هل سمعت من قبل عن مضادات الجلطات الفموية؟… أحيانًا يحدث انسداد مؤقت داخل الأوعية الدموية، مما يؤثر على تدفّق الدَّم بصورة طبيعية إلى أجزاء الجسم المختلفة، وعندئذٍ تأتي الحاجة إلى استخدام مضادات التجلط الفموية قبل أن يصبح الأمر مهددًا للحياة!
في هذا المقال، سوف نتحدث عن مضادات التجلط الفموية، وإلقاء الضوء على كلًا من دواعي استعمالها، وآلية عملها، وآثارها الجانبية المختلفة.
ما هي مضادات التجلط الفموية ؟
مضادات التجلط الفموية (المعروفة أيضًا بمميعات الدم) هي أدوية تؤخذ بالفم، وتعمل على منع تكَوّن جلطات الدَّم داخل الأوعية الدموية، بتثبيط عمل البروتينات المسئولة عن عملية تجلط الدَّم داخل الجسم. لذلك فهي تعمل على تقليل خطر الإصابة بحالات خطرة، مثل السكتة الدماغية، والنوبات القلبية، والانسداد الرئوي.
أما مضادات الصفائح الدموية (antiplatelets) فهي تعمل على منع التصاق الصفائح الدموية ببعضها ومن أشهرها الأسبرين.
أدوية مضادات التجلط الفموية
يعد الوارفارين (Warfarin) أكثر مضادات التجلط شيوعًا. اُستخدم لسنوات عدّة في منع حدوث الجلطات، وعُرف تجاريًا باسم الكومادين أو الماريفان.
في السنوات الأخيرة ظهر جيل جديد من مضادات تجلط الدَّم، عرف باسم مضادات التجلط الفموية الجديدة (New oral anticoagulants)، وهم:
- إليكوس (Eliquis)، والمادة الفعالة هي أبيكسابان (Apixaban).
- برادكسا (Pradaxa)، والمادة الفعالة هي دابيجاتران (Dabigatran).
- زاريلتو (xarelto)، والمادة الفعالة هي ريفاروكسابان (Rivaroxaban).
- Coagulaban، والمادة الفعالة هي إيدوكسابان (Edoxaban).
يوجد دواء وارفارين والبدائل الحديثة على شكل أقراص أو كبسولات. كذلك يتوفر مضادات تجلط أخرى منها الهيبارين، ويؤخذ بالحقن.
آلية عمل مضادات التجلط الفموية
مضادات فيتامين ك (وارفارين)
يعمل على تثبيط عمل إنزيم فيتامين ك ايبوكسيد ريدكتاز 1 (Vitamin k epoxide reductase 1)، مما يؤدي إلى تعطيل خلايا الكبد عن تكوين فيتامين ك اللازم لعملية التجلط.
مضادات التجلط الفموية الجديدة
وتعمل بطريقتين مختلفتين، كالآتي:
مثبطات ثرومبين مباشرة (Direct thrombin inhibitors)
مثل مادة (دابيجاتران)؛ إذ تتعارض مع استخدام الجسم لمادة الثرومبين اللازمة لعملية التجلط، بالارتباط معها مباشرةً. يؤدي تثبيط الثرومبين إلى انخفاض في عملية تكوّن مادة الفيبرين وهذا بدوره يقلل من تجمّع الصفائح الدموية وبذلك يمنع تكوين الجلطات.
مثبطات عامل التجلط xa المباشر (Direct factor xa inhibitors)
تعمل على تثبيط عامل التجلط xa المباشر في أثناء عملية التجلط، اللازم لتحويل مادة البروثرومبين إلى مادة الثرومبين.
تشمل مادة (دابيجاتران، أبيكسابان، إيدوكسابان).
دواعي استعمال مضادات التجلط الفموية
تستخدم مضادات التجلط الفموية في المرضى الذين يعانون الأمراض التالية:
- الارتجاف الأذيني.
- تغيير صمامات القلب.
- أمراض شرايين القلب التاجية والطرفية.
- الانسداد الرئوي أو عرضه إلى ذلك.
- يُفضل استخدامها بعد جراحة الركبة أو الورك لمنع نوع من الجلطات الدموية تسمّي تجلطات الأوردة العميقة (DVT)، التي يمكن أن تؤدي إلى جلطات دموية خطرة تصل إلى الرئتين.
الوارفارين
بالرغم من فاعلية العلاج بدواء وارفارين إلا أن لديه العديد من العيوب، ومنها ضرورة إجراء اختبارات دموية بصورة منتظمة لمتابعة سيولة الدَّم في أثناء مدّة العلاج، بقياس النسبة المعيارية الدولية (INR)، وتحديد الوقت الذي يستغرقه الدَّم حتى يتجلط.
وتختلف تلك النسبة من شخص إلى آخر وتتراوح من 2-3 تبعًا للحالة الصحية للمريض الذي يتناول الدواء، وعلى هذا الأساس يحدد الطبيب المختص الجرعة اللازمة للعلاج. لذا لابد من تناُول الدواء بانتظام وبالجرعة المحددة، إذ إن زيادة الجرعة عن الحد المسموح به يؤدي إلى نزيف شديد وإنقاص الجرعة يجعل الدواء غير فعّال.
تبدأ التأثيرات الإيجابية للدواء في خلال 2-3 أيام، لذلك يحقن المريض بعقار الهيبارين كي يستكمل تأثير الدواء في بداية العلاج. وتستمر فعّالية الدواء لمدّة طويلة تصل إلى 5 أيام، لذلك ينبغي التوقف عن تناول الدواء قبل 5 أيام من إجراء أي تدخل طبي أو جراحي.
من الضروري اتباع نظام غذائي صحي متوازن عند استخدام عَقَار وارفارين، إذ إن تناُول كميات كبيرة من الأطعمة الغنية بفيتامين ك يؤثر سلبًا على آلية عمل الدواء داخل الجسم. ومن تلك الأطعمة:
- البروكلي.
- السبانخ.
- الكرنب.
- المكملات الغذائية التي تحتوي على نسبة عالية من فيتامين ك.
كذلك تناول بعض الأعشاب الطبية قد يتعارض مع فعّالية الدواء، مؤديًا إلى فرص حدوث النزيف وإطالة مدّة النزف. ومن تلك الأعشاب:
- الشاي الأخضر.
- الكاموميل.
كذلك أثبتت البحوث أن المشروبات الكحولية وعصير التوت البري لهما تأثير ضار.
مضادات التخثر الفموية الجديدة
مميزات مضادات التخثر الفموية الجديدة
- احتمالية حدوث النزيف أقل مقارنة بالوارفارين.
- التفاعل مع الأدوية الأخرى والمواد الغذائية يكون بشكل قليل نسبيًا.
- ليس هناك حاجة إلى متابعة سيولة الدَّم في أثناء مدّة العلاج.
- يظهر تأثير الدواء سريعًا دون الحاجة إلى حقن مضادات تجلط وريدية أخرى.
عيوب مضادات التخثر الفموية الجديدة
- باهظة الثمن.
- لا يفضل استخدامها في أثناء فترتي الحمل والرضاعة الطبيعية.
- لم تظهر البحوث العلمية بعد الآثار الجانبية للاستخدام على المدى البعيد.
الآثار الجانبية لمضادات التجلط الفموية
يعد النزيف الشديد من الآثار الجانبية الأكثر شيوعًا، ويتمثل في:
- نزيف الأنف واللثة.
- سعال مصحوب بدم.
- ظهور دَم أو تغير في لون البول والبراز.
- غزارة الطمث عند النساء.
- النزيف لفترة طويلة عند حدوث جرح بسيط في الجلد.
تناُول مضادات تخثر الدَّم يُزيد من فرص حدوث نزيف داخلي عند التعرض للإصابة في أجزاء الجسم المختلفة؛ لذا فمن الضروري التوجه لأقرب مستشفى للاطمئنان وعمل الفحوص اللازمة.
كذلك هناك بعض الآثار الجانبية الأخرى، مثل:
- دوار.
- ضعف العضلات.
- تساقط الشعر.
- طفح جلدي.
الاحتياطات الواجب توافرها عند استخدامك مضادات التجلط الفموية
- تجنب ممارسة الأنشطة الخطرة التي تزيد من خطر الإصابة بالنزيف.
- استخدام أدوات غير حادة لتجنب حدوث جروح في الجلد.
- أخبر الطبيب إذا كنت تتناول أدوية أخرى أو أعشاب طبية.
- تجنب التوقف عن تناول الدواء دون استشارة الطبيب المختص.
- تجنب تناول كميات كبيرة من الأطعمة الغنية بفيتامين ك مثل البروكلي وغيره عند استخدام دواء وارفارين.
- من المهم أن تخطر الطبيب عن تناولك أدوية مضادات تخثر الدم عند حدوث أي تدخل طبي أو جراحي.
في أثناء فترتي الحمل والرضاعة الطبيعية
لا يوصي الأطباء بتناول دواء وارفارين خلال مدّة الحمل لما له من تأثيرات سلبية على الجنين. ُيستخدم أحيانًا في الثلث الثاني من الحمل بجرعة لا تزيد عن 5 مللي جرام يوميًا إذا دعت الضرورة إلى ذلك.
أثبتت البحوث العلمية ظهور كميات قليلة من دواء وارفارين في لبن الأم، لذلك لا يُفضّل استعماله خلال مدّة الرضاعة الطبيعية. كذلك لا يُوصى بتناول مضادات التخثر الفموية الجديدة في أثناء فترتي الحمل والرضاعة.
يُعد الهيبارين الاختيار الأمثل للاستخدام خلال مدّة الحمل؛ إذ أثبتت البحوث عدم قدرته على عبور المشيمة. لذلك ينبغي إخبار الطبيب أولاً حول الأدوية الواجب تناولها إذا كنتِ ممن يخططون لحدوث حمل.
مضادات تخثر الدم وعلاقتها بفيروس كورونا
وُجد أن بعض الحالات المصابة بفيروس كورونا قد يحدث لها تجلطات دموية تصل إلى الرئتين.
وبناءً على دراسة أُجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، لُوحظ فيها انخفاض حدة الإصابة في المرضى المصابين بتلك الجلطات المصاحبة لفيروس كورونا بعد تناولهم مضادات تجلط الدَّم. ويجب التنويه إلى أن مضادات التجلط تكون للحالات الحرجة ويفضل استخدامها بالحقن.
لكن لا يوجد حتى الآن دليل علمي كافٍ حول فعّالية مضادات تجلط الدَّم في علاج فيروس كورونا المستجد (covid- 19).
ختامًا، الصحة كنز لا يقدر بثمن، لذا من الضروري استخدام تلك الأدوية بحذرٍ شديدٍ والالتزام التام بالجرعة التي قررها الطبيب المختص.