ينظر البعض للتوابل على أنها مجرد أعشاب، تستخدم لتحسين مذاق الأكل وإكسابه نكهة ورائحة فقط، لكنها في الحقيقة مواد ذات قيمة غذائية وعلاجية أيضًا، ومن أهمها الزعتر.
يعد الزعتر من أشهر التوابل في مطبخ دول حوض البحر المتوسط عامة ولا سيما في فرنسا وإيطاليا، كذلك هو أحد أهم الأعشاب الطبية.
إذ تستخدم كلًا من أوراق وزهور وزيت الزعتر في عديد من الاستخدامات.
استخدامات الزعتر تاريخيًا
على مر العصور كان للزعتر استخدامات متعددة في الكثير من الحضارات القديمة:
فقد استُخدم قديمًا للحماية من الموت الأسود “الطاعون”.
واستخدمه قدماء المصريين في التحنيط، واستخدمه أيضًا اليونانيون في معابدهم كنوع من العطور، أما الرومان فقد كانوا يستخدمونه لإضافة النكهة للجبن والمشروبات الكحولية.
في هذا المقال سنتحدث عن أهميته واستخداماته في عديد من النواحي الغذائية والعلاجية.
لكن دعونا أولًا نتعرف إلى مكوناته:
مكونات الزعتر
زيت الزعتر الأساسي هو المكون الرئيسي للزعتر، ويحتوي هذا الزيت على مادة الثايمول بنسبة 40.5%، ومادة لينالول بنسبة 5.4%، وكارفاكرول بنسبة 3.2%، وكارفيلين بنسبة 2.6%، ونسب قليلة من مواد أخرى.
فوائد الزعتر
في البداية، يجب التنويه، أنه لا يوجد دليل علمي حتى الآن على كفاءة استخدام الأعشاب، والمكملات الغذائية وفاعليتها بديلًا عن الأدوية.
خصائصه
أُجريت عديد من البحوث حول العالم عن خصائصه المختلفة ومنها:
- خصائص مضادة للبكتيريا
أظهر زيت الزعتر حتى بتركيز قليل جدًا، تأثيرًا قويًا كمادة حافظة للطعام ضد عديد من أنواع البكتيريا المنقولة بالغذاء التي تسبب عديد من الأمراض للإنسان.
وكذلك يمتلك تأثيرًا فعالًا في عديد من السلالات المقاومة من البكتيريا المسببة للتسمم الغذائي، وبعض سلالات البكتيريا المقاومة للأدوية مثل البنسيلين.
- خصائص مضادة للفطريات
وذلك يعد فطر كانديدا ألبيكانيز (C. albicans)، من أشهر الفطريات المسببة للعدوى في جسم الإنسان، إذ تصيب الفم أو المَهْبِل مسببة ما يعرف باسم مرض القلاع.
وجد الباحثون أن الزيوت الأساسية المستخرجة منه لها القدرة على الحد من التأثير الضار لفطر الكانديدا داخل جسم الإنسان والقضاء عليه.
- خصائص مضادة للحشرات
نظرًا لاحتوائه على مادة الثايمول، وهي مادة توجد في عديد من المبيدات الحشرية المستخدمة داخل وخارج المنزل.
تستخدم هذه المادة للقضاء على البكتيريا، والفيروسات، والفئران، والآفات الحيوانية الأخرى.
كذلك يستخدم مستخلص الزعتر لطرد الناموس.
ولكن يجب فرك أوراقه أولًا لاستخراج الزيوت الأساسية منها، وعدم الاكتفاء بزراعته في حديقة المنزل فقط.
يمكن صناعة طارد للناموس منزلي بإضافة أربع قطرات من زيت الزعتر لكل معلقة من زيت الزيتون.
- خصائص مُحسنة للمزاج
يستخدم زيت الزعتر لأغراض علاجية وعطرية، وذلك لاحتواءه على مادة كارفاكرول.
أظهرت بعض الدراسات، أن هذه المادة تحفز الخلايا العصبية للشعور بحالة مزاجية جيدة.
لذلك من المرجح أن استخدامه بطريقة منتظمة له تأثير إيجابي على الحالة المزاجية للإنسان.
- خصائص مُطهرة
يعد العفن أحد أشهر ملوثات الهواء شديدة الْخَطَورة.
لذلك يجب اتخاذ إجراءات سريعة للتخلص منها بمجرد اكتشاف وجودها في المنزل؛ وذلك لضررها الشديد على صحة الإنسان.
كشفت إحدى الدراسات، أنه يمكن استخدام زيت الزعتر كمبيد للفطريات داخل المنزل في حال وجدت بتركيزات منخفضة.
وذلك لما يملكه من خصائص مضادة للفطريات.
ثانيًا استخداماته
لتوظيف كل تلك الخصائص والاستفادة منها، فإنه يستخدم في عديد من الأغراض والعلاجات، دعونا نستعرض بعضًا منها:
- استخدامات علاجية:
يستخدم في علاج عديد من الأمراض منها:
- تحسين وظائف الكبد
- داء الثعلبة
- اضطراب المهارة الحركية
- التهاب المفاصل
- التبول اللاإرادي
- عدوى الأذن
- استخداماته في المنتجات العطري
نتيجة لخصائصه المتعددة مثل كونه مطهر ومضاد للفطريات كما ذكرنا من قبل، فإنه يستخدم اليوم في عديد من المنتجات مثل:
- المنتجات الطبيعية للعناية بالبشرة
- صناعة مزيلات العرق
- صناعة غسول الفم
- الأوراق العطرية
- استخدامه مع زيوت الطهي
يزيد الزعتر من استقرار زيت عباد الشمس في درجات حرارة مختلفة.
إذ يعتقد العلماء أن له خصائص قوية مضادة للأكسدة.
ويعد تأكسد الدهون، مشكلة حقيقية خلال عملية تحضير أو تخزين الأطعمة، قد تؤدي إلى خفض القيمة الغذائية وجودة وسلامة الطعام.
الزعتر وحب الشباب
يعد علاجًا فعالًا في حالات حب الشباب
إذ أثبت تأثيره المضاد للبكتيريا فاعلية أكبر في علاج حب الشباب من النسبة المعتادة لمادة بنزويل بيروكسيد، المستخدمة في معظم علاجات حب الشباب.
وما يٌميزه عن مادة بنزويل بيروكسيد، كونه لا يسبب التهابات جلدية، ولذلك يُعد بديلًا فعالًا ذو تأثير لطيف على البَشَرَة.
تأثيره على المشكلات الجلدية الأخرى
أظهرت بعض الدراسات فاعلية كريم يحتوي على زيت الزعتر بنسبة 3% كمضاد للفطريات في علاج الجروح والندبات التي تسببها الإكزيما، كانت نسبة الشفاء 66.5%.
وأوضحت الدراسة أن هذه الكريمات تعد حل اقتصادي وفعال في علاج حالات عدوى الفطريات الخفيفة والمتوسطة.
الزعتر وضغط الدَّم
استُخدِم قديمًا في الطب الشعبي لعلاج ارتفاع ضغط الدم.
ودعمت بعض الدراسات الحديثة صحة هذا التقليد، وذلك لاحتوائه على الميثانول، وهي مادة ذات خصائص مضادة لارتفاع ضغط الدم.
الزعتر والمناعة
بسبب احتوائه على عديد من الفيتامينات مثل فيتامين A، وفيتامين C؛ فإن له فاعلية كبيرة في تقوية الجهاز المناعي وتقليل الإصابة بنزلات البرد.
ويحتوي أيضًا على عديد من المعادن مثل: النحاس، والحديد، والمنغنيز، وبعض الألياف.
الزعتر وسلامة الجهاز الهضمي
يؤدي تناوله إلى تعزيز سلامة الأمعاء، وارتفاع نسبة مضادات الأكسدة ونشاط البلعمة وتوازن نسبة الجراثيم المعدية المعوية.
ويستخدم في علاج بعض اضطرابات الجهاز الهضمي مثل المغص والإسهال والانتفاخ.
ويعمل أيضًا كمحفز للشهية، وفي علاج التهابات الفم والقضاء على رائحة الفم الكريهة.
الزعتر والجهاز التنفسي
أظهرت بعض الدراسات فاعلية أوراق الزعتر في علاج الكحة وتقليل أعراض البرد والسعال الديكي.
كذلك في حالات التهابات الشعب الهوائية والجهاز التنفسي، والتهاب اللوزتين والحنجرة.
فقد أظهرت دراسات حديثة خصائصه الهامة كمضادة للالتهابات، وذلك بتقليل بعض البروتينات والسيتوكينات المؤدية لحدوث الالتهابات.
بالإضافة لذلك، أظهرت الدراسة أيضًا تأثيرات سامة لمستخلص الزعتر على خلايا سرطان الرئة.
لذلك تدعم هذه الدراسة استخداماته التقليدية في علاج مشكلات الجهاز التنفسي المزمنة والحادة مثل الكحة وغيرها.
الزعتر والسرطان
أظهرت عدة دراسات فاعلية استخدامه في حالات الإصابة بأنواع مختلفة من السرطان مثل:
- سرطان القولون:
وجدت دراسة أن مادتي دايكلوروميثان (Dichloromethane)، وإيثانول (Ethanol) المتواجدتان في أحد أنواعه ربما يؤدّي دورًا في الوقاية من سرطان القولون.
- سرطان الثدي:
دراسة أخرى أُجريت في تركيا عن تأثير النوع البري منه على نشاط الخلايا السرطانية.
أوضحت الدراسة أن له تأثير في تقليل نشاط الخلايا السرطانية ولا سيما خاصية موت الخلايا المبرمج.
الأعراض الجانبية
قد يؤدي تناول الزعتر أحيانًا إلى بطء عملية تجلط الدَّم؛ لذلك فإن تناوله بالتوازي مع الأدوية المضادة للتجلط مثل: الأسبرين، والهيبارين، والديكلوفيناك، والإيبوبروفين، قد يزيد من احتمالية حدوث كدمات أو نزيف.
لا توجد دراسات كافية عن الجرعة اليومية المناسبة من الزعتر.
فلا يعني كون الأعشاب مواد طبيعية أنه من الآمن أن تٌستخدم بمعدلات كبيرة.
لكن يظل الاستخدام المعتدل هو الأفضل والأكثر أمانًا.
بعض الوصفات الطبيعية للزعتر
إليكِ بعض الوصفات التي يمكنكِ إعدادها منزليًا منه:
- منقوع الزعتر والقرفة لتحفيز المناعة
4 ملاعق صغيرة من الزعتر المجفف، و4 ملاعق صغيرة من القرفة، 4 أكواب من الماء.
يُغلى الماء ثم تُنقع الأعشاب في الماء المغلي وتُغطى لمدة 15 دقيقة.
يقدم ساخن، ويمكن إضافة القليل من العسل للتحلية.
يُمكنك الاحتفاظ به في الثلاجة لمدة أسبوع.
- الزعتر والعسل لعلاج الكحة
يُغلى 2 كوب من الماء، ثم يضاف 3 ملاعق صغيرة من الزعتر، ويُنقع لمدة 10 دقائق.
يُصفى المنقوع ويضاف كوب من العسل الأبيض الخام ويُقلب حتى تمام الذوبان.
يمكنك تناول ملعقة أو اثنتين حسب الحاجة، ويُمكنك الاحتفاظ به في إناء زجاجي في الثلاجة لمدة شهرين.
- استنشاق بخار الزعتر لعلاج الكحة والاحتقان
في قدر ضع ملعقة صغيرة من كلٍ من الزعتر والأوريجانو والنعناع، ثم أضف 4 أكواب من الماء المغلي.
غطِ رأسك باستخدام مِنْشَفَة وحاول استنشاق البخار ببطء، من 5 إلى 8 دقائق.
سوف تساعدك هذه الطريقة على إزالة الاحتقان وتقليل الكحة.
أوضحنا في هذا المقال فوائد واستخدامات متعددة للزعتر خارج المطبخ، كاستخداماته في علاج الكحة والمشكلات الجلدية وتحفيز المناعة وعلاج ضغط الدَّم المرتفع وغيرها. ولذلك احرصي دائمًا على تواجده في منزلكِ.