نظل في حياتنا نركض ونجري ونصعد ونهبط، نقف لساعات طُوالٍ نعمل بِلا كَلل ولا ملل إلى أن يُداهمنا التعب، “لا استطيع التحرك، إني أتألم” هكذا تصيح رُكبَتنا مُعلِنة عن سَقَمِها، ومن أسَقامها خشونة الركبة.
ما هي خشونة الركبة؟ وما أعراضها؟ وما أسبابها؟ وهل لها علاج؟ هذا ما سوف نعرفه في هذا المقال.
ما هي خشونة الركبة؟
خشونة الركبة أو الفُصال العظمي (Knee osteoarthritis) هي نوع من التهاب المفاصل يحدث فيه تآكل الغضروف الهلالي الموجود بين عظمتي الركبة فيؤدي إلى احتكاك بين عظام المفصل وبعضها، مما ينتج عنه الإحساس بالألم والتورم وعدم القدرة على الحركة أحيانًا.
تحدث الخشونة في كل مفاصل الجسم ولكنها أكثر حدوثًا في مفصل الركبة، والورك، وأسفل الظهر، والرقبة.
ما هو الغضروف وكيف يحافظ على المفصل؟
الغضروف (cartilage) هو نسيج أملس مرن يبطن السطح الداخلي للعظام، ويمنع احتكاكها ببعضها كالوسادة. ولا يحتوي الغضروف على أي أوعية دموية أو أعصاب، ولكن يحصل على تغذيته من السائل الزلالي المحيط به.
عندما يبدأ في التآكل لا يشعر المريض بألم، فيتفاقم التلف الذي لا يقابله التئام، مما ينتج عنه احتكاك العظام ببعضها وصعوبة في تحريك المفصل والشعور بالألم.
الأعراض
لا يحدث تآكل الغضاريف وخشونة المفاصل من يوم وليلة ولكنه يتطور ببطء وقد يستغرق سنوات، وينجم عنه المزيد من الأعراض الآتية:
- الشعور بالألم مع الحركة وفي الحالات المتقدمة يتألم المريض وهو جالس.
- حدوث تصلب أو تيبس في مفصل الركبة عند الاستيقاظ من النوم، أو بعد الجلوس لفترة طويلة.
- الإحساس بالألم عند الضغط على المفصل، وعدم القدرة على تحريكه.
- أن تسمع صوت طقطقة المفصل عند الحركة؛ بسبب احتكاك العظام ببعضها.
- ظهور النتوءات العظمية التي تغير من شكل المفصل وتسبب المزيد من التورم والألم.
- تورم بالركبة نتيجة الالتهاب الزلالي والأنسجة المحيطة بالمفصل.
ماهي أسباب خشونة الركبة؟
تحدث خشونة الركبة في كل الأعمار ولكنها تزيد بعد سن الخامسة والأربعين، وتشير الدراسات الحديثة أن ٢٧ مليون شخص يعاني خشونة الركبة ومن بينهم الشباب.
من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة في السن الصغير:
- العمر:
تعد الشيخوخة هي السبب الرئيسي لخشونة الركبة؛ إذ مع تقدم العمر تقل قدرة الغضاريف على الالتئام، بالإضافة إلى ضعف العضلات المحيطة بالمفصل وزيادة الوزن مما يسبب الخشونة.
- الوزن:
إن مفصل الركبة يحمل كثيرًا من وزن الجسم؛ ومع زيادة الوزن يزيد الضغط على الركبتين.
- تشوهات المفصل:
ربما تحدث خشونة الركبة؛ نتيجة لتشوهات في المفصل في مرحلة الطفولة، فتتحول إلى خشونة فيما بعد.
- العوامل الوراثية:
قد يحدث بعض الطفرات الجينية التي تؤثر على تكوين بروتين الكولاجين في العديد من المفاصل ويترتب عليه حدوث الخشونة.
- الجنس:
تكون النساء أكثر عرضة للإصابة بخشونة الركبة من الرجال.
- الإجهاد المتكرر، والضغط على الركبة:
تحدث خشونة الركبة في الأشخاص الذي يقتضي عملهم الوقوف لساعات طويلة، وإجهاد مفصل الركبة باستمرار. بالإضافة إلى كثرة صعود ونزول الدَرج، والجلوس في وضع القرفصاء.
- ألعاب القُوى:
تؤدي ممارسة رياضة رفع الأثقال أو كرة القدم أو التنس أو الجري وحدوث الإصابات المتكررة، والكسور في منطقة الركبة إلى خشونة الغضاريف مع الوقت.
- الإصابة ببعض أمراض المفاصل:
مثل مرض التهاب المفاصل الروماتويدي، والتهاب الغشاء الزلالي، والنقرس،
وأيضًا بعض الاضطرابات الأيضية (فرط الحديد، أو زيادة هرمون النمو) قد ينجم عنها الخشونة.
الطرق التشخيصية لخشونة الركبة
- الفحص البدني المريض:
إذ يفحص الطبيب المفصل المصاب ليظهر أي تورم، أو احمرار، أو تيبس.
- إجراء الاختبارات التصويرية:
- الأشعة السينية X-rays:
لا تُظهر الأشعة السينية تآكل الغضروف، ولكن يُستدل عليه باقتراب عظمتي المفصل من بعضهما البعض، كما تبين ظهور النتوءات العظمية.
- الرنين المغناطيسي:
تُظهر أشعة الرنين المغناطيسي الغضروف وكل الأنسجة المحيطة به، لذا يُفضل استخدامها في الحالات الشديدة التي يُصعب تشخيصها.
- الاختبارات المعملية:
- اختبار الدم غالبًا يطلبه الطبيب لاستبعاد مرض الروماتويد، والنقرس.
- سحب عينة من سائل المفصل (السائل الزلالي)، وفحصها لمعرفة نوع الالتهاب.
علاج خشونة الركبة
تعد الخشونة من الأمراض المزمنة التي تُصاحب المريض بقية حياته، إذ لا يعود المفصل كالسابق، ولكن لا داعي للقلق.
إذ بإمكاننا السيطرة على الأعراض المصاحبة ومنع تفاقمها.
تشمل العلاجات الرئيسية لخشونة الركبة:
- تغيير نمط الحياة مثل نقص الوزن وممارسة الرياضة.
- العلاج الدوائي لتخفيف الألم.
- بالإضافة إلى العلاج الداعم لجعل الأنشطة اليومية أيسر.
- أما العلاج الجراحي فيكون في حالة فشل العلاجات الأخرى، فيلجأ الطبيب إلى إصلاح المفصل، أو استبداله.
1. الحفاظ على الوزن الصحي
يساعد نقص الوزن على تخفيف الضغط على مفصل الركبة، وتخفيف الأعراض والالتهاب الناتج عن الخشونة.
بالإضافة إلى أنه يساهم في الحماية من المشاكل الصحية الأخرى مثل ارتفاع ضغط الدم ومرض السكر، وأمراض القلب.
2. ممارسة الرياضة
تساهم الرياضة في تقوية العضلات المحيطة بالمفصل، وتقليل الضغط على الغضروف، وسهولة الحركة.
من الأنشطة الرياضية المناسبة لمرضى الخشونة المشي والسباحة واليوجا وتمارين خشونة الركبة التي يوصي بها الطبيب.
3. العلاج الدوائي
أسيتامينوفين (الباراسيتامول): يساعد على علاج التهاب المفاصل الخفيف إلى المتوسط، ولكن الجرعات الكبيرة منه قد تسبب تليف الكبد.
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية المضادة للالتهاب (المسكنات): فمنها لا يستلزم وصفة طبية مثل ايبوبروفين، ونابروكسين الصوديوم، فهي تخفف من ألم التهاب المفاصل.
أما مضادات الالتهاب غير الستيرويدية القوية فتستلزم وصفة طبية.
يوجد أيضا منه دهانات موضعية تخفف من الالتهاب، وتقلل الألم ولا يكون لها آثار جانبية مصاحبة.
- كريم كابسيسين: يصفه الطبيب في حالة لم تجدي الدهانات اللاستيرودية، فهو يغلق النهايات العصبية المسببة للألم في منطقة المفصل، ولكن يجب استخدامه شهر على الأقل للحصول على الفائدة.
- دواء دولوكستين (سيمبالتا): هو دواء يُستخدم في علاج الاكتئاب، وثُبت فاعليته في علاج الالتهابات المزمنة مثل خشونة الركبة.
- حقن الكورتيزول:
هو نوع من الكورتيزون المُصنع والذي يمكن حقنه في المفصل المصاب تحت تأثير المخدر الموضعي.
إذ يفيد في الحالات التي لا تجدي معها الطرق الأخرى، كما إنه يخفف الألم لعدة أسابيع أو أشهر.
- حَقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية، ولكن كما تقول بعض الدراسات أن فاعليتها كالعلاج الوهمي وليس لها تأثير مخفف للألم.
- حَقن الهيالورونيك أسيد في المفصل (حقن الزيت)، تساعد على استعادة اللزوجة داخل المفصل ويحفظ نمو الغضاريف، ولكن تشير بعض الأبحاث إلى تأثيره الضعيف في تخفيف الألم بالإضافة إلى مخاطر أعراضه الجانبية.
- دواء الجلوكوزامين والكوندرويتين من المكملات الغذائية التي كانت تُوصف كمعالجة طبيعية للغضاريف ولكن لا يوجد دليل قوي على فاعليتها.
4. العلاجات الداعمة أو ما يسمى بالعلاج الطبيعي
- الكمادات الساخنة أو الباردة بوضعها على مفصل الركبة فتساعد على تخفيف الألم.
- استخدام جهاز التحفيز الكهربي العصبي عن طريق الجلد: هو جهاز يرسل نبضات كهربائية تساعد على تخدير النهايات العصبية في الحبل الشوكي التي تتحكم في الألم؛ مما يخفف الألم الناجم عن التهاب المفاصل.
- ارتداء الأحذية الطبية وذات النعال الممتصة للصدمات، إذ تساعد على تخفيف الضغط على المفاصل في أثناء المشي، وتوزيع الوزن بالتساوي.
- في حالة عدم القدرة على الحركة في إحدى القدمين فربما تحتاج عصا كأداة مساعدة على المشي.
- استخدام الجبيرة الداعمة لإراحة المفصل المؤلم.
- يساعد المعالج المريض على ابتكار طرق جديدة لممارسة مهامه اليومية؛ دون الضغط على المفصل
- العلاج اليدوي هو تقنية يستخدم فيها اختصاصي العلاج الطبيعي يده لتمديد أنسجة الجسم وتدليكها للحفاظ على مرونة المفاصل وحركتها.
5. العلاج الجراحي
ربما يُتطلب التدخل الجراحي في الحالات الصعبة التي لا يجدي معها العلاجات الأخرى، ومن جراحات خشونة الركبة ما يلي:
- استبدال المفصل بآخر صناعي مصنوع من مواد بلاستيكية ومعدنية خاصة، الذي يستمر لمدة قد تصل إلى ٢٠ عاما.
- إجراء عملية تثبيت المفصل Joint fusing وهي عملية إزالة الغضروف والنهايات العظمية المتضررة وتثبيت عظام المفصل ببعضها،
مما يسهل في الحصول على مفصل قوي دون ألم، ولكن يتوقف حركته نهائيًا.
- إزالة أو إضافة أجزاء عظمية للمفصل تسمى osteotomy وتهدف إلى عدم ضغط الجسم على الجزء التالف من الركبة.
6. العلاج البديل أو التكميلي
يلجأ بعض المرضى إلى العلاجات البديلة مثل الوخز بالإبر، وحقن محلول ملحي في المفصل ولكن لم يُثبت فعاليتها ولا يُنصح بها.
وفي الختام عزيزي مريض خشونة الركبة، أود أن تطمئن ولا تخضع للألم، تحرك بانتظام فكما يقولون “الحركة بركة” ولكن استمع لجسمك، وتخير أي الحركات أكثر راحة لك واتبع نصائح الطبيب، دمت صحيحًا سعيدًا.