كثيرًا ما يأتي إليّ المرضى يتساءلون ما سبب شعورهم بمرارة الفم واللسان؟ وفي العادة تكثر هذه الشكوى من السيدات الحوامل والمدخنين، في هذه السطور سنأخذكم في جولة حول أسباب مرارة الفم واللسان ولماذا تكثر الشكوى منه؟ وهل له عَلاقة بالأسنان أم بأمراض أخرى؟ وما استجد علينا مع وباء فيروس كورونا؟ وهل هناك طرق طبيعية للتخلص منه؟وما هو العلاج المناسب؟
حقائق حول حاسة التذوق
يحتوي اللسان على ما يقارب ١٠٠٠٠ مستقبل للتذوق (براعم التذوق) باختلاف أنواعها، لهذا يمكننا تذوق الأطعمة الحلو منها والحامض والمر والمالح أيضًا. وكان يعتقد لمدة قرن من الزمان بوجود هذه المستقبلات في الفم فقط. لكن تبين خلال السنوات القليلة الماضية وجود هذه المستقبلات في أماكن أخرى بالجسم مثل القناة الهضمية.
يتذوق الإنسان الطعام ويميز النكهات نتيجة مزيج من حاسة الشم والخلايا العصبية الحسية الموجودة في براعم التذوق باللسان، التي تخبر الدماغ بالمواد التي يتذوقها.
يزداد لدى بعض الأشخاص إحساسهم بالطعم المر نتيجة حساسية مفرطة لمركب مر المذاق يسمى فينيل ثيوكارباميد (Phenylthiocarbamide)، في حين أن هناك أناسًا آخرون حساسيتهم لهذا المركب متوسطة، أو لا يشعرون به على الإطلاق.
مرارة الفم واللسان هو تغير في حاسة التذوق، قد يكون مؤقتًا نتيجة لحدث عارض مثل الحمل أو قد يكون دائمًا نتيجة لأسباب مثل التدخين طويل الأمد، أو بسبب إصابات في الفم أو الأنف أو اللسان.
أعراض مصاحبة لمرارة الفم واللسان
قد تحدث أعراض أخرى بجانب الإحساس بمرارة الفم أو لا، ويرجع ذلك للمسبب الرئيسي.
أعراض أخرى مصاحبة لمرارة الفم :
- رائحة فم كريهة.
- نزيف من اللثَة.
- تغير في حركات الوجه نتيجة إصابة العصب الوجهي.
- جفاف الفم أو زيادة في إفراز اللعاب.
- أعراض مشابهة للإنفلونزا مثل (الإجهاد، الحمى، الصداع، الألم، التهاب الحلق، السعال)
- فقدان الشهية.
- انسداد الأنف.
- تورم والتهاب اللوزتين.
- القيء.
أسباب مرارة الفم واللسان
١-أسباب متعلقة بالأسنان
- عدم الحفاظ على نظافة الفم والأسنان التي تسبب التسوس، وتراكم الجير، والتلوث.
- تفرز بعض أنواع من البكتريا مواد تغير من التذوق وتؤدي إلى الإحساس بالطعم المر والسيئ.
- التهابات اللثة أو التهابات اللسان.
- الأجهزة المستعملة في تقويم الأسنان.
- جراحات الفم.
٢- متلازمة الفم الحارق
يشعر المريض بألم حارق في الفم ويصاحبه إحساس بالمرارة. تحدث هذه المتلازمة للرجال والنساء، ولا سيما النساء اللاتي يمررن بفترة اليأس وانقطاع الطمث.
حاول الأطباء معرفة سبب حدوث متلازمة الفم الحارق، وتوصلوا إلى تلف العصب في الفم أو يكون مرتبطًا بأسباب أخرى مثل السكر، والطرق المستخدمة في علاج السرطان، والتغيرات الهرمونية التي تحدث للنساء في فترة اليأس.
٣- مرارة الفم والحمل
- في أثناء الحمل يزداد إفراز هرمون الإستروجين الذي قد يؤثر في براعم التذوق في الفم.
- هذه الحالة عرضية وتزول بعد الولادة.
٤– جفاف الفم
- يحدث بسبب قلة إفراز اللعاب في الفم أو تغيير في تركيبه بسبب:
- التقدم بالعمر.
- عرض جانبي لتناول بعض الأدوية.
- تدخين التبغ.
- عندما تتغير كمية اللعاب أو تركيبه الكيميائي عن طبيعته، فإن حاسة تذوق الأطعمة تتغير، إذ يشعر المريض بأن الأطعمة المرة أصبحت أكثر مرارة، والأطعمة المالحة أقل ملوحة.
- قلة إفراز اللعاب تؤثر في الكلام وتؤدي إلى مشكلات أخرى بالفم كالتهابات اللثَة، وزيادة التسوس بالأسنان.
٥-ارتجاع حمض المعدة
- تحدث هذه الحالة المرضية بسبب ضعف صمام المريء.
- صمام المريء هو العضلة الفاصلة بين المريء والمعدة.
- المريء هو القناة التي ينتقل فيها الطعام من الفم إلى المعدة.
- يسبب ذلك ارتجاع الطعام من المعدة إلى المريء والفم.
- يحتوي الطعام المرتجع من المعدة على أحماض للهضم وإنزيمات، ولهذا عندما يحدث يشعر المريض بالمرارة في الفم.
٦– عرض جانبي لبعض الأدوية
يمتص الجسم بعض الأدوية ثم يخرج بقاياها في اللعاب كونها إحدى وسائل الإخراج. إذا كان الدواء يحتوي في تركيبه على مكون مر المذاق فإن المريض سيشعر بالمرارة في فمه.
- أمثلة لبعض الأدوية المسببة لمرارة الفم واللسان:
- المضادات الحيوية مثل (تيتراسايكلين).
- الليثيوم الذي يستخدم في علاج بعض الأمراض النفسية.
- المكملات الغذائية والفيتامينات التي تحتوي على الزنك.
- كابتوبريل (captopril) المستخدم في علاج الضغط العالي وحالات فشل القلب.
- ريفامبين (Rifampin) الذي يستخدم في علاج السل ومنع الالتهاب السحائي.
- بينيسيلاماين (penicillamine) المستخدم في علاج حالات التهاب المفاصل الروماتويدي، ومرض ويلسون.
٧-التوعك الصحي والالتهابات
عند إصابتك بالبرد أو الجيوب الأنفية مثلًا فإن الجسم يفرز بروتين (TAS2R) ليساعد على السيطرة وتقليل الالتهابات، ويعتقد بأن هذا البروتين يؤثر في براعم التذوق فيزيد من حساسية مستقبلات الطعم المر.
٨- طرق علاج السرطان
- العلاج الكيميائي والإشعاع يحفز براعم التذوق، ويؤدي إلى الشعور بالمرارة في الفم بمجرد شرب الماء.
٩-القلاع الفموي
عدوى فطرية تحدث بالفم، تسبب ظهور بقع بيضاء وصفراء على اللسان والسطح الداخلي للخد. تصيب في الغالب الرضع والأطفال الصغار.
عدوى القلاع الفموي في الغالب متوسطة الخطورة، ولكن إذا كان المريض لديه ضعف في المناعة فإنها ستنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، ومن الممكن أن تسبب مضاعفات خطرة.
أسباب حدوثه:
- زيادة نمو الفطر المبيض.
- ضعف المناعة الذاتية للجسم الذي يؤدي إلى خلل التوازن القائم بين أنواع البكتيريا الموجودة في الفم، مما قد يسبب زيادة نمو الفطريات.
- مرض السكري غير المنضبط الذي قد يؤدي إلى خلل المناعة.
١٠-متلازمة الصنوبر
ليست مدرجة تحت قسم حساسية الأطعمة، ولكن هناك بعض المرضى الذين سجل جسدهم رد فعل بعد تناولهم الصنوبر، ويُرجع الأطباء السبب في ذلك إلى المواد المستخدمة في التخزين.
١١-التهابات الجهاز التنفسي العلوي.
١٢-نقص فيتامين ب١٢، والزنك.
١٣- الإصابات التي يمكن أن تسبب طعمًا مرًا في الفم.
- عض اللسان.
- إصابات الرأس، أو الأنف، أو الفم.
- التعرض لمواد سامة مثل مضغ نبات سام، أو بعض السموم الكيميائية مثل مضادات الحشرات.
- إصابة الأعصاب الحسية المسؤولة عن التذوق.
مرارة الفم وكورونا (كوفيد-١٩)
كوفيد-١٩ هو مرض تسببت في ظهوره سلالة من فيروس كورونا، اكتشفت في أواخر ٢٠١٩، ويسبب الإصابة بفيروس كورونا أعراضًا مماثلة لأعراض الإنفلونزا مثل:
- الحمى.
- السعال.
- صعوبة التنفس.
- فقدان حاسة التذوق والشم.
- التهاب الحلق.
- سيلان الأنف.
- الإسهال.
- القيء.
- الغثيان.
مثل كثير من الأمراض يسبب الإصابة بفيروس كورونا فقدان حاسة التذوق والشم، ذلك ما أثبتته دراسة لحالة مصابة نشرت نتائجها في شهر مايو لسنة ٢٠٢٠، وتصف الدراسة مريضًا من الصين كانت أول علامات إصابته بكورونا هي فقدان حاسة التذوق والشم، إذ كان يصف الطعام الذي كان يأكله دائمًا باستمتاع بأن طعمه يشبه طعم المعدن، وبعد أيام قليلة ظهرت باقي الأعراض، مثل: السعال وقصر التنفس قبل دخوله العناية المركزة.
المضاعفات
- الاكتئاب نتيجة عدم القدرة على الاستمتاع بالطعام
- فقدان الشهية وتغير عادات الأكل.
- سوء التغذية نتيجة فقدان الشهية وفقدان الوزن.
- احتمالية أكل الطعام الفاسد نتيجة عدم القدرة على تذوق الطعام.
العلاج
ولأن مرارة الفم واللسان يمكن أن تكون نتيجة لتلوث بالفم أو أي سبب آخر من الأسباب التي ذكرناها، فإن المريض يحتاج إلى عناية طبية جيدة تبدأ بالتحدث مع الطبيب عن الأعراض.
يعتمد العلاج طويل المفعول لمرارة الفم واللسان على معرفة السبب، ولهذا يجب على الطبيب أخذ تاريخ مرضي للمريض، ومعرفة الأعراض المصاحبة كي يتسنى له معرفة السبب وعلاجه.
سيصف الطبيب للمريض غسولًا للفم مضادًا للبكتيريا.
بعض الطرق المنزلية لعلاج مرارة الفم واللسان
يمكن اتباع بعض الوسائل المنزلية لحل مشكلة المرارة، مثل:
- شرب الكثير من السوائل، ومضغ العلكة الخالية من السكر لتحفيز إفراز اللعاب لتجنب جفاف الفم.
- الحفاظ على نظافة الفم والأسنان، بالمواظبة على روتين يومي بغسل الأسنان بالفرشاة والمعجون مدة دقيقتين مرتين يوميًا وزيارة طبيب الأسنان للمتابعة الدورية كل ٦ أشهر.
- تنظيف اللسان باستخدام الفرشاة الطبية المختصة بذلك.
- غمر الفم بملعقة من بيكربونات الصوديوم مذابة في كوب من الماء.
- تقليل احتمالية الإصابة بارتجاع المريء بالطرق الآتية:
- إنقاص الوزن.
- تجنب الأطعمة الحارة والدهنية.
- تجنب تدخين التبغ.
- البعد عن الكحوليات.
- تصغير كمية الطعام في الوجبة الواحدة وزيادة عدد الوجبات.
- الذَّهاب إلى الطبيب المعالج وإخباره بضرورة تغيير العلاج الذي يسبب مرارة الفم واللسان
تتشعب أسباب مرارة الفم وأسباب مرارة اللسان لأسباب كثيرة منها ماهو بسبب الأسنان بالفم أو لأسباب أخرى ذكرت في المقال، ولهذا فإنه لا يصح الاستخفاف به وعلى الأطباء توجيه المريض للتخصص الصحيح.