عندما نسمع كلمة “الدوالي”، فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا صورة ساق أوردتها زرقاء ملتوية كالحبال.
فهل هذه الصورة واقعية أم من نسج خيالنا؟!
وهل تقتصر الدوالي على الساقين فقط؟!
إذا أردت معرفة الإجابة -عزيزي القارئ- فإليك هذا المقال، فهيا بنا نستعرضه سويًا.
ما هي الدوالي (Varicose vein)؟
تُعد الدوالي من أشهر الحالات المرضية المرتبطة بالأوعية الدموية، إذ يظهر الوريد منتفخًا وملونًا باللون الأرجواني أو الأزرق الداكن.
وتصيب حوالي 25% من البالغين، والنساء هن أكثر عرضة للإصابة بها.
وتشمل الإصابة بالدوالي عدة أنواع منها:
- دوالي الخصية.
- دوالي المريء.
- و يصيب النساء ما يسمى بدوالي الحوض.
- دوالي الساقين: وهي أشهر أنواعها وسنتناولها بالتفصيل في السطور القادمة.
أسباب الدوالي
تحتوي الأوردة على الصمامات التي تساعد الدم على السير في اتجاه واحد، ومع تقدم السن تفقد الأوردة ليونتها وتضعف الصمامات.
مما يترتب عليه حركة الدم في الاتجاه المعاكس، ومع قصور وظيفة الصمامات يتراكم الدم في الأوردة فتتسع وتتضخم.
ويصبح الوضع أكثر صعوبة في أوردة الساقين لبعدهما عن القلب، إذ يزداد تراكم الدم بداخلهما مع تعذر رجوعه بسبب الجاذبية الأرضية.
أعراض الدوالي
تتباين فيما بينها ففي بعض الحالات لا تسبب ألمًا، وفي حالات أخرى يكون الألم مبرحًا.
ومن أشهر أعراضها:
- بروز أوردة زرقاء أو بنفسجية على الفخذ، وباطن الساق.
- وجع رهيب مصاحبًا له شد العضلات عند الوقوف المفاجئ.
- ثقل في الساقين خاصة مع ممارسة التمارين الرياضية.
- ألم مبرح عند الوقوف أو الجلوس لفترات طويلة.
- تورم الساق والكاحل مع ظهور بعض الندبات عليه.
- توسع الشعيرات الدموية فتصبح الرِجل مثل الشبكة العنكبوتية.
- قد يحدث نزف بالمنطقة المحيطة بالأوردة بالرغم من ضعف الإصابة.
- جفاف الجلد مع الشعور بالحكة.
- يعاني معظم المصابين “متلازمة تململ الساقين“.
عوامل الخطورة
تزداد احتمالية الإصابة بالدوالي في الحالات الآتية:
- الجينات الوراثية: يلعب التاريخ المرضي للعائلة دورًا هامًا في احتمالية الإصابة بها.
- الحمل: مع حدوث التغيرات الهرمونية وضغط الرحم على أوردة الساقين قد تصاب الأم، لكن الأمر يختفي تمامًا بعد الولادة.
- العمر: الأفراد أكبر من خمسين عامًا أكثر عرضة لها.
- سن اليأس: نظرًا للتغيرات الفسيولوجية المرتبطة بهذه المرحلة العمرية، ترتخي الأوردة وتحدث الإصابة.
- السمنة: فالزيادة في الوزن، تشكل ضغطًا على الأوردة مما يزيد فرص الإصابة.
- الوقوف: البقاء في وضع واحد لفترات طويلة، يقلل من تدفق الدم خاصة في أوردة الساقين، فتظهر الدوالي.
مضاعفات المرض
نادرة لكن في حالة حدوثها يلزم التوجه فورًا إلى الطبيب، ومن أشهرها ما يلي:
- التقرحات
تتكون التقرحات الجلدية بالقرب من الأوردة المصابة خاصة منطقة الكاحل، وتظهر في بدايتها على شكل نقط عديمة اللون تُكَوّن فيما بعد القرحة.
- الجلطات
حدوث تضخم في الأوردة العميقة للساقين يشير إلى تجلط الدم، مما يجعل المريض عرضة “لالتهاب الوريد الخثاري“.
- النزيف
في بعض الحالات تنفجر الأوردة السطحية للجلد نتيجة للخبطات مثلًا، مما قد يُحدِث “نزيفًا”.
التشخيص
يعتمد الطبيب في تشخيصه على فحص المريض بدنيًا، مع الأخذ في الاعتبار شكوى المريض ومظهر ساقيه وحركتهما خاصة عند الوقوف.
ويجري الطبيب كذلك فحصًا وعائيًا للمريض للاطمئنان على صماماته، واستبعاد الجلطات.
طرق العلاج
تنقسم طرق العلاج إلى عدة أنواع منها:
طرق طبيعية
قد تساهم بعض الزيوت الطبيعية في علاج الدوالي ومن أشهرها:
- زيت اللافندر: تُدهن به المنطقة المصابة في الجلد والقدم، فيعمل على تخفيف الألم وحماية الجلد من التقرحات.
- من أشهر الزيوت، زيت الزيتون: يحسن الدورة الدموية ويستخدم كمضاد للالتهاب، ويمكنه تقليل حجم الأوردة المتضخمة.
- زيت اليارو: يُستخلص من شجرة اليارو، إحدى الطرق التقليدية في علاج الدوالي ويعمل على تقليل الأعراض.
- خلاصة بذور كستناء الخيل: يستخدم كدهان موضعي، ويساهم في تقليل حكة الجلد والتورم.
طرق علاجية طبية
قد يصف الطبيب لمريضه بعض المسكنات ومضادات الالتهاب مثل (الإيبوبروفين) كمحاولة لتخفيف الألم.
وقد يلجأ الطبيب إلى الحلول التالية:
- جوارب الدوالي
عند ارتدائها تضغط على الرجلين بصفة مستمرة، ومن ثم تساعد الأوردة على العمل بصورة طبيعية وتتوفر في الصيدليات، ومراكز بيع المستلزمات الطبية.
- علاج الدوالي بالليزر
في هذه التقنية يصدر الليزر ومضات قوية داخل الوريد تساعد على اختفائه ببطء، وتستخدم هذه الطريقة في علاج دوالي الأوردة الصغيرة، وكذلك الشبكة العنكبوتية.
- التصليب بالرغوة (Foam Sclerotherapy)
يستخدم لعلاج الأوردة الكبيرة، إذ يحقن محلول رغوي داخل الوريد لسده وإغلاقه.
- العلاج بالقسطرة بالموجات الراديوية
تستخدم كذلك لعلاج الأوردة الكبيرة، وفيها يُدخل الطبيب قسطرة رفيعة داخل الوريد بعد تسخينها بالموجات الراديوية.
تعمل الحرارة على تدمير الأوردة عند سحب القسطرة مما يؤدي إلى انكماشها.
- قطع الوريد باستخدام الجراحة
إذا لم تنجح المحاولات العلاجية السابقة، يلجأ الطبيب إلى الجراحة.
معتقدات خاطئة
- يظن البعض أن ممارسة الرياضة تزيد من فرص الإصابة بالدوالي، لكن الواقع أنها تساهم بنسبة كبيرة في علاجها، والوقاية منها.
- يتعامل بعض المرضى مع الدوالي بإهمال شديد ظنًا منهم أن الأمر لن يتطور، والحقيقة أن الإهمال قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
- يعتقد بعض الرجال أنه مرض نسائي فلا يعيره اهتمامًا، لكنه كما ذكرنا سابقًا يصيب كلا الجنسين لكن النساء أكثر عرضة.
نصائح للوقاية
- ممارسة الأنشطة الرياضية بصفة مستمرة لتحسين الدورة الدموية.
- تناول الوجبات الصحية، وعدم الإفراط في الأكل من أجل المحافظة على وزن الجسم.
- الجلوس في الوضع الصحيح، حتى لا يقل تدفق الدم إلى الأطراف.
- الابتعاد عن لبس الملابس الضيقة، لأنها تمنع سريان الدم بصورة طبيعية.
- الحد من تناول الملح، حتى يساعد على تقليل تورم الأطراف السفلية.
وكما ذكرنا سابقًا أن الدوالي يمكن أن تصيب أجزاءً أخرى من جسم الإنسان، وتُعد دوالي الخصيتين ثاني أشهر أنواع الدوالي بعد الساقين.
دوالي الخصية (Varicocele)
تُعرف كذلك باسم (القيلة الدوالية)، وتصيب حوالي 15% من الرجال والخصية اليسرى هي الأكثر عرضة للإصابة.
يحمل كيس الصفن الخصيتين بداخله، وعند تضخم أوردته يصاب المريض بدوالي الخصيتين التي تشبه في مظهرها دوالي الساقين إلى حدٍ كبير.
وتسبب القيلة الدوالية انخفاض الخصوبة عند الرجال، لأنها تؤثر على إنتاج الحيوانات المنوية.
أسبابها
يعتقد البعض أنها تحدث بسبب خلل في وظيفة الصمامات داخل أوردة الحبل المنوي، مما يعوق تدفق الدم بشكل صحيح.
حتى الآن لم تُعرف عوامل الخطورة التي قد تزيد من فرص الإصابة بها.
أعراض المرض
- وجود كتلة في إحدى الخصيتين.
- تضخم أوردة كيس الصفن بصورة واضحة، كما لو كانت كيسًا من الديدان.
- ألم بسيط يزداد تدريجيًا مع الوقوف أو بذل مجهود بدني.
مضاعفاته
- انكماش الخصية وقد يصل الأمر إلى ضمورها.
- تقليل الخصوبة أو انعدامها.
التشخيص
يعتمد الطبيب في تشخيصه على شكوى المريض مع ظهور تغيرات في شكل الخصية كما ذكرنا سالفًا، وقد يلجأ كذلك إلى استخدام الموجات فوق الصوتية للتأكد من وجود الدوالي.
كيفية العلاج
يُحدد العلاج وفقًا لطبيعة الحالة، فبعض الحالات قد تُترك دون علاج، أما إذا تطور الأمر إلى الضمور أو التأثير على الخصوبة، فيلجأ الطبيب إلى التدخل الجراحي.
وتُجرى الجراحة بآليات مختلفة كالآتي:
- جراحة مفتوحة
وفيها يجري الطبيب شقًا في البطن أو العانة ليمكنه من الوصول للأوعية الدموية للخصية.
وتُجرى العملية باستخدام مخدر موضعي أو عام على حسب رؤية الطبيب، ونتائجها مبهرة ونسبة الشفاء عالية وسريعة.
- جراحة التنظير
يدخل الطبيب منظارًا دقيقًا من خلال فتحة صغيرة في البطن تُمكنه من إصلاح الأوعية المتضررة.
- الانصمام عن طريق الجلد
يدخل الطبيب أنبوبًا داخل الوعاء الدموي للرقبة أو العانة حاملًا مواد معينة، تعمل هذه المواد على إصلاح الوعاء المتضرر.
وتعد هذه الطريقة أقل شيوعًا وأكثر تعقيدًا.
نصائح تقيك خطر دوالي الخصيتين
هناك عدة نصائح يمكنها أن تقلل فرص الإصابة أو تساهم في العلاج من أهمها:
- ارتداء ملابس داخلية قطنية.
- الإكثار من تناول الخضراوات والفاكهة.
- تناول الأطعمة الغنية بالسيلينيوم والمحفزة للقدرات الجنسية.
- عدم الوقوف والجلوس لفترات طويلة.
- سرعة التوجه للطبيب فور الشعور بألم أو تغيرات في شكل الخصية.
وأخيرًا -عزيزي القارئ- إن تناول الأكل الصحي وممارسة الرياضة، يساهمان بشكل كبير في وقايتك من الدوالي وغيرها من الأمراض. ولا تنس أن صحتك هي ثروتك، فحافظ عليها تكن أسعد الناس.
