نعيش في عالم كل يتطفل على الآخر، ولكن يوجد ما يتطفل على أجسامنا، ويتغذى على طعامنا ويعيش حياته كلها داخل أمعائنا. شكوى متكررة بألم في البطن خاصة عند الأطفال، ويشخصها الطبيب بالإصابة بالديدان.
ما هي الديدان وما أنواعها التي تصيب الإنسان؟ وكيفية علاجها؟ هذا ما سنعرفه في هذا المقال.
ما هي الديدان؟
تعد الديدان من الحيوانات اللافقارية، وليست من الحشرات إذ أنها لا تملك هيكل عظمي خارجي وتتنفس من جلدها.
تنقسم إلى ثلاث مجموعات: المفلطحة، والأسطوانية، والمقسمة.
يتراوح حجمها من ديدان صغيرة لا تُرى بالعين المجردة إلى طول طفل 5 سنوات.
تحتاج إلى عائل تتغذى عليه وتكتمل دورة حياتها بوجوده.
ولكن، ما هي الديدان التي تتطفل على جسم الإنسان؟ هذا ما سوف نعرفه.
ديدان البطن (الطفيليات)
تسمى أيضا الديدان المعوية إذ تعيش الدودة البالغة في الأمعاء.
تحتاج الديدان الطفيلية جسم الإنسان كعائل تحصل منه على غذائها، وتتكاثر من خلاله، وعادة تعيش في الأمعاء محدثة بعض الاضطرابات فيها.
تنتشر الإصابة بالديدان في كل أنحاء العالم ولكن يزيد انتشارها في الدول النامية التي لا تُراعى بها العادات الصحية السليمة.
كيف تنتقل للإنسان (طرق العدوى)
تنتقل بالطرق التالية:
- تناول اللحوم النيئة أو غير المطبوخة جيدًا.
- شرب المياه الملوثة.
- ملامسة التربة الملوثة بالديدان.
- سوء النظافة وعدم غسل الأيدي.
تنتقل الديدان الأسطوانية عن طريق:
ملامسة التربة أو البراز الملوث بالطفيل.
الأعراض الشائعة للإصابة بالديدان
بعد الإصابة بالطفيل يدخل إلى الأمعاء ويتكاثر وينمو ويزداد في العدد والحجم، ويسبب الأعراض الآتية.
- وجع البطن.
- الإسهال والقيء.
- الغازات والانتفاخات.
- فقدان الوزن خاصةً في الأطفال.
- فقدان الشهية.
- إسهال مصحوبًا بدم أو مخاط (التعنية).
- حدوث حكة وطفح جلدي عند المستقيم أو فتحة الشرج.
- خروج ديدان في البراز.
وقد لا تظهر أي أعراض لسنوات طويلة.
أنواع الديدان المعوية
الديدان الدبوسية (PinWorm, Oxyuris, Enterobius)
تعد أكثر ديدان شيوعًا تصيب الإنسان ولا سيما الأطفال، وهي ديدان بيضاء صغيرة، يبلغ طولها 6-13 ملليمتر.
غالبا ما تعيش في الأمعاء ولا تسبب أعراض بها، ولكن تنتقل الأنثى ليلا لوضع البيض في طيات فتحة الشرج، مما يسبب تهيج شديد وحكة حولها؛ ويعد هذا العرض أهم ما يميزها، ولا يستطيع الشخص المصاب بها النوم ليلا.
كيف تحدث الإصابة بالديدان الدبوسية؟
تحدث العدوى عند وضع اليدين الملوثة ببيض الدودة في الفم، أو تناول الطعام الملوث، أو استنشاق البيض، أو إذا كان أحد أفراد الأسرة مصاب بالعدوى.
يفقس البيض في الأمعاء ويتحول إلى أنثى بالغة، تنتقل إلى فتحة الشرج لتضع مئات البويضات مسببة الحكة الشرجية.
وعند لمس منطقة الحكة ينتقل البيض لليد، وتحت الأظفار والملابس الداخلية وأسطح المرحاض، وينتقل إلى الطعام والشراب وينتشر بين أفراد الأسرة.
ولسوء الحظ يظل البيض على الأسطح لمدة أسبوعين يمثل مصدرًا للعدوى.
المضاعفات المحتملة للدودة الدبوسية
- ربما تنتقل الدودة إلى المهبل مما يُنتج التهابات شديدة وقد تستكمل طريقها إلى الرحم وقناتى فالوب.
- حدوث عدوى في القناة البولية.
- فقدان مزيد من الوزن.
- التهابات في تجويف البطن ولا سيما الغشاء البريتوني.
كيفية علاجها والوقاية منها
غالبا يصف الطبيب الدواء لكل أفراد الأسرة؛ للتخلص الكامل من العدوى وعدم تكرارها.
من الأدوية الشائعة لعلاج الدودة الدبوسية ميبندازول، أو البيندازول، وكذلك دهان مرهم الراسب الأبيض حول فتحة الشرج ويُعرف بقدرته على قتل الديدان.
مع اتباع الخطوات التالية لتجنب تكرار الإصابة:
- الاستحمام في الصباح وغسل منطقة الشرج جيدًا بالماء والصابون مما يقلل انتقال العدوى بالبيض.
- تغيير الملابس الداخلية وأغطية الأسِرَّة وتعريضها للشمس باستمرار.
- غسل الملابس بالماء الساخن.
- قص الأظفار باستمرار؛ مع نصح الطفل بعدم قضم أظافره لمنع انتشار البيض.
- غسل اليدين بالماء والصابون جيدًا، بعد استخدام المرحاض وقبل الأكل.
الديدان الشريطية (Tapeworm)
هي من الديدان المفلطحة التي تشبه الشريط، قد يصل طولها إلى 80 قدم، تتكون الدودة البالغة من أجزاء وتلتصق بجدار الأمعاء، وتنفصل أجزاء منها وتخرج مع البراز.
تعيش الدودة البالغة ما يقرب من 20 عامًا دون أي أعراض، أو أعراض خفيفة، ولكن تسبب عدوى اليرقات مشكلات خطرة.
تحتاج الدودة لعائل نهائي (الإنسان) لاستكمال دورة حياتها، أما اليرقات فتتحوصل في لحم الحيوان كمضيف (الخنزير، أو الماشية، أو الأسماك، أو الكلب).
ولكن قبل أن نعرف كيف تنتقل للإنسان؛ نتعرف أولا على أنواعها:
- الديدان الشريطية في لحم الخنزير (Taenia solium).
- الدودة الشريطية باللحم البقري (Taenia saginata)
- الدودة القزمية (Hymenolepis nana).
- والدودة الشريطية للأسماك من أسماك المياه العذبة النيئة (Diphyllobothrium latum).
- دودة الكلب الشريطية، أكثر شيوعًا في المناطق الريفية.
كيف تحدث العدوى:
- تحدث عدوى الدودة الشريطية في الإنسان نتيجة تناول اللحوم أو الأسماك غير المطبوخة جيدًا أو النيئة من حيوان مصاب بكيسات اليرقات.
- تناول طعام أو شراب ملوث ببيض الدودة الشريطية.
عندما يدخل البيض إلى الأمعاء، يتطور إلى يرقات تخترق جدار الأمعاء، وتكون أكياسًا (cysts) في أنسجة أخرى مثل الرئتين، أو الجهاز العصبي المركزي، أو الكبد.
- ملامسة الحيوانات الأليفة المصابة بالدودة الشريطية.
المضاعفات المحتملة للدودة الشريطية:
- انسداد في أماكن مختلفة في الجهاز الهضمي:
إذا زاد حجم الدودة قد يؤدي إلى انسداد في أحد الأماكن من الزائدة الدودية، أو قناة البنكرياس، أو القناة المرارية.
- حدوث قصور في المخ والجهاز العصبي المركزي: أو ما يسمى داء الكيسات المذنبة (neurocysticercosis):
يحدث نتيجة اختراق يرقات الدودة الشريطية الموجودة في لحم الخنزير مما يؤدي إلى الصداع وضعف البصر، أو حدوث النوبات، أو التهاب السحايا، أو استسقاء الرأس، أو الخرف، وربما ينتهي بالوفاة في حالات العدوى الشديدة.
- تعوق الأداء الوظيفي للأعضاء:
قد تُكون اليرقات خراجات تعوق الإمداد الدموي للأعضاء مما يدعو للتدخل الجراحي.
كيفية الوقاية من الديدان الشريطية:
- غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون قبل تناول الأكل.
- يُفضل غلي الماء في الأماكن التي ينتشر بها الدودة الشريطية.
- طهي اللحوم في درجة حرارة لا تقل عن 63 درجة مئوية.
- تجميد اللحوم لمدة تتراوح من سبعة إلى 10 أيام والأسماك لمدة 24 ساعة في الثلاجة بدرجة حرارة (-35 درجة مئوية).
- تجنب تناول اللحوم النيئة.
- إعطاء جرعات وقائية مضادة الطفيليات للحيوانات في المناطق الموبوءة بالدودة الشريطية.
- علاج الكلاب المصابة بالدودة الشريطية لمنع انتشار العدوى.
علاج الديدان الشريطية:
غالبا ما يصف الطبيب دواء البرازيكوانتيل (بيلتريسيد)، وتختلف مدة العلاج حسب نوع الدودة الشريطية.
يكون العلاج فعالًا بنسبة 90 بالمئة إذا كانت الديدان في الأمعاء فقط.
ويمكن علاج المضاعفات الناجمة عن اختراق اليرقات في بعض الحالات، وحالات أخرى تتطلب التدخل الجراحي.
ديدان الإسكارس (ديدان مستديرة)Ascaris lumbricoides
تعد أكثر ديدان انتشارًا في الدول النامية لعدم تطور الصرف الصحي والافتقار للممارسات الصحية السليمة.
تنتقل عن طريق الطعام والماء الملوثين، وتسبب داء الصفر (Ascariasis) غالبًا لا تسبب أي أعراض ولكن عند زيادة عددها تسبب مشكلات في الأمعاء أو الرئة.
من الأعراض التي تظهر عند انتقالها الرئة:
- السعال، وقد يصاحبه خروج ديدان مع السعال.
- ضيق في التنفس.
- ربما يحدث التهاب رئوي تنفسي.
- ظهور دم في المخاط.
- وجود صوت أزيز في الصدر، مع عدم الراحة.
- حدوث حمى في الحالات الشديدة.
أعراضها الشائعة في الأمعاء:
- الغثيان والقيء.
- حدوث الإسهال.
- فقدان الشهية وخسارة مزيد من الوزن.
- ظهور ديدان في البراز.
- الم في البطن.
- ضعف النمو لدى الأطفال لسوء امتصاص العناصر الغذائية.
- انسداد الأمعاء في حالة زيادة عددها مما يؤدي إلى ألم في البطن.
طرق انتقالها:
ملامسة التربة الملوثة ببراز الإنسان أو الخنزير، وتناول الطعام أو الماء الملوثين، وتناول الخضروات دون تقشير، والخضروات الورقية.
كيفية وصولها إلى الرئة ودورة حياتها:
عند ابتلاع البيض مع الطعام أو الماء الملوثين، ينتقل إلى الأمعاء، فيتحول إلى اليرقات التي تهاجر إلى الرئتين.
وعندما تنضج؛ تترك الرئتين وتنتقل إلى الحلق، و قد تسلك أحد الطريقين إما أن تخرج مع السعال أو أنها تُبلع إلى الأمعاء.
وهناك تتزاوج وتنتج البيض الذي يخرج جزء منه مع البراز والجزء الآخر يتطور إلى يرقات وتنتقل إلى الرئتين.
مضاعفات العدوى بديدان الإسكارس:
انسداد الأمعاء، أو انسداد القنوات المرارية، أو فقدان الشهية وعدم الحصول على العناصر الغذائية اللازمة مما يؤثر على النمو.
كيفية العلاج:
يعالج الأطباء الدودة المستديرة بالأدوية المضادة للطفيليات مثل:
- ألبيندازول (البينزا).
- ايفرمكتين (سترومكتول).
- ميبيندازول (فيرموكس).
في حالات انسداد الأمعاء يتطلب هذا التدخل الجراحي.
الديدان المَثقوبَة (Fluke):
هي من الديدان المسطحة وتمتلك ممصات في فمها تحدث ثقوب في أماكن تواجدها.
تستطيع الديدان المثقوبة الحياة في أجزاء مختلفة من الجسم.
أماكن تواجدها وأنواعها:
- تعيش في الأوعية الدموية للجهاز الهضمي أو البولي: أنواع البلهارسيا (داء البلهارسيات).
- الأمعاء: فاشيولا بيسكي، هتروفيس هتروفيس.
- الكبد: الفاشيولا الكبدية.
- الرئتين: المثقوبات الرئوية.
تعد البلهارسيا من أهم الديدان التي تسبب العدوى والأعراض المرضية على الإنسان.
طرق العدوى بالديدان المثقوبة
- السباحة، أو الاغتسال في المياه العذبة إذ تنشط الدودة المثقوبة، فتخترق جلد الإنسان.
- تناول الأسماك والقشريات في الأماكن المصابة.
- تناول الخضروات والفواكه النيئة دون تقشير في الأماكن الموبوءة.
الأعراض:
تختلف الأعراض حسب العضو الذي تصيبه الدودة ومسارها داخل جسم الإنسان.
العلاج
يصف الطبيب دواء برازيكوانتيل، أو ألبيندازول لعلاج المثقبات الكبدية، ودواء تريكلابيندازول لعلاج الفاشيولا.
الديدان الخطافية Hook Worm
تثبت الدودة الخطافية نفسها في جدار الأمعاء بواسطة خطافات حادة في فمها، وتستطيع العيش لمدة خمس سنوات، ولا تتكاثر في الغالب.
طرق العدوى
تنتقل للإنسان عن طريق ملامسته التربة الملوثة، فتدخل اليرقات من بين أصابع القدم الحافيتين وتنتقل عن طريق الأوردة الدموية إلى الرئة، ومع السعال تُبتلع إلى الأمعاء، فتثبت نفسها في جدار الأمعاء.
الأعراض الشائعة للديدان الخطافية
لا يشكو البعض من ظهور أي أعراض، ولكن تظهر بعض الأعراض التالية:
- وجود الحكة والتهيج إثر دخول الطفيل.
- ظهور أعراض تنفسية، وأزيز في الصدر، وسعال، ومخاط مصاحب بالدم.
- قد يعاني الشخص إسهال مدمم وألم بالبطن.
- حدوث الأنيميا، والإعياء الشديد لما تسببه من فقد مزيد من الدم.
العلاج
يمكن علاجها بمعظم طاردات الديدان مثل ألبيندازول، فلوبندازول.
الطرق التشخيصية للديدان
- تحليل البراز
يظهر من خلاله وجود الطفيل، أو البيض، أو اليرقات.
- منظار القولون
يساعد في حالة عدم ظهور دليل على وجود الديدان في تحليل البراز.
- اختبار الدم
يساعد على كشف الأجسام المضادة كرد فعل تحسسي للديدان مثل البلهارسيا.
- إجراء الأشعة
مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية، أو الأشعة السينية للكشف عن الأعضاء المصابة ووجود الطفيل.
- الشريط اللاصق
يوضع على فتحة الشرج للكشف عن الدودة الدبوسية، ورؤيتها تحت الميكروسكوب.
وأخيرًا يبدو الحديث عن الديدان مخيفا بعض الشيء، ولكن مع اتباع قواعد النظافة العامة وغسل اليدين باستمرار والتحليل الدوري، يقل انتشار الطفيليات ويسهل علاجها، ودمتم بخير.