من المؤكد إنك سمعت يومًا عن إصابة أحد لاعبي كرة القدم في الركبة، واضطراره للراحة عدة أسابيع للشفاء من الإصابة، وقد يخضع لعملية جراحية ويظل لفترة بعيدًا عن الملعب حبيسًا لمدة نقاهة طويلة، بل قد يضطر بعضهم إلى الاعتزال المبكر. إنه كابوس الملاعب قطع الرباط الصليبي، فماذا تعرف عنه.
ما هو الرباط الصليبي؟
الأربطة هي أنسجة ليفية تثبت العظام ببعضها البعض عند المفصل.
مفصل الركبة به رباطان رئيسيان: الرباط الصليبي الأمامي والرباط الصليبي الخلفي.
يوصل الرباط الصليبي عظمة الفخذ (femur) بعظمة الظنبوب (tibia)، وهو المسئول عن دعم حركة مفصل الركبة.
أولاً قطع الرباط الصليبي الأمامي
هي الإصابة الأكثر شيوعًا في إصابات الملاعب ومعظم الإصابات من الدرجة الثالثة.
الأعراض
يُعاني المريض في هذه الحالة من الأعراض التالية:
- تَورُّم فوري لمنطقة الركبة مصحوب بسماع صوت طقطقة.
- يشعر المريض بألم في الركبة.
- عدم استقرار عظمة الركبة.
- عدم القدرة على تحريك الركبة بشكل كامل.
- لا يستطيع المريض السير على القدم المصابة وتحميل وزنه عليها.
درجات الإصابة
- الأولى: تمزق بسيط في الرباط الصليبي الأمامي لا يؤثر على حركة الركبة وتحملها الوزن، ولكنه يؤثر على شكل الرباط نتيجة تمدده بنسبة أكبر من الطبيعي.
- الثانية: تمزق جزئي يؤثر على حركة الركبة وتكون غير مستقرة نسبيًا.
- الثالثة: تمزق كلي في الرباط الصليبي الأمامي يؤثر بشكل قاطع على حركة المفصل ويجعل الركبة غير مستقرة كليًا.
غالبًا ما تشفى الإصابة بشكل تام خاصةً إصابات الدرجة الأولى والثانية، أما إصابات الدرجة الثالثة إذا لم تُعالج، قد تتطور الإصابة وتسبب التهاب المفصل العظمي.
أسباب قطع الرباط الصليبي الأمامي
تنتشر تلك الإصابة بين اللاعبين الذين يمارسون رياضات عنيفة، أو تدريبات تعتمد على سرعة الحركة وتغيير الاتجاه فجأة.
كرة القدم وكرة السلة والتزلج على الجليد، وكرة القدم الأمريكية والمصارعة، والجمباز وتدريبات اللياقة البدنية.
وُجِدَ أن نسبة الإصابة في النساء اللاتي يُمارسن الألعاب الرياضية أكبر سبع مرات من الرجال الذين يمارسون نفس الرياضات، وأشهر أسباب الإصابة هي:
- التوقف المفاجئ، الالتواء الحاد أو التغيير السريع في اتجاه الحركة.
- الوقوع مباشرةً على الركبة في أثناء القفز أو الجري.
- تمدد الركبة زيادة عن الحد الطبيعي لها.
- الالتفاف والتمحور حول الركبة مع ثبات القدم بشدة في الأرض.
- الإصابة المباشرة للركبة عند ممارسة الرياضات العنيفة، التي تتطلب احتكاك وتصادم مباشر، مثل: المصارعة وكرة القدم الأمريكية.
ثانياً قطع الرباط الصليبي الخلفي
لا تختلف الأعراض كثيرًا بين قطع الرباط الصليبي الأمامي والخلفي، ويُؤكد التشخيص من خلال الفحص السريري.
أعراض الإصابة
غالبًا ما يظن المريض أنه يعاني مشكلة بسيطة في الركبة خاصةً عندما تكون الإصابة بسيطة.
لا يسمع المصاب عادةً صوت في أثناء تمزق الرباط الصليبي الخلفي، ولكنه يعاني تَورُّم في الركبة وصعوبة في المشي، فلا يستطيع تحميل وزنه على الركبة المصابة.
عند ترك الحالة دون علاج تتطور الإصابة وتسبب التهاب المفصل العظمي وتآكل وتشوه غضروف الركبة، وعندها تصبح الإصابة مزمنة.
درجات الإصابة
- الأولى: تمزق بسيط جدًا في الرباط الصليبي الخلفي.
- الثانية: تمزق جزئي.
- الثالثة: قطع كلي للرباط الصليبي الخلفي.
- الرابعة: تمزق الرباط الصليبي الخلفي مصاحبًا لإصابة أوتار أخرى في الركبة.
أسباب قطع الرباط الصليبي الخلفي
ليست إصابة شائعة لأنها تحدث في حالات الاصطدام الشديدة، مثل: السقوط على الركبة بشدة وهي منحنية، أو اصطدام الركبة بتابلوه السيارة بشدّة.
عوامل الخطورة التي تزيد احتمالية الإصابة بقطع الرباط الصليبي
- الإناث أكثر عرضة للاصابة.
- عدم ارتداء أحذية رياضية ملائمة.
- الانخراط في رياضات عنيفة.
- عدم التأكد من كفاءة الأجهزة والمعدات الرياضية.
- اللعب على العشب الاصطناعي.
التشخيص
أولًا تاريخ الإصابة
في البداية يحاول الطبيب معرفة كيفية حدوث الإصابة من المصاب عن طريق طرح بعض الأسئلة كالتالي:
- كيف وقعت الإصابة؟
- هل كانت نتيجة توقف مفاجئ أو اصطدام أو تمدد شديد للركبة؟
- كم استغرق من الوقت ظهور التَورُّم في الركبة؟
- هل كانت الركبة مفرودة أو منحنية؟
- ما مدى شدة الألم وهل تشعر بعدم القدرة على الحركة؟
- هل سمعت صوت طقطقة عند الإصابة؟
إذا كنت رياضيًا سيحاول الطبيب التواصل مع مدربك الخاص للوقوف على كافة التفاصيل.
ثانيًا يبدأ الفحص السريري
يفحص الطبيب علامات الإصابة مثل التَورُّم واحتباس السوائل في مفصل الركبة ومدى استقرار المفصل، كما يتحقق من قدرة المصاب على المشي.
ثالثًا الفحص بالأشعة
إذا وجد الطبيب احتمالية إصابة الرباط الصليبي يُوصي بإجراء أشعة الرنين المغناطيسي، أو إجراء عملية تنظير المفصل وهي عملية جراحية باستخدام كاميرا لفحص مدى الضرر.
إذا كانت الإصابة في الرباط الصليبي الخلفي يُوصي الطبيب بعمل أشعة إكس لفحص العظام المحيطة بالمفصل خاصة في حالات الإصابة المزمنة.
متى يكون ضروريًا التواصل مع الطبيب؟
إذا رأيت تَورُّم في الركبة حتى وإن كانت دون ألم، أو إذا شعرت بتحرك عظم الركبة من مكانه، خاصًة إن كنت لا تستطيع الاعتماد عليها في المشي.
ما هو علاج قطع الرباط الصليبي؟
أولًا: علاج غير جراحي
في حالات قطع الرباط الصليبي من الدرجة الأولى والثانية ينصح الطبيب بالتالي:
- الراحة التامة للمفصل المصاب.
- استخدام كمادات ثلج للتخفيف من التَوَرُّم.
- ربط الركبة برباط ضاغط.
- رفع قدم الركبة المصابة لأعلى.
- تعاطي دواء مضاد للالتهاب، مثل: الإيبوبروفين لتخفيف الورم والألم.
- ممارسة تمارين إعادة التأهيل تحت إشراف طبيب العلاج الطبيعي.
ثانيًا: العلاج الجراحي (جراحة الركبة الترميمية)
في حالات الإصابة الشديدة من الدرجة الثالثة يستخدم الطبيب الطرق غير الجراحية للعلاج.
لكنه قد يلجأ إلى الجراحة لتستعيد الركبة وظائفها الطبيعية بسرعة خاصًة إذا كان المصاب رياضيًا يريد العودة للملاعب بسرعة.
كيف تُجري جراحة الركبة الترميمية؟
- يُستبدَل الرباط الصليبي المُمزَّق بوتر من ساق المصاب أو من متبرع.
- يُؤخذ الوتر من عضلة كبيرة في الساق أو من الوتر الرضفي (وتر أسفل الرضفة).
- بعد العملية مباشرةً تظل الركبة مفرودة لعدة أيام، وينبغي عدم إرهاق الركبة لمدة ستة أسابيع على الأقل.
- تُستخدَم حاليًا المناظير الجراحية مما يجعل الندوب أقل والشفاء أسرع.
مرحلة ما قبل الجراحة
قبل الخوض في الجراحة ينبغي تأهيل الركبة أولًا لتحسين سرعة الشفاء وذلك عن طريق الاستعدادات التالية:
- تخفيف الورم والألم عن طريق الأدوية المسكنة والمضادة للالتهاب.
- استخدام مثبت للركبة والحركة بمساعدة العكازات حتى يستعيد الجسم السيطرة العضلية على الساق، ولكن يجب تجنب استخدام مثبت الركبة لفترة طويلة؛ لتجنب ضمور العضلات.
- استعادة مدى الحركة الطبيعي للركبة قدر الإمكان بمساعدة تمارين العلاج الطبيعي.
- عند استعادة القدرة على ثني الركبة 100% نبدأ بتدريبات تقوية عضلات الساق، فيبدأ التدريب بالدراجة الهوائية الثابتة وجهاز السير الكهربائي وآلات ضغط وثني الساق.
- تأهيل المريض نفسيًا لما هو متوقع بعد الجراحة وشرح مراحل التأهيل.
مرحلة تأهيل ما بعد الجراحة
هي مرحلة تأهيل طويلة؛ لإعطاء الركبة فرصة الشفاء تدريجيًا وتقسم كما يلي:
الأسبوع الأول
الهدف هو استعادة القدرة على التمدد الكامل للركبة، وثنيها 70 درجة.
- المواظبة على كمادات الثلج ورفع الساق؛ لتخفيف التوّرم.
- استخدام دعامة الركبة والعكازات.
- بدء تدريبات خاصة لحركة الرضفة وتستمر ل 8 أسابيع.
- تمارين انحناء وتمديد الركبة التي تستمر أول 4 أسابيع.
الأسبوع الثالث والرابع
يحاول المريض الوقوف والحركة باستخدام عكاز واحد، مع التحكم الجيد في عضلات الفخذ وأوتار الركبة.
الأسبوع الخامس
- تقليل استخدام دعامة الركبة تدريجيًا.
- في تلك المرحلة تكون قدرة الركبة على الانحناء غير مكتَملة، ويتغير نمط التدريبات تدريجيًا وفقًا لمدى تقدم الحالة.
- يمكن التدريب باستخدام الدراجة وآلة ضغط القدم وتمارين التوازن وتنسيق الحركة.
الأسبوع العاشر
التركيز على تدريبات الحركة الأمامية والخلفية والجانبية، وتمارين المقاومة التي تعتمد على استخدام أجهزة رياضية معينة تضمن ثبات السرعة مع استمرار التمرين.
الشهر الثالث
بعد ثلاثة أشهر من التدريبات المستمرة تصبح التمارين أصعب وأسرع، لتحفيز تناسق الحركة، كما يبدأ المريض بتمارين الجري والقفز.
الشهر الرابع والخامس
الوصول للهدف النهائي ألا وهو:
زيادة قدرة الركبة على التحمل وتحسين التحكم العضلي والعصبي، وذلك بتصميم تمارين خاصة، مثل تمارين التباطؤ والتسارع، ومناورات الجري والالتفاف، وتحسين ردود الأفعال لتجنب إصابات جديدة.
تمارين لعلاج تمزق الرباط الصليبي
في الأسابيع الأولى من الإصابة يجب عدم الضغط على الركبة في أثناء الحركة.
ينبغي الاستعانة ببعض التدريبات البسيطة لتنشيط الدورة الدموية واستعادة المدى الطبيعي لحركة الركبة.
لا تنسي المواظبة على كمادات الثلج لتدليك أماكن الورم.
إليكم بعض التدريبات التي ننصح بها
التمرين الأول
النوم على الظهر أو الجلوس مع فرد الركبة لصفر درجة، ثم تحريك مشط القدم للأمام والخلف مع تثبيت الركبة، ويكرر التمرين عدة مرات.
التمرين الثاني
النوم على الظهر أو الجلوس مع وضع فوطة أو وسادة أسطوانية أسفل الركبة، شد مشط القدم في اتجاه الركبة مع تثبيت الركبة، ثبت الوضع عدة ثوان، ويكرر التمرين من 20 إلى 30 مرة، 3 أو 4 مرات يوميًا.
التمرين الثالث
النوم على الظهر أو الجلوس مع رفع كعب القدم بمساعدة جسم صلب، ضغط الركبة في الفراغ لأسفل مع المساعدة باليد لمدة 10 ثواني ويكرر 10 مرات.
التمرين الرابع
النوم على الظهر ورفع القدم على الحائط وممارسة نفس تدريب الضغط والشد على الركبة لمدة 10 ثواني ويكرر 10 مرات.
التمرين الخامس
مد وثني الركبة في وضع الاستلقاء على الأرض أو مع رفع القدم على الحائط ويكرر التدريب قدر المستطاع عدة مرات باليوم.
التمرين السادس
النوم على الظهر ورفع القدم لأعلى مع فرد الركبة وشد المشط بزاوية 60 درجة تقريبًا.
التمرين السابع
تحريك عظمة الركبة للأمام والخلف وأيضًا بحركات جانبية.
مع تحسن الحالة يجب تشجيع المصاب على استخدام بعض الثقل على الركبة المصابة والقيام بتدريبات التوازن.
يُنصح بممارسة التمارين بانتظام لفترة قبل إجراء جراحة الركبة الترميمية، لاستعادة جزء من الحركة قدر الإمكان وتحسين عملية الشفاء مستقبلًا.
بعد استعادة الركبة مدى الحركة الطبيعي يمكن المباشرة باستخدام الأجهزة الرياضية وذلك من الأسبوع الرابع تقريبًا (بعد العملية)، مثل: العجلة الثابتة وجهاز السير الكهربائي بسرعات بسيطة، وجهاز ضغط القدم باستخدام أوزان خفيفة في البداية.
يجب أن تتم التدريبات تحت إشراف طبيب العلاج الطبيعي أو مدرب رياضي ذي كفاءة عالية ولديه خلفية في التعامل مع تلك الإصابات.
كيف تقي نفسك من الإصابة بقطع الرباط الصليبي
التدريبات الرياضية هي المفتاح الرئيسي للوقاية ولكن ينبغي مراعاة التالي:
- ممارسة الرياضة تحت إشراف مدرب متخصص.
- استخدام المعدات الرياضية المناسبة.
- التركيز على التدريبات التي تساعد على تقوية الجزء السفلي من الجسم خاصة عضلات القدم.
- تحسين الأداء في التدريبات التي تعتمد على التوقف المفاجئ وسرعة تغير اتجاه الحركة.
وعلينا ألا ننسى أن الوقاية خير من العلاج، فاحرص دائمًا -عزيزي القارئ- على ممارسة التدريبات الرياضية بانتظام، وارتداء الأحذية المناسبة ويفضل استخدام واقي الركبة عند ممارسة الرياضة، كما يفضل دائمًا ممارسة الرياضة في النوادي الرياضية تحت إشراف مدرب متخصص.