د. أسماء علي
ما أصعب هذه الأعراض! أشعر بالحمى وألم في البطن والظهر وعديدٍ من الأعراض المؤلمة، شخَّص الطبيب معاناتي صديد الكلى بمساعدة الأشعة الطبية.
أعاني منذ فترة وجود الحصوات، والتهابات مجرى البول، أعترف أنني أهملت علاجي، هل هذا السبب؟
أريد فقط الشفاء الآن، حقًا الصحة كنز لا يفنى.
ما هو صديد الكلى؟ وما أسبابه، وأعراضه، وبم يعالج؟
هذا هو موضوع مقالنا -عزيزي القارئ- لكن لنتعرف أولًا إلى الجهاز البولي، ووظائف الكلى.
الجهاز البولي
يتكون الجهاز البولي من:
- كليتين.
- حالبين.
- المثانة البولية.
- مجرى البول.
تشبه الكليتان حبة الفاصوليا، وتوجد أسفل الضلوع على جانبي العمود الفقري.
تفلتر الكلى الدم على مدار اليوم دون توقف.
تمثل الكلى المصفى الرئيسي في الجسم، إذ تفلتر يوميًا ما يقرب من ١٥٠ لترًا من الدم؛ وتتخلص من الماء الزائد والفضلات (يصل إلى ٢ لتر يوميًا في البول)، ليمر من خلال الحالبين إلى المثانة البولية، ومن ثمّ إلى مجرى البول.
لا تمثل فلترة الدم الوظيفة الوحيدة للكلى، إذ تعد الكلى مصنعًا كيميائيًا مسؤولًا عن عدة وظائف، منها:
- توازن سوائل الجسم.
- المحافظة على المستويات الطبيعية للمعادن.
- التخلص من فضلات الطعام والأدوية في البول.
- تنظيم ضغط الدم.
- تفرز فيتامين د النشط؛ لذا تحافظ على صحة العظام.
- المحافظة على إنتاج كرات الدم الحمراء.
بعد أن ألقينا بعضًا من الضوء على الجهاز البولي ووظائف الكلى، لنبدأ حديثنا عن صديد الكلى.
ما صديد الكلى؟
يتجمع الصديد نتيجة عدوى بكتيرية في منطقة مجوفة في الجسم تسمى بالخرّاج الكلوي، الذي يعد من مضاعفات التهاب الكلى.
أسباب صديد الكلى
من أهم أسباب صديد الكلى وتكوُّن الخرّاج الكلوي، البكتيريا التي تنتقل إلى الكلى بإحدى الطرق الآتية:
- التهابات المسالك البولية التي تبدأ في المثانة، ثم تنتشر إلى أعلى لتصل البكتيريا إلى الكلى مكونةً الخرّاج الكلوي والصديد.
- كذلك يمكن أن تنتقل العدوى إلى الكلى عن طريق الدم، وتنتشر البكتيريا إلى أنسجة الكلى.
- جراحة المسالك البولية والجهاز التناسلي.
تكوّن الحصوات من أهم العوامل التي تزيد من خطر حدوث صديد الكلى؛ فانسداد مجرى البول ومنع تدفقه إلى الخارج، يوفر بيئة مناسبة لنمو البكتيريا.
تحدث ثلثي الخرّاجات الناتجة من البكتيريا سالبة الجرام لمن لديهم حصوات.
يعاني أيضًا من ٢٠ إلى ٦٠٪ ممن لديهم الخرّاج الكلوي، حصوات الكلى.
من أهم العوامل الأخرى التي تساعد على تكوّن الخرّاج ما يلي:
- التهاب مجرى البول.
- مرض السكري.
- الحمل.
- المثانة العصبية.
- الارتجاع المثاني الحالبي في الأطفال (Vesicoureteral reflux).
- تعاطي المخدرات عن طريق الوريد.
أعراض صديد الكلى
يبدأ الخراج الكلوي غالبًا بأعراض غير محددة، إذ يأتي المريض بأعراض تشبه أعراض التهاب الكلى الحاد، مثل:
- ارتفاع درجة الحرارة.
- رعشة.
- قيء وغثيان.
- مغص وألم في البطن أو الخاصرة.
- ألم في الظهر.
- ألم في أثناء التبول.
- الرغبة المتكررة للتبول.
- إجهاد عام.
- نقص الوزن.
يمكن أن يوجد تاريخ مرضي غالبًا من عدوى الجلد، والتهاب مجرى البول المتكرر.
يجب علاج صديد الكلى عاجلًا؛ منعًا لانتشار وتفاقم العدوى في الدم.
يحمي العلاج أيضًا من المضاعفات التي ربما تصيب الكلى، مثل: الفشل الكلوي (Renal failure)، والوفاة.
تشخيص صديد الكلى
من الأمور التي تستخدم في التشخيص:
التاريخ المرضي والأعراض
تساعد أعراض المريض وتاريخه المرضي على توجيه الطبيب إلى التشخيص.
ربما يتشابه التشخيص مع التهاب الكلى.
لكن استمرار ارتفاع درجة الحرارة بعد ٤-٥ أيام من استخدام المضادات الحيوية المناسبة لالتهاب الكلى، يوجِّه الطبيب إلى تشخيص صديد الكلى.
الفحوصات المعملية
يمكن إجراء الفحوصات التالية لتأكيد التشخيص، مثل:
- مزرعة البول (Urine Culture)
لتحديد نوع البكتيريا الموجودة، واختيار المضاد الحيوي الأنسب لها.
ربما تكون مزرعة البول سلبية في الخراج الكلوي؛ لذا التصوير بالأشعة الطبية مهم تجنبًا للتشخيص الخاطئ.
- مزرعة الدم (Blood culture)
إذ يمكن أن يكون السبب الانتشار الدموي من مكان العدوى.
- تحليل البول (Urinalysis)
إذ يمكن أن تظهر كرات الدم البيضاء، ونسبة الصديد ولكن يمكن ألّا يظهر الصديد في خراج الكلى، إذا لم يكن هناك اتصال بين مكان الخراج والبول.
- الأشعة الطبية
مثل: التصوير بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound)، والأشعة المقطعية للبطن (CT Scan).
استخدام الأشعة مهم جدًا في تشخيص الخراج الكلوي.
أيضًا، استبعاد باقي التشخيصات الأخرى الممكنة من أهم الأمور التي تساعد على تسهيل التشخيص بالخراج الكلوي.
علاج صديد الكلى
يعالج الخراج الكلوي من خلال عدة طرق، وتتمثل في:
تفريغ وتصريف الخراج
يعد التخلص من الصديد وتفريغ الخراج، الركن الأساسي في العلاج.
استخدام المضادات الحيوية
تستخدم المضادات الحيوية بجانب تصريف الخراج لمنع حدوث التسمم (Sepsis)، والحد من انتشار العدوى.
في البداية، تستخدم المضادات الحيوية التجريبية.
لكن يجب أن يشمل العلاج بالمضادات الحيوية في هذه الحالة كل أنواع البكتيريا التي يمكن أن تسبب الخراج، ومن أهمها:
البكتيريا سالبة الجرام (Gram -ve)
مثل: سيفيبيم (Cefepime)
وبيبراسيللين تازوباكتام (Piperacillin Tazobactam).
البكتيريا العنقودية (Staphylococcal Bacteria)
مثل: سيفازولين (Cefazolin).
تصمّم الخطة العلاجية للمضادات الحيوية بعد ذلك بناءً على نتائج المزرعة، ويجب استكمال المدة الموصوفة للعلاج.
كذلك يمكن أن تشتمل الخطة العلاجية على أدوية أخرى، مثل:
- الأدوية المسكنة للآلام.
- الأدوية المضادة للقيء والغثيان.
صديد الكلى في الأطفال
من النادر حدوثه في الأطفال، لكن يجب عدم استبعاده أيضًا في حالات ارتفاع درجة الحرارة، وآلام البطن والخاصرة، رغم تشابه أعراضه مع أمراض أخرى.
هنا تأتي أهمية التشخيص بالأشعة المقطعية، والموجات فوق الصوتية.
كما ذكرنا أيضًا من عوامل خطر الإصابة وجود الارتجاع المثاني الحالبي في الأطفال؛ لذلك يجب ألّا نغفل عن تشخيصه.
كذلك يعاني الأطفال أحيانًا التهاب المسالك البولية؛ لذا يجب علاجها فورًا لكي لا تُسبب التهاب الكلى، فمن مضاعفاته حدوث خراج الكلى.
صديد الكلى ومرض السكري
من العوامل التي تزيد من فرصة حدوث التهابات المسالك البولية مرض السكري.
في الغالب لا تختلف استراتيجية العلاج لالتهابات مجرى البول عند وجود مرضى السكري، لكن ربما تزيد المدة العلاجية.
يجب الحرص على علاج التهاب الكلى، فمرض السكري يزيد فرصة حدوث مضاعفات التهاب الكلى، فيمكن أن يؤدي إلى صديد الكلى وغيره من المضاعفات.
نصائح للوقاية من التهاب وصديد الكلى
من أهم الأمور التي تساعد على الوقاية من التهاب الكلى والمسالك البولية، ومن ثَمّ منع مضاعفاتها، مثل وجود صديد الكلى ما يلي:
- شرب كمية كافية من الماء يوميًا بانتظام؛ يساعد على زيادة مرات التبول وطرد البكتيريا من مجرى البول.
- الحرص على النظافة جيدًا بعد التبول، من الأمام إلى الخلف.
- دخول الحمام عند الحاجة، وعدم حبس البول.
- دخول الحمام أيضًا بعد الجماع؛ يساعد على طرد البكتيريا من مجرى البول، وبالتالي الحد من حدوث العدوى.
ختامًا، عزيزي القارئ صديد الكلى من الأمراض الخطيرة، ويجب سرعة تشخيصها والالتزام الكامل بالأدوية، كي لا يتطور ويسبب مضاعفات جسيمة.
اقرأ أيضًا
المغص الكلوي | أسبابه وكيفية الوقاية وطرق علاجه