السعادة نسبية لا يمكن وضع قواعد أو قوانين لها، إذ يختلف مفهوم السعادة من شخص إلى آخر، وكذلك تختلف أسبابها. ويختلف الناس في طريقة تعبيرها عن سعادتها، لكن ما يشترك به الناس جميعًا هو هرمون السعادة.
هل يوجد حقًا ما يسمى بهرمون السعادة، هل هو هرمون واحد أم أكثر، وما دوره في تقرير الحالة المزاجية للإنسان؟ هذا ما سنعرفه معًا في السطور القادمة.
الهرمونات والنواقل العصبية
تلعب الهرمونات دورًا كبيرًا في تقرير الحالة المزاجية للإنسان، خير مثال على ذلك هو تقلب الحالة المزاجية للنساء -في أثناء الدورة الشهرية – والمراهقين إذ تكون الهرمونات غير مستقرة في هذه الفترة.
الهرمونات والنواقل العصبية هي جزيئات كيميائية، الفرق بينهما هو أن الهرمونات تُفرز من الغدد الصماء على صورة نبضات كيميائية والنواقل العصبية تفرز من الجهاز العصبي على صورة نبضات كهربائية.
ما هي الهرمونات المسئولة عن السعادة؟
يوجد حوالي ٥٠ هرمون، و١٠٠ ناقل عصبي في جسم الإنسان، لكن من منها هرمون السعادة؟ هذا ما سنعرفه في ما يلي:
- السيروتونين (serotonin)
هرمون السعادة والرضا والثقة بالنفس؛ إذ يجلب معه الشعور بالثقة واحترام الذات، ويساعد كذلك على النوم، وعملية الهضم، وتقليل القلق والاكتئاب.
يرتبط الشعور بالوحدة والاكتئاب بانخفاض مستويات السيروتونين، لذا تُستخدم مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين في علاج الاكتئاب والقلق ونوبات الهلع واضطرابات ما بعد الصدمة.
يزيد مستوى السيروتونين في المواقف التي يكون بها تحدي للذات – لذا تزداد معدلاته لدى الرياضيين- وعند الشعور بأهميتك كفرد في الفريق، وتزداد معدلاته مع العمل التطوعي.
- الدوبامين (Dopamine)
هرمون السعادة الأقوى، إذ يساعد الدوبامين الإنسان على التفكير والتخطيط، وله دور كبير في قدرة الإنسان على السعي، والتركيز، والعثور على الأشياء الممتعة.
تزيد معدلاته مع المكافآت؛ مثل الفوز، أو الحصول على الراتب.
يعمل الدوبامين على تنظيم العواطف بتوازن دقيق؛ أي خلل في توازنه قد يؤدي إلى مشكلات صحية خطرة، مثل مرض الشلل الرعاش (parkinson disease) إذا انخفض مستواه، والهلوسة إذا ارتفع مستواه.
- الأوكسيتوسين (oxytocin)
هرمون الحب، والارتباط، والعلاقات الحميمة. إذ يرتفع مستوى الأوكسيتوسين في حالات الاتصال الجسدي؛ لذا يزيد مستواه في أثناء الرضاعة الطبيعية -للأم والطفل- والعناق، والعلاقة الحميمة، والنشوة، لذا يُسمى أيضًا بهرمون العناق.
النواقل العصبية والهرمونات الأخرى المرتبطة بالسعادة
هناك نواقل عصبية تؤثر بصورة غير مباشرة في الشعور بالسعادة:
- الإندورفين (endorphins)
هو من مسكنات الألم الطبيعية التي يفرزها جسم الإنسان، لذا من الممكن أن نطلق عليه المورفين المُصنع ذاتيًا.
تزيد مستويات الإندورفين في أثناء ممارسة الرياضة -خاصةً العنيفة منها- والجماع، والنشوة، ومع الضحك.
- حمض الغاما أمينوبيوتيريك(GABA)
ناقل عصبي مثبط؛ إذ يقلل من قدرة الخلايا العصبية على توصيل النبضات الكهربائية، مما يجعل الإنسان أكثر هدوءًا.
يزيد مستوى جابا في أثناء ممارسة الأنشطة التأملية مثل اليوجا.
- الأدرينالين(adrenaline) والكورتيزول (cortisol)
تُسمى كذلك بهرمونات الضغط؛ إذ تزيد مستوياتها في حالات التوتر أو في المواقف التي يتعرض فيها الإنسان لضغط شديد.
تنخفض مستويات هذه الهرمونات عند الشعور بالسعادة.
- الميلاتونين (melatonin)
يرتبط الميلاتونين بشكل مباشر بتنظيم النوم، كما يؤثر في الصحة العامة والشعور بالسعادة.
غالبًا يحدث اضطرابات في النوم مع اضطراب الحالة المزاجية مما يؤدي إلى انخفاض مستوى الميلاتونين.
للحفاظ على مستوى الميلاتونين احرص على النوم ليلًا، والحصول على قسط جيد من الراحة.
- النورإيبينفرين (norepinephrine)
يرتبط المستوى المنخفض من النورإيبينفرين بالاكتئاب، لذا تُستخدم مثبطات إعادة امتصاص النورإيبينفرين الانتقائية في علاج الاكتئاب.
يزيد مستوى النورإيبينفرين عند الحصول على حمام بارد، أو على غفوة قصيرة.
كيف أرفع مستوى هرمون السعادة طبيعيًا ؟
إليك ١١ طريقة لرفع مستوى هرمون السعادة:
- الخروج
الخروج والتعرض لضوء الشمس من ١٠ إلى ١٥ دقيقة يوميًا، يُزيد مستوى السيروتونين والإندورفين.
- ممارسة الرياضة
للحصول على مستوى مرتفع من هرمون السعادة، اجعل ممارسة الرياضة روتين يومي في حياتك.
تساعد ممارسة التمارين الرياضية على زيادة إفراز الإندورفين، والسيروتونين، والدوبامين.
- الضحك
الضحك من أقوى الأدوية؛ بالطبع لا يعالج الضحك المشاكل الصحية، لكن يقلل من الإحساس بالتوتر والقلق، وكذلك يزيد من مستويات الدوبامين والإندورفين.
- إعداد وجبات الطعام
إعداد وجبة طعام شهية ولذيذة، وتناولها بالمشاركة مع من تحب من أفراد العائلة أو الأصدقاء، يؤدي إلى زيادة كل هرمونات السعادة.
- الاستماع للموسيقى
يساعد الاستماع للموسيقى الهادئة -أو النوع المفضل لديك- على إفراز أكثر من نوع من هرمون السعادة.
- التأمل
تساعد ممارسة تمارين التأمل على تقليل التوتر، والحصول على نومٍ كافٍ وعميق، وزيادة إفراز هرمون السعادة.
- قضاء أمسية رومانسية
خطط لقضاء أمسية رومانسية مع شريك حياتك، وحاول أن تكررها كل مدّة، فذلك يؤدي إلى زيادة معدلات الأوكسيتوسين.
- اقتناء حيوان أليف
اقتناء حيوان أليف، والاعتناء به، واللعب معه -خاصةً الكلاب- يزيد مستوى الأوكسيتوسين.
- الحصول على قسط كافٍ من النوم
عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم؛ يؤدي إلى خلل في توازن الهرمونات خاصةً الدوبامين، مما يؤثر بالسلب في الحالة المزاجية والصحة العامة للجسم.
احرص على النوم ليلًا من ٧ إلى ٩ ساعات يوميًا.
- تقليل القلق والتوتر
كلنا معرضون للتوتر، والقلق، والوقوع تحت الضغط، وهذا يؤدي إلى انخفاض مستوى السيروتونين والدوبامين، وله تأثير سلبي في حالة الإنسان المزاجية.
لتخفيف حدة التوتر؛ حاول أن تبعد عن مصدر التوتر لمدة ٢٠ دقيقة مارس فيها أي نشاط بدني، مثل المشي أو ركوب الدراجة.
- التدليك
الحصول على تدليك من يد تقني محترف؛ يزيد معدلات الإندورفين والدوبامين.
أما الحصول على التدليك من شريك حياتك أو شخص قريب لقلبك يزيد مستوى الأوكسيتوسين كذلك.
هل هناك أطعمة تعمل على تحسين الحالة المزاجية؟
إذا كنت ممن يتناولون الحلوى عند الشعور بالتوتر والانزعاج، فأنت تعلم تأثيرها، وكيف تعطي شعور الرضا، لكن احذر تأثيرها السلبي.
إليك بعض الأطعمة المفيدة للحالة المزاجية والصحة العامة للجسم:
- الأوميجا ٣ (omega 3)
أوضحت أحد الدراسات أن تناول الأطعمة الغنية بالأوميجا ٣، تقلل فرصة الإصابة بالاكتئاب.
الأوميجا ٣ موجودة في أسماك السلمون، السردين، بذور الكتان والشيا، عين الجمل.
- الحبوب الكاملة
احرص على وجود الحبوب الكاملة في طعامك، إذ إنها غنية بفيتامين ب إذ يدخل -خاصة فيتامين ب 12- في تصنيع الدوبامين والسيروتونين.
الحبوب الكاملة مثل الشوفان، والبرغل، والأرز البني، بذور الكينوا.
- الخضروات الورقية
وجدت أحد الدراسات أن مرضى الاكتئاب لديهم مستوى منخفض من حمض الفوليك (folic acid).
احرص على تناول الخضروات الورقية الغنية بحمض الفوليك مثل السبانخ، والخرشوف.
- الكافيين (caffeine)
يؤدي الكافيين إلى زيادة الدوبامين، لذا احرص على تناول ٤٠٠ مل من القهوة يوميًا.
يختلف تأثير الكافيين من شخص لآخر؛ فإذا سبب لك أي أثر جانبي مثل العصبية أو الأرق، فتجنبه.
- وجبة الإفطار
احرص دائمًا على تناول وجبة إفطار يوميًا، إذ تقلل أعراض وفرص الإصابة بالاكتئاب.
ختامًا.. السعادة قرار، وأنت تملكه في يديك، حين تقرر أن تكون سعيدًا، سوف يستجيب جسدك ويفرز كميات مرتفعة من هرمون السعادة.