اعتادت الأسرة الاجتماع أسبوعيًا في بيت الجَدّ، حيث يتسامر الكبار ويتبادلون الأخبار، ويلعب الصغار ويسلون وقتهم.
في الصالة النسائية، دار حديث الأمهات حول أبنائهم، وتبارت كل واحدة في إظهار مميزات طفلها، قالت دلال: “يتميز محمود بذكائه الحاد، ويثني عليه كل أساتذته، إذ يستطيع حل مسائل حسابية تفوق سنه”.
تدخلت رباب: “وآية، صغيرتي الجميلة، تستذكر كل دروسها، وتحفظ من أول مرة أو الثانية على الأكثر، وتتنبأ لها معلمتها بمستقبل واعد”
قاطعتها وفاء: “أما مالك فرائع في السباحة، وقد حقق الفوز في البطولية المحلية، وأخبرني مدربه بترشحه للبطولة الإقليمية”
ثم التفتن إلى ريهام، وسألنها: “وماذا عن حبيبة؟ سمعنا أنها لم تجتز اختبارات منتصف العام!”
ردت بضيق: “إنها تعاني صعوبة في استذكار دروسها، المنهج أكبر من استيعابها”
قالت رباب بانتصار: “ولكنها رفيقة آية، المنهج ليس صعبًا أبدًا، ربما يجدر بك عرضها على متخصص صعوبات تعلم!”
أشاحت ريهام بوجهها عنهم، وقد علمت أنها ستصبح حديث الساعة هي وابنتها.
أخيرًا تحدثت سلوى: “حبيبة ليست بحاجة إلى أي متخصص، وليس شرطًا لأنها رفيقة آية أن نقارنها بها. كل طفل حباه الله صفات ومميزات خاصة به، فبسمة -مثلًا- تهتم بالطيور والحيوانات والنباتات، ولا تهتم بالمذاكرة ذاتها. النقطة هي كيف أجعل طفلي استثنائيًا؟ وكيف أطور مهاراته؟”
استغربت ريهام: “حقا؟ هل تعنين أن حبيبة يمكنها تنمية قدرتها على المذاكرة، وأن تتفوق فيها؟”
أجابت سلوى: “بالطبع يمكنها ذلك، لكن ليس هذا ما عنيته تمامًا. يجب أن تعلمن جميعًا أن قدرات الطفل العقلية من اكتساب المهارات، والتعلم بالتجربة والخطأ، ومواجهة المشكلات وحلها، وغيرها… تسمى ذكاءً.
أنواع الذكاء
والذكاء ليس نوعًا واحدًا، بل أنواع متعددة، فهناك:
الذكاء اللغوي: يهتم الطفل فيه بالمهارات اللغوية.
ذكاء المنطق الحسابي: ويتميز الطفل بقدرته على مواجهة المشكلات وحلها، كذلك الأرقام والمسائل الحسابية.
الذكاء الجسدي: يتحكم الطفل في أجزاء جسده ببراعة ويتميز في الأنشطة الجسدية.
ذكاء ذاتي: وفيه يهتم الطفل بادراك ذاته وفهمها جيدًا.
الذكاء الاجتماعي: يبرع الطفل في التعامل مع غيره، ويجيد التحدث بلباقة.
الذكاء الطبيعي: ينجذب الطفل إلى الطبيعة من حوله، وكل ما يتعلق بها.
ذكاء بصري مكاني: يتميز الطفل بذاكرته البصرية، وبناء مخيلة تحليلية للمكان من حوله.
الذكاء الموسيقي: يستجيب الطفل لإيقاع ما، ويتفاعل مع حدته.
وقد يجمع الطفل بين أكثر من نوع، المهم أن نكتشف ما هو مميز فيه وننميه، الأهم أن تؤمن كل منكن أن ولدها مميز واستثنائي، وألا تقارنه بغيره أبدًا.
إن المقارنات تخلق الغيرة في نفوس الصغار، وتصرفهم عن اكتشاف ذواتهم وتنمية مهاراتهم إلى تقليد غيرهم والإحباط من إخفاقاتهم”
هللت ريهام: “لقد اكتشفت نوع ذكاء ابنتي، إنها تتميز بذكاء بصري مكاني. إنها ذات قدرة عظيمة على التخيل، وتذكر أماكن الأشياء، وترسم أدق التفاصيل”
“إذا استغللت ذلك في تعليمها، ستتفوق في دروسها، وستحب طريقة استذكارها” أجابت سلوى.
ثم أردفت: “عليكن أن تعلمن كذلك أن مهارات الذكاء تحتاج إلى تدريب وصقل، مع الاهتمام بصحة العقل ذاته.
كيف أجعل طفلي استثنائيًا؟
وكي تكتمل الإجابة عن سؤال (كيف أجعل طفلي استثنائيًا؟) إليكن بعض النصائح:
- الاهتمام بالتغذية الصحية السليمة.
- ممارسة الرياضة فالعقل السليم في الجسم السليم.
- التحدث مع الطفل وإثراء لغته.
- تنمية مهارات نوع الذكاء الذي يتميز به بتدريبه عليها.
- لا تبني آمالًا محددة على طفلك، بل اتركيه يختار طريقه.
هكذا نعزز ثقته بنفسه ومهاراته وذكائه، والآن هل عرفتم إجابة السؤال “كيف أجعل طفلي استثنائيًا”
شكرنها جميعًا، وقد رسمت كل منهن طريقة التعامل الأمثل مع طفلها.