الصحة النفسيةطبي

الإدمان | عندما تخسر حياتك في سبيل نشوة مؤقتة

هل سبق وسمعت عن شاب ذكي وطموح خانه ذكاؤه ودُمرت حياته بسبب الإدمان؟

هكذا كان عمر صديق طفولتي وصاحب عمري، كان يَفوقنا جميعًا؛ صيته يسبقه بذكائه الحاد وروحه المرحة.

توقع له الجميع مستقبلًا مشرقًا، حتى تعثرت خطاه في دوامة الإدمان. 

ظن أنها مجرد تجرِبة، لكن هذه التجربة كلفته سنين شبابه وسمعته الطيبة.

ترى ما هي المكانة الاجتماعية التي كان سيصل إليها صديقي لولا إدمانه هذا؟

عزيزي القارئ من أجل عمر وأمثاله نقدم هذا المقال، كي نوضح ماهية الإدمان وأسبابه وطرق علاجه.

ما هو الإدمان؟ 

يُوصف بأنه مرض مزمن يفقد فيه المريض قدرته النفسية أو البدنية على التحكم في استهلاك مادة معينة بطريقة خاطئة، نذكر من هذه المواد ما يلي: 

  • المشروبات الكحولية.
  • عقاقير الهَلوسَة.
  • المُستَنشَقات مثل مواد الطلاء والغِراء.
  • المُهَدِئات والعقاقير المُنومة.
  • التبغ والكوكايين.
  • المسكنات الأفيونية مثل الكودين والهيروين. 

ومن الجدير بالذكر أن الاستهلاك الزائد لمسكنات الألم الأفيونية، يتسبب في 125 حالة وفاة يوميًا في الولايات المتحدة الأمريكية.

لا يقتصر الإدمان على العقاقير فقط؛ إذ نرى الإدمان السلوكي حين يدمن المريض سلوك بعينه مثل: التسوق أو العمل أو الرياضة أو القمار أو إدمان التصفح لمنصات التواصل الاجتماعي.

ما هي أعراض الإدمان؟ 

ترتبط الأعراض بعدم قدرة المريض على التحكم في نفسه، مما ينتج عنه مجموعة من التغيرات السلوكية والانفعالية مثل: 

  • السعي الدائم لاختلاق المواقف التي تشجعه على تناول مادته المخدرة، أو ممارسة سلوكه بشكل مرضي.
  •  الحرص على إخفاء تفاصيل حياته، ونجده كتومًا قليل التحدث، فمثلًا يرفض توضيح سبب كدمات في ذراعه تركها عقاره المخدر.
  • معاناة الأرق وضعف الذاكرة. 
  • فقدان القدرة على إجراء مقارنة واقعية بين السلبيات والإيجابيات الناتجة عن إدمانه.
  • تحميل الظروف أو الأشخاص المحيطين به مسؤولية مشاكله.
  • يعاني نوبات متعددة من الاكتئاب والقلق ويصاحبه الحزن دائمًا.
  • نلاحظ حدة ردود أفعاله تجاه ضغوطات الحياة، وعدم القدرة على التعامل مع الضغط العصبي بحكمة.
  • يفقد المُدمن قدرته في تحديد مشاعره، وإن كان الآن في قمة حزنه أم قمة نشوته.
  • يطرأ على المدمن تغير ملحوظ في مظهره واعتنائه بنظافته الشخصية.
  • قد نجده يخاطر بحياته من أجل الوصول إلى عقاره المخدر أو ممارسة سلوك بعينه.

ما هي أسباب الإدمان؟ 

يرجع إلى خلل في مراكز الذاكرة والمكافأة في المخ، ينتج عنه اشتهاء مادة معينة أو سلوك معين بشكل مرضي؛ إذ يسعى المريض دائمًا إلى الحصول على غايته ويشعر أنها الوحيدة القادرة على إرضاء مراكز المكافأة في المخ، دون اهتمام بالعواقب الوخيمة لهذا السلوك. 

تدور أسباب الإدمان حول ثلاث محاور وهي: 

  1.  جرعات هائلة من الدوبامين 

عند تناول المادة المُخدرة للمرة الأولى فإنها تسبب شعورًا هائًلا بالنشوة بسبب إفراز كميات كبيرة من هرمون الدوبامين، المسئول عن الشعور بالسعادة وإرضاء مراكز المكافأة بالمخ.

يصبح الشخص مُدمنًا عندما يترسخ في ذهنه أن مادته المُخَدرة هي الوحيدة القادرة على إيصاله للسعادة المَرجُوة، مما يدفعه إلى استهلاك المزيد من عقاره المُخدر أو ممارسة سلوكه الإدماني بشكل مبالغ فيه حتى يصل إلى نشوته الأولى.

  1. فشل المُدمن في التغلب على أعراض الانسحاب

مع الوقت تفشل المادة المُخدرة في إعطاء المريض إحساسه الأول بالنشوة مهما زادت جرعتها.

وعلى الرغْم من فقد الإحساس بالمتعة الهائلة لا يستطيع المُدمن في هذا الوقت وقف استهلاك المادة المُخدرة ببساطة؛ وكذلك لا يقوى على مواجهة أعراض الانسحاب، كذلك تختلف أعراض الانسحاب باختلاف المادة المُخدرة، وإن اتفقت المُدمَنات المختلفة في أعراض الانسحاب الآتية: 

  • الأرق.
  • والقلق والاكتئاب.
  • وآلام حادة في الجسم.
  • كذلك الشعور بالغثيان والإجهاد العام.
  1. ضعف الإرادة

تتلخص رغبات المُدمن في هذه المرحلة في: الحفاظ على الحالة المزاجية وتجنب أعراض الانسحاب. 

 الاعتماد على المُدمَنات للحفاظ على الحالة المزاجية يؤثر سلبًا على وظيفة القشرة الجبهية بالمخ، المعروفة بدورها في اتخاذ القرارات الهامة مما يجعل الشخص في حالة من اللامبالاة، ويُصدر العقل أوامره بضرورة إرضاء رغباته بشكل عاجل.

العوامل المساعدة 

هناك مجموعة من العوامل التي قد تؤدي إلى الوقوع في فخ الإدمان، نذكر منها ما يلي:

  • إذا عاصر الإنسان تجارِب حياتية مؤلمة وصادمة ولم يجد من يَدعمه ويعينه على التأقلم، فقد يتخذ من الإدمان وسيلة للهروب. 
  • طبيعة المادة المُخدرة، فمثلًا نجد أن المسكنات الأفيونية تؤثر بشكل مباشر على المستقبلات العصبية بالمخ مما يزيد من احتمالية إدمانها.

كيفية التشخيص

لا يُمكننا وصف شخص ما بأنه مدمن، إلا بعد تقييم شامل من طبيب نفسي مختص في تشخيص حالات الإدمان وعلاجها.

يتبع الطبيب المعايير الوارد ذكرها في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM 5)، الذي نشرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي عام 1952.

أُجريت تحديثات عدّة على هذه المعايير، وكان الإصدار الأحدث لهذا الدليل في شهر مايو عام 2013. 

نجد في هذا الدليل وصف شامل لمجموعة من الأمراض النفسية وأعراضها، وكذلك الفئات الأكثر عرضة للإصابة بها بناءً على العمر والنوع، وايضا إلى توضيح الطرق العلاجية المختلفة ومدى تأثيرها.

تحليل الإدمان

لا يوجد تحليل معين من شأنه الكشف عن مرض الإدمان، لكن الطبيب قد يلجأ إلى إجراء تحاليل للدم والبول.

 هذه التحاليل ليست تشخيصية بشكل مباشر، ولكنها تمكن الطبيب من متابعة مدى التزام المريض بخطة العلاج، عن طريق قياس نسبة المادة المُخدرة في الدَّم أو البول.

علاج الإدمان

لا بد للمريض أن يتقبل فكرة العلاج، حتى يخرج من دوامات الإدمان اللانهائية.

بإلقاء الضوء على إدمان المُخدرات سنجد أن رحلة العلاج تتضمن خطوتين أساسيتين كما يلي:

1- تنقية الجسم من المادة المخدرة

تهدف هذه الخطوة إلى التخلص من المادة المخدرة المتراكمة في الجسم بشكل آمن تحت إشراف الطبيب، إذ إن أعراض الانسحاب المصاحبة لفقد الجرعة المعتادة من المخدر قد تسبب الأذى الجسدي للمريض.

يلجأ الطبيب إلى وصف عقاقير مهدئة للتغلب على أعراض الانسحاب، مثل الديازيبام المعروف بدوره في تقليل أعراض الانسحاب المرتبطة بإدمان الكحوليات.

في عام 2017 طوّر العلماء جهاز إلكتروني من شأنه تقليل الإحساس بأعراض الانسحاب المرتبطة بالمسكنات الأفيونية، كذلك يثَبت هذا الجهاز خلف الأذن ويطلق نبضات كهربائية، تُحفز أعصاب معينة من شأنها تقليل آلام أعراض الانسحاب.

2. العلاج النفسي

يُعد العلاج النفسي مرحلة لا غنى عنها بعد تنقية الجسم من السموم، تتضمن هذه المرحلة الخطوات التالية:

  • العلاج المعرفي السلوكي

يشمل هذا العلاج مجموعة من الجلسات الحوارية، التي تساعد المريض على التفكير بشكل سليم لإدراك السلبيات الناتجة عن إدمانه، كذلك تساعده على تحديد سبب المشكلة التي أدت به إلى الإدمان وتُمكنه من مواجهتها بشكل صحي. 

  • العلاج الأسري

تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز دور الأسرة وتشجيعها على دعم ابنها في رحلته ضد الإدمان.

  • جلسات تحفيزية 

هدف هذه الجلسات هو تقوية عزيمة المريض وتذكيره بهدفه لتغيير سلوكه وإصلاح حياته.

كذلك يحرص الطبيب دائمًا على ربط الإقلاع عن الإدمان بمجموعة من النتائج الإيجابية والدوافع المُشجعة.

ختامًا، أرجوك عزيزي القارئ لا تسمح للحظة طيش أن تُدمر حياتك، ولا تنسى أن أحلامك تنتظرك لتجعلها واقع ملموس.

المصدر
addiction symptomsmedicalnewstodayhealthlineopoid over dosediagnostic

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى