في الساعات الأولى من صباح اليوم أصيب زوجي بنزيف الأنف المفاجئ، وتبعه ضيق شديد في التنفس. وحين هرعنا للطبيب أخبرنا أنه مرض حمى الضنك.
المكان: أمام غرفة العناية المشددة في جزر المحيط الهادئ الغربية.
أتساءل لماذا نحن هنا الآن؟ أليس من الطبيعي أن تكون هذه أفضل أيام حياتي؟ فلم يمر على زفافي إلا سبعة أيام فقط، جئت إلى هذه البلد لأقضي أنا وزوجي أيام زواجنا الأولى، ولكن ما حدث لم يكن في الحسبان.
فقد أصيب زوجي بارتفاع في درجة الحرارة والصداع الشديد. في بداية الأمر اعتقدنا أنه مصاب بالإنفلونزا نتيجة لتغير الطقس، ولكن ما حدث بعدها كان مفزع.
فما مرض حمى الضنك؟ وما أعراضه؟ هل لمرض حمى الضنك علاج خاص؟ وكيف نقي أنفسنا منه؟
ما هو مرض حمى الضنك؟
يحدث مرض حمى الضنك نتيجة إصابة الإنسان بإحدى سلالات فيروسات حمى الضنك الأربعة وتنتمي تلك السلالات من الفيروسات إلى عائلة الفيروسات المصفرة.
وينتشر مرض حمى الضنك بين سكان المناطق الاستوائية، منها على سبيل المثال:
- جنوب شرق آسيا.
- جزر المحيط الهادئ الغربية.
- أمريكا اللاتينية وأفريقيا.
لكن لسوء الحظ بدأ المرض مؤخرًا في التفشي في أماكن أخرى خارج ذلك النطاق منها:
- أوروبا
- أجزاء من أمريكا الجنوبية.
وعادةً تنتقل العدوى من شخص إلى أخر من خلال إناث بعوضة الزاعجة المصرية المنتشر في تلك المناطق.
ففي حال لدغ البعوض شخص مصاب بحمى الضنك، ينتقل الفيروس من دم المريض إلى دم البعوض، فإن لُدِغ شخص سليم بتلك البعوضة المصابة ينتقل الفيروس من البعوضة إلى الشخص السليم، وهكذا تدور الدائرة، أي أن البعوض وسيلة لنقل المرض وليست السبب الرئيسي له.
أعراض مرض حمى الضنك
عادةً تتشابه أعراض مرض حمى الضنك
بأعراض الإصابة بالإنفلونزا، حتى أن كثيرًا من مرضى حمى الضنك لا يعرف أنه أُصيب بحمى الضنك.
تبدأ أعراض الإصابة بالمرض بين اليوم الرابع إلى اليوم العاشر من تعرضك للدغة البعوضة.
وغالبًا تتدرج أعراض الإصابة بحمى الضنك بين الأعراض الشائعة البسيطة، والأعراض الحادة شديدة الخطورة.
أولًا، الأعراض الشائعة
عادةً تستمر تلك الأعراض نحو أسبوع من بداية ظهورها، منها:
- ارتفاع درجة حرارة المريض، التي قد تصل إلى 40 درجة مئوية.
- إصابة المريض بالصداع الشديد.
- آلام العظام والمفاصل.
- ظهور آثار لطفح جلدي.
- القيء والعثيان.
ثانيًا، أعراض شديدة الخطورة
في بعض الحالات قد تزداد حدة الأعراض، وتكون تلك الأعراض مصاحبة لأحد أشكال حمى الضنك الشديدة المعروفة بحمى الضنك النزفية.
فيصاب المريض بارتفاع في درجة حرارة يصاحبها نزيف حاد وذلك نتيجة تلف في بعض الأوعية الدموية وانخفاض حاد الصفائح الدموية dengue shock syndrome، مما يؤدي إلى نزيف داخلي وتلف في الأعضاء، فيصبح المريض قاب قوسين أو أدنى من الموت.
ويستمر انهيار الجسم وظهور أعراض تحذيرية أشد خطورة خلال يوم أو يومين من زوال الحمى، ومنها:
- آلام شديدة في المعدة.
- نزيف الأنف واللثة.
- القيء المستمر.
- ظهور دم مخالط للبول، وإبراز، والقيء.
- صعوبة في التنفس.
- ظهور دم أسفل الجلد.
- ضعف عام في جسدك.
- نزيف وانخفاض في ضغط الدم.
- الوفاة.
تشخيص مرض حمى الضنك
لا يوجد طريقة محددة لتشخيص حمى الضنك، فأعراض مرض حمى الضنك ليست مميزة لها بل أنها تشبه أعراض بعض الأمراض، مثل شيكونغونيا وفيروس زيكا والملاريا وحمى التيفود.
لذلك احرص على إخبار الطبيب بكل تفاصيل حياتك في الفترة الأخيرة، واخبره عن كل رحلاتك بكل تفاصيلها.
ولا تقلق إذا طلب الطبيب أخذ عينة من دمك، فهو في حاجة إليها ليتأكد إن كنت مصاب بأحد الفيروسات المسببة لحمى الضنك.
متى تزور الطبيب؟
مرض حمى الضنك ليس بالهين، فقد يصاحبه تدهور في حالة المريض كما ذكرنا.
لذلك في حال ظهور أحد أعراض حمى الضنك تزامنًا مع زيارتك لإحدى المناطق المشتهرة بحمى الضنك، فيجب عليك زيارة الطبيب الخاص بك لاستشارته، خصوصًا في حالة ظهور أحد الأعراض الحادة لحمى الضنك.
كيف تعد نفسك لزيارة الطبيب الأولى؟
من الممكن أن تتعرض لظروف لم تكن بحسبانك خلال زيارتك للطبيب، كضيق وقته على سبيل المثال.
وقد يسبب ذلك ارتباكك ونسيانك بعض الأسئلة التي تود استشارته بها.
لذلك فسيكون من الجيد الإعداد لتلك الزيارة، وإليك بعض النصائح:
- سجل الأعراض التي تشعر بها.
- سجل معلوماتك الشخصية، كعمرك، وتاريخك المرضي، سجل تطعيماتك، الأماكن التي سافرت إليها.
- أكتب جميع الأدوية التي تتناولها.
- أعد قائمة بأي سؤال يخطر على بالك، ومن تلك الأسئلة التي قد تساعدك في فهم حالتك أكثر:
- ما هي الأدوية المتوفرة لمرض حمى الضنك؟
- كم من الوقت أحتاج قبل أن أشعر بتحسن؟
- هل هناك آثار طويلة المدى لحمى الضنك؟
علاج حمى الضنك؟
لم يكتشف الأطباء علاج محدد لمرض حمى الضنك، لكن هناك بعض النصائح التي ينصح بها الأطباء خلال فترة التعافي من المرض، منها:
- شرب الكثير من السوائل لحماية نفسك من الجفاف.
- إذا لاحظت أي من أعراض الجفاف فاتصل بطبيبك فورًا، ومن تلك الأعراض:
- جفاف الفم والشفتين.
- قلة مرات التبول.
- برودة في الأطراف.
- الخمول والكسل
- تستطيع استخدام عقار الأسيتامينوفين (acetaminophen) لتخفيف من آلام العظام، ولكن احذر من تناول أي مسكنات أخرى، مثل الأسبرين أو الباراسيتامول أو غيرها لأنها قد تزيد من خطر الإصابة بنزيف حمى الضنك.
- أما في حال زيادة الأعراض، وأصبت بحمى الضنك الحادة فقد تحتاج إلى تلقى الرعاية في المشفى، والبقاء تحت الملاحظة.
الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بحمى الضنك
إذا كنت دائم السفر أو كنت أحد سكان المناطق المعروفة بانتشار حمى الضنك؛ فينبغي لك الحذر وحماية نفسك قدر المستطاع، خاصة إذا كنت قد أصبت بمرض حمى الضنك في وقت سابقًا.
كيف تقي نفسك من حمى الضنك؟
إذا كنت أحد الأشخاص المعرضون للإصابة بمرض حمى الضنك فيجب عليك اتخاذ الإجراءات الاحترازية لحماية نفسك من الإصابة بحمى الضنك، وتشمل:
أولًا، لقاح دنيجفاكسيا
- لقاح دنيجفاكسيا (Dengvaxia) هو اللقاح الوحيد المصرح به لحمي الضنك، ويعطى اللقاح على ثلاثة جرعات لمدة عام.
- لقاح الدنيجفاكسيا مصرح به للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و 45 عامًا وقد سبق إصابتهم بحمى الضنك.
- لا يعطى لقاح الدنيجفاكسيا إلا للأشخاص الذين أصيبوا سابقًا.
ثانيًا، الحماية من لدغ البعوض
أكدت منظمة الصحة العالمية أن لقاح الدنيجفاكسيا وسيلة غير فعالة تمامًا للحد من الإصابة بمرض حمى الضنك، وأن الوسيلة الأكثر فاعلية هو حماية نفسك من لدغة البعوض، أو الحد من انتشار البعوض في أماكن تواجدك، وإليك بعض النصائح التي قد تساعدك:
- ارتداء الملابس الواقية مثل السراويل الطويلة والسترات ذات الأكمام الطويلة ولا تنسى الجوارب
- استخدم طارد للبعوض.
- حاول قدر الإمكان التواجد في الأماكن المكيفة أو المغطاة جيدًا.
- ابتعد عن أماكن وجود البعوض، كالأنهار و المياه الراكدة.
ختامًا
تذكر عزيزي القارئ أن مرض حمى الضنك يسببه البعوض الموجود في بعض البلدان كأمريكا اللاتينية. وأعراض الإصابة تشبه كثيرًا من الأمراض. فمثلًا قد تشعر بالصداع وآلام العظام، وارتفاع في درجة الحرارة. ولكن احذر، فقد تتدرج الأعراض إلى أن تصل إلى النزيف، وانخفاض مفاجئ في ضغط الدم، مما يؤدي إلى الموت، لذا فإن روادتك الشكوك بأنك مصاب بحمى الضنك فاستشر الطبيب فورًا.