شاهدت بالأمس فيلمًا سينمائيًا لبطلة معروفة أصيبت ابنتها في أحداث الفيلم بالدفتيريا (الخناق)، مما سبب اختناقها، فأحضرت البطلة أنبوبًا مطاطيًا أدخلته في فم الفتاة وحاولت فتح المجرى الهوائي بشفط المخاط من حلق الطفلة.
جعلني هذا الإجراء أبحث عن المرض، وأسبابه وهل طريقة العلاج بالفيلم صحيحة؟
في هذا المقال سنشرح أسباب الخناق (الدفتيريا)، وأعراضها وطرق العلاج، وسنحاول الإجابة عن كل الأسئلة التي تتعلق بهذا المرض فكن معنا عزيزي القارئ.
ما هي الدفتيريا (Diphtheria)؟
هي عدوى بكتيرية خطرة تؤثر في الأغشية المخاطية للحلق، والأنف، وهي نادرة في البلاد المتقدمة التي توفر اللِّقاح ضدها.
وصفها أبقراط أول مرة في القرن الخامس قبل الميلاد، وهي تظهر كعدوى في الجهاز التنفسي العلوي، أو عدوى جلدية، وتحدث العدوى عادةً في أشهر الربيع والشتاء.
عدم معالجتها يمكن أن يودي بحياة المصاب، إذ تؤثر العدوى في كفاءة الكلى، والجهاز العصبي، والقلب، وهي مميتة لنسبة 3% من حالات الإصابة، لذا ينبغي التوجه إلى الطبيب فورًا إذا شك المريض أنه مصاب بها.
أسباب الخناق
السبب الرئيسي هو العدوى ببكتيريا تُسمى الوتدية الخناقية أو (Corynebacterium diphtheriae).
تحدث الإصابة عادة بالاتصال المباشر من شخص مصاب إلى آخر سليم، أو بملامسة الأشياء الملوثة بالبكتيريا مثل الأكواب أو المناديل المستعملة.
يمكن للشخص المصاب أن ينقل المرض لمدة ستة أسابيع بعد الإصابة الأولية حتى عند عدم ظهور إي أعراض عليه.
تُصيب البكتيريا غالبًا:
- الأنف.
- الحلق.
- اللسان.
- الممرات الهوائية.
تفرز هذه البكتيريا عديد من السموم التي تؤثر -في بعض الحالات- على أعضاء أخرى وتلحق بها الضرر ومن هذه الأضرار:
- التهاب عضلة القلب أو (Myocarditis).
- الشلل.
- الفشل الكلوي.
من هم الأشخاص الأكثر عرضة للخناق؟
في الجزء السابق أوضحنا أن هذا المرض يمكن أن يكون خطرًا للغاية لذا ينبغي لنا أن نوضح هل مرض الدفتيريا يصيب الكبار؟
في البلاد المتقدمة يحصل الأطفال على لِقاح الدفتيريا دوريًا لذا فإن الإصابة في هذه البلاد نادرة، ولكن يظل الأطفال دون سن الخامسة، والكبار فوق الستين عامًا في البلاد النامية معرضون لخطر الإصابة به.
يتعرض كذلك الأشخاص لخطر متزايد للإصابة بالخناق إذا كانوا:
- لم يحصلوا على اللقاحات دوريًا.
- يزورون دول لا توفر التطعيمات.
- لديهم اضطرابات مناعية، مثل: مرض نقص المناعة المكتسبة أو الإيدز.
- يعيشون في أماكن وظروف غير صحية ومزدحمة.
أعراض الدفتيريا
تظهر أعراضها خلال يومين إلى خمسة أيام من حدوث العدوى.
لا يعاني بعض الأشخاص أعراضًا، بينما يعاني البعض الآخر أعراضًا خفيفة تشبه أعراض نزلات البرد.
أكثر أعراض الخناق شيوعًا هو وجود طبقة سميكة رمادية اللون على الحلق واللوزتين، وتشمل الأعراض الشائعة الأخرى ما يلي:
- حمى، وقشعريرة.
- انتفاخ الغدد اللمفاوية في الرقبة.
- سعال بصوت عال.
- التهاب الحلق.
- زرقة الجلد.
- سيلان اللعاب.
- شعور عام بعدم الارتياح.
ربما تحدث أعراض إضافية مع تقدم العدوى، منها:
- صعوبة في التنفس أو البلع.
- تغييرات في الرؤية.
- كلام غير واضح.
- علامات الصدمة، مثل شحوب وبرودة الجلد وسرعة ضربات القلب.
إذا كنت تعاني قلة النظافة أو كنت تعيش في منطقة استوائية، فربما تُصاب كذلك بالدفتيريا الجلدية.
الدفتيريا الجلدية تسبب:
- بثور مليئة بالصديد على ساقيك وقدميك ويديك.
- قرح كبيرة محاطة بجلد أحمر اللون مؤلمة.
لماذا تؤثر الدفتيريا في الأعضاء الأخرى؟
بعض سلالات هذه البكتيريا تحتوي داخلها فيروسات تُسمى العاثية (Bacteriophage) وتُفرز سُمًا يؤثر في الجسم كالتالي:
- يثبط إنتاج الخلايا للبروتينات.
- يدمر الأنسجة في موقع الإصابة.
- يؤدي إلى تكوين الغشاء.
- ينتقل إلى مجرى الدَّم ومنه إلى مختلف أنسجة الجسم.
- يسبب التهاب القلب وتلف الأعصاب.
- يمكن أن يسبب انخفاض عدد الصفائح الدموية.
كيفية التشخيص
يفحص الطبيب الغدد اللمفاوية في الرقبة للتحقق من وجود التورم، ويفحص الحلق واللوزتين، ربما يشك الطبيب في إصابتك بالدفتيريا، إذا رأى طبقة رمادية عليهما.
لتأكيد التشخيص يأخذ الطبيب مَسْحَة أو عينة من الأنسجة من المنطقة المصابة ويرسلها للمعمل لعزل البكتيريا وزراعتها.
العلاج
يكون العلاج أكثر فاعلية عندما يبدأ المريض فيه مبكرًا، لذا فإن التشخيص السريع مهم، إذ لا يمكن لمضاد السم المستخدم محاربة سم الخناق بعد ارتباطه بالأنسجة والتسبب في الضرر.
لعلاج الضرر الناتج عن تلك البكتيريا ينبغي استخدام نوعين من العلاج:
- مضاد السموم – المعروف أيضًا باسم المصل المضاد للخناق – لعلاج أثر السم الذي تفرزه البكتيريا.
- المضادات الحيوية – الاريثروميسين (Erythromycin) أو البنسلين (Penicillin) للقضاء على البكتيريا ومنع انتشارها.
يعالج الأطباء المرضى الذين يعانون الدفتيريا التنفسية وأعراضها في وحدة العناية المركزة في المستشفى، وربما يعزل طاقم الرعاية الصحية المريض لمنع انتشار العدوى.
يستمر هذا حتى تظهر اختبارات البكتيريا المتكررة نتائج سلبية في الأيام التالية لاستكمال العلاج بالمضادات الحيوية.
في حالات الدفتيريا التنفسية الشديدة يسد المخاط المجرى الهوائي وينخفض تشبع الأكسجين، لذا يكون للطبيب تقييم الحالة هل تستدعي تنبيبًا فمويًا، أم التدخل الجراحي لشق القصبة الهوائية وفتح المجاري التنفسية.
علاج الدفتيريا الجلدية
تنظيف أي جروح ملتهبة تمامًا إذا كنت مصابًا بالدفتيريا التي تؤثر على الجلد، ويستمر العلاج عادة من أسبوعين إلى 3 أسابيع.
عادة ما تلتئم أي تقرحات جلدية في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر، ولكنها ربما تترك ندبة.
ربما يحتاج الأشخاص الذين كانوا على اتصال وثيق بشخص مصاب بالدفتيريا أيضًا إلى تناول المضادات الحيوية، أو قد يتم إعطاؤهم جرعة من لِقاح الدفتيريا.
الوقاية من الدفتيريا
يمكن الوقاية منها باستخدام المضادات الحيوية المناسبة، واللقاح الدوري، ويُسمى اللِّقاح الثلاثي أو (DTap)، إذ يكون هذا اللِّقاح ضد أمراض الدفتيريا، والتيتانوس (الكزاز)، والسعال الديكي.
يعطى اللِّقاح في سلسلة من خمسة تطعيمات متتالية للأطفال في سن:
- شهرين.
- أربعة أشهر.
- ستة أشهر.
- من 15 إلى 18 شهرًا.
- من 4 إلى 6 سنوات.
في حالات نادرة، يكون لدى الطفل رد فعل تحسسي للقاح يؤدي هذا إلى حدوث نوبات أو شرى، تختفي لاحقًا.
تستمر فاعلية اللقاحات لمدة 10 سنوات فقط، لذا سيحتاج الطفل إلى التطعيم مرة أخرى في سن 12 عامًا. بالنسبة للبالغين، يوصى الأطباء بالحصول على جرعة منشطة من اللقاح الثلاثي مرة واحدة كل 10 سنوات، وبعد ذلك، ستتلقى لِقاح الكزاز والدفتيريا (Td).
الوقاية من الدفتيريا في السفر
إذا كنت مسافرًا إلى جزء من العالم ينتشر فيه المرض، فربما تحتاج إلى جرعة منشطة من اللِقاح إذا تلقيت التطعيم ضده آخر مرة منذ أكثر من 10 سنوات.
هناك عديد من البلاد التي وُجدت فيها الدفتيريا منها:
- آسيا.
- جنوب المحيط الهادئ.
- الشرق الأوسط.
- أوروبا الشرقية.
- منطقة البحر الكاريبي.
في النهاية كانت الدفتيريا قديمًا سببًا رئيسيًا في وفاة الأطفال، ومع تقدم العلم وتطوره استفادت البشرية من اللقاحات ضد جميع الأمراض المعدية، لذا ينبغي الحرص على تلقي التطعيمات اللازمة في أوقاتها المحددة، واتخاذ الاحتياطات عند السفر للبلاد التي تعاني تلك الأمراض فالوقاية خير من العلاج.
اقرأ أيضًا
العدوى المحملة بالهواء | كورونا وأمراض أخرى
العدوى الثانوية | أسبابها وطرق تجنبها وعلاجها
مكافحة العدوى | وأهميتها في تقليل انتشار الأمراض
المراجعة والتدقيق : د. نهال المغربي
المراجعة الطبية: سمر البدري