شلل الأعصاب القحفية مصطلح يضم بين طياته عديد من الأمراض والأعراض المختلفة، إذ تختلف الأسباب والأعراض التي ترتبط بكل عصب. للتعرف على شلل الأعصاب القحفية، تابع معنا هذا المقال.
ما الأعصاب القحفية؟
تتكون الأعصاب القحفية من 12 زوجًا من الأعصاب، تربط الدماغ بأجزاء مختلفة من الرأس والعنق والجذع، ويُسمى كل عصب حسب وظيفته أو هيكله.
تُرقم الأعصاب القحفية بالأرقام الرومانية بدءًا من (Ⅰ) حتى (ⅩⅡ)، ويعتمد هذا الترقيم على ترتيب الأعصاب القحفية من الأمام إلى الخلف.
تصنف الأعصاب القحفية إما حسية أو حركية أو مختلطة، وترتبط الأعصاب الحسية بالحواس مثل الشم والسمع واللمس، أما الأعصاب الحركية فتتحكم في حركة العضلات والغدد ووظائفها.
الأعصاب القحفية بالترتيب
يستخدم العلماء الأرقام الرومانية من الأول (Ⅰ) حتى الثاني عشر (ⅩⅠⅠ) في تسمية الأعصاب القحفية، وترتيب الأعصاب القحفية هو:
- العصب الشمي (Ⅰ).
- العصب البصري (Ⅱ).
- المحرك للعين (Ⅲ).
- العصب البكري (Ⅳ).
- عصب ثلاثي القوائم (Ⅴ).
- العصب المبعد (Ⅵ).
- الوجهي (Ⅶ).
- العصب الدهليزي القوقعي (Ⅷ).
- البلعومي اللساني (Ⅸ).
- العصب المُبهم (Ⅹ).
- عصب إضافي (ⅩⅠ).
- عصب تحت اللسان (ⅩⅠⅠ).
ما شلل الأعصاب القحفية؟
شلل الأعصاب القحفية هو نقص وظيفة الأعصاب، فقد يسبب شلل الأعصاب القحفية ضعفًا كليًا أو جزئيًا، أو شللاً تامًا في المناطق التي تغذيها الأعصاب المصابة.
في حالة شلل الأعصاب القحفية متعددة الوظائف مثل العصب المحرك للعين، فقد تتأثر جميع الوظائف التي يقوم بها أو بعضها فقط وفقًا لسبب الإصابة.
أسباب شلل الأعصاب القحفية
تتنوع أسباب حدوث شلل الأعصاب القحفية، فقد يكون خلقيًا أي موجودًا عند الولادة، أو بسبب أمراض الأوعية الدموية مثل ارتفاع ضغط الدم، والسكري، والسكتات الدماغية، وتمدد الأوعية الدموية.
كذلك قد يحدث نتيجة العدوى أو الصداع النصفي أو الأورام أو ارتفاع الضغط داخل الجمجمة.
تُوجه بعض العوامل مثل العمر والحالة الطبية وتفاصيل الأعراض الطبيب نحو الاختبارات التشخيصية الصحيحة اللازمة لتحديد سبب الشلل.
العصب القحفي الأول
يسمى العصب القحفي الأول “العصب الشمي”، وينقل المعلومات التي تتعلق بحاسة الشم إلى الدماغ.
فعندما يستنشق الشخص جزيئات العطر، ترسل المستقبلات الشمية الموجودة في الممر الأنفي النبضات إلى التجويف القحفي، وتنتقل بعد ذلك إلى البصيلة الشمية.
تنتقل النبضات من البصيلة الشمية إلى السبيل الشمي، الذي يقع أسفل الفص الجبهي للدماغ، ثم إلى مناطق في الدماغ معنية بالذاكرة والتعرف على الروائح.
شلل العصب القحفي الأول
السبب الأكثر شيوعًا الذي يسبب شلل العصب الشمي هو الصدمة التي تصيب المناطق الجانبية والقذالية مثل كسر العظم الغربالي، وقد يحدث بسبب الورم السحائي أو عدوى التهاب السحايا.
وتتمثل أعراض الشلل في فقدان حاسة الشم.
العصب القحفي الثاني
يطلق على العصب القحفي الثاني اسم العصب البصري، وينقل العصب البصري المعلومات التي تتعلق بالرؤية إلى الدماغ.
عندما يدخل الضوء إلى العين، فإنه يلامس مستقبلات خاصة في شبكية العين تسمى القضبان والمخاريط، وهي المستقبلات الضوئية التي تترجم إشارات الضوء إلى المعلومات المرئية.
تنتقل المعلومات التي تتلقاها القضبان والمخاريط من شبكية العين إلى العصب البصري. وبمجرد دخول الجمجمة، يلتقي طرفا العصب البصري ليكونا التصالب البصري.
ثم تتجه الألياف البصرية إلى القشرة البصرية الأولية في الفص القذالي في الجزء الخلفي من الدماغ، وهو المكان الذي يتعامل فيه الدماغ مع المعلومات المرئية.
شلل العصب البصري
تسبب بعض العوامل حدوث شلل العصب البصري، ومنها:
- الجلوكوما، أو ارتفاع ضغط العين.
- الالتهابات الفيروسية مثل الحصبة أو النكاف.
- الأورام مثل الورم الدبقي أو ورم الغدة النخامية.
- ارتفاع الضغط داخل الجمجمة.
- نقص فيتامين “ب 12”.
أعراض شلل العصب البصري
الأعراض الشائعة عند تلف العصب البصري هي تشوه الرؤية أو فقدان الرؤية أو احمرار العين، أو وجود ألم عند تحريك العين.
وقد تتشابه هذه الأعراض مع أمراض العيون الأخرى، لذلك يلزم التشخيص عند أخصائي طبي مؤهل.
العصب القحفي الثالث
يسمى العصب القحفي الثالث “العصب المحرك للعين”، ويقوم بوظيفتين حركيتين مختلفتين وهما: تحريك عضلات العين، واستجابة بؤبؤ العين.
تحريك العضلات: يغذى العصب الثالث أربع عضلات من العضلات الست الموجودة حول العين، وتساعد هذه العضلات العين على الحركة والتركيز على الأشياء.
استجابة بؤبؤ العين: يساعد على التحكم في حجم بؤبؤ العين عند التعرض للضوء، إذ تضيق الحدقة تلقائيًا عندما يكون الضوء ساطعًا للسماح بدخول ضوء أقل إلى العين، وعندما يحل الظلام ترتخي العضلات للسماح بدخول مزيد من الضوء للعين.
شلل العصب القحفي الثالث
تتسبب بعض العوامل في حدوث شلل العصب المحرك للعين، ومنها:
- نقص تروية الأوعية الدموية.
- ورم داخل الجمجمة.
- النزيف.
- عوامل وراثية.
- إصابة العصب.
أعراض شلل العصب القحفي الثالث
يقوم العصب القحفي الثالث بدور حيوي في تحريك العين، ولذا تحدث كثير من الأعراض عند إصابته، ومنها:
- تدلي الجفون: بسبب شلل العضلة الفوقية الرافعة للجفن.
- ثبات بؤبؤ العين: يصبح بؤبؤ العين ثابتًا ومتوسعًا، بسبب شلل العضلة العاصرة للحدقة.
- الرؤية المزدوجة.
- الانحراف البصري.
العصب القحفي الرابع
يسمى العصب القحفي الرابع “العصب البكري”، ويشارك في تحريك العين.
يغذي العصب البكري العضلة المائلة العلوية، المسؤولة عن تحريك العين إلى أسفل أو إلى الخارج أو الداخل.
يخرج العصب البكري من الجزء الخلفي من الدماغ المتوسط، مثل العصب المحرك للعين، ويتحرك للأمام حتى يصل إلى تجويف العين.
شلل العصب القحفي الرابع
تحدث معظم الحالات بسبب عوامل وراثية، ولكن تظهر الأعراض في مرحلة البلوغ. وقد يحدث بسبب إصابة في مقدمة الرأس، وتُعد سبب شائع لحدوث شلل العصب البكري المزدوج.
أعراض شلل العصب الرابع
يشتكي المرضى المصابون بشلل العصب البكري من ازدواج الرؤية الرأسي، ووضعية غير طبيعية للرأس، إذا يلجأ المريض إلى إمالة رأسه للتعويض عن ازدواج الرؤية.
وقد يشتكي أيضًا من الحول في العين المصابة، وعدم تناسق الوجه.
العصب القحفي الخامس
يطلق على العصب القحفي الخامس اسم العصب ثلاثي القوائم، وهو أكبر الأعصاب القحفية وله وظائف حسية وحركية.
يتكون الجزء الحسي من العصب ثلاثي القوائم من ثلاث أجزاء، تتصل بمواقع المستقبلات الحسية على الوجه، وهي:
جزء عيني: مسؤول عن توصيل الإحساس إلى العين أو بعض ما يحيط بها مثل القرنية، والجفن، والغشاء المخاطي في الأنف والجبهة.
الجزء العلوي: مسؤول عن توصيل الإحساس إلى الثلث الأوسط من الوجه، وجانب الأنف والأسنان العلوية، والجفن السفلي.
الجزء السفلي: مسؤول عن توصيل الإحساس إلى الثلث السفلي من الوجه، ويشمل اللسان، والغشاء المخاطي في الفم، والأسنان السفلية.
ألم العصب القحفي الخامس
يعد ألم العصب ثلاثي القوائم من الاضطرابات الشائعة، يأتي على صورة نوبات خفيفة وقصيرة في البداية، ولكن قد يتطور ليصبح ألمًا حارقًا ويدوم مدة أطول.
يحدث بسبب تلامس العصب ثلاثي القوائم مع وعاء دموي (شريان أو وريد) في قاعدة الدماغ، ويضغط هذا التلامس على العصب مما يؤدي إلى حدوث خلل في وظيفة العصب.
قد يحدث ألم العصب الخامس نتيجة الشيخوخة، أو التصلب المتعدد، أو ورم يضغط على العصب.
أعراض شلل العصب الخامس
تأتي أعراض ألم العصب الخامس على صورة نوبات وخزية من الألم الشديد، قد تشبه الصدمة الكهربية، وقد تستمر هذه النوبات مدة ثوانٍ أو أسابيع وشهور حسب شدة الحالة.
ألم في المناطق التي يغذيها العصب الخامس مثل الخد واللثة، والأسنان والشفتين والعينين، ويشمل العين والجبهة في معظم الأحيان.
العصب القحفي السادس
يسمى أيضًا “العصب المُبَعِد”، ويشارك في تحريك العين، من خلال تغذية العضلة المستقيمة الجانبية التي تساهم في حركة العين الخارجية.
يخرج العصب المبعد من منطقة الجسر في جذع المخ، ليصل في النهاية إلى محجر العين.
شلل العصب القحفي السادس
هناك عديد من العوامل التي قد تعطل وظيفة العصب القحفي السادس، ومنها:
- الإصابة (خاصة عند وجود كسر في الجمجمة).
- العدوى الفيروسية.
- ورم في المخ.
- التهاب العصب بعد التطعيم.
- التصلب المتعدد.
- أمراض تسبب ارتفاع الضغط داخل الدماغ مثل التهاب السحايا.
أعراض شلل العصب السادس
قد يؤثر شلل العصب السادس في إحدى العينين أو كليهما اعتمادًا على السبب. وأكثر الأعراض شيوعًا هي الرؤية المزدوجة، وقد يحدث الحول أيضًا.
العصب القحفي السابع
أو “العصب الوجهي”، وله وظائف حسية وحركية. يتكون العصب السابع من أربع نَوًى وتؤدي وظائف مختلفة، ومنها:
- حركة العضلات المسؤولة عن تعابير الوجه.
- تغذية الغدد اللعابية، والغدد الدمعية.
- توصيل الإحساس للأذن الخارجية.
- الإحساس بالتذوق لمعظم اللسان.
شلل العصب السابع
يسبب تلف العصب السابع فقدان حركة الوجه أو ضعف عضلات الوجه، وقد يؤثر في أحد جانبي الوجه أو كليهما، وتشمل الأسباب الشائعة لشلل العصب الوجهي ما يلي:
- عدوى أو التهاب في العصب الوجهي.
- إصابة في الرأس.
- ورم في الرأس أو الرقبة.
- السكتة الدماغية.
أعراض شلل العصب السابع
يمثل شلل الوجه مصدر قلق، إلا أنه لا يعني دائمًا الإصابة بالسكتة الدماغية. إذ يحدث بسبب شلل الوجه النصفي (Bell’s palsy) في معظم الحالات، ومن أعراضه ما يلي:
- فقدان السيطرة على الجانب المصاب.
- تدلي الفم باتجاه الجانب المصاب.
- تغير حاسة التذوق، وسيلان اللعاب.
- صعوبة الأكل والشرب.
العصب القحفي الثامن
يسمى أيضًا “العصب الدهليزي القوقعي”، ومسؤول عن وظائف حسية مثل السمع والتوازن، ويتكون من جزأين وهما:
الجزء الدهليزي: يساعد هذا الجزء الجسم على الشعور بالتغيرات التي تتعلق بالجاذبية، ويستخدم الجسم هذه المعلومات للحفاظ على توازن الجسم.
الجزء القوقعي: يساعد على السمع، إذ تهتز الخلايا الداخلية المتخصصة استجابةً للصوت، وتحدد حجم الصوت وتردده.
التهاب العصب الثامن
يعتقد الباحثون أن السبب الأكثر شيوعًا لحدوث التهاب العصب الدهليزي القوقعي هو عدوى فيروسية في الأذن الداخلية. وقد يحدث أيضًا بسبب وجود تورم حول العصب ناجم عن عدوى فيروسية.
أو بسبب حدوث عدوى فيروسية في مناطق مختلفة من الجسم مثل فيروس الهربس غير التناسلي، والحصبة، والإنفلونزا، والنكاف، والتهاب الكبد الفيروسي، وشلل الأطفال.
أعراض التهاب العصب الثامن
تتضمن أعراض التهاب العصب الثامن ما يلي:
- الدوار المفاجئ الشديد.
- صعوبة الحفاظ على توازن الجسم.
- الغثيان والقيء.
- صعوبة التركيز.
العصب القحفي التاسع
يسمى أيضًا “العصب البلعومي اللساني”، وله وظائف حسية وحركية، ومنها:
- توصيل الإحساس إلى الجيوب الأنفية، والجزء الخلفي من الحلق، وأجزاء من الأذن الداخلية.
- الإحساس بالتذوق في الثلث الأخير من اللسان.
- مسؤول عن الحركة الإرادية لعضلة في مؤخرة الحلق تسمى الإبرية البلعومية.
ينشأ العصب البلعومي اللساني من النخاع المستطيل، ليمتد في النهاية إلى منطقة العنق والحلق.
شلل العصب التاسع
يحدث شلل العصب البلعومي اللساني بسبب ضغط وعاء دموي (شريان أو وريد) على العصب، وفي معظم الأحيان يكون مجهول السبب.
ومن أعراضه فقدان رد الفعل البلعومي (gag reflex)، وفقدان الإحساس بالتذوق في الثلث الأخير من اللسان، وعسر البلع.
العصب القحفي العاشر
يسمى أيضًا “العصب المبهم”، وهو عصب حيوي مسؤول عن وظائف حسية وحركية متنوعة، ومنها:
- توصيل الإحساس إلى الجزء الخارجي من الأذن، وأجزاء من الحلق، وكذلك إلى أعضاء في منطقة الصدر والجذع مثل القلب والأمعاء.
- يلعب دورًا في الإحساس بالتذوق.
- تحفيز العضلات في منطقة الصدر والجذع، خاصةً التي تنقل الطعام عبر الجهاز الهضمي.
يمتلك العصب المبهم أطول مسار من بين جميع الأعصاب القحفية، إذ يمتد من الرأس إلى البطن.
شلل العصب العاشر
يحدث الشلل لأسباب متنوعة مثل مرض السكري، أو إصابة العصب، أو تمدد الأوعية الدموية الأبهري، أو التهاب العصب.
ومن أعراضه صعوبة التحدث أو فقدان الصوت، اضطراب ضربات القلب، الغثيان والقيء، تغير في ضغط الدم.
العصب القحفي الحادي عشر
يسمى أيضًا “العصب الإضافي أو الملحق”، ويتحكم في عضلات الرقبة، ويتكون من جزأين جزء قحفي وجزء فقري، وينشأ الجزء القحفي من النخاع المستطيل.
يتحد الجزء القحفي من العصب الإضافي مع العصب المبهم.
العصب القحفي الثاني عشر
يسمى أيضًا عصب تحت اللسان، وهو المسؤول عن حركة معظم عضلات اللسان، ويبدأ في النخاع المستطيل وينزل إلى الفك، ليصل إلى اللسان.
شلل العصب القحفي الثاني عشر
يكون شلل عصب تحت اللسان مجهول الأسباب في معظم الأحيان، وتشمل أعراضه انحراف اللسان إلى الجانب المصاب، والعجز عن تحريك الجانب المصاب.
يشكو معظم المرضى من صعوبة الكلام، بينما يشكو عدد قليل من صعوبة الأكل.
تشخيص شلل الأعصاب القحفية
تشخص اضطرابات عصب تحت اللسان عن طريق:
- التصوير بالرنين المغناطيسي(MRI).
- أحيانًا عن طريق البَزل القَطني (spinal tap).
عادةً ما يجرى التصوير بالرنين المغناطيسي للبحث عن ورم أو دليل على وجود السكتة الدماغية، أما البزل النخاعي (القَطني) فيكون ضروريًا إذا كانت هناك احتمالات للعدوى أو السرطان.
علاج شلل الأعصاب القحفية
يختلف علاج شلل الأعصاب القحفية تبعًا للعصب المصاب، إذ يقوم الطبيب بمجموعة من الاختبارات والفحوصات للتأكد من إصابة عصب معين، لتبدأ رحلة العلاج التي تختلف من عصب لآخر.
وختامًا عزيزي القارئ، فإن أعراض شلل الأعصاب القحفية تختلف من عصب لآخر، وبناءًا عليه تختلف الخطورة من حالة إلى أخرى، ولكن علاجات شلل الأعصاب القحفية تطورت كثيرًا في الحقبة الأخيرة.
اقرأ أيضًا
التهاب الشغاف | أسبابه وأعراضه وطرق علاجه