هاتفتني ذات يوم باكية تسألني والألم يبرز جليًا في حروفها: “هل سيكبر طفلي ليصير مدللًا؟ هل يجب أن أحاول إنجاب أخوة له كي أتجنب مأساة متلازمة الطفل الوحيد؟”.
كانت تلك صديقتي التي رزقها الله بطفل بعد سنوات من التردد على عدد كبير من الأطباء.
“اهدئي عزيزتي، كي أفهم أصل المشكلة وماذا ألم بكِ”.
حينها استطردت قائلة: “كنتُ في تجمع عائلي حينما نصحتني إحدى الحاضرات بإنجاب طفل آخر؛ كي أتجنب إصابة ابني بمتلازمة الطفل الوحيد، ولا ينشأ مدللًا، وأنانيًا، ووحيدًا”.
“صديقتي الغالية: لا تجزعي؛ هذا الكلام محض هراء، وسوف أثبت لكِ”.
بداية المصطلح
“عزيزتي ظهر مصطلح متلازمة الطفل الوحيد بسبب الاعتقاد بأنه ينشأ:
- جميع رغباته مجابة.
- مركز اهتمام والديه فينشأ لا يفكر سوى في نفسه واحتياجاته.
- يقضي معظم يومه بمفرده فيشعر بالوحدة.
- ضعيف في مهارات التواصل مع الآخرين.
والآن أخبريني هل طفلك يتصف بتلك الصفات؟ فأنا أعرف عبد الرحمن جيدًا وأكادُ أجزم بأنكِ ووالده لا تتبعان هذا الأسلوب في التربية”.
“بالطبع لا، أنا ووالده نعلم جيدًا أننا لا يجب أن نلبي جميع رغباته، كما أننا نشجعه على الاشتراك في الأنشطة المختلفة في النادي”.
مميزات الطفل الوحيد
“نعم، أنا أعلم أنه مولع بكورة القدم، دائمًا يثني ابني على مهارة عبد الرحمن في تسديد الأهداف، وأنا أعتقد أنه مع المتابعة سيكون له شأنًا عظيمًا”.
“أجل، هو لا يفوت تمرينًا واحدًا رغم صغر سنه، كما أن مدربه يحبه ويشجعه بكثرة”.
” هل تعلمين عزيزتي هناك نظرية تقول أن الاهتمام بالطفل الوحيد قد يدفعه إلى تحقيق إنجازات أكثر من الطفل في الأسرة الأكثر عددًا”.
“أيضًا تقول النظرية أن الطفل الوحيد يتمتع بترابط أقوى مع والديه، كما أنه يقضي وقت أطول مع الأكبر سنًا، فيكتسب خبرات أكثر ويعتمد على ذاته معظم الوقت، مما يجعله شخصية قيادية”.
التحديات في تربية طفل دون أخوة
“هل تعتقدِ ذلك؟ فأنا ما زالتُ خائفة من كلام قريبتي تلك عن متلازمة الطفل الوحيد.
أنتي تعلمين كم عانيتُ من أجل إنجاب عبد الرحمن، ولا أعلم هل يتحمل جسدي هذا التعب مرة أخرى أم لا؟”.
“لا أنكر عزيزتي أنكِ أمامك بضعة تحديات لتجنب ما يسمى متلازمة الطفل الوحيد. لكني أثق بقدرتك على توجيه طفلك في الاتجاه الصحيح ليكتسب صفات وعادات سلوكية جيدة”.
“لقد أخبرتكِ سابقًا، أنا ووالده تشجعه على التفاعل مع الآخرين. ونحرص على إشراكه في الأنشطة الاجتماعية والرياضية في النادي والمدرسة. هل تعتقدين أن ذلك كافي؟”.
“يمكنك أيضًا تشجيع طفلك على الاعتماد على ذاته في حل المشكلات، والاكتفاء بالنصح ما لم يحتج الموقف إلى تدخلك”.
“أنا أعترف بتقصيري في ذلك، ودائمًا ينصحني زوجي بإعطاء عبد الرحمن فرصته للتعامل مع المواقف المختلفة”.
“هو بالتأكيد لديه كل الحق، كما يجب عليكِ إعطاء طفلك مساحته الخاصة في اكتشاف قدراته وميوله. واحذري أن تجعليه أداة لتحقيق أحلامكِ، فقط أتركيه يكون نفسه ويحلق نحو حلمه الخاص”.
“بالتأكيد سوف أدعمه لتحقيق جميع أحلامه، وأتعامل بمرونة جهة إنجازاته وإخفاقاته، فهو في النهاية طفل لا يستطيع أن يكون مثالي معظم الوقت”.
“ومن منّا يستطيع؟ يمكنكِ أيضًا وضع حد للهدايا وشراء الألعاب، وتعويد على تقبل الرفض إجابة لبعض طلباته مما يجعله يتحلى بالقناعة فيما بعد”.
“نعم، سوف أحرصُ على ذلك بكل تأكيد. شكرًا لكِ عزيزتي؛ فحديثي معكِ جعلني أشعر بالراحة كثيرًا”.
“على الرحب والسعة، ولا تتركي أحدًا يُلصق بطفلك صفات سيئة فقط لكونه دون أخوة، وأعلمي أن أسلوب تربيتك هو ما يصنعُ شخصية طفلك، وكم رأينا من أشخاص فاسدين كان لديهم أخوة، وتيقني عزيزتي أن متلازمة الطفل الوحيد محض أسطورة، فلا تلتفتي إليها”.
لمزيد من المعلومات اقرأ أيضًا
مميزات الطفل الوحيد وأبرز تحديات تربيته