“لا يتوقف ذوو الهمم العالية عن إبهارنا كل يوم، بإنجازاتهم المذهلة. تتعدد مجالات إبداعهم، فمنها العلمي، والاجتماعي، والأدبي، وغيرها. واليوم، يسعدني أن أقدم لكم ذات الهمة العالية (همت مصطفى)، الحائزة على جائزة نوبل للأدب.
سأترككم معها – أعزائي المشاهدين- لتحكي بنفسها قصة نجاحها، وصولًا إلى العالمية. تفضلي (همت).”
بداية الحكاية
ولدْتُ في أسرة متوسطة الحال، وعندما أتممت عامي الأول، لاحظت أمي أني لا أميز الأشياء، واصطدم بكل ما يعترض خطواتي الأولى في الحياة.
عرضتني على أكثر من طبيب، ويأتي التشخيص واحدًا في كل مرة.
“ابنتك مصابة بعيب خِلقي نادر، هي -الآن- لا تميز الألوان، لكنها -مستقبلًا- لن تبصر شيئًا على الإطلاق. للأسف، لم يتوصل العلم -حتى الآن- إلى علاج لحالتها.”
كانت كلمات صادمة، وظن الأهل والأصدقاء ألا أمل لي في حياة طبيعية، أو شبه.. إلا أمي. تمسكت بالأمل في كل لحظة، وصممت ألا أشعر يومًا أن شيئًا ينقصني. بحثت -وكم كان البحث شاقًا حينها- عن متخصصين لتعليمي، وكافحت حتى حَصَلْتُ على شهادتي.
كانت القراءة عشقي، وأنيسي، ولا زالت كذلك. تعلمت لغة برايل، وحصلت لي أمي على كل ما أمكنها من الكتب والروايات المكتوبة بها. وهكذا بدأت رحلتي إلى عالم الأدب.
ما يلاقيه ذوو الهمم
حسنًا همت، هل كانت حياتك بهذه السهولة؟ أعني هل عشتِ بين كتبك فقط؟
بدت ملامح الحزن عليها، لكنها سرعان ما أخفتها، قبل أن تجيب:
لم تكن الحياة يومًا سهلة. منذ اللحظة الأولى التي عرف فيها الناس حقيقة وضعي، ولم أسلم من إساءاتهم وانتقاداتهم وتنمرهم المستمر.
سخر معظمهم من تمسك أمي بالأمل، وحينما كبرت قليلًا، سخروا من تعلقي بالقراءة. استغرب بعضهم من إنجازاتي البسيطة، مثلًا: عندما أنهيت قراءة كتابي الأول، تساءلوا لماذا أرهق نفسي في شيء لن يفيد!
كنت أتعرض لمضايقات الأطفال أقراني، وأحيانًا تساؤلاتهم عن اختلافي، ولماذا لا أبصر؟
أما على المستوى الأعم، فلم أكن أستطيع إنجاز مهمة وحدي. فلا وسيلة مواصلات أستطيع الوصول لها بسهولة، ولا علامات إرشادية لمن هم مثلي، يسترشدون بها للوصول إلى مبتغاهم.
ناهيك عن أي ورقة رسمية تتطلب الدخول إلى دائرة البيروقراطية.
المعاناة صعبة صدقيني، إذ يلاقي ذوو الهمم -أمثالي- صعوبات من المجتمع والناس -في كثير من الأحيان- تفوق ما يلاقونه بسبب فقدهم لأحد حواسهم، أو أعضائهم، أو قدراتهم المتعارف عليها.
الإرادة القوية والأمل
ينجح بعضنا في التعامل مع المردود السلبي للناس والمجتمع، لكن -على النقيض- يفشل بعضنا الآخر في ذلك. هؤلاء يستسلمون للإحباط واليأس، ويصدقون أنهم عاجزون، ولا يستطيعون تحقيق أي شيء.
بفضل أمي، استطعت التغلب على ذلك. نمَّت والدتي حس التخيل والإبداع فيّ، وساعدني الظلام ووحدتي في إطلاق عناني لنسج الخيال خاصتي. لقد حوّلت ما لاقيته من سلبيات وإيجابيات إلى قصص، حققت ما لم أحلم به يومًا.
ثم الفضل للعلم والتكنولوجيا، فيكفيني -الآن- أن أنطق بما يجول في خيالي، حتى تحوله وسائل التكنولوجيا إلى نص مقروء.
“(همت مصطفى) الحائزة على جائزة نوبل للأدب، وخاصة الأدب المتعلق بذوي الهمم، ما الرسالة التي تريدينها أن تصل إلى جميع الناس؟”
رسالة إلى العالم
رسالتي سأقسمها إلى شقَيْن. الأول: إلى الأشخاص العاديين -أو الذين يرون أنفسهم كذلك-، تقبلوا وجود أناس آخرين غيركم، مختلفين عنكم -ظاهرًا أو باطنًا-. إنكم أنفسكم مختلفين عن بعضكم بعضًا، فلا شخصان متطابقان.
لا تعاملونا كمنبوذين، أو تتكلفوا إظهار المودة، واللطف! كل ذلك يؤثر فينا سلبًا. فقط عاملونا كأشخاص عاديين، واتركوا لنا حرية تحديد ما إذا كنا نحتاج إلى المساعدة.
الثاني: إلى ذوي الهمم، طالبوا بحقوقكم، آمنوا أنكم تستحقون! يعاملكم الناس كما ترون أنفسكم، فإن أظهرتم مقدار احترامكم لذواتكم، أظهر الناس لكم المقدار ذاته.
تيقنوا أنكم لم تُخلقوا سُدًا، وإنما لهدف، فاعملوا حتى تصلوا إلى هدفكم، ومبتغاكم في الحياة.
“شكرًا جزيلًا (همت مصطفى) لقد ألْهَمْتِني أنا ذاتي، وأتمنى أن تصل رسالتك إلى الجميع. المشاهدون الكرام، يستحق ذوو الهمم منا كل تقدير واحترام، وحقهم علينا أن نوفر لهم سبل العيش الهانئ. إلى لقاء جديد من برنامجكم (الإرادة تصنع)”
لمزيد من المعلومات اقرأ
إلى ذوي الهمم والإرادة | الإتاحة للجميع