د.غادة سمير
يعد مرض الحصبة من الأمراض الخطرة، تسببه عدوى فيروسية تبدأ في الجهاز التنفسي، وتتميز بسرعة انتشارها، وعلى الرغم من توافر تطعيم الحصبة إلا أنها لا تزال تعد من أحد أسباب الوفاة على مستوى العالم.
طبقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية فإنه في عام 2017 سُجلت 110000 حالة وفاة عالميًا بسبب الحصبة،
معظمهم من الأطفال تحت سن 5 سنوات.
أعراض مرض الحصبة
تظهر أعراض مرض الحصبة نتيجة العدوى بفيروس حصبية (morbillivirus)؛ ويعد أحد الفيروسات شديدة العدوى؛
إذ إن حوالي 90% من المخالطين للشخص المصاب عرضة للإصابة بالحصبة، ما عدا هؤلاء الذين حصلوا على تطعيم الحصبة.
تظهر أعراض مرض الحصبة بالتدريج وتتطور خلال 7 إلى 14 يوم من بداية التعرض للفيروس، وتكون أعراض الحصبة أكثر شدة وخطورة في الأطفال والرضع، وتستمر الأعراض مدة تتراوح من 7 إلى 10 أيام.
بداية الأعراض
تظهر الأعراض التالية في بداية الإصابة بمرض الحصبة:
- حمى قد تصل درجة حرارة الجسم إلى 40 درجة.
- عطس وسيلان الأنف.
- التهاب ملتحمة العين واحمرارها.
- كحة.
- حساسية زائدة للضوء.
- فقدان الشهية.
بعد مرور 2-3 أيام
وعند مرور يومين أو ثلاثة من ظهور الأعراض، قد تظهر بقع كوبليك (Koplik’s Spots)، وهي بقع بيضاء صغيرة تظهر في الفم بعد يومين من بداية الأعراض، وتستمر عدة أيام.
بعد مرور 5 أيام
يبدأ الطفح الجلدي في الظهور بعد 3 إلى 5 أيام من بداية الأعراض، ويتميز بالتالي:
- يكون الطفح الجلدي في صورة بقع حمراء صغيرة، وأحيانًا تظهر لها رؤوس صغيرة.
- تبدأ عند بداية خط الشعر ثم تنتشر إلى الأسفل وتظهر في الرقبة والذراعين والرجل والقدم.
- قد تتجمع هذه البقع المتفرقة لتكون مساحة أكبر.
- يتزامن ظهور الطفح مع ارتفاع درجة حرارة الجسم قد تصل إلى 40 درجة.
- يعاني المريض خلال هذه الفترة الإعياء المستمر.
لا يظهر الطفح الجلدي في الحالات التي حصلت على تطعيم الحصبة بجرعتيه كاملًا.
مضاعفات مرض الحصبة
تكون بعض الحالات أكثر عرضة لمضاعفات مرض الحصبة، مثل:
- الأطفال أقل من 5 سنوات.
- والأطفال الذين يعانون سوء التغذية.
- الأطفال الذين يعانون ضعف المناعة.
- الشباب فوق 20 سنة.
- المرأة الحامل.
تتفاوت مضاعفات مرض الحصبة بين مضاعفات شائعة، وأخرى أكثر خطورة وأقل حدوثًا.
مضاعفات شائعة لمرض الحصبة
تشمل هذه المضاعفات ما يلي:
- القىء والإسهال: من أكثر المضاعفات حدوثًا وغالبا ما قد تسبب الجفاف.
- التهاب الأذن الوسطى: يحدث غالبًا فى الأطفال وأحيانًا يسبب فقدان السمع.
- والتهاب ملتحمة العين.
- التهاب الحنجرة.
- عدوى الجهاز التنفسي مثل الالتهاب الرئوي، الذي يعد أشهر المضاعفات التي قد تؤدي إلى الوفاة في الأطفال.
مضاعفات أشد خطورة
تشمل هذه المضاعفات ما يلي:
الالتهاب السحائي
تظهر أعراضه بعد حوالي 6 أيام من ظهور الطفح الجلدي، وتشمل
- ارتفاع درجة الحرارة.
- الصداع.
- تصلب الرقبة.
- الدوار والقيء
- التشنجات.
تصل الحالة إلى الوفاة في 15% من نسبة المصابين.
الوفاة
قد تحدث الوفاة في حالات الإصابة فى الأطفال بسبب الالتهاب الرئوي، وفي البالغين قد تحدث بسبب الالتهاب السحائي، ويعد ذلك سبب أدعى للحصول على تطعيم الحصبة لتفادي هذه المضاعفات الخطرة.
مضاعفات في أثناء الحمل
قد تتعرض المرأة الحامل التي لم تتلق تطعيم الحصبة إلى عدة مضاعفات مثل:
- الولادة المبكرة.
- الإجهاض.
- ولادة طفل غير كامل النمو، أو يكون وزنه أقل من الطبيعي.
مضاعفات تظهر على المدى البعيد
التهاب الدماغ الشامل المتصلب تحت الحاد (Subacute sclerosing panencephalitis (SSPE مرض يصيب الجهاز العصبي المركزي، وهو أحد مضاعفات مرض الحصبة نادرة الحدوث.
يظهر على المريض بعد 7 إلى 10 سنوات من الإصابة بمرض الحصبة.
تطعيم الحصبة
قبل اكتشاف تطعيم الحصبة عام 1963، كان غالبية الأطفال يصابون بمرض الحصبة قبل بلوغهم سن الخامسة عشر.
طبقًا للإحصاءات العالمية فإن مرض الحصبة كان يتسبب سنويًا فى إصابة من ثلاثة الى أربعة مليون شخص، وقرابة 500 حالة وفاة، و48000 حالة تستدعي تلقي العلاج بالمستشفى.
في بداية ظهور التطعيم واجه عديد من التحديات؛ إذ تجنبه عديد من الآباء خوفًا منهم على صحة أبنائهم، مما دفع منظمة الصحة العالمية إلى بذل كثير من الجهد لتوعية المواطنين عن أهمية التطعيم وخطورة إهماله، إذ إنه بسهولة سوف يؤدى إلى ظهور بؤر تفشي للمرض.
يعد تطعيم الحصبة تطعيم مختلط للوقاية من الحصبة وأمراض أخرى، ويوجد فى صورتين:
- تطعيم MMR: للوقاية من الحصبة، والنكاف، والحصبة الألمانية.
- تطعيم MMRV: للوقاية من الحصبة، والنكاف، والحصبة الألمانية، والجديري المائي.
يؤخذ تطعيم MMR في الأطفال على جرعتين:
- الجرعة الأولى: عند عمر ما بين 12 الى 15 شهر.
- الجرعة الثانية عند عمر ما بين 4 إلى 6 سنوات.
الأشخاص البالغون الذين لم يتلقوا التطعيم في سن الطفولة يمكن أخذه عن طريق الطبيب؛ فيما عدا بعض الحالات التي يحذر فيها تطعيم الحصبة وهي:
- فرط الحساسية للتطعيم أو أحد مكوناته.
- المرأة الحامل.
- مرضى نقص المناعة؛ مثل حالات الإصابة بالإيدز، ومرضى السرطان.
الأعراض الجانبية لتطعيم الحصبة
غالبًا ما تكون بسيطة وتختفي خلال عدة أيام، وتشمل:
- ارتفاع درجة الحرارة.
- طفح جلدي بسيط.
- قد يؤدي إلى التشنجات لكنه في حالات نادرة.
تطعيم الحصبة الألمانية
على الرغم من التشابه فى المسمى بين الحصبة والحصبة الألمانية، إلا أنهما فى الواقع يحدثان بسبب فيروسين مختلفين تمامًا.
تتشابه الحصبة الألمانية مع الحصبة في عدة نقاط:
- تنتقل الإصابة عن طريق الهواء إما العطس أو الكحة.
- يسببان الحمى والطفح الجلدي.
- تحدث الإصابة فقط فى الجنس البشرى
الحصبة الألمانية لا تصل فى إصابتها للدرجة الوبائية مثل الحصبة؛ إلا أنها فى حال حدوث الإصابة بها للمراة الحامل فإنها تؤدى إلى مضاعفات شديدة الخطورة.
يعد تطعيم الحصبة الألمانية المختلط مع تطعيم الحصبة MMRV، من الطرق الفعالة للوقاية من الإصابة بالمرض.
الوقاية من الحصبة
تشمل طرق الوقاية من الحصبة ما يلي:
1- تطعيم الحصبة
يعد تطعيم الحصبة من الطرق الرئيسة للوقاية من الحصبة؛ استيفاء جرعتى التطعيم يمنح حماية من الحصبة بنسبة 97%.
2- طرق أخرى للوقاية
تطعيم الحصبة غير متاح للجميع -مثلما وضحنا سابقًا- لذا يجب اتباع بعض الإرشادات التي تحافظ على الصحة العامة وبدورها تقي من الإصابة بالحصبة، ومنها:
- اتباع قواعد النظافة العامة: غسل اليدين قبل استعمال المرحاض وبعده، وقبل ملامسة الوجه والأنف.
- عدم مشاركة الأدوات الشخصية مع الآخرين؛ مثل أواني الطعام والشراب وفرش الأسنان.
- تجنب مخالطة المرضى.
3- فى حالة الإصابة فعليًا بالحصبة
يُتصح باتباع الإرشادات التالية:
- تجنب الخروج إلى الأماكن العامة إلا بعد تخطي مرحلة نقل العدوى (بعد ظهور الطفح الجلدى مدة 4 أيام).
- تغطية الأنف والفم في أثناء الكحة أو العطس، والتخلص من المخلفات الصحية أولًا بأول بطريقة سليمة.
- غسل الأيدي باستمرار وتطهير الأسطح.
ختامًا أصبح تطعيم الحصبة أمرًا بالغ الأهمية، ليس لصحة الفرد فحسب؛ لكن أيضًا لحماية الأشخاص الذين يصعب عليهم أخذ التطعيم.
كلما زاد عدد الحاصلين على التطعيم، زادت المناعة بصفة عامة ضد المرض قبل انتشاره مما يعرف بالمناعة الجماعية أو مناعة القطيع.
اقرأ أيضًا
أهم ما تريد معرفته عن التطعيمات