دخلت ملك المطبخ مع والدتها كالعادة، تستمتع بمشاهدة والدتها وهي تُعد الطعام، يا له من سحر في مزج المكونات المختلفة معًا مع الكثير من الحب لتكون المُحصلة في النهاية ألذ الأطباق وأشهاها، وبينما هي تراقب والدتها من كثب، لفت نظرها من بين المكونات، توابل شديدة الحُمرة.
سألت ملك والدتها: ما هذا يا أمي؟
– إنه الزعفران عزيزتي.
– ماذا؟ ماذا تعني تلك الكلمة؟
– إنه المكون السري الخاص بي، المكون ذو اللون الأحمر الداكن، الذي يضيف لمسة ذهبية على الطعام، فهيا بنا صغيرتي في رحلة صغيرة نتعرف فيها إلى أغلى التوابل في العالم، واستخداماته وفوائده.
نبات الزعفران
يُستخلص الزعفران من زهرة أرجوانية اللون، وبداخل تلك الزهرة خيوط دقيقة حمراء اللون تُحصد لنحصل على توابل الزعفران، وللحصول على رطل واحد منه، يجب حصاد ما يقارب من 75000 زهرة، ولذلك هو من أغلى التوابل في العالم نتيجة لأنه يتطلب في زرعه وحصاده إلى الكثير من العمالة، لأنه يُحصد باليد وليس بالآلات.
من الجدير بالذكر أن البلد الأصلي لزراعة هذا النبات هي اليونان، وأول استخداماته كان في علاج كثير من الأمراض وليس كتوابل للطعام.
ما هي أنواع الزعفران؟
هل كنت تعلم -عزيزي القارئ- أن للزعفران أنواع عديدة وتصنيفات مختلفة؟!
نعم أنواع عديدة وتصنيفات مختلفة، على حسب اللون والجزء الذي يُستخرج من الزهرة، وإليك أنواعه كالتالي:
1- نيجن(Negin)
يُعد هذا النوع من أغلى الأنواع، وذلك لأنه يتطلب مهارة يدوية دقيقة جدًا في حصاده، وأيضًا لأنه يتمتع بقدرة عظيمة على الصبغ، تلك الصبغة الطبيعية التي تُعطي الطعام اللون الذهبي الرائع.
2- سارجول (sargol)
سارجول من أكثر الأنواع شيوعًا، ويتميز بشدة حمرته وذلك لأن الأجزاء الصفراء من الزهرة تُنزع ويبقى فقط الأجزاء الحمراء، وكذلك يُطلق عليه (All-red) أي أنه أحمر كليًا وذلك كناية عن لونه، ويتمتع برائحة قوية وقدرة صبغ عالية.
3- بوشال
هذا النوع لونه أحمر أيضًا ولكن يشوبه بعض الصُفرة، وهو أقل جودة من الأنواع السابقة، ولكنه شائع أيضًا ويُستخدم كثيرًا.
4- بانش(Bunch)
يتسم البانش بلونه الأحمر المُصفر، وهذا يرجع إلى أنه مستخلص من الأجزاء الحمراء والصفراء من الزهرة، بنسبة (%70- %75) للأجزاء حمراء اللون، ونسبة (%20 – %25) للأجزاء صفراء اللون.
5- كونج (Konj)
يحتوي هذا النوع على الأجزاء الصفراء والبيضاء من الزهرة، ويستبعد الأجزاء الحمراء منها، لذا فهذا النوع لا يتمتع بقدرة على الصبغ، ولذا يكثر استخدامه في صنع الأدوية.
5 مواصفات يتميز بها الزعفران الأصلي
كما عرفنا سابقًا أن لهذا النبات أنواع عديدة، وعليه فإنه من الممكن جدًا أن تحصل على توابل غير أصلية أو مغشوشة.
لذا نود أن نعرض عليك -عزيزي القارئ- بعض المواصفات التي يتمتع بها الزعفران الأصلي دونًا عن غيره وهي كالتالي:
1- الرائحة
النبات الأصلي ذو رائحة تشبه رائحة الحلوى، كذلك وصف أحد منتجي الزعفران رائحته بأنها تشبه رائحة الفانيليا أو العسل وأيضًا هي مزيج بين رائحة الحلو والمالح.
2- المظهر
خيوط الزعفران تشبه البوق في شكلها، متفرعة من أحد طرفيها، وإذا فركت هذه الخيوط بيديك تصطبغ يديك باللون الأصفر أو البرتقالي.
3- المذاق
مع أن رائحته تشبه رائحة الحلوى إلا أن طعمه مر نوعًا ما وقد يكون لاذعًا.
4- اختبار الماء
يجرى هذا الاختبار للتفرقة بين النوع الأصلي وغير الأصلي أو المزيف، وخطواته كالتالي
- نضع النوعين (الأصلي والمزيف) في إناء شفاف به ماء كلٍ على حدة، وننتظر على الأقل 15 دقيقة.
- نلاحظ كذلك أن الإناء الذي يحتوي على الزعفران الأصلي يتحول لون الماء فيه إلى اللون الأصفر تدريجيًا وببطء.
- بينما الإناء الذي يحتوي على النبات المزيف فيكون لدينا ثلاثة احتمالات:
- يتغير لون الماء بسرعة جدًا في أقل من 15 دقيقة.
- يتحول لون الماء إلى الأحمر وليس الأصفر.
- لا يتغير لون الماء إطلاقًا.
وأيضًا يوجد اختلاف آخر، عند وضع خيوط النوع الأصلي في الماء تجدها متماسكة حول بعضها، على عكس الحال في المزيف نجد الخيوط مبعثرة ومتفرقة في الماء.
يعد هذا الاختبار من الاختبارات المؤكدة على جودته ويستخدم كثيرًا.
5- السعر
أوضحنا سالفًا أن هذه التوابل باهظة الثمن، وعليه فإن المزيف سيكون أقل ثمنًا، وعلينا أن نتأكد أيضًا بالفروق السابقة.
ولذلك عند شرائك للزعفران يفضل شرائه سليمًا غير مطحونًا. حتى تضمن عدم مزجه بأي مواد أخرى، كما يساعد هذا في التفرقة بين الأنواع الأصلية والمزيفة.
ومن البديهي شرائه من مصدر موثوق منه.
نضيف كذلك عند تخزينه، يفضل تخزينه في إناء زجاجي وليس بلاستيكيًا، في مكان بارد وجاف حتى تحافظ على رائحته ولونه.
فوائد الزعفران واستخداماته
جميعنا نعرف أن الزعفران يستخدم توابل للطعام ويضيف نكهة قوية وجميلة للطعام، ولكن الجانب المجهول لهذا النبات هو فوائده العلاجية لكثير من أسقام الجسد، وإليك بعض تلك الفوائد:
فوائد الزعفران للعين
أكدت الدراسات الحديثة القيمة العظيمة للزعفران بالنسبة للعين، فهو يحمي من مرض الضمور البقعي (AMD) وهذا المرض مقترن بالعمر الكبير، مسبب ضعف حاسة البصر.
وذلك بتعزيز القرنية للإحساس بالضوء، فهو يعمل على توقف تكسير الخلايا الحساسة للضوء الموجودة في قرنية العين.
ولتحقيق هذه الفائدة، على كبار السن تناول ما يقارب من عشرين جرام من هذا النبات يوميًا.
فوائد الزعفران للحامل
- مانع لارتفاع ضغط الدَّم
مشكلة ارتفاع ضغط الدَّم من المشكلات التي تواجه المرأة الحامل وتؤدي إلى بعض المضاعفات لها وللجنين إن لم تسرع في حلها، ومن الحلول الفعالة في هذا الموضوع هو الزعفران، يعمل على تقليل ارتفاع ضغط الدَّم نتيجة لاحتوائه على مادتي الكروسين والسافرانال (corcin and safranal) اللذان يعملان على انخفاض ضغط الدَّم.
نود أن نوضح أيضًا أن على المرأة الحامل تناوله بكميات منضبطة ومحددة حتى لا تتعرض إلى انخفاض حاد في ضغط الدَّم.
- تحسين عملية الهضم
من المعروف أن المرأة الحامل تعاني سوء الهضم، والإمساك، واضطرابات في المعدة خصوصًا في الشهور الأولى من الحمل، والزعفران من الحلول الطبيعية لهذه الاضطرابات بعيدًا عن الأدوية.
فهو يعمل على تقليل حموضة المعدة وتحسين عملية الأيض أو التمثيل الغذائي.
- باسط للعضلات
يتعرض الحوامل للشد العضلي وانقباض العضلات بصفة متكررة خاصة في الثلاثة شهور الأخيرة من الحمل.
الزعفران نتيجة إلى احتوائه على مواد باسطة للعضلات يساعد على ارتخاء العضلات وتحسين أداء المفاصل ومنع تيبسها ويقلل من آلام العضلات في أثناء فترة الحمل.
مضاد للاكتئاب
أثبتت الكثير من الدراسات أن الزعفران له دورًا هامًا في تحسين المِزَاج العام، وعلاج الكثير من أعراض الاكتئاب.
واستنتج العلماء أن تناول 30 مللي جرام من الزعفران يوميًا يحل محل الأدوية التي تعالج الاكتئاب.
ومازالت الأبحاث جارية، والنتائج واعدة في اتخاذه كعلاج طبيعي للاكتئاب.
الأعراض الجانبية المحتملة من تناول الزعفران
- الأعراض الجانبية للزعفران
مع الرغم من الفوائد العديدة للزعفران التي أوضحناها سابقًا، ولكن هذا لا يمنع أن يكون لديه بعض الآثار الجانبية مثل عند تناول كميات كبيرة منه، ومن تلك الأعراض الآتي:
- جفاف الفم.
- القلق والتوتر.
- الغثيان أو القيء.
- فقدان الشهية.
- صداع.
يشار أيضًا أن تناول 5 جرامات منه قد تسبب التسمم، وتناول 15 – 20 جرامًا قد تؤدي إلى الوفاة.
- الأعراض الجانبية للزعفران على الحمل والرضاعة
عند تناول المرأة الحامل الزعفران بجرعات كبيرة، فهذا قد يسبب انقباضات في الرحم ومن الممكن أن يؤدي للإجهاض.
ولذا ينصح للمرأة الحامل تناول الزعفران بالكميات المُحددة والمسموحة
- الأعراض الجانبية للزعفران لمرضى السكر
من الممكن أن يؤثر الزعفران على مستوى السكر في الدم، قد يكون سببًا في انخفاض مستوى السكر في الدم.
إذا كنت مريض سكر كن حذرًا عند تناولك للزعفران، ومن الأفضل أن تتناوله بكميات قليلة.
- الأعراض الجانبية للزعفران على مرضى الضغط والقلب
قد يؤثر الزعفران على معدل نبضات القلب وقوتها، ومن الممكن أن يكون له تأثيرًا سلبيًا على بعض حالات مرضى القلب بازدياد سرعة نبضات القلب، ولذلك يجب على مرضى القلب توخي الحذر عند تناوله.
أما بالنسبة لضغط الدم، فالزعفران قد يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم، ولهذا يجب على مرضى الضغط عدم تناوله إذا كانوا يعانون انخفاض في ضغط الدم.
نصيحة من تمكين
والآن يا صغيرتي ملك نتمنى أن تكوني قد تعرفتِ إلى الزعفران وكم هو مفيد لنا. ويجب أن نتناوله يوميًا في طعامنا، ولا نستخدمه كتوابل للطعام فقط بل نستخدمه أيضًا علاج لكثير من الأمراض وبديل لعديد من الأدوية.