مميزات الطفل الوحيد وأبرز تحديات تربيته

ذهبتُ مع زوجتي عند الطبيب إذ تعاني آلامًا منذ مدّة طويلة، وبعد إجراء بعض الأشعة والتحاليل أخبرني الطبيب أننا لا نستطيع إنجاب طفل آخر لمشكلات صحية عند زوجتي. استعدتُ ذكرياتي وما مررتُ به، وما بذله أبواي من جهد لأتجنب تحديات متلازمة الطفل الوحيد. ودارت تساؤلات كثيرة برأسي، هل يعاني طفلي المشكلات التي عانيتها؟ أم يحظى بما فزت به من مزايا؟

هدأتُ قليلًا وطمأنتُ زوجتي أن متلازمة الطفل الوحيد هي تجرِبة شخصية ذاتية تختلف من أسرة لأخرى. وأننا سنبحث كثيرًا عن أفضل طرق التربية والتعامل مع طفلنا الوحيد.

مزايا كونك طفلًا وحيدًا

كَوني طفلًا وحيدًا حمل لي عديد من المزايا، مثل الحصول على اهتمام الوالدين ورعايتهما وحبهما كاملًا غير مُقسّم، والعَلاقة بهما أقوى وأمتن. 

فرصة الحصول على دعم مادي لتعليم مميز والتمتع ببعض الرفاهيات كانت أكبر، نتيجة عدم توزيع الدخل على أطفال عدّة.

عدم وجود مساحة للتنافس مع أشقاء أو نزاعات أو تمييز لأحد الإخوة على الآخرين؛ ساعد على تجنب التعقيدات الناتجة عن مشكلات الأشقاء.

متلازمة الطفل الوحيد قد تحمل المزايا والعيوب على حد سواء. ويعتمد ذلك على كيفية تعامل الأبوين مع الطفل وطريقة تربيته وإدراكهم للتحديات والمشكلات التي يواجهها.

أبرز مشكلات الطفل الوحيد

ينشأ الطفل الوحيد دون أشقاء يصنع معهم الذكريات ومغامرات الطفولة، ويشاركهم الألعاب والأفراح والأحزان.

فيشعر بالوحدة والأسف لعدم وجود إخوة محل ثقة، يتلقى منهم الدعم والمساعدة على حل المشكلات.

قد يصاحب هذا الشعور إحساسًا آخر بالغيرة من الأطفال ممن لديهم إخوة، قد يتبعها سلوك عدواني أوعُزلة اجتماعية.

التدليل الزائد وتلبية كافة احتياجات طفلك قد تجعل منه طفلًا أنانيًا لا يكترث لمشاعر الآخرين، ولا يدرك قيمة العمل الجاد والاجتهاد.

كما أن الاهتمام الزائد والحرص الشديد من الوالدَين قد يجعل الطفل ضعيف الشخصية، إذ يعتاد الطفل الاتكال على والديه في تولي جميع شؤونه.

قد تُسبب متلازمة الطفل الوحيد مشكلات نفسية للطفل، نتيجة الأسلوب الخاطئ في التربية. هذه المشكلات قد تجعله منطويًا ومنعزلًا عن المجتمع وقد تصل إلى الاكتئاب.

وقد يتطور الأمر إلى العصبية الشديدة نتيجة العزلة، أو التعلق بأشخاص غرباء كرد فعل عكسي للوحدة.

متلازمة الإمبراطور الصغير 

هناك اعتقاد شائع بأنه نتيجة سياسة الطفل الواحد في الصين، نتج جيل من الأباطرة الصغار يحملون صفات الصورة النمطية لمتلازمة الطفل الوحيد.

وتشير هذه الصورة النمطية إلى أن الطفل الوحيد مدلل وأناني ومنطوي وغير اجتماعي. لكن بعد الكثير من الأبحاث تغيرت هذه الصورة كثيرًا.

ففي دراسة أجرتها توني فالبو (أستاذة علم النفس بجامعة تكساس) على 1000 من تلاميذ المدارس في الصين ممن هم أطفال وحيدون، تبين أن الأطفال الوحيدين هم أكثر ذكاءً.

كما فاقوا أقرانهم ممن لديهم إخوة في قوة الشخصية والاعتماد على النفس، والعلاقات الأسرية والاجتماعية.

لقد سمعت كل الصور النمطية السلبية عن متلازمة الطفل الوحيد. لكن سأبذل ما في وسعي لمساعدة طفلي على تجاوز التحديات، وبعد البحث واستشارة المختصين توصلت إلى النصائح التالية لتربية طفلي تربيةً سويةً.

نصائح لتخطي متلازمة الطفل الوحيد

يواجه الأهل سلسلة من التحديات لتربية الطفل الوحيد، ولكن يمكن اجتياز هذه التحديات باتباع النصائح التالية:

امنح طفلك فرصًا للتفاعل مع أقرانهم في رياض الأطفال والنوادي الاجتماعية، وشجعه على تكوين الصداقات والانفتاح على المجتمع.

عزز مفاهيم التسامح والتعاطف مع الآخرين عند طفلك، قد يفيد التطوع في الأعمال الخيرية ومساعدة كبار السن في ذلك.

كن قدوة لطفلك في التواصل مع الآخرين ومراعاة مشاعرهم، واحرص على مشاركته المرح واللعب لإفراغ طاقته وتجنُّب السلوكيات العدوانية.

اسمح لطفلك بمساحة من الحرية مع وضع الحدود الواضحة، راقب تصرفاته عن بعد وقاوم رغبتك في التدخل؛ وعلمه تحمل نتيجة تصرفاته؛ فهذا يدعم شخصيته ويقويها.

اتركه يحل نزاعته بنفسه مع تقديم الدعم والنصيحة، وامدح استقلاليته واعتماده على نفسه. كما يمكنك تدريبه على تحمل المسؤوليات ومدح نتائجه.

“مدللون بشكل مفرط” هكذا تصف الصور النمطية متلازمة الطفل الوحيد. التربية فقط يمكنها تغيير هذه الصورة، فاتّبع التوازن عند تربية طفلك الوحيد، وتعامل بمبدأ الثواب والعقاب.

ضع القواعد واربط التشجيع والمكافئات والعقاب بتطبيق هذه القواعد، ولا تفرط في الهدايا والمكافئات دون سبب.

علم طفلك التعامل مع خيبات الأمل والإحباط على الوجه المناسب؛ فليست كل الرغبات مجابة ولا يمكنه الحصول على كل شيء. 

ركز على بناء شخصية طفلك أكثر من التركيز على إنجازاته، وكن واقعيًا في تحديد الأهداف المناسبة له.

طفلك ليس فرصتك الثانية لتحقيق أحلامك الفائتة، اتركه يحقق أحلامه الخاصة ولا تضغط عليه للوصول للكمال، فطفلك لديه مرة واحدة ليعيش طفولته فدعه يستمتع بها. 

وأخيرًا اتفقت أنا وزوجتي على خلق بيئة يحفها الحب والهدوء، وتربية طفلنا تربيةً سويةً متوازنةً، وأن طريقة تعاملنا مع متلازمة الطفل الوحيد هي ما سيحدد مستقبل طفلنا.

اقرأ أيضًا

الطفل غير الاجتماعي | طفل خجول أم مشكلة حقيقية تحتاج تدخل؟

غيرة الأطفال | خطوات سهلة للتغلب عليها

الذكاء العاطفي وتأثيره في العلاقات الاجتماعية

المصدر
researchgateonly-child-syndromescientificamericanparents.com
Exit mobile version