كانت حمى النفاس في الماضي شبحًا يطارد النساء الحوامل، يشعرن دائمًا بالخوف فهذه توفت صديقتها بعد عدة أيام من وضع طفلها، وتلك أصابتها مضاعفات شديدة بعد الولادة؛ نتيجة ارتفاع شديد في درجة حرارة الجسم.
في هذا المقال سنعرف ما هي حمى النفاس؟ وهل ما زالت الشبح الذي يطارد النساء؟ أم سيطر عليها علماء الطب؟
ما المقصود بحمى النفاس؟
عدوى بكتيرية تُصيب الرحم أو الأجزاء المحيطة به، وقد تحدث في أي وقت من أول يوم من أيام الولادة إلى اليوم 42 بعد الولادة.
تُسمى أيضًا بعدوى النفاس، وتزداد في المناطق قليلة النظافة. كانت في الماضي من الأسباب الشائعة لوفاة النساء بعد عمليات الولادة، ولكن الآن أصبحت نادرة بسبب التعقيم واستخدام المضادات الحيوية الفعالة.
أسباب حمى النفاس
تتسبب في هذه العدوى أنواع متعددة من البكتيريا، من أهمها البكتيريا العقدية، والبكتيريا العنقودية، وبكتيريا اشريشيا كولاي (E. coli). تنتقل العدوى بمخالطة شخص مصاب بالبكتيريا، أو استخدام أدوات جراحية غير معقمة، وملوثة بالبكتيريا.
تعتمد شدة المرض على ضراوة البكتيريا، وقدرة المريض على مقاومة العدوى، والاهتمام بالنظافة والتعقيم. كذلك هناك عدة عوامل تزيد من خطر الإصابة بحمى النفاس، مثل:
- نوع الولادة.
الولادة الطبيعية: نسبة العدوى 1-3 %
الولادة القيصرية: نسبة العدوى 5-20 %
- فقر الدم.
- السمنة.
- التهابات المهبل.
- طول المدة بين تمزق الكيس الأمنيوسي، وبداية المخاض.
- وجود بقايا من المشيمة في الرحم بعد الولادة.
- الولادة في عمر صغير.
- كثرة الفحص المهبلي في أثناء الولادة.
- قلة التعقيم والنظافة في أثناء الولادة، والأيام التي تليها.
- التهاب الحلق، أو أمراض الجهاز التنفسي، أو مخالطة شخص مصاب بالتهابات في الجهاز التنفسي.
- التهابات بالمسالك البولية.
- ضعف الجهاز المناعي للمرأة الحامل.
- إصابة السيدة بالجلطات التي تقلل من خروج دم النفاس.
هل حمى النفاس معدية؟
أثبت العلماء والأطباء على مر الأعوام، أن الأطباء ومساعديهم عامل أساسي في انتشار العدوى بين المرضى. في عام 1752 كان الطبيب الأسكتلندي ألكسندر جوردون أول من لاحظ أن هذه الحمى معدية، وتنتقل من أيدي الأطباء إلى المرضى.
وفي عام 1843 لم يكن معروفًا بعد سبب حمى النفاس، ولكن كانت معدلات الوفاة في أثناء وبعد الولادة مرتفعة في جميع أنحاء أوروبا، وأمريكا الشمالية. في هذا الوقت نشر الجراح الأمريكي أوليفر ويندل بحث عن عدوى النفاس كتب فيه، أن هذا المرض يُصيب النساء عند التعامل وقت الولادة مع طاقم طبي سبق لهم التعامل مع أخريات قد أصابهم المرض. ولكن لم يصدقه أحد.
أثبت الأطباء أيضًا، أن عدوى الجهاز التناسلي لا تنتقل للرضع؛ لذلك -عزيزتي الأم- لا تتوقفي عن الرضاعة الطبيعية، إذا لم ينصح الطبيب بغير ذلك.
أعراض حمى النفاس
من الممكن أن تظهر الأعراض بعد عدة أيام من الإصابة بالعدوى. من أهم هذه الأعراض:
- ارتفاع درجة حرارة الجسم.
- آلام شديدة في أسفل البطن واحتقان الحوض.
- إفرازات مهبلية كريهة الرائحة.
- شحوب الجلد نتيجة فقد كمية كبيرة من الدم.
- صداع.
- فقدان الشهية.
- زيادة معدل ضربات القلب.
المضاعفات
تُعد مضاعفات حمى النفاس نادرة، ولكنها تحدث إذا لم تُشخص العدوى وتُعالج مبكرًا، ومن أهم المضاعفات:
- تجمع الصديد على شكل خراج.
- طفح جلدي.
- قلة إدرار اللبن.
- صعوبة في التبول عند انتقال العدوى إلى المثانة، أو الكلية.
- جلطات الدم في أوردة الحوض.
- الانسداد الرئوي نتيجة الجلطات.
- التسمم الدموي في حال وصول البكتيريا إلى مجرى الدم.
التشخيص
يُعد التشخيص المبكر عامل مهم لمنع مضاعفات العدوى. يعتمد الطبيب في التشخيص على الآتي:
- الأعراض والفحص الفسيولوجي للمريضة.
- تحليل الدم والبول للكشف عن البكتيريا.
- وكذلك يأخذ الطبيب مسحة من عنق الرحم لعمل مزرعة؛ لتحديد المضاد الحيوي المناسب.
هل يمكن الوقاية من عدوى النفاس؟
تحدث حمى النفاس في الأماكن قليلة التعقيم والنظافة، وترتفع الإصابات في حالة نقص الوعي بين الأطقم الصحية. لذا يجب اتباع بعض الاحتياطات لتجنب العدوى، مثل:
- الاهتمام بالنظافة الشخصية قبل وبعد الولادة.
- عدم مخالطة الأشخاص المصابين بالتهاب الحلق، أو الجلد، أو عدوى الجهاز التنفسي.
- تناول المضادات الحيوية طويلة المدى قبل الجراحات القيصرية.
- استخدام المطهرات قبل إجراء العملية القيصرية.
- استخدام كحول الكلورميكسيدين؛ لتطهير الجلد، وتجهيزه لإجراء الجراحة.
- تجنب العلاقة الحميمية قبل الولادة.
- متابعة نسبة الهيموجلوبين.
- شرب كميات كبيرة من الماء.
- تزداد نسبة العدوى في عمليات الولادة القيصرية؛ لذلك إذا علمتِ أنكِ ستخضعين للولادة القيصرية عليكِ عزيزتي سؤال طبيبك عن مدى اهتمام المستشفى بالتعقيم، والنظافة، والرعاية الصحية.
علاج حمى النفاس
يعتمد الأطباء في العلاج على المضادات الحيوية مثل: جنتاميسين، و كليندامايسين، حسب البكتيريا التي يشتبه الطبيب أنها سبب العدوى.
يجب أن يُجري الطبيب عملية تنظيف، وكحت للرحم، إذا وجد أجزاء من المشيمة ما زالت ملتصقة به.
لم تعد حمى النفاس بنفس الخطورة كما كانت في الماضي. ولكن مازال الأطباء يواجهون بعض المشكلات في التعامل مع هذه العدوى، ومن أهم هذه المشكلات مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية.
ختامًا عزيزتي، إذا كنت تستعدين لاستقبال طفلكِ، لا داعِ للقلق فقط عليكِ الاهتمام بالنظافة الشخصية قبل وبعد الولادة؛ لتجنب الإصابة بحمى النفاس، وسرعة استشارة طبيبك عند ارتفاع الحرارة بعد عملية الولادة.