طب عامطبي

السكتة الدماغية | هل مات دماغي حقًا أم يمكنني النجاة؟!

بينما كنت أتصفح الإنترنت وقعت عيني على مقال طبي يتحدث عن السكتة الدماغية، فتذكرت ذلك اليوم  عندما أصيب أبي، لقد كان يومًا عصيبًا علينا.

الطبيب: مما يشكو المريض؟

– صدقًا لا نعرف لقد كان الأمر غريبًا برمته، كنا نتناول الغذاء وفجأة أَحس بصداع شديد، فتناول دواء الضغط ظنًا منه أنه ارتفع كعادته، ولكن ما لبث أن شعر بتخدر في وجهه، وأصبح كلامه ثقيلًا، ثم فقد توازنه وسقط مغشيًا عليه، فجئنا به إلى المشفى على الفور.

الطبيب: حسنًا، لقد أحسنتم التصرف، فتبعًا لهذه الأعراض ربما يعاني والدكم سكتة دماغية. والآن يجب عليّ الإسراع لإنقاذه.

سنتحدث في هذا المقال عن أسباب السكتة الدماغية، وأعراضها، وأنواعها، وكيفية تجنبها، فتابع معنا.

ما هي السكتة الدماغية؟

إن السكتة الدماغية أو الجلطة الدماغية من أخطر أمراض الجهاز العصبي.

وتحدث عندما يقل أو ينقطع التدفق الدموي لجزء من خلايا الدماغ، ويُمنع إمدادها بالأكسجين والمواد الغذائية اللازمة لها.

فتتوقف خلايا الدماغ عن العمل وتبدأ بالموت خلال دقائق معدودة.

وتُعد من الحالات الطبية الطارئة التي تحتاج إلى العلاج الفوري خلال الساعات الأولى من حدوثها؛ إذ يُجنب ذلك المريض مضاعفاتها الخطرة كحدوث بعض الإعاقات أو وقوع الموت. 

أسباب السكتة الدماغية

تختلف أسباب الإصابة تبعًا لنوع السكتة ذاتها، إذ تنقسم السكتة الدماغية إلى ثلاثة أنواع كالتالي:

1-السكتة الدماغية الإقفارية

وهي أكثر الأنواع شيوعًا، وتحدث نتيجة لضيق أو انسداد أحد الأوعية الدموية بالدماغ، فيتوقف إمداد الخلايا بالدم وتموت خلال دقائق.

وتنقسم السكتة الإقفارية تبعًا لسبب الضيق أو الانسداد إلى نوعين:

  • السكتة الدماغية التخثرية: وتحدث نتيجة تصلب الشرايين الدموية بالدماغ لتراكم الدهون بها، فتكون جلطة دموية وتمنع تدفق الدم إلى خلايا الدماغ.
  • السكتة الدماغية الصمية: تتكون الجلطة الدموية بمكان آخر غير الدماغ، ثم تنتقل هذه الجلطة بالدم إلى أحد شرايين الدماغ مسببةً انسداده فيتوقف اندفاع الدم إلى خلاياه. 

2-سكتة دماغية نزفية

تحدث نتيجة نزيف دموي أو تمزق بأحد شرايين الدماغ، وينتج النزيف عن:

  • ارتفاع ضغط الدم غير المنضبط.
  • تمدد الأوعية الدموية.
  • تشوهات الأوعية الدموية.
  • الإفراط بتناول الأدوية المضادة للتخثر.
  •  بعض أنواع الحوادث والإصابات المباشرة بالجمجمة.
  • وجود أورام بالمخ.

كما تنقسم السكتة النزفية تبعًا لمكان النزف إلى نوعين:

  • نزف في الدماغ: وهو الأكثر شيوعًا ويحدث نتيجة انفجار أحد الشرايين الدموية بالدماغ؛ فينتشر الدم إلى الأنسجة المحيطة مسببًا أضرارًا بالغةً.
  • نزف تحت العنكبوتية: وهو الأقل شيوعًا ويحدث النزيف بين الدماغ والأنسجة الرقيقة المغلفة له ويكون مصحوبًا بصداع مفاجئ وحاد.

3-سكتة إقفارية عابرة

تُعرف أيضًا بالسكتة المصغرة وتحدث نتيجة انسداد مؤقت في أحد شرايين الدماغ مسببةً خلل في تدفق الدم لجزء منه.

وتستمر من دقائق إلى بضع ساعات، يمكن علاج السكتة العابرة خلال 24 ساعة الأولي من حدوثها دون التسبب بأضرار للمريض.

لكنها مؤشر هام لاحتمالية تعرض المريض لسكتة دماغية فعلية في المستقبل، لذلك يجب عليه توخي الحذر والانتباه جيدًا لصحته واتباع تعليمات الطبيب.

بالرغم من وجود أسباب محددة لمختلف أنواع السكتات الدماغية، ولكن هناك بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بها جميعًا، مثل:

  • وجود تاريخ عائلي للإصابة بالجلطة الدماغية أو النوبات القلبية.
  • أمراض القلب والأوعية الدموية.
  • ارتفاع معدل الكوليسترول والدهون الثلاثية بالدم.
  • ضغط الدم المرتفع.
  • مرض السكري.
  •  السمنة وعدم ممارسة الرياضة.
  • التدخين وتناول الكحوليات والمخدرات. 

كذلك تشير الدراسات إلى أن الرجال أكثر عُرضة للإصابة من النساء، لكن احتمالية وفاة النساء جراءها يفوق الرجال.

وأيضًا يؤثر السن في زيادة معدلات الإصابة؛ إذ تكثر السكتة في الفئة العمرية فوق 50 عامًا.

أعراض السكتة الدماغية

 أعراض السكتة واحدة في كل الأنواع، وتختلف حدتها تبعًا لطول فترة انقطاع الدم عن الدماغ.

كذلك يلعب العلاج الطارئ لها دورًا هامًا في تخفيف الأضرار اللاحقة لها ومضاعفاتها، وتتمثل هذه الأعراض في:

  • صداع مفاجئ وحاد مصحوبًا بالقيء.
  • الإحساس بالدوخة والإعياء. 
  • فقدان التوازن وعدم القدرة على المشي أو التنسيق.
  • عدم القدرة على التحدث وفهم الآخرين.
  • الإحساس بالخدر أو الشلل في جانب واحد من الجسم.
  • تشوش الرؤية، أو الرؤية المزدوجة، أو فقدان الرؤية بإحدى العينين.

كيفية التشخيص

بمجرد وصول المريض إلى المشفي يبدأ الطبيب على الفور في فحصه، للتأكد من الإصابة بالسكتة وتحديد نوعها وتقرير آلية العلاج الفعالة، ومن أهم الطرق المستخدمة في التشخيص:

  • فحص سريري: لقياس ضغط الدم وسماع ضربات القلب، وفحص عصبي لمعرفة مدى تأثير السكتة على الجهاز العصبي.
  • إجراء تحاليل الدم المختلفة: مثل تحليل معدل سكر الدم، ومعدل الصفائح الدموية، وسيولة الدم.
  • إجراء الإشاعات الطبية: مثل التصوير بالأشعة المقطعية والتصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ، لتحديد مكان السكتة بالدماغ وأسبابها.
  •  التصوير بالموجات الفوق الصوتية للشريان السباتي: وهو أحد الأوعية الدموية الموجودة على جانب الرقبة وتنقل الدم إلى الرقبة والرأس والدماغ.
  • التصوير الوعائي للدماغ: استخدام القسطرة لرؤية أوضح وتفاصيل أدق للأوعية الدموية بالرقبة والدماغ.
  • تخطيط صدى القلب: اختبار بسيط يوضح النشاط الكهربائي للقلب وعدد دقاته ومدى سرعتها، للكشف عن الأمراض القلبية التي يمكن أن تؤدي إلى السكتة.

آلية العلاج

تُعد السكتة من الحالات الطارئة التي تحتاج إلى عناية طبية سريعة، ويساهم العلاج الفوري في الساعات الأولى من حدوثها في الوقاية من تلف الدماغ، والإعاقات الدائمة والموت.

تعتمد آلية العلاج التي يُقرها الطبيب على نوع السكتة وحالة المريض عند وصوله المشفى، وغالبًا يتنوع العلاج بين الأدوية والجراحة.

في حالة السكتة الإقفارية

تعتمد آلية علاجها على إزالة الجلطة المسببة لانسداد الشريان وإعادة تدفق الدم إلى الدماغ في أسرع وقت لتجنب حدوث مضاعفات، ويتضمن العلاج على التالي:

الأدوية: استخدام الأدوية المفتتة للجلطات وحقنها وريديًا خلال الساعات الأولي من حدوث السكتة للتسريع من تأثيرها، إذ تعمل على إذابة الجلطة وفتح مسار الدم مرة أخرى ورفع نسبة الشفاء دون تعرض المريض لأضرار بالغة.

الجراحة: قد يلجأ الطبيب إلى إجراء الجراحة (استخدام قسطرة بها جهاز معين) لفتح الشريان المسدود وإزالة الجلطة.

وتُعد هذه الطريقة فعالة جدًا في حالات الجلطات الكبيرة.

في حالة السكتة النزفية

 تعتمد آلية علاجها على وقف النزف بالدماغ وتقليل الضغط عليه، ويتضمن العلاج على التالي:

الأدوية: استخدام أدوية لتقليل الضغط داخل الدماغ، وضغط الدم عامة.

كذلك يمكن استخدام أدوية تقلل وتعالج سيولة الدم إذ كان المريض يتناول أدوية مضادة للتجلط.

الجراحة: يلجأ الطبيب إلى الجراحة لتخفيف الضغط على الدماغ وسحب الدم منه.

إذ يمكن إجرائها لمعالجة تمدد الأوعية الدموية، وإزالة الأوعية الدموية المشوهة. 

 كيفية الوقاية من السكتة الدماغية

كما تقول الحكمة فإن الوقاية خير من العلاج لذلك يجب تجنب العوامل المؤدية لحدوث الجلطة الدماغية، وإليك بعض النصائح:

  • اتباع نظام غذائي صحي، يتضمن عناصر مختلفة ومفيدة (الفاكهة، والخضروات، والبروتين والحبوب الكاملة، والمكسرات).
  • تقليل الأطعمة الغنية بالدهون المتحولة والمشبعة.
  • تناول القدر الكافي من المياه.
  • المحافظة على وزن مناسب.
  • ممارسة الرياضة بانتظام.
  • أخذ قسط كاف من النوم.
  • ضبط مستوى السكر بالدم.
  • تجنب التدخين والكحوليات والمخدرات.
  • البعد عن الانفعالات والضغوطات النفسية. 
  • تناول الأدوية المخصصة لضغط الدم المرتفع في أوقاتها المحددة. 

الطبيب: حمدًا لله، لقد تخطى والدكم مرحلة الخطر، هو الآن بغرفة العناية المركزة، يمكنكم الانصراف والمجيء غدًا لرؤيته.

– شكرا جزيلًا أيها الطبيب، لقد أسديت لنا معروفًا كبيرًا بإنقاذه.

الطبيب: لم أفعل سوى واجبي، ولكنكم أيضًا شاركتم في إنقاذه بسرعة إحضاره إلى المشفي في الساعات الأولى من حدوث السكتة الدماغية.

– شكرًا لك مرة أخرى، دُمتم جيشنا الأبيض.

المصدر
healthlinestroke typesmedicalnewstodaystroke symptoms and treatmentmayoclinicstroke

د.ناريمان عاطف

أخصائي تحاليل طبية وكاتبة محتوى، شغوفة بالعلوم والطب، أعشق القراءة منذ الصغر وأجيد البحث عن المعلومة من أدق مصادرها. عملت بالتدريس، مما جعلني أكتشف شغفي في نشر العلم وتبسيطه للجميع؛ لذلك أكتب من أجل إثراء الثقافة العلمية والطبية في مجتمعنا العربي بلغة الضاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى