ذات يوم استيقظت على ألمٍ شديد كاد يمزق ضلوع صدري، وعانيت صعوبة التقاط أنفاسي وبدأ جسدي ينهمر عرقًا، وشعرت أنها النهاية لا مفر.
سرعان ما انتقلت إلى المستشفى وطلب الأطباء سرعة إجراء تحليل إنزيمات القلب ومجموعة أخرى من التحاليل والأشعة الطبية.
واكتشفت إصابتي بنوبة قلبية حادة، ولكن حمدًا لله تم سرعة التعامل معها وتلقيت العلاج المناسب والنجاة منها.
سنخوض معًا في هذا المقال عن إنزيمات القلب، وأهميتها، وأسباب ارتفاعها، والتحاليل اللازمة للكشف عن الأزمات القلبية.
ما هي إنزيمات القلب؟
إنزيمات القلب هي بروتينات موجودة بمستويات منخفضة في مجرى الدم. لكن عندما يزيد مستواها في الدورة الدموية؛ يصبح ذلك مؤشرًا على الإصابة باحتشاء عضلة القلب أو ما يعرف بالسكتة القلبية (myocardial infarction) أو تليف العضلات القلبية بسبب عدم حصوله على كمية وفيرة من الأكسجين.
تتكون إنزيمات القلب من ثلاث عناصر رئيسية، وتعد أهم المؤشرات الحيوية القلبية وهم:
- الميوجلوبين (myoglobin).
- التروبونين (Troponin).
- الكرياتين كيناز(creatine kinase).
أهمية تحليل إنزيمات القلب
يلجأ الأطباء إلى إجراء تحليل إنزيمات القلب لمعرفة وتشخيص النوبة (الأزمة) القلبية أو في حالة ظهور أعراض انسداد في شرايين القلب مثل:
- ألم في الصدر (الذبحة الصدرية).
- ضيق التنفس.
- الشعور بالدوار.
- الشعور بالهذيان والتعب.
- التعرق وبرودة الجسم.
- الغثيان أو القيء.
أسباب ارتفاع إنزيمات القلب
يُشير ارتفاع مستويات إنزيمات القلب في الدم إلى احتمالية الإصابة بالنوبة القلبية، وكلما زادت مستوياتها في الدم زاد نسبة الضرر الذي تعرض له القلب الناجم عن النوبة القلبية.
لكن توجد أسباب أخرى تزيد مستويات إنزيمات القلب في الدم وهي:
- الانسداد الرئوي.
- السكتة الدماغية.
- العلاج الكيميائي.
- جراحة القلب المفتوح.
- الرجفان الأذيني.
- مرضى الكلى.
- اعتلال عضلة القلب.
- إصابة الدم بميكروب مثل: تعفن الدم (الإنتان).
- تضرر عضلات القلب بسبب التعرض لحادث.
نظراً لتعدد العوامل التي تؤدي إلى ارتفاع إنزيمات القلب، لذلك يلجأ الطبيب إلى إجراء مجموعة من الفحوصات الطبية الأخرى بالإضافة إلى تحليل إنزيمات القلب لتحديد التشخيص السليم.
قد تتطلب بعض الحالات القلبية مزيد من الفحوصات لأمراض القلب؛ لذلك يطلب الطبيب إجراء قسطرة قلبية.
ما تحاليل الأزمة القلبية؟
يجري الأطباء مجموعة من الفحوصات الطبية عند الإصابة بالأزمة القلبية؛ وذلك لتقييم مستوى الضرر الناجم عن النوبة القلبية وتحديد خطة العلاج الصحيحة وتنقسم إلى:
تحليل إنزيمات القلب
يُعد فحص دم بسيط يقيس مستويات إنزيمات القلب في الدورة الدموية، ولا يحتاج إلى شروط خاصة لسحب العينة.
يتضمن ثلاث تحاليل رئيسية وهي:
- الميوجلوبين (myoglobin)
بروتين صغير يوجد في الأنسجة العضلية الموجودة في القلب والجسم، وهو المسؤول عن حمل الأكسجين داخل خلايا العضلات؛ لإنتاج الطاقة اللازمة لانقباض العضلات.
يُفرز الميوجلوبين بمستويات مرتفعة في الدم، عند تليف الأنسجة العضلية أو الإصابة بالنوبة القلبية.
يتميز بأنه يفرز بكميات مرتفعة في الدم بعد 30 دقيقة من الإصابة؛ ذلك يساعد على سرعة التشخيص وبدء خطة العلاج.
تعود نسبة الميوجلوبين إلى مستوياتها الطبيعية خلال 24 ساعة من التعامل مع الحالة.
- التروبونين (Troponin)
مجموعة من البروتينات الموجودة في ألياف العضلات الهيكلية والقلبية، والتي تنظم انقباض العضلات.
ينقسم التروبونين إلى نوعين وهما: تروبونين i ، وتربونين T؛ وهما المسؤولان عن انقباض العضلة القلبية.
يٌفرز التروبونين بكميات مرتفعة في الدم خلال 3 أو 4 ساعات من الإصابة بالنوبة القلبية، ويعود إلى مستواه الطبيعي بعد 10 أيام من الإصابة والتعامل معها.
يعد تحليل التروبونين i، T الأسرع والأدق والأكثر حساسية واستخدامًا في تشخيص الإصابة بالنوبة القلبية.
- الكرياتين كيناز (creatine kinase,CK)
بروتينات موجودة في القلب (CK-MB)، والدماغ (CK-MM)، وعضلات الهيكل العظمي (CK-BB)، وتعرف أيضاً باسم كرياتين فوسفوكيناز (CPK).
يستمر إفراز الكرياتين كيناز (CK-MB) بكميات مرتفعة في الدم مدة 3 إلى 4 أيام بعد الإصابة بالنوبة القلبية، ويعود إلى مستواه الطبيعي في خلال 6 إلى 10 أيام من التعامل معها.
مخطط صدى القلب (Echocardiogram)
هو مخطط بياني لحركة القلب ويُجرى بإستخدام تقنية الموجات فوق صوتية، وهو نوع من الأشعة السينية.
يضع المختص محلول هلامي (الجل) على الصدر، ثم يضع رأس المسبار الذي يبث موجات فوق صوتية على الصدر ويحركه يمينًا ويسارًا للحصول على صور لصمامات القلب.
يستغرق اختبار مخطط صدى القلب نحو 40 دقيقة وهو غير مؤلم ولا يحتاج إلى شروط خاصة لإجراؤه.
يستخدم الأطباء مخطط صدى القلب في تحديد مناطق التلف في القلب الناجمة عن الإصابة بالنوبة القلبية، ومدى تأثيرها على وظائف القلب.
تخطيط كهربائية القلب (Electrocardiogram)(ECG)
يعرف باسم (رسم القلب) ويقيس النشاط الكهربائي للقلب؛ إذ إن القلب ينتج نبضات كهربائية صغيرة مع كل نبضة، ويجب إجراؤه خلال 10 دقائق منذ دخول المريض للمستشفى.
يضع المختص أقراص معدنية مسطحة (أقطاب كهربائية) على الذراع، والساق، والصدر، وتوصل هذه الأقطاب بجهاز تخطيط القلب الذي يسجل النبضات الكهربائية للقلب مع كل نبضة.
يستغرق اختبار كهربائية القلب نحو 5 دقائق وهو غير مؤلم ومهم في الكشف عن حالات النوبة القلبية المشتبه بها.
يستخدم الاطباء هذا الفحص لتأكيد تشخيص الإصابة بالنوبة القلبية، وأيضًا لتحديد نوع النوبة القلبية واتباع الإجراءات اللازمة للتعامل معها.
في بعض الحالات، يلجأ الطبيب أيضًا إلى إجراء القسطرة القلبية لمعرفة مزيد عن حالة القلب، وذلك لوجود أهمية كبيرة بين ارتفاع إنزيمات القلب والقسطرة القلبية.
ما القسطرة القلبية؟
هو إجراء طبي يُستخدم في تشخيص أو علاج بعض أمراض القلب والأوعية الدموية.
يضع الطبيب أنبوبًا رفيعًا ومرنًا ومجوفًا (القسطرة) في وعاء دموي في الفخذ، أو الرقبة، أو الذراع، ثم يمرره عبر الوعاء الدموي إلى الشريان الأورطي بالقلب.
عادًة، يكون المريض مستيقظًا في أثناء القسطرة القلبية، ولكن في حالة من الاسترخاء لحصوله على كمية صغيرة من الأدوية المهدئة قبل البدء بإجراء العملية.
يتعافى المريض من القسطرة القلبية في وقت سريع، واحتمالية حدوث مضاعفات خطرة منخفض جدًا.
أنواع القسطرة القلبية
يجري الأطباء نوعين من القسطرة القلبية وهما:
القسطرة القلبية التشخيصية
تُستخدم في تشخيص مشكلات القلب، فيستطيع الطبيب من خلالها معرفة ما يلي:
- تحديد مناطق ضيق أو انسداد الأوعية الدموية؛ التي تسبب ألمًا في الصدر (تصوير الأوعية الدموية).
- تقييم تدفق الدم إلى عضلة القلب.
- أخذ عينة من نسيج القلب (خزعة).
- قياس الضغط ومستويات الأكسجين في أجزاء مختلفة من القلب (تقييم الدورة الدموية).
- تشخيص عيوب القلب الخلقية.
- تحديد المشكلات في صمام القلب.
القسطرة القلبية العلاجية
تُعد جزء من بعض الإجراءات العلاجية لأمراض القلب، تشمل هذه الإجراءات:
- توسيع الشريان الضيق (الرأب الوعائي) عن طريق وضع دعامة أو دونها.
- إصلاح العيوب الخلقية وإغلاق الثقوب في القلب.
- إغلاق جزء من القلب لمنع تجلط الدم.
- توسيع صمامات القلب الضيقة (رأب الصمام بالبالون).
هل ترتفع مستويات إنزيمات القلب بعد القسطرة القلبية؟
لاحظ الأطباء -في أغلبية الحالات- ارتفاع إنزيمات القلب بعد القسطرة وخاصة إنزيم الكرياتين كيناز (CK-MB) في المرضى الذين يعانون احتشاء عضلة القلب الحاد، حتى بعد إخضاعهم لقسطرة قلبية.
المعدل الطبيعي لإنزيمات القلب
تتفاوت نتائج تحليل إنزيمات القلب من شخص إلى آخر بناءً على العمر، والنوع، والتاريخ المرضي له، وأيضًا تختلف من معمل إلى آخر وفقًا للطريقة المستخدمة في إجراء التحليل.
لذا عليك استشارة الطبيب المعالج لتفسير نتائج التحليل والاطمئنان على صحة القلب.
التحليل | النسبة |
تروبونين i | أقل من 0.12 (ng/ml) |
تروبونين T | أقل من 0.01 (ng/ml) |
الكرياتين كيناز في القلب (CK-MB) | تتراوح من 5_25 (ng/ml) |
الميوجلوبين | تتراوح من 25_72 (ng/ml) |
هل التدخين يرفع إنزيمات القلب؟
يؤثر التدخين تأثيرًا كبيرًا في صحة القلب والأوعية الدموية، ويتسبب في كثير من الأمراض الخطيرة التي تؤدي إلى رفع مستويات إنزيمات القلب مثل:
- زيادة معدل ضربات القلب.
- ارتفاع ضغط الدم.
- السكتة الدماغية.
- النوبة القلبية.
- تغير مستويات الكوليسترول، ومستويات الفيبرينوجين المسؤولة عن تخثر الدم.
- تمدد الأوعية الدموية.
- تصلب الشرايين.
النساء المدخنات ويستخدمن حبوب منع الحمل وأيضًا المدخنات المصابات بداء السُكري؛ هم أكثر عُرضة للإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
يزيد خطر التدخين السلبي بإصابة الأشخاص غير المدخنين بأمراض القلب أو السكتة الدماغية بنسبة تتراوح بين 20-30% مقارنة بمن لا يتعرضون للدخان.
أخيرًا -عزيزي القارئ- إذا شعرت بأحد أعراض النوبة القلبية -كما ذُكر سابقًا- لا داعي للتأخير وعليك سرعة التوجه إلى المستشفى لتلقي الرعاية الطبية العاجلة.
ويجب عليك اتباع إرشادات الطبيب في تناول الأدوية وتغيير نمط الحياة إلى نظام غذائي صحي، وممارسة التمارين الرياضية، وتقليل التوتر؛ ذلك لتجنب الإصابة بالنوبة القلبية مرة أخرى.
اقرأ أيضًا
الدهون الثلاثية | أضرارها وكيفية التخلص منها
ضغط الدم المرتفع | المرض الصامت
مراجع عام د.آيه أمين
مراجع طبي د.سلمى جمال