أتمنى كثيرًا أن ينظر إلي في عيني ويخبرني بكل بساطة أحبك ماما، ولكنه يخبرني بحبه بطُرق مختلفة عن أقرانه من الأطفال، وحدي أفهم حديثه أعلم ما يشعر به، فتعبيرات وجهه ومشاعره فقيرة جدًا لذلك، طفلي مريض بالتوحد أحبه وأخشى عليه من العالم الخارجي، ولكنه قويٌ جدًا، ربما أحدث التقنيات لعلاج التوحديين تُحدث فارقًا وتكون لنا أملًا.
مرض التوحد (Autism)
مجموعة اضطرابات سلوكية واجتماعية تتعارض مع نمو و تطور الطفل اجتماعيًا وسلوكيا ولغويًا، تتفاوت درجاته وأنواعه وظهوره على الطفل.
تختلف الأعراض لمرضى التوحد من حالةٍ لأخرى، ولكن جميعها تؤثر بشكل أو آخر على قدرات الطفل الاستيعابية وقدراته في التواصل وبناء علاقات متبادله بالمحيطين به.
يزداد عدد الحالات التي تُشخص بالتوحد في الوقت الحالي عن سابقه، ولا نعلم إذا كانت النسبة فعيًا تزداد أو أن التقنيات المتطورة والكشف وانتباه الأبوين والثقافة التي انتشرت بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي و المواقع الطبية مثل تمكين وغيرها هي التي ساهمت في ذلك.
أنواع مرض التوحد
للتوحد عدة أنواع لكل منها خصائصه وشدته وأعراضه وعمر محدد تظهر فيه هذه الأعراض:
- متلازمة اسبرجر(Asperger’s syndrome)
مصابو متلازمة اسبرجر ذو أعراض متوسطة، تبدأ في الظهور مبكرًا وتشمل الآتي:
- ضعف الاتصال البصري.
- لا ينجحون في إظهار العواطف.
- عاجزون عن فهم لغة الجسد أو تعبيرات الوجه، والإشارات الاجتماعية.
- لا يتفاعلون اجتماعيًا.
- مهارتهم اللغوية جيدة.
- يعتمدون على السلوكيات المتكررة كنوع من تهدئة التوتر.
متلازمة اسبرجر هي الأقل حدة في أنواع التوحد، المصاب بأسبرجر يكون طبيعيًا ولكنه قد يعاني تأخرًا لُغَويًا.
يُشخص مريض متلازمة اسبرجر خلال ضعف المهارات الاجتماعية، والسلوكيات المتكررة.
- اضطراب التوحد(ِِِAutistic Disorder)
اضطراب التوحد أو كما يدعى التوحد الكلاسيكي يشبه في أعراضه متلازمة اسبرجر ولكن تظهر أعراضٌ أشد.
كما يظهر في الأطفال أكبر من ثلاث سنوات.
تُشكل أعراضه الآتي:
- تأخر لُغَوي.
- صعوبات في المهارة الاجتماعية.
- قد تظهر درجات متفاوتة من الإعاقات الذهنية.
- صعوبات في التواصل.
- اضطراب الطفولة (Childhood Disintegrative Disorder)
متلازمة هيلر وهو أحد أنواع التوحد لا يعاني مصاب هيلر من صعوبات لغوية أو اجتماعية أو ذهنية حتى عمر السنتين ثم تتدهور سريعا جميعها!
متلازمة هيلر نادرة الحدوث وتظهر أعراضها ما بين سن العامين و حتى الأربعة أعوام.
يصاحبها نوبات صرع للطفل ويفقد الطفل بعض مهاراته المكتسبة الآتية:
- التحكم في المثانة والأمعاء.
- العناية الشخصية.
- التواصل الاجتماعي.
- التواصل اللغوي.
- مهارات التعبير والحديث و إيصال ما يريده بالكلام لغيره.
- لا يمكنه البَدْء أو الاستمرار في الحديث مع غيره.
- سلوكيات نمطية مكررة.
- اضطراب النمو الشامل(Pervasive Developmental Disorder)
أنه التوحد غير النمطي (Atypical autism) نوع يتوسط في أعراضه كلًا من متلازمة أسبرجر واضطراب التوحد، وتكون الأعراض الظاهرة في المصابين في المهارات الاجتماعية و مهارات التواصل. وتشمل الآتي:
- عدم فهم اللغة أو عدم القدرة على توظيفها.
- عاجزون عن تقبل التغييرات.
- سلوكيات نمطية متكررة.
- اللعب غير المفهوم مع اللعب أو أشياء محيطة بهم.
أعراض مرض التوحد
تختلف الأعراض من حالة لأخرى وبدرجات متفاوته ولكن تتمحور في الثلاثة أجزاء:
- العلاقات الاجتماعية
الأطفال الذين تتطور معهم أعراض التوحد منذ الصغر قد تتحسن بالتشخيص المبكر وأبرز الأعراض في المهارات الاجتماعية لمرضى التوحد هي:
- مصاب التوحد لا يحب العناق أو التقارب الجسدي نهائيًا وينكمش على نفسه.
- يتجنب الاتصال البصري المباشر.
- يظهر عليه عدم إدراكه لمشاعر الآخرين.
- يتخيل في عالمه الخاص شخص مميزًا يتحدث معه.
- لا يستجيب لمناداته باسمه.
- المهارات اللغوية
- يتأخر الطفل في بداية نطقه للكلام بخلاف الأطفال في نفس المرحلة العمرية.
- يكرر بعض الكلمات ولكن لا يعرف كيف يستخدمها.
- يعجز عن البَدْء بالمحادثة أو الاستمرار فيها.
- يعجز عن قول كلمات أو جمل كان يعرفها مسبقًا.
- يتحدث بطريقة إيقاعية تشبه الروبوت.
- يتواصل بصريًا إذا أراد شيئًا.
- سلوك التواصل لدى الأطفال التوحديين
- يكرر عادات معينه بشكل دائم.
- يكرر حركات محددة كالاهتزاز والدوران أو تحريك يديه.
- يتحرك دائمًا.
- تغيير بسيط في عاداته وطقوسه قد يوتره ويفقده حالة الهدوء.
- يتحسس من الضوء والصوت أو اللمس.
- لا يشعر بالألم.
- ينبهر بحركات معينة كدوران عجل السيارات أو لُعبة معينة.
ذكرنا سابقًا أنواع مرض التوحد وأعراضه ولكن لماذا تزيد فرص الإصابة في أطفالٍ دون غيرهم؟
عوامل خطورة تزيد مع فرص الإصابة بمرض التوحد
- عوامل وراثية:
تتسبب بعض الجينات في ظهور أعراض مرض التوحد عند أطفالٍ دون غيرهم، كما يؤثر على الدماغ ونموه وتطوره واتصال خلاياه.
الخلل الجيني مسؤول بشكل شبه أساسي عن ظهور أعراض التوحد، بعض الخلل ينتقل وراثيًا وبعضه يحدث تلقائيًا دون انتقال.
- عوامل بيئية:
بعض العدوى الفيروسية أو الملوثات البيئية لها دور في ظهور أعراض مرض التوحد.
- عوامل متعددة:
- خلل في الجهاز مناعي.
- ضرر في لوزة المخيخ.
- مشكلات في أثناء المخاض أو الولادة.
- بعض التطعيمات خاصة التطعيم الثلاثي(MMR) ضد الحصبة والحصبة الألمانية والنكاف، كذلك تطعيم الثيميروسال المحتوى على نسبة من الزئبق.
- جنس المولود: المواليد الذكور أعلى إصابة من الإناث بأربعة أضعاف.
- سن الوالدين: سن الوالدين وقت الإنجاب إذا تخطى الأربعين يزيد من نسبة الإصابة ست أضعاف.
- مشكلات طبية: متلازمة الكروموسوم الهش، متلازمة توريت، التصلب الحدبي، كذلك الصرع.
- تاريخ العائلة المرضي: وجود صلة قرابة بين الوالدين، أو وجود أخ مصاب بمرض التوحد كلاهما يزيد فرص الإصابة.
تشخيص مرض التوحد
يختلف التشخيص وطرقه حسب الطبيب المعالج، ودرجات التوحد المختلفة من طفل لأخر.
لم يتوافر فحص طبي محدد لتشخيصه، ولكن يعتمد الطبيب على تقييم النمو والمهارات اللغوية والاجتماعية للطفل.
التحدث مع الأهل كذلك أمر في غاية الأهمية، لفهم المرحلة التي وصلت إليها مهارات الطفل ثم تراجعت.
قد تظهر أعراض مرض التوحد عند عمر سنة ونصف، ولكن التشخيص النهائي ليس قبل إتمام سنتين أو ثلاث سنوات.
التشخيص المبكر يساعد الطفل كثيرًا في التغلب على الأعراض التي تظهر، ولكن يفضل قبل إتمام الثلاث سنوات، وذلك لزيادة فرص التحسن.
علاج مرض التوحد
لا يوجد حتى يومنا هذا علاج فعلي لمرض التوحد ولكن يتربع على عشر طرق العلاج الآتي:
- العلاج السلوكي المعرفي والعلاج التربوي والعلاج الدوائي.
- كذلك العلاجات البديلة لها دور كبير ويتجه إليها الكثيرين مثل: العلاجات الإبداعية، والأنظمة الغذائية.
أحدث التقنيات لعلاج التوحديين
مرض التوحد لا علاج له لذلك توجه الكثير من الآباء والأمهات للبحث عن طرق مختلفة مبتكرة وجديدة للتحسين من حالة أطفالهم وقدراتهم الاجتماعية فكان الاختيار من نصيب العلاج بالموسيقى أحدث التقنيات لعلاج التوحديين.
فاعلية العلاج بالموسيقى للأطفال التوحديين
إذا كنتم أبوين تبحثون عن طريقة مختلفة وغير تقليدية لطفلكم فالعلاج بالموسيقى يوفر كل هذه الأشياء مجتمعةً بتطوير ما يلي:
- مهارات التواصل.
- المهارات الاجتماعية.
- المشكلات الحسية.
- التزامن الحركي.
- التعرف والوعي الذاتي.
فوائد العلاج بالموسيقى لأطفال التوحد
أكدت بعض الدراسات أن الفوائد التي ظهرت على مرضى التوحد مارسوا العلاج بالموسيقى كانت كالآتي:
- زيادة التواصل.
- تطور الثقة بالنفس وتقدير الذات.
- تحسن المهارات الاجتماعية.
- زيادة الوعي بالجسد والتحكم وتنظيم حركته.
- تطور مهارة العناية الشخصية.
- تقليل التوتر.
- زيادة التوصل بين المناطق السمعية والحركية وقلتها في المناطق السمعية والبصرية.
- العائلات التي تمارس عزف الموسيقى مع أطفالها كان لها الحظ الأوفر من بناء عَلاقة قوية بأطفالهم.
تساعد الموسيقى في حالات الحساسية المفرطة من الأصوات لبعض مرضى التوحد.
يحدد المعالج بالموسيقى ما يحتاجه الطفل المريض تحديدًا ويعد خطة بناءً على تقييمه.
يحدث العلاج بشكل منفصل أو خلال مجموعات.
مركز روبين نوردوف الموسيقي
عُرف مركز (روبين نوردوف) الموسيقي في الأربعة عقود السابقة بابتكار طريقة العلاج هذه بالتعاون بين د.باول نوردوف و د. كليف روبين باستخدامهم للموسيقى في حالات الأطفال مصابين بالتوحد، ممن يعانون تأخرًا في النمو، واضطرابات عاطفية، وصعوبات حركية.
بمساعدتهم وإشراكهم في صنع موسيقى مما نتج عنه حالة صحية أفضل وتواصل أعلى في كل طفل مما جعلهم يطلقون اسم “طفل الموسيقى” على كل طفل من المشاركين.
نشأ مركز (روبين نوردوف) عام 1989 في ولاية نيويورك مقدمًا علاجات فردية أو مجموعات.
تدور البحوث الحالية في المركز حول تأثير الموسيقى على المدى البعيد على تطور التواصل والمهارات الاجتماعية.
مرض التوحد يحتاج إلى التعايش والكثير من التقبل والتأقلم والبحث دائمًا عن حلول بديلة، لذلك كونكِ أم فلا تيأسي أبدًا من فكرة بقاء المرض دون العلاج فمثل هذه الأمراض يحارب بالعادات والسلوكيات والصبر، حتمًا أحدث التقنيات لعلاج التوحديين مع الاستمرار ستصنع فارقًا.
اقرأ أيضًا
طب أسنان الأطفال | وكيفية علاج أسنان أطفال داون والتوحد