مُتعبًا بعد تلك الرحلة الطويلة ولكني كنت متشوقًا وفرحًا بالعودة مرة أخرى لأحضان أسرتي، كنت سائرًا في المطار أشعر ببعض الألم في قدمي، ظننت هذا بسبب جلوسي طويلًا في الطائرة ولم أُلق لذلك بالًا، حتى شعرت بألم شديد في صدري، بحكم عملي طبيبًا أدركت فورًا أني أحتاج إلى المساعدة. ما تعرض له صديقنا هو ما يطلق عليه جلطة الأوردة العميقة (Deep Venous Thrombosis) أو (DVT).
فماذا تعرف عنها؟
ما تعريف جلطة الأوردة العميقة؟
التعريف العام للجلطة: هي تخثر دموي يَعلق بأحد الأوردة مما يُسبب انسدادها فيمنع مرور الدم.
جلطة الأوردة العميقة: تحدث غالبًا في أحد الأوردة العميقة في القدم، وهي حالة خطرة تستدعي التدخل الطبي المباشر والسريع.
سبب خطورتها: ربما تتحرك من مكانها وتسافر في مجرى الدم حتى تصل إلى الشرايين الرئوية، وتعيق تدفق الدم إلى الرئة.
أعراض جلطة الأوردة العميقة
تتمثل الخطورة في أنه لا تظهر أي أعراض على المريض فلا تُكتَشف الحالة إلا بعد حدوث مضاعفات.
لكن قد تظهر بعض الأعراض مثل:
- ألم يبدأ غالبًا من ربلة الساق وقد يشعر المريض بتشنجات.
- تورُّم في القدم ونادرًا ما يظهر التورم في كلتا الساقين.
- تورُّم الوريد وعند اللمس يُلاحظ تيبُس المنطقة.
- التهاب واحمرار جزء من الساق أو ظهور بقع غامقة حول منطقة الألم.
- دفء المنطقة الملتهبة.
أسباب جلطة الأوردة العميقة
تحدث أحيانًا الجلطات دون أسباب واضحة، وهناك عديد من العوامل التي تؤثر في التدفق الطبيعي للدم وتسبب تجلطه.
- الجراحة
تنقطع بعض الأوردة في أثناء الجراحة أو عند حدوث إصابة ويتأثر تدفق الدم، وتزيد نسبة الإصابة بالتجلط، تظل الخطورة قائمة. سواء كانت الجراحة بسيطة أو خطرة خاصة جراحات القدم والركبة.
بعد الجراحة يظل الجسد لمدة طويلة دون حركة، وهذا يؤثر كذلك في التدفق الطبيعي للدم.
- الجلوس لفترات طويلة دون حركة
- في أثناء القيادة أو السفر لفترات طويلة.
- كذلك بعد الجراحات الطبية.
- إصابة تعيق الحركة.
عدم الحركة يؤثر في سرعة تدفق الدم، وعندما يتباطأ جريان الدم في القدمين تزيد فرص الإصابة بتخثر الدم وتكون الجلطات.
- الأدوية الهرمونية
مثل حبوب منع الحمل والهرمونات التعويضة في سن اليأس.
- العمر
تزيد نسبة الإصابة بتجلط الأوردة العميقة في السن أكبر من 60 عامًا، ولكنها قد تحدث في أي عمر.
- السمنة المفرطة
بسبب الضغط على الأوردة في الحوض والقدمين.
- الحمل
- يضغط الجنين داخل الرحم على الأوردة في منطقة الحوض والقدم.
- تظل خطورة الإصابة بالجلطة حتى ستة أسابيع بعد الولادة.
- أمراض القلب
النوبات القلبية أو أي مرض يؤثر في تدفق الدم يزيد نسبة الإصابة بالجلطات.
- التهاب الأمعاء
وجد أن الإصابة بالتهابات أو أمراض مزمنة في الأمعاء تزيد خطر الإصابة بجلطة الأوردة العميقة.
- أسباب وراثية
بعض الأشخاص لأسباب جينية لديها قابلية أكبر على تكوين الجلطات.
- التدخين
يؤثر التدخين في تجلط الدم وتدفقه داخل الجسم.
- السرطان
بعض أنواع السرطان تزيد من نسبة بعض المواد في الدم فتسبب التجلط. وكذلك بعض الأدوية المستخدمة في علاج السرطان تسبب التجلط.
تشخيص جلطة الأوردة العميقة
من الضروري السرعة في التشخيص والعلاج لتجنب حدوث مضاعفات تهدد حياة المريض.
يستعين الطبيب بجانب الفحص السريري ببعض الاختبارات لتأكيد التشخيص ومنها:
تحليل ال D-Dimer
D-Dimer هو بروتين يفرزه الجسم في الدم بعد حدوث تخثر في الدم. وظيفته الطبيعية إذابة الجلطات التي تحدث بشكل طبيعي في الدم بعد حدوث أي إصابة للأوردة أو الشعيرات الدموية.
إذا أظهرت نتيجة التحليل زيادته في الدم عن نسبة محددة هذا قد يعني وجود جلطة.
لا يعتمد على هذا التحليل إذا كان المريض مصاب بالتهابات أو أمراض مناعية أو في مرحلة ما بعد الجراحة. كما ترتفع نسبته في الدم في حالات أمراض الكبد وبعض الأمراض السرطانية.
الموجات فوق الصوتية
- تُظهِر أي تغيُّر في تدفق الدم.
- توضح حجم الجلطات وتحديد مكانها في الأوردة.
- تبين إن كانت الجلطة قديمة أو حديثة.
- تُستخدَم لمتابعة تطور حالة المريض في أثناء العلاج.
أشعة إكس وتُسمَّى ال venogram
يحقن الطبيب الوريد بصبغة خاصة، ويتعقب تحرك الصبغة بالأشعة، ومن ثم يُحدد مكان الجلطة الوريدية. لكن هذه الطريقة لم تعد تستخدم كثيرًا.
مضاعفات جلطة الأوردة العميقة
الجلطة الرئوية
تأتي في المرتبة الثالثة بعد السكتات الدماغية والقلبية في مسببات الوفاة، وهي صعبة التشخيص لتشابه أعراض الجلطة الرئوية في أغلب الأحيان مع أعراض البرد، فماذا نعرف عنها:
- مرض خطير يهدد حياة الإنسان، وقد يسبب الوفاة إذا لم تشخص الحالة سريعًا.
- تتحرك الجلطة المكونة في أوردة الساقين لأعلى مع حركة الدم.
- تصل إلى الشرايين الرئوية فتسبب انسداد رئوي.
- تعيق تدفق الدم من القلب إلى الرئة، مما يتسبب في موت الأنسجة الرئوية.
أعراض الجلطة الرئوية
- تتشابه الأعراض في كثير من الأحيان مع أعراض دور البرد.
- ضيق في التنفس.
- ألم في الصدر عند التنفس.
- الشعور بالدوخة والإغماء.
- سرعة التنفس.
- زيادة معدل نبضات القلب.
- الكحة الشديدة.
سيولة الدم
- تحدث نتيجة للعلاج بمضادات التجلط.
- ينبغي متابعة حالة المريض وضبط جرعات الدواء.
علاج جلطة الأوردة العميقة
يهدف العلاج إلى:
- السيطرة على الجلطة ومنع زيادة حجمها.
- منع حدوث مضاعفات مثل تحرك الجلطة إلى الرئة أو القلب.
- التأكد من عدم تكرار الإصابة مرة أخرى بعد العلاج.
مضادات التجلط
الهيبارين:
عطي مفعولًا سريعًا وفوريًا لذلك يبدأ الطبيب العلاج بحقن الهيبارين لمدة أسبوع.
الوارفارين:
- يؤخَذ بالفم لمدة لا تقل عن 3 شهور لمنع تكرار الإصابة.
- إذا تكرر حدوث الجلطات يستمر المريض بأخذ الوارفارين مدى الحياة.
مذيب الجلطة أو التخثر
يحقن الدواء مباشرة في مكان الجلطة، ويستخدَم في حالات الطوارئ، وفي الحالات شديدة الخطورة ومن مضاعفاته حدوث نزيف.
فلتر في الوريد الأجوف السفلي
- يزرع جراحيًا فلتر في الوريد الأجوف السفلي inferior vena cava.
- يمنع انتقال الجلطة من القدم إلى القلب والرئة.
- لا يؤثر في التدفق الطبيعي للدم.
العلاج في مدة الحمل
حقن مضادات التجلط طوال مدة الحمل حتى 6 أسابيع بعد الولادة.
مرحلة الشفاء بعد الخروج من المستشفى
- المواظبة على المشي.
- ارفع القدم المصابة في أثناء الجلوس.
- تَجَنّب السفر في رحلات طويلة حتى يمر أسبوعين على الأقل من بدأ العلاج.
كيف تقلل من خطر الإصابة بجلطة الأوردة العميقة
- المواظبة على التدريبات الرياضية لتحسين الدورة الدموية.
- تجنب عدم الحركة خاصة الأطراف السفلية لفترات طويلة.
- تجنب التدخين.
- حرك القدمين كل مدة في أثناء السفر وحاول تجنب الجلوس لساعات متواصلة.
- تقليل الوزن والتخلص من السِمنة.
علينا دائمًا اتباع نظام غذائي متوازن، والاهتمام بممارسة الرياضة، وتجنب ما يضر بالصحة كالتدخين.
هذه النصائح لك عزيزي القارئ، فلا تغفل عنها، فصحتك سلعة غالية فحافظ عليها.
