الألم هو العدو اللدود للحياة، فيتوقف العقل عن التفكير في حالة الألم؛ لذا يهرع الجميع نحو المسكنات فور الشعور به.
أصبحت المسكنات موجودة في كل منزل وفي كل حقيبة، وباتت تُوصف بين العامة وبعضهم دون الرجوع إلى مختص.
وأصبح لزامًا علينا تسليط الضوء على المسكنات، وأضرارها وإعادة تقييمها، لمحاربة سوء استخدامها، فتابع معنا عزيزي القارئ.
ماذا نعني بمسكن ألم؟
إذا شعرت بألم في أسنانك أو صداع وأخبرت أحدهم سيخبرك فورًا: تناول مسكن ألم!
فما هو مسكن الألم؟ وكيف يعمل؟
وخط الدفاع الأول ضد الآلام والأوجاع، ويعمل عن طريق منع إشارات الألم من الوصول إلى المخ، أو التدخل في ترجمة المخ لتلك الإشارات، وهو يسكن الألم فقط ولا يعالج الأسباب.
حتى قبل ظهور الأدوية الحديثة والعلاجات الدوائية كانت الأعشاب الطبيعية تستخدم لتسكين الألم لعدة قرون مثل النعناع.
أنواع المسكنات
تنقسم المسكنات إلى مسكنات أفيونية (مخدرة) وأخرى غير أفيونية (غير مخدرة):
أولًا: المسكنات غير المخدرة
تنقسم أنواع المسكنات غير المخدرة إلى ثلاث فئات وهى:
- الأسيتامينوفين.
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs).
- مُثبطات إنزيم cox-2.
مع أنّ الفئات الثلاث تعتمد على آليات دفاع مختلفة، إلا أنها جميعًا تُثبط إنزيمات cox-1 وcox-2،
وهي إنزيمات مسئولة عن إحداث الالتهاب والألم.
الأسيتامينوفين
يُعد الأسيتامينوفين والمعروف أيضًا بالباراسيتامول أكثر المسكنات شيوعًا التي لا تستلزم وصفة طبية، ويدخل في تركيب معظم أدوية البرد والإنفلونزا والجيوب الأنفية.
يُعد الأسيتامينوفين هو الأكثر أمانًا للمرأة الحامل حتى الآن، ويوفر تأثيرًا مسكنًا وخافضًا للحرارة، ولكنه لا يعالج الالتهاب.
يعمل الباراسيتامول بآلية عمل غير واضحة بشكل تام، ولكنها تمنع نشاط إنزيمات cox بشكل انتقائي في المخ والجهاز العصبي المركزي فقط.
التأثير الجانبي الأكثر خطورة للباراسيتامول هو تسمم الكبد، الذي ينتج عن الإفراط في
تناول الدواء، فحسب منظمة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) يُعد الأسيتامينوفين السبب
الرئيسي لفشل الكبد الحاد في الولايات المتحدة، ولاسيما بين مدمني الكحول المزمنين.
مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs)
تعتمد آلية عمل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية على منع إنزيم cox-1 بشكل انتقائي ليس فقط في المخ والجهاز العصبي المركزي فقط، وإنما أيضًا في أجزاء مختلفة من الجسم، وهي مثل الإيبوبروفين والأسبرين.
تعزز تلك الآلية فعالية مضادات الالتهاب غير الستيرويدية في خفض الحرارة وتسكين الألم وكذلك علاج الالتهابات، لكنها تقلل التأثير الوقائي لإنزيم cox-1 على بطانة المعدة؛ يتسبب ذلك في
تكرار الغثيان وعسر الهضم والتهابات المعدة عند استخدامها بشكل متكرر.
بالرغم من فعالية الأسبرين لمرضى القلب، فإن بقية مضادات الالتهابات غير الستيرويدية تزيد خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية لدى مرضى القلب.
مثبطات الإنزيم cox-2
تُعد مثبطات الإنزيم cox-2 فئة فرعية من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية.
تتضمن مثبطات الإنزيم cox-2 اليوم دواءً واحدًا فقط معتمد من إدارة الأغذية والأدوية (FDA) وهو سيليبركس (سيليكوكسيب).
تعتمد آلية عمل هذه الفئة من الأدوية على تثبيط إنزيم cox-2 دون التأثير على إنزيم cox-1؛ ولذلك فهو يسكن الألم ويقلل الالتهاب دون التأثير على الجهاز الهضمي.
تزيد مثبطات الإنزيم cox-2 خطر الإصابة بالنوبات القلبية بنسبة 40%؛ لذلك على مدار السنوات سُحبت جميع الأدوية المثبطة لإنزيم cox-2 ماعدا السيليبركس.
ثانيًا: المسكنات المخدرة
المسكنات المخدرة هي فئة من الأدوية تستخدم لتخفيف الأوجاع المتوسطة والشديدة الحادة والمزمنة، تعرف أيضًا بالأدوية الأفيونية أو المخدرات.
المسكنات الأفيونية هي نوع من الأدوية التي تعمل عن طريق الارتباط بمستقبلات الأفيون التي تنتشر في الجهاز العصبي والجهاز الهضمي.
تنظم مستقبلات الأفيون بعض الوظائف الجسدية مثل الألم، وكذلك هي مسئولة عن تحفيز التأثيرات النفسية التي تؤثر على الدماغ؛ بالتالي تربط الأشخاص بالأدوية الأفيونية.
علي الرغم من أنها آمنة عند استخدامها على النحو الموصوف، قد تسبب الغثيان والإمساك والنعاس وضيق التنفس خاصةً مع كبار السن.
يزداد خطر التعود على الدواء كلما زادت مدة الاستخدام؛ حيث يفقد الدواء تأثيره تدريجيًا.
تخضع معظم المسكنات الدوائية للرقابة وتتطلب وصفة طبية من الطبيب، وحسب التقارير فإن مليوني شخص في الولايات المتحدة فقط، قد أصيبوا بالإدمان جراء الإفراط في استخدام الأدوية الأفيونية.
تشمل الأدوية الأفيونية ثلاث فئات واسعة وهى:
- قلويدات الأفيون(opiate alkaloids)
نوع من الأدوية المشتقة من المركبات الموجودة بشكل طبيعي في نبات خشخاش الأفيون.
تشمل المركبات ذات التأثير النفسي الموجودة في الأفيون المورفين والكوديين، وكلاهما يعمل بشكل مباشر على الجهاز العصبي المركزي لتقليل الإحساس بالألم.
يعرف المورفين بأنه يسبب الإدمان بشكل كبير، بينما يتسبب الكودايين في أعراض الانسحاب عند الإفراط في استخدامه.
- المواد الأفيونية شبه الاصطناعية
هي أدوية مصنعة من المواد الأفيونية الطبيعية وتشمل الأوكسيكونتين(أوكسيكودون) والفيكودين (هيدروكودون).
ويستخدم الأوكسيكودون لعلاج الآلام المتوسطة والشديدة بما في ذلك السرطان والعمليات الجراحية ويسبب إدمانًا شديدًا؛ لذا يشتهر الهيدروكودون بأنه أسوأ المسكنات المخدرة الموصوفة.
يمكن استخدام هذه الأدوية بأمان فقط تحت إشراف الطبيب على المدى القصير.
- المواد الأفيونية الاصطناعية
تصنع تلك المواد الأفيونية الاصطناعية داخل المختبرات بالكامل، لتحاكي أداء المواد الأفيونية الطبيعية في التأثير.، وتشمل المواد الأفيونية الاصطناعية الميثادون والبوبرينورفين والترامادول.
ويستخدم البوبرينورفين بشكل شائع في علاج إدمان المواد الأفيونية؛ بينما يستخدم الترامادول في تسكين الألم بعد العمليات الجراحية الكبرى وكسور العظام.
تعد المواد الأفيونية الاصطناعية أقل إدمانًا من المواد الأفيونية الطبيعية.
أضرار المسكنات
تختلف أضرار المسكنات على حسب نوع المسكن والفئة التي ينتمي إليها.
1- أضرار المسكنات غير الأفيونية
تتنوع أضرار هذه الفئة من دواء إلى آخر وهذه أشهر التأثيرات الجانبية لمعظم الأدوية المسكنة:
- اضطرابات الجهاز الهضمي وتشمل الغثيان والقيء وفقدان الشهية.
- التهابات المعدة وتشمل قرحة المعدة ونزيف المعدة.
- تليف الكبد الشديد وارتفاع إنزيمات الكبد.
- تفاقم أعراض الربو والحساسية.
- ضعف الخصوبة لدى النساء وضعف الانتصاب لدى الرجال عند الاستخدام المطول، ولكنه يزول بتوقف الدواء.
- فشل كلوي حاد وارتفاع في إنزيمات الكُلى.
- بعضها قد يسبب ارتفاع ضغط الدم.
- السكتات الدماغية والنوبات القلبية.
- بعض الأدوية قد تسبب الإجهاض وبعض الاضطرابات في الحمل؛ لذا إذا كنتي حامل عليك استشارة الطبيب.
2- أضرار الأفيونية
- الإمساك هو أكثر الأعراض شيوعًا في الأدوية الأفيونية.
- الغثيان والنعاس والدوخة.
- الحكة الجلدية وزيادة التعرق.
- كذلك تسبب الشعور بالحزن والكآبة.
- ضعف الجهاز المناعي.
- الإدمان مما يعني شعور المريض بالحاجة لتلك الأدوية دون سبب حقيقي.
- مع الوقت يضعف تأثير الدواء مما يدفع المريض لزيادة الجرعة والدخول إلى الحلقة المفرغة.
إذا كنت تعاني بعض الآلام فجَرِّب بعض الأعشاب الطبيعية مثل الزنجبيل والنعناع أولًا وفكر مرتين قبل استخدام المسكنات.
وإذا كنت تستخدم المسكنات الأفيونية لغرض طبي هام؛ فأنصحك عزيزي القارئ باتباع تعليمات الطبيب والالتزام بالجرعة المحددة.