كانت أيامًا صعبة؛ إذ أُصِبتُ بنزيفٍ شديدٍ في أثناء ولادتي، وتعرضت حياتي للخطر. أتذكر كيف هرع الفريق الطبي لإنقاذ حياتي. حاولت بعد ذلك إرضاع طفلي لكني فشلت، وبدأ يزداد وزني، ويتساقط شعري. أسرعت إلى طبيبتي أتساءل عما أصابني فأخبرتني أني أعاني تناذر سيموند.
عزيزتي المرأة، نتحدث اليوم عن حقيقة تناذر سيموند، وأسبابه، وأعراضه، وكيف يمكن تشخيصه؟
تناذر سيموند (Sheehan syndrome)
تناذر سيموند أو متلازمة شيهان هي حالة تحدث عندما تتضرر الغدة النخامية في أثناء الولادة، وتُعرف أيضًا بقصور الغدة النخامية بعد الولادة.
تنتج عن فقدان الدم الزائد (النزيف) أو الانخفاض الشديد في ضغط الدم في أثناء المخاض أو بعده.
يحرم نقص الدم الغدة النخامية من الأكسجين الذي تحتاجه لتعمل بكفاءة.
تقع الغدة النخامية في قاعدة الدماغ، وتنتج الهرمونات التي تشرف على وظائف الغدد الأخرى في الجسم؛ لهذا السبب يطلق عليها اسم “الغدة الرئيسة”.
تكون الغدة النخامية أكثر عرضة للإصابة في أثناء المخاض، لأنها تكبر في أثناء الحمل.
عندما لا تؤدي الغدة النخامية دورها المطلوب، لا تستطيع الغدد التي تتحكم فيها- بما في ذلك الغدة الدرقية والغدد الكظرية- إفراز ما يكفي من هرموناتها.
وظيفة الغدة النخامية:
- يقوم الهرمون المنبه للغدة الدرقية (TSH) بتوجيه الغدة الدرقية، لإنتاج هرموناتها التي تنظم عملية التمثيل الغذائي لديكِ.
- يساعد الهرمون الملوتن أو المنشط للجسم الأصفر (Lutinizing hormone-LH) على تنظيم الدورة الشهرية، وإنتاج البويضات جنبًا إلى جنب مع FSH.
- يساعد الهرمون المنبه للجريب أو المنشط للحوصلة (Follice stimulating hormone-FSH) على تنظيم الدورة الشهرية، وإنتاج البويضات جنبًا إلى جنب مع الهرمون الملوتن.
- يتحكم هرمون النمو (GH-Growth hormone) في نمو الأعضاء والأنسجة.
- الهرمون الموجه لقشر الكظر (ACTH-Adrenocorticotropic hormone) يحفز الغدد الكظرية على إفراز الكورتيزول وهرمونات التوتر الأخرى.
- يحفز هرمون الحليب أو البرولاكتين (Prolactin) إنتاج الحليب.
أسباب متلازمة شيهان وعوامل الخطورة
يؤدي نقص الأكسجين الواصل إلى الغدة النخامية في أثناء الولادة إلى حدوث تناذر سيموند.
يمكن أن يؤدي فقدان الدم الزائد أو انخفاض ضغط الدم الشديد في أثناء المخاض إلى حرمان الغدة النخامية من الأكسجين الذي تحتاجه لتعمل.
تعد متلازمة شيهان أكثر شيوعًا في الدول النامية مثل الهند.
يندر حدوث تناذر سيموند اليوم في الولايات المتحدة والدول الأخرى المتقدمة؛ وذلك لتقدم الرعاية الطبية فيها.
نذكر هنا بعض العوامل التي تزيد احتمالية فقدان الدم الشديد:
- انفصال المشيمة (Placental abruption) عن جدار الرحم
- المشيمة المتقدمة (Placenta previa)
تُعرف المشيمة المتقدمة بأنها المشيمة التي تغطي عنق الرحم جزئيًا أو كليًا.
- ولادة طفل كبير الحجم يزن أكثر من 8.8 رطل (4000 جرام)، أو إنجاب توائم
- تسمم الحمل (preeclampsia)
هو ارتفاع ضغط الدم في أثناء الحمل.
- الولادة المساعدة (Assisted delivery) باستخدام الملقط (Forceps) أو الشفاط (Vacuum extraction)
أعراض متلازمة شيهان
تبدأ أعراض متلازمة شيهان أو تناذر سيموند أحيانًا بعد الولادة مباشرةً، وربما تظهر تدريجيًا بعد شهور أو سنوات.
ربما لا تظهر الأعراض على النساء اللاتي لديهن ضرر ضئيل للغاية في الغدة النخامية عدة سنوات.
تشمل أعراض تناذر سيموند:
- صعوبة الرضاعة الطبيعية أو عدم القدرة عليها.
- عدم انتظام الدورة الشهرية أو انقطاعها.
- زيادة الوزن.
- عدم تحمل البرد.
- تباطؤ الوظائف العقلية.
- تساقط شعر العانة وتحت الإبط.
- التعب والضعف العام.
- التجاعيد الدقيقة حول العينين والشفتين.
- انكماش الثدي.
- جفاف الجلد.
- ألم المفاصل.
- ضعف الرغبة الجنسية.
- انخفاض سكر الدم.
- انخفاض ضغط الدم.
- عدم انتظام ضربات القلب.
مضاعفات متلازمة شيهان
تشمل مضاعفات متلازمة شيهان ما يلي:
- النوبة الكظرية (Adrenal crisis or Addisonian crisis)
النوبة الكظرية هي حالة تهدد الحياة حيث لا تنتج الغدد الكظرية ما يكفي من هرمون التوتر أو الكورتيزول.
- انخفاض ضغط الدم
- فقدان الوزن غير المتوقع
- عدم انتظام الحيض
تشخيص متلازمة شيهان
يمكن الخلط بسهولة بين متلازمة شيهان والحالات الأخرى التي تسبب أعراضًا مماثلة، خاصةً إذا لم تبدأ الأعراض عدة أشهر بعد الولادة.
يبدأ طبيبكِ بسؤالكِ عن الأعراض والأعراض ذات الصلة مثل مشكلة إنتاج حليب الثدي بعد الولادة.
تشمل الاختبارات التي تساعد طبيبكِ على تشخيص تناذر سيموند ما يلي:
تحاليل الدم
ستخضعين لاختبارات التحقق من مستويات الهرمونات التي تصنعها الغدة النخامية.
يتحقق اختبار تحفيز هرمون الغدة النخامية (Pituitary hormone stimulation test) من مدى استجابة الغدة النخامية للهرمونات المختلفة.
الفحوصات التصويرية
يتحقق فحص الأشعة المقطعية (CT) أو تصوير الرنين المغناطيسي (MRI) من وجود أورام أو مشكلات أخرى في الغدة النخامية، ربما تسبب أعراضًا مشابهة.
علاج تناذر سيموند
يتمثل علاج متلازمة شيهان في تناول الهرمونات التي لم يعد ينتجها جسمكِ.
ستحتاجين إلى الاستمرار في تناول معظم هذه الهرمونات مدى الحياة، ومنها:
الستيرويدات القشرية (Corticosteroids)
يحل البريدنيزون (Prednisone) أو الهيدروكورتيزون (hydrocortisone) محل هرمونات الغدة الكظرية.
ليفوثيروكسين (Levothyroxine)
يزيد هذا الدواء مستويات الهرمونات التي تصنعها الغدة الدرقية.
الإستروجين بالإضافة إلى البروجستيرون (Estrogen plus progesterone)
(أو الإستروجين وحده إذا أزيل الرحم). تساعد هذه الهرمونات الأنثوية على جعل الدورة الشهرية طبيعية.
تستطيعين التوقف عن تناولها عندما تصلين إلى سن اليأس.
الهرمون المنبه للجريب (FSH) والهرمون الملوتن (LH)
تحفز هذه الهرمونات التبويض ويمكن أن تساعدك على الحمل.
هرمون النمو (Growth hormone)
يساعد هذا الهرمون على الحفاظ على كثافة العظام، ويحسن نسبة العضلات في الجسم، ويخفض مستويات الكوليسترول.
من الضروري أن يشرف على علاجكِ اختصاصي الغدد الصماء.
ستخضعين لفحوصات دم منتظمة للتحقق من مستويات الهرمونات لديكِ.
الوقاية من تناذر سيموند
بينما لا يمكن الوقاية من متلازمة شيهان إذا حدث نزيف حاد، يمكن للرعاية الطبية الجيدة في أثناء الولادة أن تمنع النزيف الحاد وانخفاض ضغط الدم.
عزيزتي المرأة، يمكن أن يكون تناذر سيموند مهددًا لحياتكِ إذا لم تعالجي، لكنكِ ستكونين قادرةً على عيش حياة صحية وطبيعية من خلال العلاج بالهرمونات طويل الأمد.
اقرأ أيضًا
العلاجات المنزلية لمتلازمة قبل الحيض
متلازمة أشرمان (التصاقات الرحم) | الأسباب والعلاج
توسع القنوات الثديية والتهابها | هل يصيبني السرطان؟
المراجعة والتدقيق: د.بسمة عبد المنعم
مراجعة طبية: سمر البدري
تحرير. د.أحمد فوزي
