أبدت لي صديقتي ليلى انزعاجها وقلقها، فهي لا تدري كيفية التعامل مع الأطفال في سن المراهقة.
قالت لي “ابني مراهق”، وتزعجني تصرفاته وأغضب كثيرًا منها، وأيضًا لا يقبل حديثي.
إليكم هذا المقال سنتعرف معًا إلى الأطفال في سن المراهقة وكيفية التعامل معهم بكل سهولة ويسر.
تعريف المراهقة
مرحلة يشعر فيها الأطفال أنهم أصبحوا بالغين؛ بسبب التغيرات الجسمانية التي تظهر عليهم، لكنهم ما زالوا أطفالاً في جوهرهم، ومازال عقلهم لم ينضج بعد.
يوجد هناك الكثير من الاختلالات الهرمونية، والأشياء التي تحدث في أجسامهم، أو البيئة التي يعيشون فيها، تجعلهم يتصرفون مع المواقف بعدم حكمة.
يجب أن نعرف أن المراهقة مرحلة حرجة للغاية سواءً للمراهق أو لوالديه، فهم يحتاجون دائمًا إلى الشعور بالثقة، وأن الجميع يهتمون لأمرهم.
لكن ما يحدث هو العكس، لا يستطيع الآباء التحكم في انفعالاتهم نحو ابنهم المراهق، ولا يستمعون إليه بصدر رحب، فهم ينتقدونه دائمًا، ويعاقبونه أيضًا.
على الرغم من أن سنوات المراهقة فترة صراع بين الآباء وطفلهم المراهق، إلا أنها تُعد فترة نمو مكثفة ينضج فيها الأطفال في سن المراهقة فكريًا وعاطفيًا، وليس جسديًا فقط.
ما الفرق بين المراهقة والبلوغ؟
أود أن أخبرك -عزيزي القارئ- أن المراهقة تبدأ من عمر 12 – 18 عامًا.
يحدث في مرحلة المراهقة تغيرات جسدية، وعاطفية، وعقلية، ولابد من التمييز بين سن البلوغ والمراهقة.
سن البلوغ هو تطور الصفات الجنسية، مثل نزول الدورة الشهرية، ونمو الثديين لدى الإناث، وظهور شعر الإبط، والعانة للذكور والإناث.
تظهر هذه الصفات في عمر يتراوح ما بين 8 – 14 عامًا، وربما تحدث تغيرات فكرية، وعاطفية.
ما أود إخباره لك -عزيزي القارئ- أن مظاهر البلوغ طرأت في مرحلة المراهقة، أي إن البلوغ من التغيرات التي تحدث في مرحلة المراهقة.
هل هناك عوامل تؤثر في تصرفات المراهقين؟
بالطبع نعم، يوجد عِدة عوامل يمكن أن تؤثر في الطريقة التي يتصرف بها الأطفال في سن المراهقة، ومنها ما يلي:
- يمكن أن تتسبب التغيرات الجسمانية التي تحدث في سن البلوغ في حدوث صورة ذاتية مشوهة.
- تسبب التغيرات الهرمونية في تلك المرحلة تقلبات مزاجية عنيفة.
- يريدون أن يثبتوا دائمًا أنهم أصبحوا بالغين، مما يدفعهم إلى كسر القواعد والتمرد على القوانين.
- ربما أشياء تحدث في البيت، مثل: غيرة الأشقاء، والصراع العائلي، والصعوبات المالية التي تكدر عليهم العيش.
- ربما أشياء تحدث في المدرسة، مثل عبء الدراسة، والتنمر، والاستبعاد من قبل الأصدقاء، والزملاء لسببٍ أو لآخر.
- عدم القدرة على التعبير عن قلقهم؛ خوفًا من الحكم عليهم وانتقادهم.
- عدم حصولهم على كفايتهم من النوم والتغذية الصحية.
- التشتت الذهني، وقلة التركيز.
قد نتساءل لماذا تعد مرحلة المراهقة بهذه الصعوبة؟
يُعد هذا الأمر طبيعيََا، فقد وُجد بالبحث العلمي أن هناك نظامان في دماغ الأطفال في سن المراهقة لا ينضجان في نفس الوقت، وهما:
- نظام ينضج حول سن البلوغ: مسؤول عن البحث عن مكافأة واضحة، وإثارة الشغب، والتمرد على القوانين.
- نظام ينضج في منتصف العشرينيات من العمر: مسؤول عن ضبط النفس.
كيفية التعامل مع الأطفال في سن المراهقة
يُعد وجود علاقة صحية، وثقة متبادلة بين الآباء، والطفل المراهق أكثر أهمية من أي وقت آخر.
هل سألت نفسك -عزيزي الأب- لماذا يفضل الأطفال في سن المراهقة التحدث مع أصدقائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي في أمورهم الخاصة، في حين أنهم يصبحون صامتين عندما تسألهم ماذا حدث في يومهم؟
ما تزال وظيفتك مهمة في حياة طفلك المراهق، ويجب التعامل مع هذه المرحلة بمرونة وفهم.
لذلك سأسرد عليكم بعض النصائح الهامة في تربية المراهقين، ومنها ما يلي:
الاستماع الجيد
لا تكن فضوليًا أيها المربي الفاضل، ولا تسأل طفلك المراهق وتجعله يختنق من كثرة الأسئلة، فقط اتركه يتحدث إليك وقتما يريد.
يكون المراهق منفتحًا وصدره رحبًا عندما يشعر بعدم الضغط، لذا لا تطرح الأسئلة المباشرة، وتحدث إليه عندما يكون مزاجه جيدًا.
لكن كيف تكون مستمعًا جيدًا؟
تأكد أنك تُظهر علامات كونك مستمعًا جيدًا عندما يُحدثك طفلك المراهق، وهي:
- إظهار وجه ودود ومهتم.
- الإيماء قليلًا إلى الأمام مع النظر في عينيه.
- عدم الانشغال بالهاتف أو بأعمال أخرى.
- تجنب مقاطعته، وانتظر حتي ينتهي.
- اطرح بعض الأسئلة، مثل:”ثم ماذا فعلت؟”.
- تجنب إصدار الأحكام إذا قال أنه فعل شيئًا خاطئًا، قد يؤدي اندفاعك هذا إلى عدم إخباره لك ما حدث مرةً أخرى.
يمكنك تبديل الأدوار، واطلب من أطفالك المراهقين أن يستمعوا إليك، بينما تود إخبارهم بشيء ما.
كن منفتحًا -عزيزي الأب- ومهتمًا لما يحدث في يومه، لكن لا تكن متطفلًا.
إظهار الثقة
يريد الأطفال في سن المراهقة أن يُؤخذوا على محمل الجد خاصةً من قِبل آبائهم، لذلك اطلب من طفلك المراهق القيام ببعض الأعمال، ووضح له أنك معتمدًا عليه.
ذلك سيعزز ثقته بنفسه، وأيضًا سيولد روح المحبة بينكما.
السيطرة علي عواطفك
ربما من السهل أن تنفجر أعصابك عندما يتحدث طفلك المراهق بوقاحةٍ، لكن لا ترد بالمثل.
ذكر نفسك -عزيزي الأب- أنك راشدًا، وأنه ما زال تفكيره مشوشًا، وأيضًا هو أقل قدرة على التحكم في انفعالاته أو التفكير بالمنطق عندما يكون منزعجًا.
إذا انزعجت من حديثه، فعِد من واحد إلى عشرة أو خذ نفسًا عميقَا قبل الرد عليه.
لا تكن دكتاتوريًا
عندما تنظم لهم قواعدهم الحياتية، يجب أن تكون مستعدًا لشرحها جيًدا لهم، لأن سماع تفسيرًا واضحًا لرفضك لذهابهم لحفلةٍ ليليةٍ، سيجعل رفضك منطقيًا، وسيحترمون رأيك.
امدحه دائمًا
لماذا نمدح أطفالنا الأصغر سنًا فقط؟ دعني أخبركم أن الأطفال في سن المراهقة بالرغم من أنهم قد يبدون عدم اهتمامهم بما يتفوه به آبائهم، إلا إنهم يحتاجون دائمًا للدعم والمدح أيضًا.
افعلوا الأشياء معًا
التحدث ليس هو الطريقة الوحيدة للتواصل، ما رأيكم بفعل بعض الأشياء معًا؟، مثل التنزه، أو الذهاب إلى السينما، أو الطبخ معًا.
هذا يعزز الألفة بينكما، وسيجعل طفلك المراهق يتحدث إليك بكل راحة دون اللجوء إلى طرح الأسئلة المباشرة.
كن قدوة جيدة
يتعلم ابنك المراهق أكثر من خلال مشاهدته لأفعالك، بدلًا من سماع ما تقوله، لذا كن له قدوةٌ جيدةٌ في كل مجالات حياته.
كن متيقظًا
من الطبيعي أن يمر الأطفال في سن المراهقة ببعض التغيرات عندما يكبرون، لكن انتبه إذا لاحظت تغيرات في السلوكيات، أو تقلبات مزاجية، أو تغير في الشهية أو قلق نفسي.
إذا لاحظت أن طفلك المراهق يعزل نفسه، أو لاحظت تغييرًا في قدرته علي القيام ببعض الأعمال اليومية، فمن الممكن أنه يمر بمشكلة ويحتاج إلى دعمك.
ساعدهم في حل مشكلاتهم
ربما يتصرف الأطفال في سن المراهقة بطريقة سلبية، أو ربما يكون لديهم مشكلة في المدرسة، أو أن هناك شخص ما يزعجهم.
كل مع عليك هو إخبارهم أنك مستعدًا لمساعدتهم في أي وقت.
خطوات حل المشكلة
- حدد المشكلة بوضوح.
- فكروا سويًا في الحلول الممكنة، وساعده علي اقتراح حلين أو أكثر.
- تحدث إليه وقل رأيك في كل حل بوضوح.
- اختاروا سويًا الحل الأمثل، واجعله يجربه.
- تابع معه، واسأله (هل نجح الحل؟).
كيفية التعامل مع السلوك السلبي للأطفال في سن المراهقة؟
ماذا ستفعل إذا فعل ابنك المراهق شيئًا خاطئًا، أو تمرد علي القواعد التي اتفقتم عليه؟
هل ستغضب، وتنفجر من الغيظ أم ماذا؟
إليك نصيحتي، عبّر عن غضبك بما يلي:
- انظر إليه، وتحدث بحزم.
- قل له بالضبط ما الذي أغضبك مما فعل.
- أخبره ماذا يمكن أن يحدث إذا طلب منك المساعدة (سأكون ممتنًا إذا أخبرتني وساعدتك)
- اقترح عليه كيف يمكنه منع حدوث ذلك الخطأ في المستقبل.
ماذا أفعل إذا أردت أن أطلب من طفلي المراهق طلبًا معينًا دون أن يرفض؟
إليك بعض النصائح:
- انظر إليه، واعتمد على لغة العيون.
- حدد بالضبط ما تريده منه على سبيل المثال؛ تنظيف غرفته.
- أخبره أنك ستكون ممتنًا عندما ينظف غرفته، وأن هذا الأمر مفيد.
- امدحه دائمًا إذا فعل ما طلبته.
كيف أعاقب طفلي المراهق؟
قد تستغرب -عزيزي القارئ- إذا أخبرتك أنه من الأفضل عدم معاقبته، لكن قدم له العواقب.
دعني أشرح لك ما العواقب؟
العواقب
هي فرص تعلم أطفالك أن أفعالهم سيكون لها تأثيرًا على أنفسهم أو غيرهم.
أنواع العواقب
العواقب الطبيعية: هي التي لا تتطلب تدخل الوالدين، وإنما تكون نتيجة سلوك المراهق.
مثل: إذا لم تضع ثيابك في سلة الغسيل، فلن يكن لديك ملابس نظيفة لارتدائها.
العواقب المنطقية: هي التي تنتج عن سلوك معين، مثل: عدم الالتزام بالقواعد.
مثل: إذا أتيت إلى المنزل متأخرًا، فلن تحصل على وقت إضافي غدًا.
كيف تقدم عواقب نتيجة مخالفة القواعد؟
إليك هذه الخطوات:
- حدد سوء السلوك، أخبر طفلك المراهق ما الذي تريد أن يفعله وما الذي تريد ألا يفعله، ولا تنسى أن تشرح له التفسير.
- حدد عاقبة معينة إذا حدث منه سلوكًا سلبيًا.
- نفذ العواقب فورًا إذا حدث منه السلوك السئ.
- امدحه إذا نفذ القواعد التي اتفقتم عليها.
في نهاية المقال
أود أن أكون قدمت لكم ما تريدونه من نصائح عن كيفية التعامل مع الأطفال في سن المراهقة.
المراهقة مرحلة صعبة، لكن إذا أحسنتم التصرف مع أولادكم ستمضي بسلام، وتُنتِج ثمارها المرجوة.
اقرأ أيضًا
غيرة الأطفال | خطوات سهلة للتغلب عليها
الفجوة بين الأجيال | الأسباب والدوافع وكيف نرأب الصدع؟
