يسعد الآباء عند حمل أطفالهم الصغار للمرة الأولى، ويتمنون لهم حياة مليئة بالحب والسعادة. لكن ماذا إذا كانت هذه السعادة مشوبة بالحزن واليأس؟ هذا ما يحدث عند ولادة الطفل بمرض نادر يلازمه طوال حياته، مثل متلازمة كليبل فيل.
سنتحدث في هذا المقال عن أعراض متلازمة كليبل فيل، وأسبابها، وطرق التشخيص والعلاج.
ما هي متلازمة كليبل فيل (Klippel-Feil Syndrome)؟
تُعرف أيضًا بمتلازمة قصر الرقبة.
هي اضطراب هيكلي نادر يسبب اندماج فقرتين أو أكثر من فقرات العمود الفقري في الرقبة، ويكون موجودًا منذ الولادة.
ينتج هذا الاندماج الفقري ثلاث سمات أساسية، وهي: الرقبة القصيرة، وخط شعري المنخفض في مؤخرة الرأس، ونطاق حركة محدود في الرقبة.
أقل من نصف الأفراد المصابين لديهم الثلاث سمات، بينما معظم المصابين لديهم سمتين فقط.
شيوعها
تحدث متلازمة كليبل فيل ف 1 من 40000 إلى 42000 مولودًا جديدًا في جميع أنحاء العالم.
تتأثر الإناث أكثر من الذكور.
تصنيف متلازمة كليبل فيل
تُصنف المتلازمة إلى ثلاث أنواع أساسية، وهي:
- الأول: اندماج معظم أو كل فقرات العنق.
- الثاني: اندماج فقرتين فقط من فقرات العنق.
- الثالث: اندماج في الجزء الصدري أو القطني من العمود الفقري، بالإضافة إلى النوع الأول أو الثاني.
أسباب متلازمة كليبل فيل
تحدث متلازمة كليبل فيل بسبب طفرات في جينات GDF6 أو GDF3 أو MEOX1 التي تشارك في النمو السليم للعظام.
يعد جين GDF6 مسؤولًا عن إنتاج بروتينًا ضروريًا لتكوين العظام والمفاصل، بينما ينتج جين GDF3 بروتينًا يشارك في نمو العظام.
ينتج جين MEOX1 بروتينًا يسمى Homeobox MOX-1، ويعد هذا البروتين مسؤولًا عن العملية التي تبدأ في فصل الفقرات عن بعضها.
عندما تكون متلازمة كليبل فيل سمة لاضطراب آخر، فإنها تحدث بسبب طفرات في الجينات المرتبطة بالاضطراب الآخر.
الوراثة
عندما تحدث متلازمة كليبل فيل بسبب طفرات في جينات GDF6 أو GDF3 فإنها تُورث بطريقة جسدية سائدة، أي أن وراثة نسخة واحدة فقط من الجين المعيب تكفي لحدوث الاضطراب.
إذا كان أحد الزوجين مصاب بحالة وراثية جسدية سائدة، فهناك احتمال 50% أن يرث الأطفال هذه الحالة، لكن تختلف شدة الحالة عن والديهم.
عندما تحدث بسبب طفرات في جين MEOX1 فإنها تُورث بطريقة جسدية متنحية، أي أنه يجب وراثة كلا نسختي الجسم المعيب لحدوث الاضطراب.
إذا كان كلا الأبوين حاملًا لحالة وراثية جسدية متنحية، فهناك فرصة بنسبة 25% لإنجاب أطفال بهذه الحالة.
أعراض متلازمة كليبل فيل
تختلف الأعراض من شخص إلى آخر.
يعاني بعض الأشخاص أعراضًا أكثر من غيرهم، وتتراوح شدة الأعراض من خفيفة إلى شديدة.
من الأعراض الأكثر شيوعًا:
- اندماج فقرتين أو أكثر من فقرات العمود الفقري في الرقبة.
- خط شعر منخفض في مؤخرة الرأس.
- رقبة قصيرة.
- نطاق حركة الرقبة محدود.
- انحناء العمود الفقري (الجنف).
- اضطراب سبرينغيل (Sprengel’s deformity).
- تشوهات الجهاز العصبي المركزي.
- تشوهات الهيكل العظمي مثل الضلوع أو الأطراف.
- الصداع.
- آلام العضلات، ومشكلات في الأعصاب.
- إصابة العمود الفقري بعد صدمة خفيفة.
- عيوب الهيكل العظمي غير العمود الفقري.
تشخيص متلازمة كليبل فيل
يشمل التشخيص مجموعة من الاختبارات الجسدية والعصبية، واختبارات التصوير.
التاريخ الطبي
يراجع الطبيب الخلفية الطبية، والأعراض الظاهرة على المريض، وكذلك يسأل إذا وُجدت حالات مشابهة في الأسرة.
الفحص البدني
يحدد الطبيب في أثناء الفحص البدني مدى انتشار الحالة في الجسم، ويشمل:
- الرأس والعنق والكتفين ومناطق مختلفة من الجسم، لتحديد مكان وجود التشوهات.
- فحص الصدر.
- اختبار السمع.
اختبارات التصوير
- الأشعة السينية أو الأشعة المقطعية.
لفحص العظام، والبحث عن أي اندماج في الفقرات.
- التصوير بالرنين المغناطيسي.
لفحص الأنسجة الرخوة، وتحديد إذا كان هناك ضغط على الأعصاب والحبل الشوكي.
الاختبارات الجينية
تُفحص عينة من الحمض النووي، لتحديد وجود طفرة في الجينات، مثل: GDF3 أو GDF6 أو MEOX1.
التشخيص التفريقي
يُجرى لاستبعاد الحالات الأخرى التي تتشابه أعراضها مع أعراض هذه الحالة، مثل:
- التهاب الفقار اللاصق (Ankylosing spondylistis).
- التهاب المفاصل الروماتويدي عند الأطفال (Juvenile rheumatoid arthritis).
- جراحات العمود الفقري (Spinal surgeries).
- التهاب العظام (Osteomyelitis).
- متلازمة الرقبة النصية (Text neck syndrome).
علاج متلازمة كليبل فيل
لا يوجد علاج معروف لمتلازمة كليبل فيل.
يعتمد العلاج على إدارة الأعراض، والتحكم في الألم، ومنع تفاقم الاضطراب.
ترتبط خطة العلاج بالتاريخ الطبي، والأعراض والمضاعفات الظاهرة، ويمكن أن تتطلب الحالة تدخلًا جراحيًا.
خطة علاج غير جراحية
تشمل:
- العلاج الطبيعي.
- أدوية لتخفيف الألم، مثل: مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs).
- الجر الشوكي (Spinal traction).
- يوصى بتجنب الرياضيات والأنشطة التي تطلب احتكاك.
الجراحة
إذا كانت الأعراض شديدة، يمكن أن تتطلب جراحة لتقليل الألم ومنع حدوث المزيد من المضاعفات.
بعض الأعراض التي تتطلب الجراحة
- الأعراض العصبية مثل التنميل.
- عدم استقرار العمود الفقري في الرقبة.
- الضغط على الحبل الشوكي.
- حالات التواء العمود الفقري المعرضة لخطر التقدم.
- ألم لا يستجيب للعلاج غير الجراحي.
يشكل علاج وإدارة المرض تدخل عدة أطباء من مختلف التخصصات، مثل:
- طبيب وجراح أعصاب.
- جراح عظام.
- اختصاصي علاج طبيعي.
الرعاية الذاتية للمصابين بمتلازمة كليبل فيل:
- تعديل النشيط
تجنب الأنشطة التي تسبب زيادة الألم، مثل الرياضات العنيفة، والأنشطة التي تتطلب احتكاك.
- العلاج بالكمادات الدافئة أو الباردة
تعمل الكمادات الباردة على تقليل الالتهاب والألم، وتساعد الكمادات الدافئة على إرخاء العضلات.
- تجربة أنواع الوسائد المختلفة
تؤثر الوسائد في آلام الرقبة، لذا يُعد تجربة الوسائد ذات أحجام وأشكال مختلفة أمرًا مفيدًا، كما أن بعض الناس لا يفضلون استخدام وسائد.
- اليوجا
تساعد على تمدد وإرخاء العضلات، وتخفيف الآلام.
اضطرابات جينية أخرى
- اضطراب التراجع الذيلي (Caudal regression syndrome)
هو اضطراب خلقي نادر يحدث بسبب عوامل جينية أو بيئية، ويزداد معدل حدوثه في الأطفال المولودين لأمهات مصابات بمرض السكر.
يتميز اضطراب التراجع الذيلي بعدم تكون الجزء السفلي من العمود الفقري بشكل كامل، مما يؤثر في الأطراف، والجهاز البولي والتناسلي، والجهاز الهضمي.
- متلازمة كليبل-ترينوناي (Klippel-Trenaunay syndrome)
تُعرف أيضًا باضطراب كليبل ترينوناي ويبر (Klippel-Trenaunay-Weber Syndrome).
هي اضطراب خلقي نادر، ويحدث بسبب طفرات جينية تؤثر على نمو أنسجة الجسم.
تؤثر متلازمة كليبل-ترينوناي على الأوعية الدموية، والعظام، والجهاز اللمفاوي، وكذلك الأنسجة الرخوة كالجلد والعضلات.
يعتمد علاج كليبل-ترينوناي على التحكم في الأعراض الظاهرة، والوقاية من المضاعفات.
- متلازمة غورهام ستاوت (Gorham-Stout syndrome)
يعرف أيضًا بمرض تلاشي العظام.
وهي حالة نادرة غير وراثية تحدث بسبب غير معروف، ويمكن أن يحدث في أي فئة عمرية.
يعاني المصابون بهذه الحالة فقدان تدريجي للعظام ناتج عن نمو غير طبيعي في الأوعية اللمفاوية.
تؤثر متلازمة غورهام ستاوت على العظام والأنسجة المحيطة بها، لذا يجب معالجة المضاعفات الناتجة.
الاضطرابات الجينية مثل متلازمة كليبل فيل وغيرها غير متوقعة، ويمكن أن تؤثر على المصاب مدى الحياة، لذا يجب على المجتمع وأسرة المريض تقديم الدعم المناسب له ومساعدته، لكي يعيش حياة طبيعية بأقل مضاعفات ممكنة.
اقرأ أيضًا
متلازمة إهلرز دانلوس (Ehlers-Danlos syndrome)