“تُشير نتائج التحاليل الطبية إلى ارتفاع نسبة هرمون الحليب وعلى الأغلب هو سبب تأخر الحمل لديك”
هكذا كانت كلمات الطبيب في آخر زيارة لها عنده، ومن وقتها وهي قلقة للغاية وتخشى تأخر العلاج وعدم جدواه، فكم تشتاق لتكون أمًا وتحمل طفلها بين يديها.
نستعرض في هذا المقال أسباب ارتفاع هرمون الحليب وعلامات ارتفاعه وكيفية علاجه.
ما هو هرمون الحليب؟
هرمون الحليب أو هرمون البرولاكتين أو هرمون اللبن، أسماء مختلفة لأحد الهرمونات الهامة في جسم الإنسان.
هو مادة بروتينية تُفرز بشكل أساسي من الفص الأمامي للغدة النخامية، بينما يُفرز بكميات ضئيلة من أجزاء أخرى بجسم الإنسان، مثل: الثديين والرحم والبروستاتا، وبعض الخلايا المناعية وبعض الأنسجة الدهنية.
يُفرز هذا الهرمون في جسم المرأة والرجل على حد سواء لكن بنسب مختلفة، إذ يزداد إفرازه في جسم المرأة ليتناسب مع مهام جسمها الفسيولوجية، مثل: الدورة الشهرية والحمل والإرضاع.
أهمية هرمون الحليب
بالرغم من ارتباطه في أذهان الناس بأنه يُفرز خلال مدّة الرضاعة من أجل إدرار الحليب للطفل، إلا إنه له العديد من الوظائف الأخرى المختلفة كالتالي:
1. إدرار اللبن
تُعد تلك الوظيفة الرئيسية لهذا الهرمون، إذ يزداد إفرازه في أثناء الحمل لتهيئة الثديين وتحفيزهما على إفراز الحليب بعد الولادة وأثناء الرضاعة، وعادةً ما تنخفض نسبته لتعود للمعدل الطبيعي بمجرد عملية الفطام.
2. تحفيز نمو الثديين
يعمل البرولاكتين على زيادة نمو الغدد اللبنية بالثدي عند النساء؛ مما يحفز نمو الثديين ويزيد من حجمهم.
3. يؤثر على القدرة الجنسية والإنجابية لدى الرجال
يساعد البرولاكتين على إبقاء نسبة الهرمون الذكري التستوستيرون في المعدلات الطبيعية، ويلعب هرمون التستوستيرون دورًا هامًا في حدوث الانتصاب وإنتاج المني، مما يزيد من القدرة الجنسية والإنجابية لدى الرجال.
4. يحافظ على استقرار الحمل لدى النساء
يعمل البرولاكتين على تحفيز الجسم الأصفر المفرز لهرمون البروجستيرون، ويساعد هذا الهرمون على تثبيت الحمل واستمراره.
5. يساهم في عملية نمو الجنين
يُعزز البرولاكتين من نمو جسم الجنين، وخاصةً نمو الدماغ والرئتين.
6. تعزيز الجهاز المناعي
يلعب البرولاكتين دورًا هامًا في تعزيز الاستجابة المناعية ضد الأمراض المختلفة، وخاصةً الأمراض المناعية الذاتية.
7. تنظيم الضغط الأسموزي في الجسم
يساعد البرولاكتين على تنظيم انتقال الأملاح والماء (الضغط الأسموزي) بين خلايا الجسم والأنسجة المحيطة بها، مما يعمل على استقرار البيئة الداخلية والعمليات الحيوية داخل جسم الإنسان.
كيفية قياس نسبة هرمون الحليب
يمكن قياس نسبة الهرمون في معامل التحاليل الطبية، كل ما على المريض فعله هو الذهاب إلى المعمل، حينها يسحب الطبيب عينة دم وريدي من الذراع، وعادةً ما ينتهي إجراء التحليل خلال يومين ويُخطر المريض بالنتيجة.
غالبًا ما تزداد نسبة الهرمون بالدم طوال الليل، وتصل ذروتها في الصباح الباكر؛ لذلك ينصح الأطباء بإجراء التحليل بعد الاستيقاظ من النوم بـ 3-4 ساعات.
نسبة هرمون الحليب
تختلف النسبة الطبيعية لهرمون الحليب تبعًا للجنس والحالة:
- الرجال: أقل من 17 نانو جرام/مل.
- النساء غير الحوامل: أقل من 25 نانو جرام/مل.
- النساء الحوامل: يصل إلى 400 نانو جرام/مل.
وقد تختلف النسبة اختلافًا طفيفًا من مختبر إلى آخر تبعًا للطرق المتبعة في القياس والكيماويات المستخدمة لإجراء التحليل.
أسباب ارتفاع هرمون الحليب
يُعد ارتفاع نسبة هرمون الحليب في الدم خلال الحمل والرضاعة سببًا طبيعيًا لا يستوجب العلاج، لكن هناك بعض الأسباب المرضية التي تسبب ارتفاعه كالتالي:
- وجود ورم حميد بالغدة النخامية يعرف باسم “الورم البرولاكتيني”، ويعد سببًا لأغلب حالات ارتفاع هرمون الحليب.
- وجود عدوى أو إصابات أو ورم بمنطقة تحت المهاد (Hypothalmus).
- فرط نشاط الغدة الكظرية أو ما يعرف باسم “متلازمة كوشينغ”، التي تسبب زيادة إفراز هرمون الكورتيزول.
- قصور الغدة الدرقية.
- تكيس المبايض.
- تليف الكبد.
- بعض أمراض الكُلى.
- تناول بعض الأدوية، مثل: أدوية علاج ضغط الدم المرتفع، والأدوية المضادة للغثيان، كذلك بعض الأدوية المستخدمة في علاج الاكتئاب والذُهان.
- الإرهاق والتعب المستمر، والتعرض للضغوطات النفسية والعصبية.
- الإكثار من تناول بعض الأعشاب، مثل: الينسون والحلبة.
علامات ارتفاع هرمون الحليب
تختلف علامات (أعراض) ارتفاع الهرمون بين الرجال والنساء كالتالي:
الأعراض لدى النساء
- إدرار الحليب بكمية كبيرة لدى المرأة الحامل.
- عدم انتظام الدورة الشهرية أو انقطاعها.
- انخفاض الخصوبة وقد يؤدي إلى العقم.
- قلة الرغبة الجنسية.
- الإحساس بالثقل والألم في الثديين.
- نزول إفرازات حليبية من الثديين.
- الهبات الساخنة وجفاف المهبل.
- حدوث آلام عند الجماع.
- زيادة ظهور حب الشباب.
- فرط نمو الشعر بالوجه والجسم.
الأعراض لدى الرجال
- خلل في مستويات الهرمون الذكري التستوستيرون.
- كبر حجم الثديين لدى الرجال.
- قلة نمو الشعر.
- فقدان الرغبة الجنسية.
- ضعف الانتصاب مما يؤدي إلى انخفاض القدرة الجنسية.
- قلة إنتاج الحيوانات المنوية مما يؤدي إلى انخفاض الخصوبة والعقم.
وهناك بعض الأعراض التي يشترك فيها الجنسين، مثل: الصداع، ونقص كثافة العظام، وبعض المشاكل البصرية.
علاج ارتفاع هرمون الحليب
في حالات الارتفاع الطفيفة أو الحالات التي لا تسبب أي أعراض، ربما لا يتطلب الأمر أي علاج.
أما في حالات الارتفاع الناتجة عن أسباب مرضية، فيختار الطبيب آلية العلاج بناءً على السبب المؤدي لارتفاع هرمون الحليب كالتالي:
- يعد استخدام دواء “البروكربتين” و “كابيرجولين” من أكثر الأدوية شيوعًا التي تقلل من نسبة الهرمون، وغالبًا ما يستخدم في حالة الورم البرولاكتيني بالغدة النخامية، وحالات الارتفاع مجهولة السبب.
- في حالة عدم استجابة الورم للأدوية، قد يلجأ الطبيب إلى إجراء الجراحة لاستئصاله، إذ يساعد ذلك مع الأدوية على تحقيق النتيجة المرجوة في تخفيض نسبة الهرمون، كذلك في بعض الحالات النادرة قد يستخدم العلاج الإشعاعي بعد إجراء الجراحة.
- أما إذا كان الارتفاع ناتج عن قصور الغدة الدرقية، يكون العلاج باستخدام هرمون الغدة الدرقية الاصطناعي، الذي من شأنه أن يخفض نسبة الهرمون.
- وفي حالة الارتفاع الناتج عن تناول بعض الأدوية الخاصة بعلاج بعض الأمراض، فسيُوصي الطبيب المعالج باستبدالها بأدوية أخرى لا تؤثر على نسبة الهرمون.
وهناك بعض النصائح التي تساعد على خفض نسبة هرمون الحليب كالتالي
- اتباع نظام غذائي صحي.
- البعد عن التوتر والقلق.
- تناول المكملات الغذائية التي تحتوي على فيتامين (B6) وفيتامين (E).
- تجنب ارتداء الملابس الضيقة حول منطقة الثدي.
- تجنب الأنشطة التي تسبب الإجهاد الجسدي والعصبي.
وفي الختام -عزيزتي القارئة- اعلمي أن ارتفاع هرمون الحليب لا يهدد حياة الإنسان، وعادةً ما يعالج بسهولة، لكن في بعض الحالات قد يحتاج العلاج لوقت أطول تبعًا لحالة المريض ونسبة الهرمون، لذا إذا كنتِ تعانين ارتفاعه، فاحرصي على تناول الدواء بانتظام واتباع إرشادات الطبيب.
