طبي

الانسداد الرئوي المزمن | نهاية مدخن

 لطالما سمعنا عن إصابة أحد الأقارب أو الأصدقاء بمرض الانسداد الرئوي، وكثيرًا ما نتساءل عن سبب انتشار هذا المرض؛ إذ تشير أصابع الاتهام إلى التدخين.

بالرغم من انتشار الوعي الصحي بأهمية الإقلاع عن التدخين، ألا إنه مازال المتهم الأول مع سبق الإصرار.

 لكن دعونا أولًا، نفرق بين عدة مصطلحات متشابه اسمًا لكنها مختلفة ضمنًا.

الفرق ما بين الانسداد الرئوي والسدة الرئوية، والصمة الرئوية؟ 

الانسداد الرئوي، والسدة الرئوية مصطلحان مترادفان، يعنيان الانسداد الرئوي المزمن، وسوف نتحدث عنه لاحقًا.

أما مرض الصمة الرئوية ويعرف بجلطة في الشريان الرئوي (pulmonary embolism) فهو انسداد في أحد الشرايين الرئوية في الرئة.

يحدث بسبب تكوين جلطة دموية في أحد الأوردة العميقة في الساقين -ونادرًا- أي جزء آخر من الجسم ثم انتقالها إلى الشريان الرئوي.

دعونا نتجول معًا بين سطور هذا المقال لكي نتعرف على كل ما يخص هذا المرض.

ما هو الانسداد الرئوي؟ 

أنواع داء الانسداد الرئوي المزمن (COPD)

يُعد المريض مصابًا بالانسداد الرئوي، إذ كان يعاني مرضًا أو أكثر من الأمراض التالية:

انتفاخ الرئة(Emphysema)

نتيجة تلف الحويصلات الهوائية داخل الرئة، فتصبح غير قادرة على امتصاص الأكسجين، إذ تتمدد الرئة وتفقد مرونتها، ويُحبس الهواء بداخلها، فيؤدي إلى صعوبة في التنفس، والسعال الشديد، ويعد التدخين من أهم أسباب الإصابة بانتفاخ الرئة.

التهاب الشعب الهوائية المزمنة (Bronchitis)

تحتوي الشعب الهوائية على أهداب؛ إذ تساعد على إخراج المخاط.

في حالة الإصابة بمرض التهاب الشعب الهوائية المزمن، تفقد تلك الأهداب وظيفتها، وينتج عن ذلك: 

  • السعال المزمن.
  • ضيق في التنفس.
  • إفراز المخاط بغزارة، إذ يستمر لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر لمدة سنتين على التوالي.

حالات الربو المقاوم للعلاج

يختلف هذا عن مرض الربو، إذ إنه لا يستجيب للعلاج بأدوية الربو المعتادة.

أسباب مرض الانسداد الرئوي

  • التدخين

يعد التدخين المزمن، سبب رئيسي للإصابة بالمرض، فالمدخنون يمثلون حوالي ٧٥% من المصابين.

  • التعرض المتكرر لمهيجات الرئة

 كثرة التعرض للتدخين السلبي، والأبخرة الكيميائية، وتلوث الهواء، والأتربة سواء من البيئة أو في مكان العمل.

  • الفئة العمرية 

غالبًا تظهر الأعراض على المريض فوق سن الأربعين، حسب حالة المريض الصحية، خاصة إذ تمادى في ممارسة العادات الصحية الخاطئة.

  • العوامل الوراثية

 تمثل الاضطرابات الجينية نسبة ١% من المصابين، إذ ينتج المرض عن اضطراب جيني يؤدي إلى نقص بروتين AAt (ألفا ون أنتي تريبسين)، إذ يُصنع في الكبد، ثم يُفرز في مجرى الدم لحماية الرئة.

كما يسبب نقص هذا البروتين أمراض الكبد أو الرئة أو كليهما.

أعراض مرض الانسداد الرئوي

عادة لا تتضح أعراض المرض في بدايته، إذ تزداد أعراض المرض تدريجيًا بمرور الوقت، تبعًا لتلف الرئة، وتدهور حالة المريض.

.

من أهم هذه الأعراض:

  • ضيق التنفس، لا سيما في أثناء ممارسة مجهود بدني.
  • صفير، وسماع صوت أزيز عند التنفس؛ نتيجة لدفع الهواء خلال ممر ضيق.
  • ضيق الصدر.
  • سعال مزمن يستمر لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، وعادة مصحوب بالمخاط.
  • تكرار التهاب الجهاز التنفسي.
  • عدم القدرة على القيام بأقل مجهود.
  • فقدان الوزن الملحوظ.
  • تورم في الكاحلين أو القدمين، أو الساقين.

 كما يعاني المريض -في كثير من الأحيان- نوبات تدعى التفاقم؛ إذ تسوء حالة المريض لبضع أيام، أكثر من المعتاد.

متى يجب عليك التوجه للطبيب

 توجه إلى الطبيب فورًا إذا لاحظت إحدى هذه العلامات 

  • عند وجود زُرقة في الشفايف أو الأظافر.
  • عدم القدرة على التقاط أنفاسك.
  • لديك شعور بالارتباك والتشويش.
  • زيادة ضربات القلب.

طرق تشخيص مرض الانسداد الرئوي

لا يُبنى تشخيص المرض على إجراء اختبار بعينة، ولكن يُبنى على معرفة أعراض المرض، والفحص السريري، والتاريخ العائلي للإصابة، وبعض الاختبارات التشخيصية.

الفحص السريري

فيه يستمع الطبيب إلى رئتيك في أثناء التنفس، باستخدام السماعة الطبية.

 ما ينبغي لك أن تخبر به الطبيب:

  • إذا كنت مدخنًا في الوقت الحالي، ومنذ متى؟
  • هل كنت مدخنًا في الماضي، ومتى أقلعت عنه؟
  • طبيعة عملك، وهل تتعرض لمهيجات للرئة؟
  • كم عدد المرات التي تتعرض فيها للتدخين السلبي؟
  • هل لديك أحد الأقارب بمرض الانسداد الرئوي المزمن؟
  • إذا كنت تعاني مرضًا من الأمراض الصدرية؟
  • اذكر الأدوية التي تتناولها؟

يطلب الطبيب منك بعض الاختبارات لاستكمال التشخيص.

  • اختبار قياس التنفس: يستخدم لتقييم كفاءة الرئة، إذ تستنشق نفسًا عميقًا ثم تنفخ في أنبوب متصل بجهاز قياس التنفس.
  • تصوير الصدر بالأشعة السينية أو المقطعية: تُظهر هذه الأشعة صورة تفصيلية للرئة والقلب والأوعية الدموية.
  • اختبار غازات الدم الشرياني: لقياس نسبة تشبع الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الدم.

 تساهم تلك الاختبارات في تحديد ما إذا كنت مصابًا بمرض الانسداد الرئوي، أو بمرض آخر مثل الربو أو غيره.

مراحل مرض الانسداد الرئوي

هناك عدة مراحل يمر بها المريض مثل:

  • خفيف: سعال مصحوب بمخاط أحيانًا، وتنفس طبيعي إلى حد كبير.
  • معتدل: صعوبة في تدفق الهواء، شعور بضيق التنفس بعد القيام بمجهود بدني، وهنا بداية ملاحظة الأعراض.
  • شديد: صعوبة بالغة في تدفق الهواء، والشعور بضيق في التنفس دون أداء مجهود، كما تزداد حدة الأعراض.
  • شديد جدًا: نهجان، والشعور الدائم بضيق في التنفس حتى أثناء الراحة، وهنا يتعرض المريض لنوبات شديدة ومنتظمة.

آلية علاج الانسداد الرئوي المزمن

إلى الآن، لا يوجد علاج لهذا المرض، إذ إنه مرض مزمن، ولكن يقتصر العلاج على: 

  • تخفيف حدة الأعراض.
  • منع تدهور الحالة.
  • تحسين الصحة العامة.
  • إمكانية التعايش مع المرض.
  • علاج المضاعفات إن وجدت.

لذلك ينصح الطبيب المريض بالتالي:

  • الإقلاع عن التدخين، وتجنب مهيجات الرئة.
  • اتباع نظام حياة صحي بما يلائم ظروف المرض.
  • ينبغي تناول عدد أكبر من الوجبات الصغيرة، على فترات متقاربة، إذ يواجه المريض صعوبة في تناول ما يكفي من الطعام؛ بسبب ضيق في التنفس، والإرهاق.

العلاج بالأدوية 

يقتصر دور الأدوية على تحقيق الأهداف السابق ذكرها

 أولا: موسعات الشعب الهوائية

تساعد تلك الأدوية على ارتخاء العضلات حول مجرى التنفس؛ مما يسهل عملية التنفس.

هناك أنواع عديدة من موسعات الشعب

  • طويلة المدى: يمتد مفعولها حوالي ١٢ ساعة.
  • قصيرة المدى: تستخدم عند الحاجة فقط ويمتد المفعول حوالي ٤- ٦ ساعات.

يستخدم جهاز الاستنشاق لتناول هذه الأدوية؛ لكي ينتقل الدواء مباشرة إلى داخل الرئة، دون المرور على سائر أجهزة الجسم؛ مما يقلل من الآثار الجانبية للدواء. 

 ثانيًا: موسعات الشعب مضافًا إليها كورتيكوستيرويدات 

يصف الطبيب تلك الأدوية، طبقًا لشدة الحالة، وتؤخذ أيضًا بجهاز الاستنشاق، إذ تساهم في تقليل التهاب مجرى التنفس.

ثالثا: اللقاحات

  • لقاح الإنفلونزا

نظرًا لأن الإصابة بمرض الإنفلونزا، تسبب مضاعفات خطيرة لمريض الانسداد الرئوي؛ لذلك يستخدم اللقاح للوقاية منها.

  • لقاح المكورات الرئوي

يشكل مرض التهاب الرئوي خطورة على مرضى الانسداد الرئوي المزمن؛ لذا يستخدم هذا اللقاح لتقليل الإصابة بمرض التهاب الرئوي. 

 رابعا: العلاج بالأكسجين

لا يستخدم في جميع الحالات، يستخدم فقط في الحالات الحرجة، كذلك في حالة انخفاض مستوى تشبع الأكسجين بالدم.

 خامسا: إعادة التأهيل الرئوي

هو برنامج تأهيلي يساعد المريض على التعايش مع مرض الانسداد الرئوي، لكي ينعم بحياة صحية جيدة.

ويشمل هذا البرنامج على:

  • تمارين رياضية.
  • التدريب على سبل التعايش مع المرض.
  • نصائح غذائية ونفسية.

كما أن هناك فريق كامل من المهنيين الصحيين، وذلك لإعداد برنامج صحي متكامل يفي احتياجاتك.

يتكون الفريق من:

  • الطبيب المختص في الأمراض الصدرية.
  • اخصائيفي علاج طبيعي.
  • متخصص في التمارين الرياضية.
  • مُختص في تغذية.
  • تمريض.

وأخيرًا – عزيزي القارئ- إذا كنت تعاني الانسداد الرئوي المزمن، فعليك اتباع تعليمات الطبيب والمتابعة المستمرة؛ لكي تنعم بحياة هادئة.

المصدر
diagnosistreatmenttypes of copd

د.رحاب محمد سعيد

صيدلانية إكلينيكية، وكاتبة محتوى طبي، قضيت شطرًا من عمري في تلقي العلم واتقانه، وأود أن أقضي النصف الآخر في نشر ما تعلمته وتبسيطه للقارئ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى