الأرتكاريا أو (الشرى الجلدي) هو مصطلح طبي يُطلق على البقع أو الكدمات الحمراء المثيرة للحكة التي تظهر على الجلد، وعندما تستمر هذه البقع أو الكدمات لفترة أكثر من ستة أسابيع يُطلق عليها الأرتكاريا المزمنة.
تؤرق الإصابة بالأرتكاريا حياة المصاب، إذ يمكن أن تمنعه النوم، وممارسة نشاطاته الطبيعية تخيل -عزيزي القارئ- الإحساس بالمئات من الدبابيس تخترق جلدك إنه إحساس في منتهى الصعوبة.
يمكن أن تكون الأرتكاريا مجهولة السبب ولكن قبل أن يجزم الطبيب بذلك ينبغي له أن يتحقق عدم وجود حساسية أو عدوى.
في هذا المقال سنتعرف إلى أسباب وعلاج الأرتكاريا ومعاناتي مع الأرتكاريا وبعض المعلومات الأخرى الشيقة عن هذا المرض العجيب فكن معنا عزيزي القارئ.
معاناتي مع الأرتكاريا
عانيت فترة حملي نوعًا من الأرتكاريا، نغص على حياتي. في هذه الفترة عانيت حكة شديدة في الجلد وتورم الشفتين، وصعوبة البلع والهضم. وكان شغل الأطباء الشاغل هو الاطمئنان على الجنين دون النظر إلى معاناتي.
بعد التعافي قررت أن أبحث في الموضوع، لأعرف لماذا حدث لي هذا فجميع الأطباء لم يعطوني جوابًا شافيًا، فكيف تحدث الأرتكاريا؟
كيفية حدوث الأرتكاريا
تحدث الأرتكاريا نتيجة تزايد مواد كيميائية معينة تُطلق من الخلايا البدينة، والخلايا القاعدية الموجودة في الأدمة السطحية من طبقات الجلد وهذه المواد هي الهيستامين (Histamine) والبراديكينين (Bradykinin) والكاليكرين (Kallikrein) وبعض المواد الأخرى.
تؤدي هذه المواد إلى توسع الأوعية والشعيرات الدموية مما يؤدي إلى الوذمة داخل الأدمة.
أنواع الأرتكاريا ومدى شيوعها
تنقسم الأرتكاريا إلى نوعين:
- الحادة.
- المزمنة.
تُعد الأرتكاريا الحادة أكثر شيوعًا، إذ يعاني حوالي 10٪ إلى 20٪ من الأشخاص من نوبة أرتكاريا حادة في مرحلة ما من حياتهم، تكون عادةً نتيجة لرد فعل تحسسي أو عدوى أو إطلاق الهيستامين المباشر بالأدوية.
إذا استمرت الأرتكاريا لأكثر من ستة أسابيع، فهي مزمنة، بينما النوبات الأقصر تُعد حادة.
يبلغ معدل انتشار الأرتكاريا المزمنة 0.5٪ إلى 1٪ من الأشخاص، ويكون معدل الإصابة في النساء ضعف الرجال.
هل الأرتكاريا المزمنة مرض خطر؟
لا تُعد الأرتكاريا المزمنة مرضًا خطرًا ولكن ظهورها المفاجئ يمكن أن يكون رد فعل تحسسي مما يؤدي لصدمة تحسسية وهذه الحالة يمكن أن تكون خطيرة، إذ تؤدي إلى انسداد الحلق والاختناق.
أسباب الأرتكاريا المزمنة، وهل الأرتكاريا معدية؟
ربما تنتج الأرتكاريا المزمنة عن بعض العوامل البيئية، أو رد فعل من الجهاز المناعي لبعض المحفزات، وربما هي نتيجة عدوى فيروسية أو فطرية، أو بكتيرية، أو نتيجة مرض مناعة ذاتية، وكذلك هناك الأرتكاريا النفسية، وربما تكون مجهولة السبب.
الأرتكاريا المزمنة مجهولة السبب ليست مرضًا معديًا، ويمكن لبعض العوامل التالية أن تُحفز الإصابة بالأرتكاريا المزمنة مثل:
- مسكنات الألم.
- العدوى.
- لدغ الحشرات والإصابة بالطفيليات.
- الخدوش.
- الحرارة أو البرودة.
- الضغط العصبي.
- التعرض لضوء الشمس.
- التمارين الرياضية.
- تناول المشروبات الكحولية.
- الحساسية لبعض أنواع الطعام.
- الملابس الضيقة.
يمكن كذلك أن تكون الأرتكاريا استجابة من الجسم لمشكلات بالغدة الدرقية فكيف يحدث هذا؟
أثبتت بعض الدراسات أن الأرتكاريا المزمنة ربما تكون عرضًا لمشكلات الغدة الدرقية وهذه الحالة شائعة في النساء أكثر من الرجال.
في دراسة على بعض الأشخاص المصابون بالأرتكاريا المزمنة وُجد أن ١٢ من أصل ٥٤ شخصًا كلهم نساء يعانون وجود أجسام مضادة لأنزيم البيروكسيداز الدرقي (Anti thyroid peroxidase) أو (anti-TPO).
وتبين أن عشرة من هؤلاء النساء يعانون فرط نشاط الغدة الدرقية ويتلقون علاجًا له.
وجود الأجسام المضادة لإنزيم البيروكسيداز الدرقي في الدَّم يُشير إلى وجود أمراض الغدة الدرقية الناتجة عن المناعة الذاتية مثل مرض جريفز (Graves’ diseasse) أو التهاب الغدة الدرقية هاشيموتو(Hashimoto’s thyroiditis).
أعراض الأرتكاريا المزمنة
تشمل أعراض الأرتكاريا المزمنة ما يلي:
- بقع حمراء منتفخة أو متورمة على الجلد، تستمر لأكثر من ستة أسابيع.
- حكة شديدة في بعض الأحيان.
- تورم الشفتين، أو الجفون أو الحلق (وذمة وعائية).
ربما تتغير مساحة البقع الجلدية فتتقلص أو تزيد، وتؤثر التمارين أو الضغط النفسي في زيادة نسبة الأرتكاريا.
طريقة تشخيص الأرتكاريا المزمنة
يسأل الطبيب عن تاريخك المرضي ثم يفحصك جسديًا، وربما يحيلك إلى اختصاصي حساسية.
ربما يطلب الطبيب منك الاحتفاظ بمفكرة تكتب فيها أنواع الطعام والشراب والأدوية التي تتناولها. ويطلب متابعتك لأماكن ظهور البقع ومدة استمرارها.
يعتمد تشخيص الأرتكاريا المزمنة على الفحوصات السريرية إلى حدٍ بعيد، ولكن هناك بعض الاختبارات المعملية التي تفيد في هذا التشخيص مثل:
- العد الكلي للدم (CBC) مع التعداد التفريقي لخلايا الدَّم البيضاء، إذ ترتفع نسبة الخلايا الحمضية (Eosinophils) للمرضى المصابون بالطفيليات أو الذين يعانون ردة فعل لبعض الأدوية.
- فحص البراز بحثًا عن البويضات والطفيليات: ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار عند المرضى الذين يعانون أعراض الجهاز الهضمي، أو ارتفاع عدد الخلايا الحمضية، أو العائدون من سفر قريب.
- معدل ترسيب كرات الدَّم الحمراء (ESR)، يرتفع في الأشخاص المصابين بالتهاب الأوعية الدموية الشروية.
- فحص الأجسام المضادة للنواة (ANA) يُطلب عندما يشتبه الطبيب في التهاب الأوعية الدموية الشروي.
- فحص التهاب الكبدي الوبائي B وC كميًا لأنهم يرتبطون بوجود حالة تُسمى (Cryoglobulinemia) أو وجود الغلوبيولينات البردية في الدَّم الذي يرتبط بالتهاب الأوعية الدموية الشروي، والأرتكاريا المحفزة بالبرودة.
- اختبار وظائف الغدة الدرقية ومعايرة الأجسام المضادة للبيروكسيديز والميكروسومال ضد الغدة الدرقية.
- مؤشر الأرتكاريا المزمن، وهو اختبار يقيس مستويات إفراز الهيستامين من الخلايا القاعدية بالدم (Basophils)، وهؤلاء المرضى يكون مرضهم نتيجة مناعة ذاتية.
علاج الأرتكاريا المزمنة
عادةً ما تكون مضادات الهيستامين التي لا تستلزم وصفة طبية (أدوية الحساسية) هي الخِيار الأول في علاج الأرتكاريا المزمنة.
تشمل مضادات الهيستامين التي لا تسبب النعاس ولها آثار جانبية قليلة ما يلي:
- سيتريزين (زيرتيك) (Zyrtec).
- لوراتادين (كلاريتين) (Claritin).
- فيكسوفينادين (أليجرا) (Allegra).
- ديسلوراتادين (Desloratadine).
أما إذا لم تؤثر هذه الأدوية في علاج الأرتكاريا المزمنة، فربما يجرب طبيبك نوعًا أو أكثر من أنواع العلاج الأخرى، بما في ذلك:
- حاصرات H2، وهي الأدوية التي تمنع إنتاج الهيستامين الذي يمكن أن يسبب الأرتكاريا أو الإفراط في إنتاج أحماض المعدة، وهي رانيتيدين (Zantac)، سيميتيدين (Tagamet HB)، وفاموتيدين (Pepcid).
- الكورتيكوستيرويدات الفموية قصيرة المدى، مثل بريدنيزون (prednisone). وهي مفيدة لتقليل التورم حول العينين أو الشفتين أو الحلق (الوذمة الوعائية) التي يمكن أن تصاحب الأرتكاريا.
- مضادات الاكتئاب، مثل كريم دوكسيبين (Zonalon).
- المضادات الحيوية، وتشمل هذه السيكلوسبورين (cyclosporine) وبعض الأدوية الأخرى.
- الأجسام المضادة وحيدة النسيلة أوماليزوماب (Xolair) وهو عقار مكلف حديث أثبت فعاليته الكبيرة في علاج الأرتكاريا المزمنة مجهولة السبب، وهي حقن تُؤخذ مرة واحدة في الشهر.
لكن في إحدى الدراسات، كان 83 في المائة من الأشخاص المصابين بالأرتكاريا المزمنة تعافوا تمامًا بعد العلاج باستخدام أوماليزوماب. ومع ذلك، عادت الأعراض في غضون أربعة إلى سبعة أسابيع بعد توقف الدواء.
كم يستغرق مريض الأرتكاريا للتعافي؟
لا تدوم الأرتكاريا المزمنة طول العمر. وتستغرق مع معظم المرضى مدة من سنة إلى خمس سنوات بينما تستغرق مع البعض وقتًا أطول.
الأرتكاريا والحمل
تعمل المشيمة البشرية كغدة صماء خلال الحمل فهي تفرز الهرمونات التي تعمل على نمو وتطور الجنين والتغيرات الفسيولوجية في جسم الأم.
من بين الهرمونات التي تفرزها المشيمة، الإستروجين والبروجسترون اللذان يؤديان دورًا مهمًا في الحفاظ على الحمل. وربما تؤثر هذه الهرمونات أيضًا في حدوث الأرتكاريا والوذمة الوعائية خلال تلك الفترة.
أوضحت الدراسات أن هرمون الإستروجين يحفز إطلاق الهيستامين من الخلايا البدينة (Mast cells) في الفئران، والخلايا القاعدية البشرية (Basophils)، بينما يعمل البروجسترون والتستوستيرون على إيقافه.
كذلك يتراكم الإستروجين الصناعي من مصادر غير معروفة أو من الملوثات البيئية، في أنسجة الجسم ويمكنه تحفيز إطلاق الهيستامين السريع من الخلايا البدينة.
شرى البروجسترون
وهو نوع من أمراض المناعة الذاتية التي تشمل:
- الوذمة الوعائية.
- الحمامي متعدد الأشكال.
- الانفجارات الحطاطية الحويصلية.
- الانفجارات الدوائية الثابتة، التي يسببها هرمون البروجسترون.
ويتميز هذا النوع بنوبات دورية مرتبطة بالدورة الشهرية، إذ يرتفع هرمون البروجسترون بعد الإباضة ثم يعود للانخفاض مرة أخرى.
تظهر البقع على الجذع والأطراف ونادرًا ما تظهر على الوجه أو الأعضاء التناسلية. ويكون التشخيص صعبًا لأنه يشبه في المظهر الشرى المزمن الآخر.
ومع ذلك، فإن الطبيعة الدورية واختبارات الجلد الإيجابية لهرمون البروجسترون تميز هذا الطفح الجلدي.
شرى الإستروجين
هو مرض غير شائع يحدث على شكل نوبات دورية من الطفح الجلدي خلال التبويض وقبل الحيض. ولا توجد حالات مسجلة أو تقارير بحدوث شرى الإستروجين خلال الحمل.
هل الأرتكاريا سحر أو عين؟
مما أوضحناه سابقًا من أسباب للأرتكاريا يتضح أن لكل مرض سبب علمي معروف، وبعض أنواعها مجهولة السبب.
لذا ينتشر عنها أنها ربما تكون نتيجة سحر أو حسد لكن معظم مرضى الأرتكاريا يمكن معالجتهم ولا تستمر معاناتهم لفترات طويلة.
تغييرات في النظام الغذائي تُقلل من احتمالية الإصابة بالأرتكاريا
تشمل الأطعمة الشائعة التي تسبب الحساسية لدى بعض الأشخاص التالي:
- البيض.
- المحار.
- الفول السوداني والمكسرات الأخرى.
كذلك يمكن أن تحتوي الأسماك الفاسدة على نسبة عالية من الهيستامين، مما يؤدي إلى الإصابة بالأرتكاريا.
تجنب كذلك الخضروات والفاكهة المرشوشة بالمبيدات واحرص على غسلها جيدًا، فربما تساهم هذه الكيماويات الضارة في تحفيز الأرتكاريا.
في النهاية، الأرتكاريا المزمنة حالة مزعجة، لكنها لا تهدد الحياة وعادةً ما يؤدي العلاج بمضادات الهيستامين أو الأدوية الأخرى إلى إزالتها، لكنها ربما تظهر مرة أخرى عند توقف العلاج.
ينبغي أن تستشير طبيبك إذا كنت تعاني حالة شديدة من الأرتكاريا أو إذا استمرت الحالة لعدة أيام، ولا ينبغي لك تعاطي أي أدوية دون استشارة الطبيب.
اقرأ أيضًا
اختبار الحساسية للطعام | أنواعه وكيفية إجرائه