كنتُ في السابعة عشر من عمري، عندما انتابتني حالة من الخوف في لجنة الثانوية العامة في امتحان مادة الفيزياء. كنت أنظر إلى ورقة الامتحان، ولا أستطيع أن أكتب كلمة من شدة القلق لأني نسيت كل ما ذاكرته طوال العام ثم أجهشت بالبكاء. حاولت أن أتمالك نفسي، وأخذت نفسًا عميقًا، وأغلقت عيني، واستعنت بالله ثم بدأت المعلومات تتسرب إلى عقلي رويدًا رويدًا، أردت من هذه اللحظة أن أعرف ماذا حدث لي، وكيف أواجهه إذا حدث لي مرة أخرى؟ لذلك سنتحدث في هذا المقال عن أسباب القلق النفسي عند المراهقين وأعراضه وكيفية التغلب عليه.
القلق النفسي وانتشاره الكبير بين المراهقين
القلق هو إحساس طبيعي يشعر به الإنسان إذا استمر لفترة قصيرة، لكن يصبح الأمر مقلقًا إذا استمر لأسابيع، أو أشهر، وكان يؤثر تأثيرًا قويًا على حياته اليومية.
ويُعد القلق النفسي من أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين المراهقين؛ إذ يصاب به 1 من كل 3 مراهقين حسب الإحصائيات التي أجريت وهذه النسبة في زيادة مستمرة.
أسباب القلق النفسي عند المراهقين
تؤدي عدة أسباب إلى مشكلات المراهقين النفسية بالإضافة إلى العوامل الوراثية منها:
- الطموحات العالية
يشعر كل مراهق أنه يريد المشاركة بعد المدرسة في رياضة، أو عمل بدوام جزئي، أو أحداث اجتماعية أخرى؛ وهذا يقلل من ساعات نومه ما يسبب له اضطرابًا في حياته اليومية.
- الهرمونات
يشعر المراهق بالقلق أو الغضب دون سبب معين، وحينئذ يكون السبب الأرجح اضطرابات هرمونية عند ابنك المراهق بسبب البلوغ، أو ابنتك المراهقة بسبب الحيض.
- التطور العقلي
يريد ابنك أن يُعامل معاملة الشاب في فترة المراهقة في جميع المواقف؛ ولكن هذا صعب بسبب قلة خبرته ونموه العقلي غير المكتمل وهذا يسبب له الشعور بالقلق.
- التسلط من الوالدين
يحب المراهق أن يشعر بكيانه ويمارس أعمالًا ضد سلطة الوالدين والمجتمع، وعندما يجد أنه لا يستطيع ذلك بسبب رفض والديه؛ ما يسبب العقد النفسية عند المراهقين.
- الضغط من الأصدقاء
يعد الأصدقاء مصدرًا للقلق عند ابنك المراهق، فعندما ينجح في دراسته فهو يريد دائمًا التفوق عليهم فهذا يعد ضغطًا إيجابيًا، وعندما يتعرض للتنمر منهم فهذا يعد ضغطًا سلبيًا عليه.
أنواع القلق النفسي عند المراهقين
يوجد عدة أنواع للقلق النفسي عند المراهقين منها:
- القلق العام
يشعر المراهق في هذه الحالة بالقلق الشديد تجاه ما حوله مثل المدرسة، أو المستقبل، أو الصحة، أو أمان عائلته، ومن الممكن أن يترك مدرسته وأنشطته الاجتماعية لشعوره أنه عبء على من حوله ويصبح خارج السيطرة.
- الوسواس القهري
يؤدي القلق أحيانًا لاضطراب الوسواس القهري وتصاحبه هواجس سيئة وردود أفعال انفعالية نتيجة لهذا القلق.
- الرهاب
يشعر بالخوف الشديد تجاه أشياء ليست خطيرة مثل رهاب المرتفعات، أو رهاب الماء، أو الخوف من ركوب الطائرة ويتجنبها تمامًا؛ ويجب في هذه الحالة أن يُعالج الخوف عند المراهق.
- القلق الاجتماعي
ينتج هذا القلق من مواقف أو حوارات حدثت مع ناس محيطين به وشعر فيها أنه منبوذ منهم.
- نوبات الذعر
تحدث هذه النوبات دون سبب محدد، وعندما تحدث يشعر المريض بأعراض شديدة وفجائية مثل زيادة ضربات القلب، أو ضيق في التنفس، أو تنميل؛ ونتيجة لهذا يحدث للمريض رهاب من المكان الذي حدثت فيها هذه النوبات.
- اضطراب ما بعد الصدمة
يحدث هذا الاضطراب نتيجة لصدمة أو ذكرى أليمة، ويصاحبه كوابيس مرعبة، وخوف شديد بعدها.
أعراض القلق النفسي عند المراهقين
قد تظهر عدة أعراض للقلق النفسي عند المراهقين منها:
- تغيٌّر في سلوكه مثل شدة الغضب والاضطراب.
- حساسية من الانتقاد.
- عدم مواجهة المواقف الصعبة والتحديات.
- الشعور بالرهبة.
- تدهور مستواه الدراسي.
- عدم التركيز.
- صعوبة في النوم.
- الانعزال عن الناس وتجنب الأنشطة الاجتماعية.
- أعراض عضوية مزمنة مثل: الإرهاق، والصداع، وألم في البطن، وضيق في التنفس، وألم في الصدر.
- إدمان السجائر، أو الكحوليات، أو أي سلوكيات خطرة أخرى.
كيف تساعد ابنك المراهق على تجاوز القلق؟
للوالدين دور كبير في علاج الخوف عند المراهقين فتستطيع أيها الوالد بخطوات بسيطة أن تساعد ابنك المراهق في تجاوز الشعور بالقلق عن طريق عدة طرق منها:
- تكلم مع ابنك في ما يسبب له القلق من بيئته المحيطة، ولا تتجاهل قلقه، وادعمه في التغلب عليه.
- كن عقلاني في ما تتوقعه من ابنك، ولا تكبده فوق ما يستطيع.
- مارس مع ابنك التمارين الرياضية اليومية مثل الجري أو المشي.
- شجع ابنك على الاسترخاء وممارسة رياضة اليوجا، والتأمل في الطبيعة.
- تعاون مع ابنك في عمل جدوله اليومي فلا يضغط على نفسه.
- شجع ابنك على الأكل الصحي المغذي.
علاج القلق النفسي عند المراهقين
إن كان ابنك المراهق يعاني القلق النفسي الشديد الذي يسبب له حالة من الاكتئاب، أو الإدمان، أو الميل إلى الانتحار؛ فنحن هنا في حاجة إلى الذهاب إلى الطبيب النفسي لعلاج هذه المشاكل النفسية.
من خيارات العلاج النفسي
- العلاج السلوكي المعرفي
يُعد العلاج بالتعرض نوع من أنواع العلاج السلوكي المعرفي، ويركز على كيف يواجه المراهق خوفه بكثرة تعرضه للمواقف المخيفة، واستراتيجيات الاسترخاء بالتنفس العميق، واسترخاء العضلات، والتكلم عن نفسه بإيجابية.
- العلاج بالأدوية
يلجأ الطبيب النفسي في بعض الأحيان إلى مضادات الاكتئاب (مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين) مثل الفلوكستين، أو السيتالوبرام.
وأخيرًا ابني المراهق، العالم مكان للتحدي فلا تخف ولا تقلق، وثق في نفسك، وعش حياتك بحب وإيجابية.
يا أيها الآباء والأمهات! أنتم لكم الدور الأكبر في حياة أولادكم فأحبوهم، واغمروهم بمشاعركم، وثقوا فيهم، وكونوا لهم أصدقاء، ولا تحملوهم ما لا يطيقون حتى يتجنبوا القلق النفسي عند المراهقين.
