منذ أن أتممت العشرين من عمري، أصبحت أتألم من أقل مجهود أفعله، وأعاني صداع مستمر وصعوبة في النوم أحيانًا، وكذلك أعاني اكتئابًا مستمرًا لا أعلم سببه ذهبت للطبيب لمعرفة السبب في كل هذه المشكلات وطلب مني عديد من الفحوصات الطبية لتأكيد تشخيصه، فوجئت بعدها بأنني مصابة بمتلازمة تعرف بالألم العضلي الليفي وهي سبب كل هذه الأعراض.
في هذا المقال سنعرف ما المقصود بمتلازمة الألم العضلي الليفي وكيفية تشخيصها وكيف يمكن التقليل من حدة أعراضها قدر المستطاع.
متلازمة الألم العضلي الليفي
متلازمة الألم العضلي الليفي (Fibromyalgia) هي مرض مزمن يُسبب ألمََا في جميع أنحاء الجسم، يصاحبه تعب وإرهاق شديد واضطرابات في النوم، إذ تظهر هذه المتلازمة في صورة آلام عديدة في كثير من المناطق العضلية في الجسم، كذلك يمكن أن تصيب أيضًا الأربطة (Ligaments) والأوتار
(Tendons).
أسباب وعوامل خطر الإصابة بالألم العضلي الليفي
لا يعرف الأطباء حتى الآن المسببات الحقيقية لظهور الألم العضلي الليفي، لكن من الممكن أن تكون عدّة عوامل مجتمعة هي المسؤولة عن ذلك.
وتشمل عوامل خطر الإصابة على:
- عامل الوراثة: بعض الطفرات الجينية قد تجعل الشخص أكثر عرضة لتطور هذا الاضطراب، إذ أنه من المرجح ظهور الألم العضلي الليفي لدى شخص إذا كان أحد أقرباء العائلة يعاني نفس المشكلة.
- الجنس: أكثر انتشارًا بين النساء مقارنةً بالرجال
- السنّ: أكثر قابليّة للظهور لدى البالغين من سن الشباب وحتّى سنّ الكهولة، ونادرََا ما يمكن ظهوره لدى الأطفال.
- نمط الحياة: يوجد ارتباط بين متلازمة الألم العضلي الليفي والتوتر الذي يؤدي إلى حدوث إرهاق جسدي ونفسي.
- قلّة النشاط البدني والسمنة المفرطة
- عوامل بيئية: كالتلوث والرطوبة
- أمراض المفاصل: في حال إصابة شخص ما بمرض مفصليّ أيًّا كان، كالتهاب المفاصل الروماتويدي أو الذئبة، يزداد احتمال ظهور المرض لديه.
- التغيرات الهرمونية
أعراض الألم العضلي الليفي
قد تختلف أعراض المرض من حالة إلى أخرى، تبعََا للتغيرات التي تحدث في حالة تغير الطقس، وعند التعرض للضغط النفسي، وغيرها من العوامل التي تزيد من ظهور هذه الأعراض.
وتشمل الأعراض ما يلي:
– آلام منتشرة في الجسم
– ألم وتعب في عضلات الوجه.
– تصلب المفاصل والعضلات في الصباح.
– الصداع المستمر.
– النوم لفترات طويلة دون الشعور بالراحة.
– الاكتئاب والقلق المستمر.
– مشاكل المثانة، مثل التهاب المثانة الخلالي.
– وخز وتنميل في اليدين والقدمين.
– متلازمة تململ الساق (restless leg syndrome).
– حساسية للبرد أو الحرارة.
– ضعف الذاكرة وعدم القدرة على التركيز.
كيف يمكن تشخيص الألم العضلي الليفي؟!
قد يصعب على الأطباء في بعض الأحيان تشخيصاالمتلازمة وذلك بسبب أنه لا يوجد اختبارات حقيقية لتأكيد تشخيص هذه الحالة، ولكن يوجد معايير لتشخيص الألم العضلي الليفي وفقََا للجامعة الأمريكية لأمراض الروماتيزم، وأهم هذه المعايير فحص عدد من نقاط الزّناد (نقاط إثارة الألم – Trigger points) في الجسم وهذه النقاط تتمثل في:
- مؤخرة الرقبة (Nape).
- بين لوحي الكتفين (Shoulder blade).
- على الكتفين.
- مقدّمة العنق.
- أعلى الصّدر.
- خلفيّة المرفقين.
- أعلى الخصر.
- جانبا الخصر.
- جوف الركبتين.
إذ يضغط الطبيب على هذه النقاط وتحديد مواضع الألم للمريض وتعد هذه النقاط هي الطابع الرسمي الأول للإقرار الجازم بما إذا كان الحديث يدور حول الألم العضلي الليفي أم لا.
كذلك يمكن تشخيص هذه الحالة إذا كنت تعاني ألمًا لمدة 3 أشهر أو أكثر، وهذا الألم يتصف بأنه “واسع النطاق” بمعنى أن الألم يكون على جانبي الجسم، إذ تشعر به فوق وتحت خصرك.
لتأكيد التشخيص بهذه الحالة يجب عمل فحوص دم شاملة لاستبعاد الأسباب المحتملة الأخرى التي تؤدي إلى هذا الألم المزمن وتتمثل هذه الفحوص في ما يلي:
- تعداد الدم الشامل (Complete blood count).
- معدّل ترسّب كريات الدم الحمراء (ESR – Erythrocyte sedimentation rate).
- فحص أداء الغدّة الدّرقيّة.
- فحص عامل الروماتويد.
علاج الألم العضلي الليفي
يعتمد علاج ا المرض في عدد كبير من الحالات على الدمج بين العلاج الدوائي والعلاج الذاتي، ويكون التركيز كذلك على تقليص الأعراض المصاحبة للمرض قدر المستطاع وتحسين الوضع الصحّي العام للمريض.
العلاج الدوائي:
يساهم العلاج الدوائي في الحد من الألم الناجم عن الإصابة بمتلازمة الألم العضلي الليفي ويحسّن من جودة النوم لدى المريض، ومن الأدوية شائعة الاستعمال:
- مسكّنات الألم مثل: إيبوبروفين
- مضادات الاكتئاب مثل: دولوكسيتين (Duloxetine)، حيث يساعد هذا الدواء على تخفيف الأعراض النفسية، وأيضا الآلام الجسدية المصاحبة للاكتئاب، مثل آلام الظهر والكتفين.
- أدوية لمعالجة نوبات الصرع مثل: جابابنتين(Gabapentin).
ولا ينصح بتناول أي من هذه الأدوية إلا باستشارة الطبيب أولا.
العلاج الذاتي:
الرعاية الذاتية بالغة الأهمية في السيطرة على الألم العضلي الليفي وتتمثل في:
- تقليل الضغط النفسي: وضع خطة لتجنب أو الحد من فرط الإجهاد والضغط العاطفي. خصص وقتًا لنفسك كل يوم لتسترخ فيه.
- الحصول على قسط كافٍ من النوم: ولأن الإرهاق واحدة من السمات الرئيسية للإصابة بالمرض، فإن نيل قسط كافٍ من النوم يعدّ أمرًا ضروريًا وممارسة عادات نوم جيدة، مثل النوم والاستيقاظ في نفس الوقت كل يوم والحد من القيلولة في أثناء النهار.
- ممارسة التمارين بانتظام: في البداية قد تزيد ممارسة التمارين من الشعور بالألم، ولكن ممارستها تدريجيًا وعلى نحو منتظم يقلل من الأعراض في كثير من الأحيان.
- الحفاظ على نمط حياة صحي: تناول طعامًا صحيًا، وقلل قدر المستطاع من شرب الكافيين.
أساليب علاجية أخرى:
العلاج الفيزيائي:
يُعد العلاج الفيزيائي من العلاجات الضرورية المكمّلة لمواجهة الألم والضغط النفسي الذي يعانيه المريض، إذ يعلم الطبيب المريض ممارسة التمارين الرياضية التي تحسن القوة والمرونة والتحمل وتساعد على تقليل الأعراض مع الوقت.
كذلك تعد التمارين الرياضية المائية مفيدة للمريض الذي يعاني آلامًا في عضلات الجسم إذ أنها تساعد على الاسترخاء وتسكين الألم.
أيضََا اليوجا والتأمّل من الرياضات المهمة التي تساعد على تحسن حالة المرضى لاسيما لمعالجة الأشخاص الذين يعانون أمراضًا مزمنة، كالألم العضلي الليفي.
وأيضََا من بين العلاجات المكمّلة أو البديلة التي قد تخفّف وتحسّن من التعامل مع الألم:
- الوخز بالإبر(Acupuncture).
- المعالجة اليدوية (الكيروبراكتيك – Chiropractic treatment).
- العلاج بالتدليك.
أخيرََا عزيزي القارئ، عليك دائما الانتباه إلى نفسك وعمل روتين للفحوص الدورية كي تطمئن على حالتك الصحية من حين الى آخر، وإن كنت تشكو من أي من هذه الأعراض التي ذُكرت لفترة تتعدى الثلاثة أشهر عليك فورََا التوجه لأقرب طبيب لمعرفة السبب والبدء في العلاج للتقليل من حدة الأعراض قدر الإمكان.
اقرأ أيضًا
المسكنات: هذا الدواء فيه سم قاتل!