدسات الصُلبيِّة (scleral lens)
تتميز هذه العدسات بقطر كبير لتغطية جزء كبير من أبيض العين، بينما تغطي العدسات شبه الصلبة مساحة أصغر.
تعد مفيدة للتغيرات غير المنتظمة في القرنية في حالة القرنية المخروطية المتقدمة، وتقف فوق القرنية دون الضغط عليه.
تتميز بكونها أكثر ثباتًا من العدسات اللاصقة المنفِّذة للغازات.
يعد تركيب العدسات اللاصقة الصلبة أو شبه الصلبة أمرًا صعبًا، لذا يفضل تركيبها من قِبل طبيب عيون لديه خبرة في علاج القرنية المخروطية؛ إذ تؤدي العدسة غير الملائمة إلى إتلاف القرنية.
2. الربط المتبادل (cross linking)
وهو إجراء خارجي طفيف التوغل مصمم لإبطاء تطور القرنية المخروطية أو إيقافها، وقد يمنع الحاجة إلى زراعة القرنية في المستقبل.
تشَبّع القرنية بقطرات الريبوفلافين وتعالج بالأشعة فوق البنفسجية، مما يؤدي إلى تصلب القرنية، وكما يساعد على تقليل مخاطر فقدان البصر التدريجي بتثبيت القرنية في المرحلة الأولى من المرض.
ويسمى كذلك علاج القرنية المخروطية بالعقد المتعامدة، ويفضل هذا النوع من العلاج لأنه يعمل على تقوية نسيج القرنية، لذا يساعد على وقف تحدب القرنية.
النوعان الأساسيان للربط المتقاطع للقرنية هما:
- يزيل الطبيب الطبقة الخارجية الرقيقة (الظهارة) من القرنية، للسماح للريبوفلافين السائل باختراق أنسجة القرنية بسهولة أكبر.
- تترك ظهارة القرنية سليمة، مما يجعله إجراءً أقل توغلاً من الربط المتقاطع مع إزالة الظهارة.
3. زراعة الحلقات (Intacs)
هي دعامات بلاستيكية شفافة على شكل أقواس صغيرة جدًا تغرز في القرنية، وهي معتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، وتعمل على إعادة القرنية لشكل القبة الأصلي، للحصول على رؤية أوضح.
يلجأ الطبيب إلى هذا النوع عندما لا يتمكن مرضى القرنية المخروطية من الحصول على رؤية وظيفية باستخدام العدسات اللاصقة أو النظارات الطبية، وقد تؤخر زراعة الحلقات عملية زرع القرنية ولكن لا يمكنها منعها إذا استمر تقدم الحالة.
يستغرق الإجراء 15 دقيقة في الأقل ويستطيع المريض بعدها الخروج في نفس اليوم، وممارسة حياته بشكل طبيعي، ويتطلب بعدها متابعة منتظمة لطبيب العيون للتأكد من التئام العين بشكل صحيح، ولتحديد ما إذا كانت الرؤية قد تحسنت.
مميزاتها
- يتمكن المرضى الذين لم يكونوا قادرين على تحمل العدسات اللاصقة من العودة إلى ارتداءها.
- تحسن الرؤية، ولكن المريض غالبًا ما يظل بحاجة إلى نظارات أو عدسات لاصقة.
بعض المخاطر المحتملة
- التهاب العين.
- مشكلات في الرؤية الليلية.
- رؤية “الهالات” أو الوهج حول الأضواء.
- رؤية ضبابية أو متقلبة.
4. الجراحة (زراعة القرنية أو رأب القرنية)
تعد زراعة القرنية الملاذ الأخير لعلاج القرنية المخروطية عندما لا تساعدك العلاجات الأخرى، فهي عملية آمنة للغاية وناجحة في أكثر من 90٪ من الحالات.
تلجأ إلى زرع القرنية في الحالات الآتية:
- تندب القرنية، أو ترقق شديد في القرنية.
- زيادة ضعف الرؤية باستخدام أقوى العدسات.
- عدم القدرة على ارتداء أي نوع من العدسات اللاصقة.
- رأب القرنية النافذ
هو عملية زرع قرنية كاملة بإزالة جزء كامل السُمك من القرنية المركزية، واستبدالها بنسيج من قرنية متبرع.
- رأب القرنية الرقائقي الأمامي العميق (DALK)
يشمل الحفاظ على البطانة الداخلية للقرنية، مما يساعد على تجنب رفض الجسم للقرنية المانحة هذه البطانة كما يحدث أحيانًا مع رأب القرنية النافذ.
هناك بعض المضاعفات المحتملة مثل:
- ضعف الرؤية.
- العدوى.
- الاستجماتيزم.
- رفض الجسم للقرنية المانحة.
تعد جراحة تصحيح الإبصار بالليزر شديدة الْخَطَر إذ تتسبب في ضعف القرنية أكثر وتجعل رؤيتك أسوأ، حتى لو كان لديك درجة صغيرة من القرنية المخروطية، فلا تخضع لجراحة الليزك.
وفي الختام نجد إجابة سؤالنا أن القرنية المخروطية لا تسبب العمى التام، ولكن إذا أهملتها يمكن أن تؤدي إلى ضعف شديد في الرؤية، ولكن مع العلاجات الحالية يستطيع معظم مرضى القرنية المخروطية أن يعيشوا حياة طبيعية.