“أرجوك لا تصف لي هذا الدواء” جملة نرددها كثيرًا، كلما ذهبنا إلى الطبيب، وكاد أن يصف لنا دواءً يحتوي على الكورتيزون؛ نظرًا لسمعته السيئة، وما يسببه من مشكلات صحية، متلازمة كوشينغ.
ما هي متلازمة كوشينغ (Cushing’s syndrome)
تُعرف بأنها مجموعة من الأعراض، تظهر على المصاب؛ نتيجة التعرض لجرعة زائدة من هرمون الكورتيزول، سواء بسبب خلل داخل الجسم، أو تناوله للعلاج لمدة زمنية طويلة.
دعونا نتعرف أولًا على هرمون الكورتيزول.
هرمون الكورتيزول
هو هرمون تفرزه الغدة الكظرية الساكنة فوق الكليتين. فهو لم يُخلق هباءً، بل له عديد من الفوائد، منها:
- يساعد الجسم على التأقلم مع الضغوط اليومية، لذا يُطلق عليه هرمون التوتر.
- ضبط ضغط الدم.
- يضبط مستوى السكر في الدم.
- يقلل الالتهابات.
- تحويل الطعام إلى طاقة؛ ليستفيد منها الجسم.
ومما لا شك فيه، يُعد زيادة إفراز الكورتيزول -لأي سبب- سببًا لضرر بالغ للجسم، وهو ما يُعرف بمتلازمة كوشينغ (Cushing’s syndrome).
الفرق بين هرمون الكورتيزول والكورتيزون
الكورتيزول: هرمون طبيعي يُفرز داخل الجسم.
الكورتيزون: هرمون مُصنع يوجد في العديد من الأدوية الجهازية والموضوعية.
أسباب متلازمة كوشينغ
تعد الزيادة المفرطة للكورتيزول هو السبب الرئيسي لتلك المتلازمة.
ولذلك يجب علينا معرفة مسببات زيادة إفراز هرمون الكورتيزول في الجسم.
هناك حالات خاصة يزداد فيها إفراز الجسم لهرمون الكورتيزول تشمل :
- التعرض للتوتر بأنواعه، وكذلك التعرض للعمليات الجراحية، والأمراض الحادة، والحمل لاسيما الثلاثة أشهر الأخيرة.
- التمارين الرياضية.
- سوء التغذية.
- إدمان المشروبات الكحولية.
- الاكتئاب، أو اضطرابات الهلع، أو التعرض للقلق العاطفي.
الكورتيكوستيرويد (الكورتيزون)
يُعد الإفراط في تناول الأدوية المحتوية على مادة الكورتيزون، بجرعات عالية وعلى مدة زمنية طويلة، المتهم الأول في الإصابة بمتلازمة كوشينغ.
يصف الطبيب تلك الأدوية في حالات معينة مثل:
- الأمراض المناعية المزمنة، مثل مرض الذئبة الحمامية الجهازية، والتهاب المفاصل المزمن.
- الجرعات العالية منها عن طريق الحقن، مثل في حالة آلام الظهر.
- يستخدم في حالات زرع الأعضاء للحد من رفض العضو المزروع، مثل زرع الكُلى.
جديرًا بالذكر، تناول جرعات منخفضة من تلك الأدوية بالاستنشاق (في حالة الربو)، أو استخدامها موضعيًا (في حالات الإكزيما)، لا يسبب متلازمة كوشينغ.
الأورام
هناك العديد من الأورام، تسبب زيادة إفراز هرمون الكورتيزول في الجسم، وإليك أمثلة لها:
ورم الغدة النخامية
الغدة النخامية هي المسؤول الأول عن إفراز هرمون الكورتيزول لأنها:
تُفرز هرمون أدرينوكورتيكوتروبيك هرمون (ACTH)، الذي بدوره يحفز الغدة الكظرية لإفراز هرمون الكورتيزول؛ استجابة لاحتياج الجسم.
يحفز ورم الغدة النخامية، إفراز الكثير من ٠هرمون (ACTH)، وكذلك هرمون الكورتيزول مما يسبب متلازمة كوشينغ، ويطلق عليه مرض كوشينغ.
أورام خارج الغدة النخامية
تواجد هذه الأورام غالبًا في الرئة، أو البنكرياس، أو الغدة الدرقية، أو الغدة التيموسية.
تتمثل خطورتها في إفرازها هرمون (ACTH) مما يحفز إفراز هرمون الكورتيزول من الغدة الكظرية.
أورام الغدة الكظرية أو تشوهاتها
يؤدي أيضًا إلى إفراز الكثير من هرمون الكورتيزول، ومن ثمّ يصاب المريض بمتلازمة كوشينغ.
عوامل وراثية
بالرغم من أنه مرض لا يورّث، لكن يزداد معدل ظهور متلازمة كوشينغ، في من لديهم تاريخ عائلي لأورام الغدة النخامية.
أعراض متلازمة كوشينغ
هناك عديد من الأعراض الشائعة مثل:
- زيادة الوزن.
- إعادة توزيع الدهون بالجسم، إذ تزداد بالوجه لذلك يدعي وجه القمر، وفى منطقة الوسط، وبين الكتفين، وأعلى الظهر، ويدعى حدبة الجاموسة.
- علامات تمدد داكنة على الثديين، والذراعين، والبطن والفخذين.
- ترقق الجلد؛ مما يسهل خدشه.
- حب الشباب.
- بطء التئام الجروح.
- إعياء.
- ضعف العضلات.
كما لوحظت أعراض أخرى مثل:
- ارتفاع نسبة السكر في الدم.
- زيادة العطش.
- زيادة التبول.
- ارتفاع ضغط الدم.
- هشاشة العظام.
- الصداع.
- الاكتئاب، وتقلب المزاج.
- زيادة الإصابة بالالتهابات.
أعراض الإصابة عند الأطفال
يقل معدل إصابة الأطفال بمتلازمة كوشينغ عن البالغين، وبالإضافة للأعراض السابق ذكرها، يعاني الأطفال الأعراض الآتية:
- البدانة.
- بطء معدل النمو.
- ارتفاع ضغط الدم.
أعراض الإصابة عند النساء
طبقا لإحصائيات منظمة الصحة، يبلغ معدل إصابة النساء ثلاثة أضعاف الرجال.
بالإضافة إلى الأعراض المذكورة أعلاه، هناك أعراض أخرى مثل:
- ظهور شعر في الوجه، والرقبة والصدر والبطن والفخذين.
- عدم انتظام الدورة الشهرية، وأحيانا توقفها.
- تسبب متلازمة كوشينغ صعوبة الحمل إذا لم تعالج.
أعراض متلازمة كوشينغ عند الرجال
هناك أيضا أعراض إضافية:
- الضعف الجنسي.
- فقدان الرغبة الجنسية.
- قلة الخصوبة.
آلية تشخيص متلازمة كوشينغ
نظرًا لتشابه تلك الأعراض مع غيرها من الأمراض، لذا يعد تشخيص المتلازمة أمرًا صعبًا.
الفحص السريري
تشمل فحص الطبيب للمريض بدنيًا، من حيث ظهور أكثر الأعراض شيوعُا كما ذكرنا سابقًا.
يسأل الطبيب المريض بعض الأسئلة بشأن:
- التاريخ المرضي للعائلة.
- تناول أدوية تحتوي على كورتيزون لفترة زمنية طويلة.
كما أن هناك العديد من الفحوصات المعملية يجب إجرائها لتشخيص المريض تشخيصًا سليمًا.
الفحوصات المعملية
أولاً تُجرى هذه الفحوصات؛ لتحديد إذا كنت مريضًا بمتلازمة كوشينغ أم لا.
- اختبار البول الخالي من الكورتيزول على مدار ٢٤ ساعة، إذ يُجمع البول لمدة ٢٤ ساعة وتقاس نسبة الكورتيزول فيه.
- قياس نسبة هرمون الكورتيزول في اللعاب
يعتمد هذا الاختبار على نقص نسبة الكورتيزول مساءً، عند الإنسان السليم.
أما في حالة مرضى متلازمة كوشينغ، فتظهر نسبة كبيرة من هذا الهرمون في اللعاب مساءً.
- اختبار تأثير جرعة منخفضة من دواء الديكساميثازون
يعتمد هذا الاختبار على قدرة الديكساميثازون على خفض مستوى الكورتيزول صباحًا، إذا حُقن مساءً في الإنسان الطبيعي، لكن هذا لا يحدث في متلازمة كوشينغ.
بعد إجراء تلك الاختبارات يستطيع الطبيب تحديد ما إذا كنت مصابا بمتلازمة كوشينغ أم لا.
بعد ذلك يطلب إجراء بعض الاختبارات الأخرى؛ لتحديد سبب ظهور تلك المتلازمة.
ثانيًا الفحوصات المعملية لتحديد سبب ظهور متلازمة كوشينغ
اختبار تحديد مستوى هرمون ACTH في الدم:
يحدد هذا الاختبار نوع الورم، فإذا ارتفع معدل هرمون الكورتيزول، وانخفض معدل هرمون ACTH، أصبح ذلك دليلًا على وجود ورم في الغدة الكظرية.
اختبار تحفيز هرمون الكورتيكوتروبين (CRH)
يعتمد هذا الاختبار على إعطاء جرعة من هرمون CRH، وقياس نسبة هرمون الكورتيزول وهرمون ACTH.
- إذا ارتفعت نسبتهما بالدم، فهذا دليل على وجود ورم في الغدة النخامية.
- وإذا لم تتأثر النسبة، فهذا يعني أن الورم خارج الغدة النخامية.
اختبار تأثير جرعة كبيرة من الديكساميثازون مساء ً
بقياس نسبة الكورتيزول بالدم صباحًا:
- إذا انخفضت النسبة، ذلك دليل على ورم بالغدة النخامية.
- إذا لم تتأثر نسبة الهرمون، فالورم خارج الغدة النخامية.
اختبار عينة دم من الجيوب الصخرية
يُجري هذا الاختبار للتفرقة بين سبب متلازمة كوشينغ، هل بسبب ورم داخل الغدة النخامية، أو ورم خارجها.
التصوير بالأشعة المقطعية، والرنين المغناطيسي
يُجرى على الغدة الكظرية والغدة النخامية؛ وذلك تحديد مكان الورم.
آلية علاج متلازمة كوشينغ
يعتمد العلاج على السبب المؤدي للمتلازمة
- في حالة تناول جرعات عالية من الكورتيزون، يتجه الطبيب لخفض الجرعة تدريجيًا للوصول لأقل جرعة ممكنة مع التحكم في المرض.
- إذا كان السبب وجود ورم، يتجه إلى استئصاله بالجراحة إذ أمكن.
- يمكن استخدام العلاج الإشعاعي مع الجراحة، إذا استأصل جزءًا من الورم، أو بديلاً عن الجراحة إذا لزم الأمر.
- يمكن تناول أدوية تحد من إفراز الكورتيزول، في حالة وجود سبب مانع للعمليات الجراحية أو العلاج بالإشعاع.
جديرا بالذكر، أن لهذه الأدوية آثار جانبية خطيرة.
ولمعرفة المزيد عن طرق العلاج عليك الدخول إلى هذا الرابط.
مضاعفات متلازمة كوشينغ
- نوبات قلبية.
- سكتة دماغية.
- جلطات دموية في الساقين، والرئتين.
- الالتهابات.
- هشاشة العظام.
- ارتفاع ضغط الدم، إذ إنه يسبب انقباض الشرايين، ويزيد من معدل ضربات القلب.
- زيادة نسبة الدهون في الدم.
- الاكتئاب.
- صعوبة التركيز.
- الإصابة بداء السكري النوع الثاني، إذ يساهم التعرض المستمر للكورتيزون إل فقد الكتلة العضلية؛ مما يزيد مقاومة الجسم للأنسولين، وقلة امتصاص الجلوكوز.
النظام الغذائي لمتلازمة كوشينغ
- الحد من تناول الصوديوم.
- تناول الغذاء عالي البروتين؛ للحفاظ على الكتلة العضلية للجسم.
- زيادة الوجبات المحتوية على الكالسيوم، مثل الحليب.
- تجنب الأطعمة الدهنية والمقليات.
- تناول الغذاء المحتوي على ألياف مثل الخس والشوفان وغيرها.
- التحكم في نسبة السكر في الدم، والتقليل من تناول السكريات.
- الإقلاع عن التدخين، والمشروبات الكحولية.
ختامًا -عزيزي القارئ- اطمئن فلكل داء دواء، عليك فقط اتباع تعليمات الطبيب بكل دقة؛ للتغلب على تحديات المرض كي تنعم بحياة هادئة.
اقرأ أيضًا
ضغط الدم المرتفع | المرض الصامت
