كنت أرى كثيرًا من الأشخاص يتبعون حمية خالية من الجلوتين، ولكن مثلي مثل غيري لا أعلم السبب، حتى علمت إصابة ابني بحساسية الجلوتين وهو لم يتم عامه الثاني بعد، راودتني كثيرًا من الأسئلة، ما هو الجلوتين؟ في أي طعام أجده؟ كيف تُشخص حساسية الجلوتين؟ هل يوجد لها علاج؟
في هذا المقال سوف نجيب على كل تلك الأسئلة، فهيا بنا أيها القارئ نطلع عليها.
ما المقصود بالجلوتين؟
هو مجموعة من البروتينات المعروفة بالبرولامين، يوجد في القمح والشعير والجاودار.
أشهر البروتينات الموجودة فيه هي الجليادين والجلوتينين، حيث نجدهم في القمح، ويسبب الجليادين معظم المشكلات الصحية والحساسية من الجلوتين.
يماثلهما في الجاودار بروتين السكالين، وفي الشعير بروتين الهوردين.
يضيف الجلوتين الملمس الناعم الذي تتميز به الأطعمة المحتوية عليه، عند تسخينه يُكوّن شبكة مرنة، تمتد وتحبس الماء مما يساعد على التخمير الأمثل، وأيضًا الاحتفاظ بالرطوبة أو زيادتها، في المخبوزات والمنتجات التي تحتوي عليه.
أسباب حساسية الجلوتين
هناك أسباب عديدة أشارت لها الأبحاث كمسببات للحساسية ولم يثبت بعد ما هو السبب الحقيقي ورائها، نُطلعكم على بعض تلك المسببات.
تتضمن الحبوب التي تحتوي على الجلوتين على بروتينات مثبطة لإنزيم الأميليز والتربسين، التي تنشط المستقبلات الشبيهة بتول 4 “Toll-like-4 receptors”، بالتالي تحفز المناعة الفطرية، وتؤدي إلى التهاب.
كما يعود سبب هذا التحسس تجاه الجلوتين إلى انخفاض أو زيادة في نفاذية الأمعاء.
و أيضًا تغيرات في البكتيريا النافعة في الجهاز الهضمي، وذلك نتيجة استهلاك الجلوتين.
ويظل هناك لغزًا لم يحل بعد، ما هو سبب هذا التحسس تجاه الجلوتين؟ ومازالت الأبحاث مستمرة.
أنواع حساسية الجلوتين
هناك أنواع كثيرة تجعل التشخيص صعبًا، لذلك كي تعلم ما تعانيه وكيف تواجهه دعنا نذكر لك تلك الأنواع:
داء البطني
يطلق عليه أيضًا مرض الاضطرابات الهضمية أو داء الزلاقي، ويعد من الأمراض المناعية الذاتية تجاه الجهاز الهضمي، ويعتقد البعض أنه أشهر أنواع حساسية الجلوتين، بالرغم من أنه ليس كذلك.
حساسية الجلوتين غير المرتبطة بداء البطني
تشتهر باسم حساسية الجلوتين.
يُظهر بعض أعراض داء البطني، لكنه يختلف عنه، فهما ليسا المرض نفسه، وغالبًا يختلط على الأطباء تشخيصهم.
لم يكتشف العلماء بعد سبب تلك الحساسية، هل هي مرض مناعي ذاتي مثل داء البطني؟ أم هي رد فعل تحسسي مثل حساسية القمح؟
التهاب الجلد حلئي الشكل
يعرف أيضًا باسم “طفح الجلوتين”؛ ذلك بسبب حدوث طفح جلدي عند تناول الجلوتين؛ لذلك يطلق عليه البعض خطأً حساسية جلوتين، لكنه مرض مناعي ذاتي.
ترنح الجلوتين
يعد أيضًا من الأمراض المناعية الذاتية النادرة، إذ تهاجم المناعة المخ والأعصاب عند تناول الجلوتين، وكذلك يندرج تحت مسمى حساسية الجلوتين.
حساسية القمح
تعد حساسية صريحة تجاه القمح، هناك بروتينات أخرى في القمح غير الجلوتين من شأنها إحداث تحسس، لذلك يخلط بينهم.
أعراض حساسية الجلوتين
تتميز حساسية الجلوتين بأن أعراضها هضمية وغير هضمية، وتتمثل أعراضها في الآتي:
- الانتفاخ.
- الإمساك أو الإسهال مع براز كريه الرائحة.
- فقدان الوزن غير المبرر.
- آلام في البطن.
- صداع.
- آلام في العظام أو المفاصل.
- التعب المزمن.
- الغثيان.
- تنميل الأطراف.
- القلق.
- سلوك شبيه باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
- الاعتلال العصبي.
- الأنيميا (نقص الحديد).
- تشوش المخ.
- مشكلات جلدية.
- ارتجاع مريئي.
- قرح فموية.
- التهاب في الجلد أو طفح جلدي.
- حموضة أو قيء.
- التهاب اللسان.
تشخيص حساسية الجلوتين
إذا استبعد داء البطني وحساسية القمح، سوف تخضع إلى تحدي الجلوتين، وهو اتباع حمية خالية من الجلوتين لفترة من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، ومتابعة الأعراض، ثم إدخاله مرة أخرى.
إذا تحسنت الأعراض مع الحمية وساءت مع الإدخال، فذلك يعني الإصابة بحساسية الجلوتين.
فحص حساسية الجلوتين
لم يكتشف بعد فحص خاص لتشخيص حساسية الجلوتين، إنما هناك فحوص لداء البطني وحساسية القمح فإذا استبعدا، تُشخص تلك الحساسية كما ذكرنا سابقًا.
نعرض عليكم تلك الفحوصات:
فحص الدم
تُقاس بعض الأجسام المضادة التي تكون أعلى من الطبيعي في مرضى داء البطني، ولكن بشرط أن يكون المريض يتناول الجلوتين.
يخضع للفحص:
البالغون والأطفال من عمر الثلاثة سنوات فأكثر (ملحوظة: هذا الاختبار غير دقيق لمن هم أقل من ثلاثة سنوات). يجب أن يكون الطفل تناول الجلوتين لمدة لا تقل عن عام حتى يثير جهاز المناعة ويسبب أعراض.
من لديهم تاريخ وراثي بداء البطني وخاصة إذا كانوا من أقارب الدرجة الأولى.
من لديهم مرض مناعي ذاتي مثل:
- مرض السكري من النوع الأول.
- متلازمة ويليامز.
- مرض مناعي ذاتي في الكبد.
- متلازمة داون.
- مرض مناعي ذاتي في الغدة الدرقية.
- نقص الجلوبولين المناعي الانتقائي A.
فحص أضداد الترانس غلوتاميناز النسيجية النمط Tissue Transglutaminase) Antibodies-tTG-IgA)
يجب ألا يكون المريض على حمية خالية من الجلوتين؛ لكي يجري هذا الفحص.
فحص الأجسام المضادة (The IgA Endomysial antibody)
يستخدم في الحالات التي يصعب تشخيصها، ويعد الأكثر دقة في تشخيص داء البطني بعد tTG-IgA، ولكنه مكلف أكثر منه.
مجموع الأجسام المضادة A في الدم
لذلك يستخدم هذا الفحص للتحقق من هذا النقص، خاصًة إذا كانت الفحوص الأخرى سلبية بالخطأ.
إذا أُثبت أن تلك الأجسام قليلة، يجب أن تُجرى فحوص أخرى للتأكد من أنه داء البطني، إذ أن نقصها يشير أيضًا إلى بعض الأمراض الأخرى التي تسبب ضمور في الأهداب الداخلية للأمعاء منها: الجيارديا، فرط نمو بكتيريا الأمعاء الدقيقة (SIBO) أو نقص المناعة المتغيرة (CVID).
(DGP IgA and IgG) ببتيد جليادين المخفّف
يُجرى هذا الفحص إذا كانت نتيجة فحص مجموع الأجسام المضادة A في الدم قليلة، أو اظهرت الفحوص الأخرى نتيجة سلبية بالخطأ.
الخزعة
تعد الخزعة من أنسجة الأمعاء الدقيقة هي الطريقة الأكثر دقة لتشخيص مرض داء البطني، لكن قبل أن يبدأ طبيبك بها، سوف يطلب منك فحص دم أولًا.
التنظير الكبسولي
يعد من أهم الوسائل والفحوص للكشف عن داء البطني والأكثر دقة من التنظير العادي.
إذ أنه يساعد في اكتشاف مضاعفاته.
بروتين ربط الأحماض الدهنية المعوية (I-FABP)
عندما يحدث تلف خلوي، يُطلق هذا البروتين في الدم، إذ أنه يشير إلى تناول الجلوتين غير المقصود.
الفحص الجيني
يوصى بعمله لاستبعاد داء البطني، ذلك عن طريق فحص جين مستضدات كريات الدم البيضاء (HLA-DQ2 and HLA-DQ8).
الأشعة
تساعد بعض الإشاعات في تشخيص داء البطني، ذلك من خلال بعض التغيرات، مثل تمدد الأمعاء الدقيقة وسماكة الجدار، والتغييرات الوعائية وغيرهم.
العلاج
لم يكتشف حتى الآن علاج له سوى المنع التام من الجلوتين بجميع أشكاله.
أين يوجد الجلوتين؟
إن الجلوتين كالملح في الطعام، يوجد في كل ما نستخدمه طعام وأدوات، ويتغلغل داخل حياتنا، ولا نشعر به إليكم موانع حساسية الجلوتين إلا إذا كُتب عليه “خالٍ من الجلوتين”:
- المنتجات التي تحتوي على قمح مثل:
- المعكرونة
- لسان العصفور
- الشعرية
- العيش البلدي
- كل منتجات الفرن الأفرنجي.
- النخالة والفريك والبليلة أو غلة القمح.
- الرقاق أو الجلاش.
- البقوليات المعلبة.
- الردة والسميد.
- اللحوم الجاهزة أو المصنعة.
- حبوب الشوفان ودقيق الشوفان.
- دقيق الذرة ونشا الذرة وذرة الفشار.
- الشعير.
- خل الشعير وزيت الطعام.
- قمر الدين والفواكه المجففة والمكسرات المحمصة.
- البهارات المطحونة.
- مشروبات الشعير.
- الحلويات الجاهزة ولوازم العيد.
- العصائر المعلبة.
- صوص الصويا.
- بعض منتجات الألبان والجبن والسمن والزبد.
- كريمات الشعر والبشرة وغسول الشعر والجسم.
- معجون الأسنان.
- حشو الأسنان الطبي.
- بعض أدوية الفيتامينات وقطرات العين وأدوية الكحة والأسبرين.
- أي منتج مكتوب عليه:
- قمح كامل.
- قمح صلب.
- دقيق قمح.
- نشا معدل.
- جلوتين.
- جيليادين.
- شعير.
- قمح محلل جزئيًا.
- فتات الخبز.
- مثخن أو مكثف.
- نكهات الكراميل.
- جلوتامات أحادي الصوديوم.
ما هي المنتجات الخالية من الجلوتين؟
رزقنا الله العديد من البدائل الخالية من الجلوتين مثل:
- الفواكه والخضراوات الطازجة.
- البقوليات والبذور.
- المكسرات غير المحمصة.
- البيض.
- اللحوم والأسماك والدواجن الطازجة.
- منتجات الألبان قليلة الدسم.
وهناك بدائل لدقيق القمح والقمح مثل:
- الكينوا.
- الأرز.
- الحنطة السوداء.
- الذرة.
- التابويكا.
- جوز الهند.
- حب العزيز.
- صويا.
- الدخن.
- البطاطس.
والخلاصة، لم يعرف حتى الآن أسباب الإصابة بحساسية الجلوتين. ولا يوجد فحص خاص بحساسية الجلوتين، تُشخص فقط بالاستبعاد وتحدي الجلوتين.
تأكد من خلو كل ما تستخدمه من الجلوتين، أو أن العبوة مدون عليها جملة “خالٍ من الجلوتين”. تناول الأطعمة الطبيعية التي لا تحتوي على جلوتين، مثل الفواكه والخضراوات.