أتمَّ صغيري عامه الثاني وفي انتظار سماع أول كلماته، ولكنه تأخر في الحديث ولاحظت عدم وضوح كلماته وصعوبة تفسيرها، وعند الوصول لمرحلة الحضانة، وبالحديث مع معلمته قالت إنه يعاني التلعثم وعسر القراءة.
لم أفهم في أول الأمر وحاولت معلمته شرح المقصود بعسر القراءة، وأنواعه، والتشخيص المبكر له.
سنتحدث في مقالنا عن اضطراب القراءة عند الأطفال والكبار، وأعراضه، وعلاجه.
المقصود بعسر القراءة (ديسليكسيا Dyslexia )
يُعرف أيضًا باسم “إعاقة القراءة” هو صعوبة في التعرف على الكلمات بدقة، وضعف قدرات التهجئة وفك التشفير.
هي مشكلة تستمر مدى الحياة، وبفضل الدعم يستطيع الإنسان تحسين مهاراته في القراءة، والكتابة والنجاح في الدراسة.
على عكس صعوبات التعلم الأخرى، أنه حالة عصبية، لا عَلاقة له بالذكاء، فمعدل ذكاء الطفل طبيعي، ويكون لديه قدرات بصرية طبيعية، والدافع للتعلم.
ولا يُعد مرضًا، ولكن معظم الحالات يُولد بها أشخاص مصابين، إذا كان هناك تاريخ عائلي للإصابة.
من المهم معرفة أن هناك العديد من الأشخاص المعروفين والناجحين، عانوه منه مثل ألبرت أينشتاين وستيفن سبيلبرغ.
أسباب الديسليكسيا
السبب غير معروف ولكن هناك عوامل تساعد على ظهوره مثل:
- ضعف قدرة الدماغ في معالجة الصوتيات.
- عوامل وراثية، مؤخرًا وجد الباحثون مجموعة من الجينات من المحتمل أن تساهم في ظهوره.
- الولادة المبكرة أو انخفاض وزن المولود.
- تناول الكحول أو المخدرات في أثناء الحمل.
ماذا يحدث في عسر القراءة؟
يرجع اضطراب القراءة إلى الطرق التي يعالج بها الدماغ الرموز، وأصوات الكلمات، فيعاني الشخص صعوبة في التعرف على الصوتيات، ويصعب إجراء اتصال بين الصوت ورمز الحرف، ودمج الأصوات في الكلمات.
يستغرق الشخص وقتًا طويلًا في نطق الكلمة، ويواجه أيضًا صعوبة في التعبير عن نفسه والحديث مع الآخرين وفهم الحديث المتداول.
أنواع عسر القراءة
تختلف صعوبة التعلم من شخص لآخر، ويُظهر الأشخاص أعراضًا مختلفة، أو يكونون من نفس النوع ولكن أعراضهم مختلفة فيوجد:
- عسر القراءة الأولي (Primary Dyslexia)
أكثرهم شيوعًا، نتيجة خلل في قشرة الدماغ، ولا يتغير بتقدم العمر، ويحتاج إلى التدخل في سن مبكر، ويحدث هذا النوع وراثيًا.
- عسر القراءة الثانوي (Secondary Dyslexia)
إذا حدثت مشكلات في الدماغ في مرحلة مبكرة من نمو الجنين، يُولد باضطراب القراءة، ولكنها تقل تدريجيًا مع نمو الطفل.
- عسر القراءة الناتج عن الصدمة (Trauma Dyslexia)
ينتج عن حدوث حادث للدماغ، أو أثر إصابة منطقة الدماغ التي تتحكم في القراءة، والكتابة.
- عسر القراءة البصري (Visual Dyslexia)
يجد الأشخاص صعوبة في التعرف على الكلمات عن طريق البصر، في هذه الحالة لا يقوم الدماغ بتفسير الإشارات البصرية صحيحًا، ونتيجة لذلك يجعل تعلم الكلمات وتذكرها أمرًا صعبًا.
- عسر القراءة الصوتي (Phonological Dyslexia)
عدم القدرة على التعرف على أصوات الحروف، ودمجها معًا في كلمة، وتقسيم الكلمات إلى وحدات صغيرة، وصعوبة مطابقة الأصوات مع شكلها المكتوب.
- عسر القراءة الاتجاهي (Directional Dyslexia)
يُطلق على اضطراب اليسار واليمين، وتُعد سمة مشتركة للحالة، يواجه الأشخاص مشكلة في الاتجاهات، وقراءة الخريطة.
- عسر القراءة التلقائي السريع (Rapid Automatic Naming Dyslexia)
يستغرق الدماغ وقتًا أطول للتعرف على الحروف والأرقام، مما يؤدي إلى إبطاء وقت القراءة.
- عسر القراءة المزدوج (Double Dyslexia)
نادرًا ما يعاني الشخص نوعين، ولكن من يعاني عسر القراءة الصوتي، يكون معه عسر القراءة السريع، يعرف باسم عسر القراءة المزدوج.
أعراض عسر القراءة عند الأطفال
تختلف العلامات والأعراض من شخص لآخر، وتظهر الأعراض على الأشخاص في أي عمر، ولكنها تظهر خلال الطفولة في معظم الحالات.
الأعراض في مرحلة الطفولة
تشير بعض العلامات المبكرة على وجود مشكلة منها:
- التحدث المتأخر.
- تعلم الزحف والمشي في وقت متأخر عن أقرانهم.
- صعوبة في تعلم القراءة، أنه يجد صعوبة في مطابقة الحروف مع الأصوات، ونطق الكلمات الطويلة.
- عدم القدرة على تذكر الحروف والأرقام.
- الصعوبة في تعلم أغاني الحضانة وحفظها.
الأعراض في مرحلة المدرسة
فبمجرد وصول الطفل إلى سن المدرسة، تصبح أعراضه أكثر وضوحًا ويستطيع معلم الفصل اكتشاف حالة الطفل، إذا لم تُلاحظ قبل ذلك.
- مشكلات في تعلم القراءة:
- عدم القدرة على نطق كلمة غير معروفة.
- صعوبة في فهم القواعد.
- القراءة ببطء شديد.
- الوقوع في أخطاء عند القراءة بصوت عالٍ.
- تعلم الكتابة
- يقلب الحروف والأرقام على الورق.
- صعوبة النسخ من على السَّبُّورَة.
- الإجابة شفهيًا جيدًا ولكن يواجه صعوبة في كتابة الإجابة.
- التنسيق
- يخلط بين اليمين واليسار.
- صعوبة في تسلسل الاتجاهات.
- خط اليد غير واضح أو سيء.
- التركيز
- صعوبة في التركيز.
- تجنب الأنشطة التي تتضمن القراءة.
- قضاء وقت أطول من المعتاد لإنهاء الواجب الكتابي.
- المناعة الذاتية
الأطفال الذين يعانون عسر القراءة هم أيضًا الأكثر عرضة للإصابة بأمراض مناعية مثل الربو، والحساسية، والإكزيما.
- الحالة النفسية
- يميل الأطفال إلى العزلة.
- الاكتئاب.
- عدم التفاعل مع الأقران.
- السلوك العدواني.
- يفقد ثقته في نفسه ويقلل من ذاته.
علامات عسر القراءة عند الكبار والمراهقين
المراهقين الصعوبة في الآتي:
- تلخيص قصة وكتابة مقالات.
- القراءة بصوت عالٍ.
- قضاء وقت طويل لإكمال المهام المتعلقة بالكتابة والقراءة.
- تدوين الملاحظات.
- حفظ النصوص والرياضيات.
- تعلم لغات أجنبية.
- فهم المزاحات، التي تحتوي على ألفاظ صعبة الفهم بالنسبة لشخص مصاب بإعاقة القراءة.
- التهجئة.
- نطق الكلمات خطأ.
الكبار
- مشكلات بصرية.
- صعوبة التركيز عند القراءة.
- الخلط بين الحروف والكلمات خلال القراءة أو الكتابة.
- صعوبة كتابة الرسائل أو التقارير.
- الصعوبة في قراءة الخريطة.
- تجنب القراءة.
ما هو دور الوالدين
يؤدي الوالدان دورًا مهمًا مع أطفالهم في اكتشاف اضطراب القراءة من خلال:
- الاكتشاف المبكر للمشكلة.
- القراءة بصوت عالٍ مع الطفل.
- التعاون مع المدرسة لسرعة تخطي المرحلة.
- تشجيع طفلك على القراءة في وقت فراغه.
العلاج
لا توجد طريقة معروفة للعلاج، لكن هناك أساليب مُتبعة للتغلب على إعاقة القراءة.
بمجرد معرفة الآباء بمشكلة طفلهم، يجب استشارة طبيب أطفال لتجنب أي مشكلات جسدية منها خلل قشرة الدماغ، التي تسبب أكثر نوع شائع منها.
وإذا كان الطفل في مرحلة الدراسة واكتشف معلميه الأمر، يجب على الأسرة الاجتماع مع معلمي الطفل للحصول على فكرة كاملة عن وضع الطفل.
يستخدم المعلمون برنامَج ملائم لمرحلة الطفل، تتضمن الاستماع والرؤية، واللمس لتطوير مهارات القراءة والكتابة ومنها:
- استخدام أنشطة تعلم أصوات الحروف التي تُشكل الكلمات.
- فهم ما يقرأ.
- القراءة بصوت عالٍ.
- تطبيق نظام التعليم المنفرد لتطوير مهارات الطفل.
في مرحلة المراهقة يحتاج الشخص المصاب إلى تسجيل محاضرات الفصل، نتيجة لأنه يحتاج لمزيد من الوقت لإكمال المهام.
الدعم العاطفي مهم جدًا في هذه المرحلة لأنهم يشعرون بإحباط، وعدم القدرة على مواكبة زملائهم.
يعتمد تقييم الشخص على مجموعة من الاختبارات في مجالات:
- الذكاء.
- الأداء الأكاديمي.
- الصحة.
ومن هذه الاختبارات:
- مقياس الذكاء.
- الإنجاز الفردي.
- الإدراك البصري.
- الإدراك السمعي.
- الفهم السمعي للغة.
- كوفمان للتحصيل الدراسي.
وبعد الانتهاء من كتابة المقال، تذكرت أني كنت أعاني عسر القراءة وتوارث أولادي المشكلة مني. كنت أبحث كثيرًا ولم أعلم أن ما أعانيه أنا وأولادي يطلق عليه عسر القراءة. اجتهدت على نفسي كثيرًا حتى استطاعت تجاوز هذه المشكلة، وأنا الآن طبيبة وكاتبة مقالات طبية ناجحة. وأساعد أولادي الآن.
فيا عزيزتي الأم لا تقلقي، وأنه ليس مرضًا يصعب التغلب عليه، الاكتشاف المبكر يساعدك على النجاح في تخطي المرحلة وتفوق طفلك.
اقرأ أيضًا
الطفل غير الاجتماعي | طفل خجول أم مشكلة حقيقية تحتاج تدخل؟