طبيقصص تمكين

ضغط العمل وأمراض العصر

 يُعد الإنجاز واحدًا من أسمى القيم التي يتحدث عنها الجميع في عصرنا هذا. فلسان حال الجميع هو: لابد أن نلحق بهذا السباق، ما يضع البعض تحت وطأة ضغط العمل. 

كان أحمد واحدًا من الشباب الذين دخلوا هذا السابق وبكامل قوتهم، تميز وتفوق وواجه شبح ضغط العمل. تُرى هل ينتصر عليه؟ 

حلاوة البدايات

 شعلة نشاط … كان هذا هو الاسم الشائع لأحمد طوال سنوات دراسته، لا يتهاون في تطوير ذاته بكل الطرق المتاحة. 

ويختطف من ليله سويعات نوم قليلة يقوى بها جسده على استكمال مسيرة سعيه. 

كذلك يحافظ على صحته بممارسة الرياضة والبعد عن التدخين.

لذا كان من الطبيعي أن يشغل أحمد منصبًا مرموقًا في كبرى شركات المقاولات بعد تخرجه بعام واحد. 

ليبدأ مسيرة سعي جديدة قد تحقق له أحلامه، أو تخطف المزيد من ساعات نومه. 

ضغط العمل 

يستيقظ أحمد في موعده اليومي الساعة السادسة صباحًا، ليتذكر أن اليوم هو ميعاد تسليم واحدًا من أهم المشروعات المُكلف بها.

 شعر بتوتر يجتاح صباحه، نهض من فراشه مهرولًا وذهب إلى عمله. 

 كان أحمد ماكثًا في مكتبه يسابق الساعات عندما دخل عليه مديره ووجه إليه خطابًا شديد اللهجة، بشأن تسليم مهامه.

 ظن مديره خطئًا أن هذه الطريقة ستُحفز أحمد على الإنجاز. 

فابتلع أحمد مرارة حديث مديره وأقنع نفسه أن هذا جزء طبيعي من ضغط العمل، تحدى نفسه وسلم جميع مهامه في وقتها. 

أيام تتغير فيها الأولويات 

أحمد يجلس كالمعتاد في مكتبه، يده تسابق الدقائق حتى يُكمل عمله. 

نظر أحمد إلى ساعته ليجدها الخامسة مساءً، ما يعني أنه فوت ميعاد تمارينه الرياضية للمرة الثالثة على التوالي. 

هنا توقفت يد أحمد عن العمل وسأل نفسه قائلًا: هل اتبع نفس الخُطا الذي انتقدته دومًا؟! 

هل سيغلبني ضغط العمل؟ 

في نهاية هذا اليوم أشعل أحمد سيجارته الأولى ثم انصرف إلى بيته منهكًا. 

ماذا بعد ضغط العمل؟ 

اليوم أوشك أحمد على إكمال عامه الثاني في هذه الشركة، اليوم يستلم تقييم مديره لأدائه السنوي. 

لكن في نهاية اليوم وبرغم انتهائه على خير شعر أحمد بدوار يجتاح رأسه، رفض هذا الدوار أن يحضر وحيدًا فصاحبه صداع يومي كاد أحمد أن يعتاده.

مواجهة النتائج 

في طريق العودة إلى منزله راجع أحمد جميع عاداته في الآونة الأخيرة، وتذكر الأعراض التي عاناها مؤخرًا. 

حدث نفسه قائلًا: لماذا أصبحت منهكًا طوال الوقت؟ لم أشعر بهذا الانهاك في أيام دراستي الجامعية. 

لم يكن إتمام مهامي الدراسية بالشيء السهل أبدًا، لكنه لا يُقارن مع صعوبة ضغط العمل. 

بشكل تلقائي ترجل أحمد من المواصلات قبل محطته، ليجد نفسه في عيادة طبيب الباطنة بعد أن راودته الشكوك تجاه حالته الصحية في الآونة الأخيرة. 

بحوار بسيط مع الطبيب وبعد قياس ضغط الدَّم قال الطبيب إلى أحمد:

 هون عليك يا بني، أنت تعاني ارتفاع ضغط الدَّم وهذا بسبب الضغط العصبي الذي تعرضت له مؤخرًا. 

وصف له الطبيب العلاج المناسب، ونصحه بالعودة إلى حياته القديمة والموازنة بين عمله وحياته الاجتماعية.

 في نهاية الكشف خَتْم الطبيب كلامه قائلًا: أرجوك يا بني لا تحمل قلبك ما لا يطيق. 

مراجعة النفس 

تمشى أحمد متجهًا إلى منزله، نظر إلى علبة سجائره بكره شديد، وقرر الإقلاع عن التدخين فورًا. 

شعر أنه أساء تنظيم حياته في الآونة الأخيرة، لم يعط بدنه حقه فعاقبه بدنه بضغط دَم مرتفع وهو في ريعان شبابه. 

تراءى لذهنه أنه ليس من الضروري الذَّهاب ساعتين كاملتين للصالة الرياضية، من الممكن ممارسة رياضة المشي في الصباح الباكر قبل العمل أو ممارسة الرياضة في المنزل.

أيقظ يقينه الذي طالما ذكر به قرناء دراسته، كل شيء بيد الله فلم القلق؟ 

عاهد أحمد نفسه أن يبدأ صفحة جديدة مع الحياة ولا يسمح لضغوطاتها أن تسرق سنين شبابه. 

الآن انتهت، أما المعاناة مع ضغط العمل فلا تنتهي، لذا أرجوك عزيزي القارئ أن تحذر من أمراض العصر وتعتني بنفسك. 

اقرأ أيضًا

ضغط الدم المرتفع | المرض الصامت

اقرأ أيضًا في القسم القصصي

ألزهايمر | جدي العزيز لا تنساني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى