لا تقتصر أمراض اللحوم الحمراء على الأمراض غير المُعدية التي تنتج عن الإسراف في تناولها، مثل النقرس أو السرطان، لكنها تشمل أيضًا الأمراض المُعدية.
تشمل الأمراض المُعدية التي يُسببها تناول اللحوم الحمراء العدوى الطفيلية، والبكتيرية، والفيروسية.
تعرفنا -عزيزي القارئ- في الجزء الأول من المقال إلى أمراض اللحوم الحمراء الطفيلية، لذلك سنتناول الآن الأمراض الناتجة عن العدوى البكتيرية، والفيروسية، فتابع معنا.
أمراض اللحوم الحمراء البكتيرية
هل سمعت -عزيزي القارئ- عن حالات تسمم لبعض الأشخاص نتيجة تناول اللحوم الحمراء؟ إليك أهم أمراض اللحوم البكتيرية.
بكتيريا المتفطرة السلية البقرية (Mycobacterium bovis)
تنتشر هذه البكتيريا في الماشية والحيوانات الأخرى، مثل البيسون والأيائل والغزلان، لكن تُسبب مرض السل في الرئتين والعقد الليمفاوية وأجزاء أخرى من الجسم في الإنسان.
وصلت الحالات المصابة إلى أقل من 2% من إجمالي عدد إصابات مرض السل في الولايات المتحدة؛ ما يمثل أقل من 230 حالة من حالات السل سنويًا في الولايات المتحدة.
انتشر انتقال بكتيريا (M. bovis) من الماشية إلى البشر في الولايات المتحدة، لكن قلّ هذا كثيرًا بالسيطرة على الأمراض في الماشية والبسترة الروتينية لحليب البقر.
كيفية الإصابة ببكتيريا السل
يصاب الأشخاص بتناول أو شرب منتجات ألبان ملوثة وغير مبسترة، كذلك يمكن أن تحدث العدوى أيضًا بإحدى الوسائل الآتية:
- الاتصال المباشر مع الجرح، مثل ما قد يحدث في أثناء الذبح أو الصيد.
- استنشاق البكتيريا في الهواء التي تنفثها الحيوانات المصابة.
- الانتقال المباشر من الحيوانات المصابة إلى البشر بالهواء (نادر الحدوث).
لا تتطور جميع أنواع العدوى إلى مرض السل، لذلك قد لا تكون هناك أعراض على الإطلاق.
لكن قد تتشابه أعراض السل الناجم عن (M. bovis) مع الأعراض التي تسببها المتفطرة السلية (M.tuberculosis)، وتشمل:
- الحمى (أقل من 38 درجة).
- التعرق الليلي.
- فقدان الوزن.
قد تحدث أعراض أخرى اعتمادًا على جزء الجسم المصاب بالمرض.
داء البروسيلا (Brucellosis)
عدوى بكتيرية خطيرة شديدة العدوى وسريعة الانتشار، وتنتج من الإصابة ببكتيريا البروسيلا المجهِضة، وتتميز بإحداث الإجهاض في أواخر الحمل وارتفاع معدل العقم.
تصيب بكتيريا (B. melitensis) الماعز والأغنام، وبكتيريا (B.suis)الخنازير، وقد تحدث B. abortus في الخيول.
كيفية انتقال إصابة البروسيلا للإنسان
تنتقل عدوى البروسيلا للإنسان من خلال الوسائل الآتية:
- تناول منتجات الألبان النيئة
يمكن أن تنتشر البروسيلا الموجودة في حليب الحيوانات المصابة إلى البشر في الحليب غير المبستر والآيس كريم والزبدة والجبن.
يمكن أيضًا أن تنتقل البكتيريا في اللحوم النيئة أو غير المطبوخة جيدًا للحيوانات المصابة.
- استنشاق هواء ملوث
تنتشر بكتيريا البروسيلا في الهواء بسهولة، لذلك يمكن للمزارعين والصيادين وعمال المسالخ استنشاق البكتيريا.
- لمس دم وسوائل جسم الحيوانات المصابة
يمكن أن تدخل البكتيريا الموجودة في الدم أو السائل المنوي أو المشيمة لحيوان مصاب إلى مجرى الدم من خلال جرح في الجلد.
أعراض عدوى البروسيلا
تشبه أعراض البروسيلا في الإنسان مع أعراض الأنفلونزا، وقد تشمل:
- فقدان الشهية، وفقدان الوزن.
- آلام الظهر.
- القشعريرة.
- الخمول والصداع.
- ألم البطن، والمفاصل.
- الحمى.
تُسمى الحمى بالحمى المالطية (Malta fever)، وتتميز باستمرارها من عدة أيام إلى أسابيع ثم تختفي الحمى نفس مدة حدوثها، لتعود مجددًا وهكذا.
كيفية الوقاية من الإصابة بعدوى البروسيلا
لسوء الحظ، لا يوجد لقاح للإنسان للوقاية من عدوى البروسيلا، لذلك لا بُد من اتباع أساليب الوقاية المختلفة، ومنها:
- تجنب تناول اللحوم النيئة أو الحليب غير المبستر أو الجبن.
- ارتدِ القفازات والنظارات الواقية عند التعامل مع الحيوانات أو مُخلفاتها.
- غطِ أي جروح مفتوحة على جلدك عند ملامسة دم الحيوان.
يوجد لقاح داء البروسيلات للحيوانات. إذا كنت تتعامل مع الحيوانات الأليفة ، فيجب أن تفكر في تطعيمها ضد داء البروسيلات.
الإشريكية القولونية (E.coli)
توجد أنواع عديدة لتلك البكتيريا لكن أهمها تلك المنتجة لسموم الشيغا (Shiga toxin)، التي تنتشر في لحم البقر غير المطبوخ جيدًا.
لا يمكن رؤية تلك السموم أو البكتريا المنتجة لها أو تذوقها أو شمها؛ لكن إذا تناول شخص السم، فقد يعاني الآتي:
- تقلصات المعدة.
- الحمى.
- قيء وإسهال، وغالبًا ما يكون دمويًا.
تُعد الحيوانات المجترة في المزارع مصدرًا طبيعيًا (Natural reservoir) للعدوى، التي تحدث عادةً بأكل لحم هذه الحيوانات غير المطبوخ جيدًا.
يمكن أن ينتقل أيضًا بمنتجات الألبان غير المبسترة أو الأطعمة الأخرى الملوثة بالعوامل الممرضة، ويُعد الأطفال وكبار السن الأكثر عرضة للإصابة بالتسمم الغذائي الحاد والوفاة.
لا توجد أدوية متاحة للمساعدة في علاج عدوى الإشريكية القولونية، كذلك لا توجد لقاحات يمكن أن تمنعها.
يمكن تقليل المخاطر من خلال:
- طهي اللحوم جيدًا، حتى تصل درجة الحرارة الداخلية إلى 160 درجة فهرنهايت.
- الحفاظ على سطح تقطيع اللحم نظيفًا.
- غسل اليدين باستمرار.
السالمونيلا (Salmonella)
تسكن هذه البكتيريا في أمعاء حيوانات المزارع، ومنها الأبقار، ويمكن أن تسبب المرض للإنسان.
يُعد (Salmonella Dublin) أحد المصلَين الخاصين بالبقرة، الذي أصاب 10 أشخاص في ست ولايات عام 2019، مما أسفر عن مقتل شخص واحد.
ارتبط هذا النوع بأكل لحم البقر المفروم، ويُعد خطيرًا بسبب سوء استخدام المضادات الحيوية في حيوانات المزرعة مما يعني أنه أصبح مقاومًا للأدوية التي تهدف إلى السيطرة عليه.
كيفية الإصابة بعدوى السالمونيلا
تشمل المصادر الغذائية الشائعة لعدوى السالمونيلا ما يلي:
- اللحوم النيئة وغير المطبوخة جيدًا.
- الفاكهة أو الخضار النيئة.
- الحليب غير المبستر ومنتجات الألبان الأخرى.
- البيض النيء أو غير المطبوخ جيدًا.
- الأطعمة المُصنعة، مثل قطع الدجاج وزبدة المكسرات.
أعراض تسمم السالمونيلا في الإنسان
ترتبط معظم أعراض تسمم السالمونيلا وعلاماتها بالمعدة، وقد تشمل:
- تقلصات المعدة واضطرابها.
- براز دموي
- إسهال وقيء.
- البرد والقشعريرة.
- الحمى (أعلى من 39 درجة).
- الصداع.
تظهر الأعراض بعد 8-72 ساعة من الإصابة، ولا تستمر عادةً لأكثر من أسبوع، لكن قد يستغرق الأمر عدة أشهر حتى تعود الأمعاء إلى طبيعتها.
وسائل الوقاية المختلفة من عدوى السالمونيلا
يمكنك -عزيزي القارئ- اتباع وسائل الوقاية الآتية للحد من الإصابة بالسالمونيلا:
- عدم تناول البيض أو اللحوم النيئة أو غير المطبوخة.
- عدم شرب الحليب غير المبستر.
- غسل الفواكه والخضروات النيئة جيدًا، وقشرها إن أمكن.
- تبريد الطعام قبل طهيه وبعد تقديمه.
- غسل اليدين جيدًا بالصابون والماء الدافئ قبل تناول الطعام وبعده
- الحفاظ على نظافة أسطح المطبخ قبل تحضير الطعام.
الشيجيلا (Shigella)
يسبب هذا المرض الجرثومي شديد العدوى حوالي 450.000 حالة إسهال في الولايات المتحدة سنويًا، وقد يصيب الأطفال الصغار أو مَن يعانون ضعف جهاز المناعة.
ارتبط تفشي الشيجيلا بأنواع كثيرة من الأطعمة النيئة والمطبوخة، منها لحم البقر، ومن المرجح أن تكون ملوثة بملامستها لمياه الصرف الصحي الملوثة أو من قِبَل شخص مصاب.
قد تشمل أعراض الإصابة بالشيجيلا الآتي:
- الإسهال (العرض الرئيسي)، قد يكون البراز دمويًا أو يحتوي على مخاط.
- الغثيان والقيء.
- الحمى (فوق 39 درجة).
- تقلصات البطن والمعدة.
- التعنية (Tenesmus)، وتعني الشعور بالحاجة إلى الذهاب إلى الحمام حتى عندما لا يتبقى شيء في أمعائك).
قد تختفي الأعراض دون استخدام الأدوية في غضون أسبوع في الأشخاص الذين يعانون حالات خفيفة، لكن قد تكون شديدة وتؤدي للوفاة في الأطفال وأصحاب المناعة المنخفضة.
داء البريميات (Leptospirosis)
ينتشر المرض في الحيوانات الأليفة والبرية والبشر، وينتج عن الإصابة ببكتيريا البريميات (Leptospira spp).
كيفية إصابة الإنسان بالعدوى
قد تحدث العدوى البشرية بالأساليب الآتية:
- شرب حليب الحيوانات المصابة، لكن لحسن الحظ لا تعيش البكتيريا طويلًا في الحليب، وتموت بسرعة ببسترته.
- تلوث الطعام أو الشراب ببول الحيوانات المُصابة.
أعراض الإصابة بعدوى البريميات
لحسن الحظ، تحدث العدوى دون أعراض أو بأعراض خفيفة، وتشمل:
- آلام البطن.
- القيء والإسهال.
- صداع الرأس.
- ارتفاع درجة الحرارة.
- اليرقان (اصفرار الجلد والعينين).
- آلام العضلات.
تستمر الأعراض عدة أيام أو أسابيع، وقد تستمر عدة شهور إذا لم يُعالج المُصاب سريعًا.
المكورات العنقودية الذهبية (Staphylococcus aureus)
تُعد أخطر أنواع بكتيريا “المكورات العنقودية” الشائعة، وتُعرف باسم المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين (MRSA).
يوجد نوعان من هذه البكتيريا القاتلة؛ أحدهما مرتبط بالحيوانات المستزرعة والآخر يحمله 5-10% من السكان الأمريكيين.
يُسبب التهاب الضرع -عدوى ضرع سيئة موجودة في جميع القطعان- في الأبقار الحلوب، مما يعني وجود الخلايا المناعية الالتهابية التي تسبب القيح في الحليب الذي نشربه.
وجدت دراسة -أجريت عام 2015 حول انتشار المكورات العنقودية الذهبية في منتجات لحوم البقر- انتشار تلك البكتيريا في كبد ولحم الأبقار.
الليسترية المستوحدة (Listeria monocytogenes)
تسبب هذه البكتيريا داء الليستريات (Listeriosis)؛ عدوى تتميز بالحمى والإسهال، وقد تسبب أيضًا فقدان التوازن والارتباك والتشنجات.
يمكن أن تؤدي العدوى في أثناء الحمل إلى الإجهاض أو ولادة جنين ميت أو الولادة المبكرة أو العدوى التي تهدد حياة الوليد.
قد يُصاب كبار السن وذوي الجهاز المناعي الضعيف بالعدوى الشديدة في مجرى الدم أو الدماغ.
يصعُب السيطرة على البكتيريا نظرًا لقدرتها على العيش في الظروف الصعبة، مثل تجميد اللحوم.
أمراض اللحوم الحمراء الفيروسية
يمكن أن تسبب عديد من الفيروسات الأمراض التي تنقلها الأغذية، بما في ذلك اللحوم ومنتجاتها.
تشمل أهم الفيروسات التي تنتقل إلى الإنسان باللحوم الملوثة فيروسات النوروفيروس، والفيروسات العجلية، وفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي.
فيروس التهاب الكبد (Hepatitis)
ينتج التهاب الكبد أ (Hepatitis A) عن عدوى بفيروس التهاب الكبد أ، وينتقل هذا النوع باستهلاك الماء أو الطعام، منها اللحوم ومنتجاتها الملوثة ببراز مصاب بالفيروس.
نوروفيروس (Noroviruses)
تحدث العدوى بتناول الطعام الملوث بما في ذلك اللحوم ومنتجاتها، وكذلك الماء.
يحدث الانتقال أيضًا بالهواء المُحمّل بالعدوى الذي يتكون في أثناء القيء، مع ذلك؛ فإن الطريق الأساسي للعدوى من شخص إلى آخر بالبراز
كذلك قد ينتقل بالطعام -بما في ذلك الخضراوات الورقية والأعشاب والتوت- والماء، والبيئة.
الفيروسات العجلية (Rotaviruses)
يصيب الفيروس الرضع والأطفال الصغار مُسببًا مرضًا معويًا مصحوبًا بأعراض تتميز بالحمى والقيء والإسهال وعدم الراحة في البطن.
مجموعة الفيروسات العجلية (Group A rotaviruses)
تُعد فيروسات الروتا من المجموعة (أ) أهم عوامل الإسهال الحاد عند الرضع والأطفال الصغار المنتشرة في جميع أنحاء العالم.
قد تُصيب هذه الفيروسات الإنسان والحيوان أيضًا.
ختامًا، بعد أن تعرفنا -عزيزي القارئ- إلى أشهر أمراض اللحوم الحمراء، عليك أن تعلم أن أهم وسائل الوقاية منها بطهي اللحوم جيدًا، وعدم استهلاك لحوم مريضة بها علامات المرض.
اقرأ أيضًا…
فساد اللحوم | دليلك الشامل عن كيفية تداول اللحوم وأهم أمراضها
فوائد اللحوم | وكيفية حفظها وقطعيات الذبيحة
مجازر اللحوم ودورها في الحفاظ على صحة المستهلك
مراجع عام د.آلاء حميد
مراجع طبي د. أروى سمير
مدقق لغوي د. نعمات مسعد