مرض كورو أو الضحك المميت، هل سمعت يومًا بالمثل القائل (ستموت من الضحك)، هو مثل مصري دارج نسمعه كثيرًا عندما نكثر من الضحك، ولكن هل يكون الضحك مميتًا حقًا! وهل يمرض الإنسان بالضحك!
يبدو أن الضحك ليس مجرد ضجيج مبهج، فمن الممكن أن تكون إشارة إلى الضيق مدفوعة بالحزن أو الغضب أو متداخلة مع الهوس.
في هذا المقال سنتحدث عن مرض الضحك المميت، وكذلك بعض أنواع الضحك المَرَضية الأخرى لنفهم سويًا أسبابها، فهيا بنا.
ما هو مرض الضحك المميت؟
هو مرض قاتل يصيب الدماغ، ويسمى كذلك بمرض كورو (Kuru Disease)، وهو شكل من أشكال اعتلال الدماغ الإسفنجي تحت الحاد.
سمي بالضحك المميت بسبب نوبات الضحك اللاإرادية التي تصيب المريض.
أول من اكتشف هذا المرض كان العالم كارلتون جاجدوسك (Dr. D. Carlton Gajdusek) في غينيا الجديدة، ويعد اكتشافه من أحد أشهر قصص الطب البوليسية في القرن العشرين.
أطلق عليه مرض كورو وهو بمعنى (يرتجف)، وهو العرض الأقوى في هذا المرض.
أسباب مرض الضحك المميت
مرض كورو من أمراض اعتلالات الدماغ المُعدية والتي يطلق عليها أيضًا أمراض البريون (Prion Disease)، ويؤثر على المخيخ وهو الجزء من الدماغ المسؤول عن التنسيق والتوازن.
على الرغم من كونه مرضًا معديًا إلا أنه لا ينتج عن بكتيريا أو فيروسات، بل بسبب بعض البروتينات المعدية غير الطبيعية التي تسمى (Prions).
البريونات كائنات غير حية ولا تتكاثر، إنما هي بروتينات مشوهة تشكل كتلًا في الدماغ، مما يعيقه عن أداء وظائفه.
انتشر مرض الضحك المميت في غينيا الجديدة نتيجة أكل دماغ موتاهم في أثناء أدائهم لطقوس الجنازة، وانتشر بين النساء والأطفال أكثر من الرجال، وذلك لأنهم كانوا أكثر المشاركين في هذا الطقس.
السبب الرئيسي للإصابة هو تناول دماغ مصاب، أو ملامسة جروح مفتوحة ومتقرحة لشخص مصاب بالمرض.
من أهم الأمراض التي تسببها البريونات هي كروتزفيلد جاكوب (Creutzfeldt-Jakob disease)، ومرض غيرستمان- ستراوسلر- شينكر (Gerstmann-Sträussler-Scheinker disease)، وهذه الأمراض الإسفنجية ومثلها مرض الكورو تسبب ثقوبًا تشبه الإسفنج في دماغ المصاب وتكون مميتة.
أعراض مرض الضحك المميت
تشبه أعراضه أعراض الاضطرابات العصبية، مثل مرض باركنسون والسكتة الدماغية، ومن أهم تلك الأعراض ما يلي:
- صعوبة المشي.
- ضعف التنسيق الحركي.
- صعوبة البلع.
- كلام غير واضح.
- ارتعاش.
- صعوبة البلع.
- تغيرات مزاجية وسلوكية.
- مشكلات في الفهم.
- الضحك القهري أو البكاء العشوائي.
- الخرف.
يبدأ المرض في العادة بالصداع وآلام المفاصل، ونظرًا لشيوع هذه الأعراض فلا ينظر إليهم دليل على مرضٍ خطير.
عادةً ما يتطور المرض على ثلاث مراحل، فيبدأ بفقدان السيطرة على حركات الجسم المختلفة، وكذلك يواجه المريض صعوبة في موازنة الأمور.
في المرحلة الثانية، يفقد المريض القدرة على المشي، ويصاب بالتشنجات وتبدأ الحركات اللاإرادية في الظهور.
في المرحلة الثالثة، عادة ما يكون المريض طريح الفراش، ويفقد القدرة على الكلام، وتبدأ علامات الخرف بالظهور مع بعض التغيرات السلوكية، ونظرًا لصعوبة البلع تبدأ علامات سوء التغذية في الظهور.
يمكن أن تؤدي الأعراض الثانوية إلى الوفاة في غضون عام، ولكن معظم المرضى يموتون بالالتهاب الرئوي.
تشخيص مرض الضحك المميت
يعتمد تشخيص مرض الكورو على نوعين من الاختبارات.
أولًا الاختبار العصبي
يخضع المريض لاختبار عصبي لتشخيص الكورو، مع فحص طبي شامل، يتمثل في ما يلي:
- مراجعة التاريخ الطبي
- تقييم الوظائف العصبية
- اختبارات الدم، مثل الغدة الدرقية ومستوى حمض الفوليك واختبارات وظائف الكبد والكلى (وذلك لاستبعاد الأسباب الأخرى للأعراض).
ثانيًا اختبارات التشخيص الكهربي (Electrodiagnostic test)
يستخدم مخطط كهربية الدماغ (EEG) لفحص النشاط الكهربي في الدماغ، وربما يطلب الطبيب إجراء فحوص الدماغ مثل الرنين المغناطيسي، ولكن غالبًا ما تكون غير مفيدة في تأكيد مرض الضحك المميت.
علاج مرض كورو
لا يوجد علاج معروف لمرض كورو، فالبريونات التي تسببه لا تتدمر بسهولة، بل تظل معدية حتى بعد حفظها في مادة الفورمالين لسنوات.
توقع سير مرض الضحك المميت (Prognosis)
لأنه لا يوجد علاج لمرض كورو، يسقط المصاب في غيبوبة خلال 6 إلى 12 شهر من ظهور الأعراض.
المرض مميت، لذا من الأفضل الوقاية منه.
الوقاية من مرض الضحك المميت ومنعه
يعد مرض الضحك المميت مرضًا نادرًا، يحدث فقط بعد تناول أنسجة دماغ مصاب أو لمس التقرحات المعدية.
لذا كانت الطريقة الوحيدة لمنع هذا المرض هي إيقاف العادات الخاطئة بطقس دفن الموتى، لذا عملت الحكومات على منع أكل لحوم البشر تمامًا لمنع الإصابة بمرض الضحك المميت.
في الوقت الحالي، نادرًا ما تشخص حالة مصابة بمرض الضحك المميت.
أنواع أخرى لأمراض الضحك
هناك بعض الأنواع الأخرى التي يكون الضحك فيها مرضًا، مثل الضحك القهري أو اللاإرادي.
مرض الضحك القهري
يسمى كذلك بالضحك اللاإرادي ومرض التأثير البصلي الكاذب (Pseudobulbar Affect)، وهو حالة تتميز بنوبات من الضحك أو البكاء المفاجئ والتي لا يمكن السيطرة عليها.
مرضى الضحك القهري يشعرون بالعواطف بشكل طبيعي ولكن يعبرون عنها بطريقة مبالغ فيها، وغالبًا ما يصابون بالإحراج نتاج هذه التصرفات.
في الغالب يُشخَّص هذا المرض تشخيصًا خاطئًا كنوع من أنواع الاضطرابات المزاجية، ولكن على عكس مرض الضحك المميت مع تشخيصه الصحيح يستطيع الأطباء السيطرة باستخدام الأدوية.
العرض المميز لهذا المرض هو عدم الثبات الانفعالي أو التقلقل العاطفي، الذي يتمثل في نوبات متكررة من الضحك أو البكاء، وغالبًا ما يتحول الضحك إلى دموع، وفي العادة يستمر الضحك أو البكاء لمدة دقائق.
أسباب الضحك القهري
عادةً ما يصيب مرضى الاضطرابات العصبية، مثل:
- السكتة الدماغية (Stroke).
- التصلب الجانبي الضموري (Amyotrophic lateral sclerosis).
- التصلب المتعدد (Multiple sclerosis).
- مرض ألزهايمر (Alzheimer’s disease).
- مرض باركنسون (Parkinson’s disease).
يُعتقد أن السبب الرئيسي للمرض هو إصابة الممرات العصبية المسؤولة عن التعبير الخارجي عن الانفعالات.
غالبًا ما يشخص المرض عن طريق إجراء تقييم عصبي.
علاج مرض الضحك القهري
يهدف علاج التأثير البصلي الكاذب إلى تقليل شدة الانفعالات العاطفية وتكرارها، ومن أهم العلاجات المستخدمة ما يلي:
- مضادات الاكتئاب: مثل مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (Tricyclic Antidepressants)، ومثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (Selective Serotonin Reuptake Inhibitors).
- هيدروبروميد الديكستروميتورفان وسلفات الكينين (نودوكستا) (Nuedexta): وهو الدواء الوحيد المصرح به لعلاج هذه الحالة
وباء الضحك
حدث وباء الضحك في تنزانيا عام 1962، وبدأ في التفشي في مدرسة للبنات ثم انتشر في مجتمعات أخرى، وأثَّر الضحك الذي لا يمكن السيطرة عليه على ما يقرب من الألف شخص، وتسبب في إغلاق 14 مدرسة.
ويُعد السبب الرئيسي لهذا الوباء هو الحالة النفسية، ومن المحتمل أن إحدى الفتيات سقطت في نوبة ضحك ناجمة عن القلق والضغط النفسي، الذي أدى إلى حدوث تأثير متسلسل، فبدأت الفتيات من حولها في نوبة من الضحك البائس.
انتشر ببطء خارج المدرسة حتى طال 14 مدرسة أخرى بل وانتشر إلى المجمعات السكنية الأخرى المعرضة لخطر الإصابة مثل كانغيريكا المجاورة.
بحسب التقارير، كانت نوبات الضحك شديدة حتى أنها كانت تعيق الحركة، وكانت تتميز بآلام الجسم العامة والإغماء ومشاكل في الجهاز التنفسي والطفح الجلدي ونوبات البكاء والصراخ العشوائي، كلها كانت أعراض مشتركة بين المصابين.
وفي نهاية الوباء، لم يُبلَّغ عن حالة وفاة، كما شقَّ على العلماء تفسير هذا الوباء الذي حدث في تنزانيا.
كانت الفرضية الأكثر شيوعًا هي شكل من أشكال المرض النفسي الجماعي، أو ما يعرف بالهيستيريا الجماعية.
في النهاية، من الواضح أن الضحك لا يكون دائمًا مبهجًا، بل قد ينطوي على أسباب مرضية ونفسية أخرى.
اقرأ أيضًا
9 طرق عملية لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية