ًتؤثر الضغوطات تأثيرًا مباشرًا بكل أنواعها في الصحة النفسية و الذهنية للفرد، خاصةً في عصرنا الحالي،
فقد تؤدي هذه الضغوطات للإصابة ببعض الأمراض النفسية والاضطرابات الذهنية التي قد تؤثر تأثيرًا كبيراً في حياة الفرد الاجتماعية والعلمية والعملية ومنها مرض اضطراب ثنائي القطب.
لكن هل هناك أسباب أخرى تؤدي للإصابة بهذه الأمراض النفسية؟.
سنتناول في هذا المقال واحد من أهم الاضطرابات الذهنية وأشهرها التي قد تصيب الإنسان، ألا وهو اضطراب ثنائي القطب. فما هو؟ وما أنواعه وأعراضه؟ وما أسباب الإصابة به؟ وكيف يُعالج؟.سنجيب عن كل هذه الأسئلة في هذا المقال وسنتحدث عن كل ما يخص اضطراب ثنائي القطب.
ما هو اضطراب ثنائي القطب؟
اضطراب ذهني يعاني فيه المصاب تقلب الحالة المزاجية بين الهوس والاكتئاب؛ فيشعر المصاب بحالة من السعادة والانتشاء تليها حالة من الاكتئاب الشديد والحزن، ولهذا سُمي هذا المرض باضطراب ثنائي القطب.
في الفترة التي يكون فيها المصاب في حالة السعادة أو الهوس (Mania) تظهر عليه علامات السعادة الشديدة والنشوة، ويشعر بالطاقة والحيوية ومن الممكن أن يعاني بعض الهلاوس.
أما في الفترة التي يكون فيها في حالة الاكتئاب (Depression) تظهر عليه علامات الحزن الشديد، وعدم الاهتمام، وانعدام الرغبة في ممارسة أي نوع من الأنشطة.
يؤثر هذا التقلب الشديد في الحالة المزاجية في حياة المريض الشخصية تأثيرًا كبيرًا، سواء في الناحية العملية أو العلمية أو الاجتماعية؛ فهو لا يستطيع التحكم في نوبات السعادة أو الحزن مما قد يؤدي لانعزاله عن المجتمع.
أنواع اضطراب ثنائي القطب
ينقسم اضطراب ثنائي القطب إلى ثلاثة أنواع رئيسية بناءً على حدة الأعراض وفترتها الزمنية:
- اضطراب ثنائي القطب من النوع الأول
يلاحظ على المصاب في هذا النوع سلوك غريب الأطوار، بالإضافة إلى نوبات الهوس التي قد تستمر مدة أسبوع على الأقل، أو من الممكن أن تكون نوبات شديدة جدًا لدرجة الحاجة للتدخل الطبي.
بالإضافة إلى نوبات الهوس فقد يعاني المريض أيضًا نوبات اكتئاب حاد التي قد تستمر مدة أسبوعين على الأقل.
- اضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني
يشبه هذا النوع النوع الأول تمامًا ولكن يكون أخف وأقل حدة منه.
- اضطراب دَورويَّة المزاج (Cyclothymic disorder)
يشبه هذا النوع النوعين الأول الثاني ولكن لفترات أطول وبحدة أقل، فقد تستمر نوبات الهوس والاكتئاب مدة سنتين على الأقل في البالغين، وسنة واحدة في الأطفال والمراهقين.
يزيد تعاطي المخدرات وشرب الكحول عدد النوبات في فترة المرض.
ما أسباب اضطراب ثنائي القطب؟
لا يوجد سبب معين يؤدي إلى الإصابة باضطراب ثنائي القطب، ومازالت الدراسات والأبحاث قائمة من أجل معرفة الأسباب.
لكن هنالك بعض النظريات تنص على أنه من الممكن إصابة الفرد باضطراب ثنائي القطب في حال وجود هذا المرض في العائلة.
ما العوامل التي قد تؤدي للإصابة باضطراب ثنائي القطب؟
- أن يكون أحد أقارب الدرجة الأولى مصابا بهذا المرض.
- المرور بفترة ضغوطات أو التعرض إلى صدمات نفسية.
- تعاطي المخدرات وشرب الكحول.
- بعض المشكلات الصحية.
أعراض اضطراب ثنائي القطب
تنقسم أعراض اضطراب ثنائي القطب إلى نوبات اكتئاب وهوس في أوقات مختلفة، فقد يشعر المصاب بالسعادة والنشوة في بعض الأوقات، وبالاكتئاب والحزن في أوقات أخرى:
- نوبات الهوس والهوس الخفيف
يعد الهوس والهوس الخفيف نوعين مختلفين من النوبات، ولكن بالأعراض نفسها. الفرق بينهما في حدة الأعراض؛ فنوبة الهوس الخفيف تكون أخف حدة.
تكون أعراض نوبات الهوس والهوس الخفيف عبارة عن ثلاثة أعراض أو أكثر من الأعراض التالية:
- سعادة غير طبيعية وغضب سريع وغرابة في الأطوار.
- هيجان وزيادة النشاط والحركة.
- ثقة في النفس مبالغ فيها.
- قلة الحاجة إلى النوم.
- كثرة الكلام وسرعته.
- تسابق في الأفكار: بمعنى أن ذهن المصاب يكون مليء بالأفكار والمواضيع، و يحاول أن يتحدث عنها كلها في الوقت نفسه.
- سهولة تشتت الانتباه.
- زيادة غير طبيعية في الدافع الجنسي.
- نوبات الاكتئاب
يعاني المصاب باضطراب ثنائي القطب خلال نوبة الاكتئاب خمسة أو أكثر من الأعراض التالية:
- حزن شديد.
- انخفاض الطاقة.
- شعور بانعدام الأمل وبعدم النفع.
- انعدام المتعة في الأنشطة التي كانت ممتعة عادة.
- صعوبة التركيز.
- كثرة النسيان.
- التحدث ببطء.
- انخفاض الرغبة الجنسية.
- الحاجة للنوم باستمرار أو أرق مستمر.
- تغير في الشهية: تؤدي إلى زيادة أو نقصه في الوزن.
- أفكار انتحارية ومحاولات للانتحار.
اضطراب ثنائي القطب عند النساء
تتميز الإصابة بالمرض عند النساء ببعض الخصائص، منها:
- يُشخص المرض في مرحلة العشرينات أو الثلاثينات.
- تكون نوبات الهوس أخف.
- تعاني نوبات الاكتئاب أكثر من نوبات الهوس.
- تمر بأربع نوبات أو أكثر من الهوس والاكتئاب خلال السنة.
- قد تعاني مشكلات أخرى (مشكلات في الغدة الدرقية، أوالسمنة واضطراب القلق والصداع النصفي).
تعاني المرأة المصابة باضطراب ثنائي القطب من انتكاسات مستمرة، وذلك بسبب التغيرات الهرمونية التي تمر بها في فترة الدورة الشهرية والحمل وسن اليأس.
اضطراب ثنائي القطب عند الرجال
تتميز الإصابة به عند الرجال ببعض الخصائص، منها:
- يُشخص في عمر مبكر.
- يعاني المريض من نوبات أكثر حدة من النساء خاصةً نوبات الهوس.
- من الممكن أن يلجأ المصاب إلى التعاطي.
اضطراب ثنائي القطب عند الأطفال
يعاني الأطفال نوبات هوس واكتئاب، ولكن تختلف أعراضها عن الأعراض عند البالغين، مع أنه من الطبيعي أن يمر الأطفال بتقلبات في المزاج في السنوات الأولى من عمرهم، إلا أن تقلبات المزاج الناتجة عن الإصابة باضطراب ثنائي القطب تكون واضحة، فتكون النوبات أكثر حدة من الوضع الطبيعي.
- أعراض نوبة الهوس عند الأطفال
- يكون الطفل سعيدًا سعادة مبالغ فيها ويتصرف بسخافة.
- التحدث بسرعة وتغيير المواضيع فجأة.
- عدم القدرة على التركيز.
- يكون سلوكه خطرًا وقد يعرض نفسه للخطر.
- حدة الطبع والانفعالية، مما قد يجعله سريع الغضب والإنفعال.
- يعاني مشكلات في النوم وقد لا يشعر بالتعب في حال عدم النوم.
- أعراض نوبة الاكتئاب عند الأطفال
- يتصرف بحزن شديد.
- قد ينام كثيرًا أو قليلًا.
- يغلب عليه الكسل أو عدم الإهتمام بأداء أي نوع من الأنشطة حتى لو كان بسيطًا.
- يشتكي باستمرار أنه ليس على ما يرام أو أنه يعاني صداع أو آلام في البطن.
- يشعر بالذنب ويشعر بأنه عديم النفع.
- قد يأكل كثيراً أو قليلًا.
- يفكر بالموت ومن الممكن أن يحاول الانتحار.
اضطراب ثنائي القطب عند المراهقين
من الطبيعي أن يمر الشخص في فترة المراهقة بحالة من تقلب المزاج، فربما يشعر بالحزن أو الاكتئاب أو أن عاطفته أصبحت مبالغ فيها، وذلك بسبب التغير الهرموني الذي يمر به الجسم في هذه المرحلة، بالإضافة إلى التجارب الجديدة التي قد يخوضها الإنسان في هذه المرحلة من العمر.
لكن مع ذلك، قد يكون هذا التقلب في المزاج في بعض المراهقين ناجمًا عن حالات أخرى مثل اضطراب ثنائي القطب.
من الشائع جدًا أن تشخص الإصابة به في أواخر فترة المراهقة وبداية فترة البلوغ.
- أعراض نوبة الهوس عند المراهقين
- يشعر بسعادة عارمة.
- قد يسيء التصرف في بعض الأمور.
- يقوم ببعض التصرفات المتهورة التي قد تعرضه للخطر.
- تعاطي المخدرات.
- التفكير بالجنس كثيراً، ويقوم ببعض الممارسات الجنسية بكثرة.
- يعاني مشكلات في النوم، لكن مع ذلك لا يشعر بالتعب أو الإرهاق.
- يكون طبعه حادًا مما قد يجعله سريع الغضب والانفعال.
- يعاني مشكلات في التركيز ويكون سهل التشتت.
- أعراض نوبة الاكتئاب عند المراهقين
- قد ينام كثيرًا أو قليلًا.
- قد يأكل كثيرًا أو قليلًا.
- يشعر بحزن شديد ولا يبدي اهتمام في أداء أي نشاط.
- ينعزل عن الأصدقاء.
- يفكر بالموت والانتحار.
كيف يُشخص اضطراب ثنائي القطب؟
يعتمد التشخيص على الأعراض التي تظهر على المصاب، واستبعاد أي حالات أخرى قد تتشارك في الأعراض نفسها (مثل مرض خمول الغدة الدرقية أو تعاطي المخدرات وشرب للتأكد أيضًا من التشخيص يجب الإجابة على بعض الأسئلة (ما مدى شدة الأعراض أو النوبات؟ كم من الوقت تستمر الأعراض؟ كم مرة تعاني هذه النوبات؟).
من أهم الأعراض التي قد تساعد كثيرًا في تشخيص الإصابة به هي: الشعور بتقلبات مستمرة في المزاج إذ يشعر المصاب بحالات سعادة وهوس تليها حالات حزن واكتئاب شديد، بالإضافة إلى التغير في نمط النوم، والطاقة، وطريقة التفكير والسلوك.
كيف تُشخص نوبات الهوس و نوبات الاكتئاب؟
يجب أن يعاني المصاب ثلاثة أعراض للهوس أو أكثر مدة أسبوع على الأقل ويوميًا وطوال اليوم، أو أن تكون شديدة لدرجة الذهاب للمستشفى. أما نوبات الاكتئاب فيجب أن تستمر مدة أسبوعين على الأقل.
العلاج
ينقسم العلاج لقسمين رئيسيين، ألا وهما العلاج بالأدوية، والعلاج النفسي، ولكن في حال عدم الوصول لنتيجة مرضية في العلاج، يلجأ الأطباء لبعض أساليب العلاج الأخرى:
- الأدوية
- مثبتات المزاج(Mood stabilizers):
الليثيوم (Lithium)، كاربامازيبين (Carbamazepine)، لاموتريجين (Lamotrigine)، حمض الفالبرويك (Vlaproic acid)
- مضادات الذهان:
لوراسيدون (Lurasidone)، كاريبرازين (Cariprazine)، أولانزابين (Olanzapine).
- مضادات الاكتئاب والذهان:
سيمبياكس (Symbyax).
- مضادات القلق ومنومات:
البنزوديازيبين (Benzodiazepine)
- العلاج النفسي
- العلاج التفاعلي (Interpersonal psychotherapy)
يركز هذا العلاج على الروتين اليومي مثل النوم والأكل وغيرهما.
- العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive behavioral therapy)
يركز هذا النوع من العلاج على السلوكيات والعادات السيئة واستبدالها بعادات حسنة، كذلك يساهم أيضًا في مساعدة المصاب على كيفية التعامل مع الضغوطات المختلفة والأفكار السلبية.
- العلاج النفسي التربوي (Educational psychotherapy)
يركز هذا النوع من العلاج على تعليم المصاب وأفراد عائلته كل ما يخص المرض ليسهل عليهم التعامل مع النوبات.
- علاجات أخرى
في حال فشل العلاج بالأدوية والعلاج النفسي، يتم اللجوء لأنماط أخرى من العلاجات، ومنها:
- العلاج بالتخليج الكهربي (Electroconvulsive therapy)
هو عبارة عن صدمات كهربائية للمخ تقوم بتحفيز تشنجات بسيطة تعمل بدورها على إعادة توازن بعض النواقل العصبية في المخ. على الرغم من أن العلاج بالتخليج الكهربي هو السبيل الأخير في حال فشل العلاج بالأدوية والعلاج النفسي، إلا أنه آمن و فعال جدا وأعراضه الجانبية بسيطة.
- الوخز الإبري ( Acupuncture):
يعد الوخز الإبري علاج تكميلي من الممكن أن يساعد على تخفيف نوبات الاكتئاب التي يسببها اضطراب ثنائي القطب.
- تغيير نمط الحياة
- ممارسة الرياضة باستمرار.
- تحديد مواعيد ثابتة لتناول الطعام والنوم.
- محاولة تعلم كيفية التعرف على تقلبات المزاج وكيفية التعامل معها.
- تعلم كيفية التحكم بالضغوطات والتعامل معها.
- الحصول على الدعم من العائلة والأصدقاء.
- الابتعاد تمامًا عن شرب الكحول وتعاطي المخدرات.
في الختام، من الممكن أن يكون مرض اضطراب ثنائي القطب مرضًا مزمنًا، ولكن العلاج المنتظم يساهم وبشكل كبير في السيطرة على الأعراض والنوبات، ويساعدك في ممارسة حياتك بصورة طبيعية.
مراجع عام د.آيه امين
مراجع طبي د.سارة عبد المنعم
